التطور في التصميم الصناعي بحث في المفهوم

قيس والي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5111 - 2016 / 3 / 22 - 11:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

يعني التطور في معجم لاروس الانتقال من مرحلة إلى أخـرى، كما أنه يعني التعديل والإضافة، بهدف التحسين، كما أنه يعني النمو والتقدم، كما ان التطور يعني تحول الكائنات الحية تحولا تدريجيا، نتيجة لتغيرات تحدث في مورثاتها (eshamel.net). وعلى هذا الأساس، نشأ التطور، بتفاعل عناصر الحياة، منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، والفلاسفة والمفكرين بصورة عامة يؤكدون على الدور الكبير للعقل في إجراء هذا التطور فيبدأ بسيطا، مع حياة بسيطة ويظل متدرجا، لمقابلة احتياجات يومية ومحاولة حل مشاكل قائمة، وكلما زادت الحاجة، زادت الحاجة إلى وجـود الحل لها، وطرح البدائل المختلفة، لاختيار البديل الملائم، الذي يسعى إلى التطور ولنقص الموارد جاءت الحاجة إلى محاولة استغلالها، استغلال أمثل، من حيث الوقت والتكلفة والجهد، وأدى ذلك، إلى تحسين الوسائل لمقابلة هذا، ان الطبيعة البشرية والحاجة خلقت المنافسة والأخيرة أدت إلى محاولة التفنن والتجدد والابتكار، ثم أدت أيضا الى الاحتكار، ماديا وعقليا، وابتكارا، فتقدمت مجتمعات، وتخلفت اخرى وليس المهم في مقدار الموارد، التي تحتفظ بها دولة وإنما المهم في كيفية استغلال هذه الموارد بطريقة سليمة واقتصادية، ومن قبل كيفية اكتشافها وقد أدى هذا الى محاولة تطوير في الأساليب، وفي الأجهزة والمعدات وكافة الوسائل، وأصبح من يملك أدوات الاستغلال والاكتشاف، هو المسيطر على هذه الموارد، وازداد تبعا لذلك معدل التطور، حتى وصل في القرن الحالي الى مرحلة متقدمة جدا، عبر طفرات سريعة وقصيرة زمنيا، وانعكس هذا التطور، على كل شىء في الحياة اللانسان، كما ان مستحدثات التطور بما فيه من أجهزة ومعدات وتطور في الأساليب، تضيف الى المجتمع إضافة جديدة، مثل زيادة الإنتاجية، أو ترشيد التكاليف أو تسهيل وسيولة الأعمال والخدمات.
ويرى بعض المفكرين أن التصميم الصناعي يوصف بالتطور، لأنه يعكس حركة واقع جديد متغير أبدا، ولذا فإن نموذج هذا الواقع متغير مفيد وأن التغير معناه التغير نحو الافضل. أما أرنست فيشر، فيرى أن تطور الفن محكوم بتطور المجتمع ويربط بين التاريخ المنهجي للتصميم الصناعي، باستخلاص قانون تطوره، وبكيفية عمل هذا القانون وفق قوانين أعم واشمل أي أن تاريخ تصميم المنتجات، يعتبر بجمالياته، انعكاس للواقع، وتساعد هذه المنهجية على الدراسة العلمية للتصميم من حيث مراحل تطور وازدهاره ومن حيث اتجاهاته ونظرياته وأساليبه ومناهجه ومدارسه وأنواعه، ومن حيث قيمة موضوعاته ونماذجه الإنسانية، ويحتاج كل من هذه الجوانب، الى دراسة منهجية منظمة، يوضح هذه العلاقة بين المبدأ الجمالي، والمجتمع الذي ينشأ فيه الفكر التصميمي. (الجزار: ص176).
في تصميم المنتجات الصناعية على نحو خاص، ينتج المصمم آثاره، في ظل ظروف محددة، من حيث تطور الوسائل المختلفة، من أدوات وخامات ووسائل انتاج ومرجعيات فكرية. إن المصمم يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيه وينعكس ذلك على تصاميمه وهذه العلاقة تجعل المصمم قادرا على الإحساس بها، مستلهما ذلك من تجاربه وخبراته السابقة، ومتطلعا إلى المستقبل. (Arnhiem: P: 121) والتطور له قوانينه العلمية التي تحكمه ويقف جورج فلهيم فردريك هيجل (1770-1831) على رأس الفلاسفة المثاليين، الذين جعلوا التطور حركة عامة للظواهر والأحـداث في الطبيعة والتاريخ والمجتمع والإنسان، وهنا نرى في هيجل أنه مثالي المذهب موضوعي المنهج، ولقد أسس هيجل مذهب المثالي، على أن الفكرة أو الروح المطلق جوهر للعالم، وعلى أن الواقع بظواهره ونشاطاته وأشيائه تجسيدا لهذا الجوهر وتعبير عنه. لهذا فإن التطور في التصميم الصناعي، من جهة أشكاله وأنواعه، يتجه الى الانتقال من (الحجوم) الى الجسوم الى الرسوم، وكل انتقاله، من هذه الانتقالات الثلاث، هي المفسر للاتجاه التصميمي الغالب. (جرمان: ص41).
في ضوء ما تقدم يمكننا القول ان التطور يحدث في الوسائل والآليات والأجهزة والمعدات والآلات ويحدث أيضا على مستوى الفرد، فكراً وسلوكاً وممارسة. أن مفهوم التطور هو مقدار ما يضاف الى المجتمع من تحسينات وإضافات وبما يعود على الانسان من تبسيط وتسهيل لحركة الحياة، ويرتقى بها ويعود بالرفاهية والخير، على أفراد المجتمع جميعا، دون تمييز إلا بالمساهمة والتعاون في هذا التقدم ويدعم من قيم وأخلاقيات وتقاليد المجتمع.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل