أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - نصائح للشباب :الدخر ليوم الميعاد















المزيد.....

نصائح للشباب :الدخر ليوم الميعاد


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 02:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن العمر يمضي ..والأيام تتسارع ..والأوقات يعقب بعضها بعضا ..فطوبى لم فطن أن وقته رأسماله وأن عمله زاده ..فتعلم خير الزاد وعمل وفقا لما علم ..
فمن لم يضع عمره في الركض وراء الفاني والجمع لما هو ذاهب فقد سلم ونجى وحيا ..وفرق بين الحياة وبين العيش فما كل من يعيش يحيا !
فالحريص على الدنيا كالحريص على بلوغ السماء ..كلما ارتقى زاد البعد ..ومن تيقن عظيم التفريط في ما يقدم بادر في العمل وسعا سعيا حثيثا للوصول ..
وهذا لا يتأتى بالتمني ولكن يدرك بالفعل وبالإخلاص في الفعل وبإعداد العدة وشحذ العقل بما ينفعه وليس هناك شحذا أحد من العلم ..وليس هناك علم أشرف من العلم بالعليم ..فالعلم به حكمة ومعرفته تغنيك عن معرفة غيره إذ هو أصلها وجوهرها وهو العليم الخبير !
والعلم به يستدعي القرب منه ..ومعرفته توجب حبه ..وحبه يقتضي طاعته ..وطاعته تتمر رضاه ..ورضاه ليس بعده رضى ..فإن رضي عنك كفاك وبلغ أمرك وأسعدك وما أعطيت شيئا أرفع من رضاه ..فاطلبه على الدوام واحرص على عدم التفريط فيه إن شعرت به يوما ..فلم ولن تجد غيره بديلا مغنيا ..
واللبيب من آثر القرب منه على كل شيء وسارع في الكدح إليه إلى أن يلقاه ..ولم يتلفت لجواذب الفتن ولا لوساوس الأبالسة ولا لبواعث النفس .. وجمع عقله وألهمه رشده فرأى الحق حقا وما سواه باطلا ..
ومن نظر بجدّ لهذه الدار لم يجد لها مستقرا ..فلا يدوم فيها حي أبدا ..ولا ينعم فيها منعم على الدوام ..ولا يبئس فيها بئيس أبد الدهر ..وإنما هي أيام تداول وحوادث تقع وأجل غير مسمى ..فدوام الحال من المحال ..
ومن تبصر في نفسه وجدها لا ترضى ..وجماحها لا يكبح ..وقلبها لا يشبع من طلب المزيد ..والمفلح من زكاها بالرباط وجاهد لتطويعها بالعلم والعمل ..والخائب من أتبع نفسه هواها على غير هدى ولا صراط مستقيم ..ومن أظل ممن تبع هواه وحكم شهواته فاقتادته قسرا لشفا جرف هار وهو يحسبه نهر قد لاح له بريقه ..
ولا يشد رباط النفس إلا بمقود العقل ..ولا يقاد العقل إلا بالعلم ..ولا يصلح العلم إلا إذا كان يقينا ..وهل يوجد يقين أيقن من نهج رب اليقين ..ولذلك كان لزاما لكل عاقل أن يسعى للتسلح به والإحاطة قدر الوسع بمبادئه ..والإلتزام بشرائعه والإجتناب لنواهيه ..فهو الحق وهو اليقين ..
والجاهل من ظل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا ..والخاسر من فاز بدار الخراب وأضاع دار الإعمار ..والمغبون من فرط في آخرته على حساب دنياه..والمحروم من غرته الدنيا وأعمت بصيرته.. فشقي بخسارة كليهما وزادت حسرته حين أتاه اليقين وكشف عنه الغطاء ..فصرخ يا حسرتاه على ما فرطت ..وياليتني قدمت لنفسي ..واستكثرت من الخير ..
ولا يغني الندم وقد شارف العقاب على التفريط ..وظهر ما كان يوعد ..ولا ينفع الرجوع وقد عُمّر ما يتذكر فيه من تذكر وجاءه النذير ..ولا يجدي النحيب فالقول فصل وليس بالهزل ..والمعاد يقين لا مرد له ..والوعد لا يُخلف والجزاء من جنس العمل ..فمن وجد خيرا فليفرح ومن وجد غيره فلا يلومن إلا نفسه..
ومن فطن لصدق ما يأتي لم يسرف في اللهو واللعب ..ولم يقصر في الجد ..ولم يستحوذ حسه على فكره فيعميه ..ولم يغالبه هوى النفس ..ولم يستسلم لبواعث الخطر ..بل تأهب ليوم الرحيل وأكثر من العمل الصحيح ما ينجيه من العذاب..ومن العلم الحقيق ما يهوّن به مباغتة اليقين ..فالدنيا خلقت لغاية ولم تخلق عبثا ولا باطلا ولا لعبا ..وإنما خلقت لتجزى كل نفس بما تسعى ..وليماز الخبيث من الطيب ..وقد خاب من حمل ظلما ..وليس هناك ظلم أشد من الظلم للنفس حين الخيانة للأمانة ..ونقض العهد ..وإخلاف الوعد ..وعدم الصدق على ما عوهد به ..وتلك أخطاء للعقل جلية توجب العقاب ..فالبدار البدار قبل الفوات والإستدراك قبل الممات والتوبة التوبة قبل المغادرة ..والتأسف على مضى ..والبكاء على ما ضيع ..والتدارك فيما يأتي بجود العمل عساه يكون مقبولا ..
ولا شك أن المعين على حفظ الدين ليس العلم لوحده ولا العمل لوحده ..ولكن يجب أن يُحرس العلم بالهدي ..والهدي نور يرى به الصالح طريقه ويتبصر خطاه ..وهذا النور يطلب ويرتجى وينتزع ولا يعطى بدون تضحية ومجاهدة ومغالبة ..فهو أساس التقوى وهو سلعة الآخرة ..وهو يغذي الفطرة ويشحنها ويرقي النفس ويرفعها ..وبه يُرى الحق حقا والباطل باطلا ..فعلا قدر وهج النور تزيد الهداية وعلى قدر خفوته يكون الظلال ..وهو يزيد بالتقرب والطاعة وينقص بالمعصية ..وهو الأصل في كل خير حيث يورث الخشية والإستحياء والخشوع ويبعد عن الوقوع في الزلل ويعين على الإخلاص في الفعل ...ولذلك كان حريٌّ على اليقظ أن يصبو للظفر به وأن يبذل الجهد لتسلمه ..ومن الأسباب المعينة على ذلك ..
إعمال القلب والعقل في التفكر في الملكوت ..في جنان الأرض ..في منبت الزرع ..في تقلب الليل والنهار ..في الشمس والقمر ..في خلق السماوات والأرض ..في خلق الأنعام ..في نفسك التي بين جنبيك ..فإن رقّ قلبك ولان لذلك فاعلم أنك في أول الطريق الصحيح ..فإن خشع قلبك وصدق طلبك اضطربت جوارحك ..وفاضت عيناك إجلالا وذابت نفسك شوقا وحرقة ..فإن قَصُر عقلك عن إدراك ما قد وقع فاعلم أنك أدركته ..لأن العجز عن الإدراك إدراك ..وإن كان هذا حالك فالزم التباث وحافظ على تلك البصيص من النور الذي وهبته إلهاما من العليّ وحُرم منه الغالب لعِظم غفلته ..واحرص على الزيادة في وهجه وبريقه فبه تطيب الدنيا وتحلو ..وبه تسعد النفس وتجلو أدرانها ..وبه يتم الأنس ويزيد القرب ..ويغدو التكليف نعمة وسعادة ..ويحصل المراد ...
ولا تفرط فيه بغفلتك واشحنه على الدوام ..ولا تخالط السفهاء فمخالطتهم تفسد القلب ..ولا تخال أن المخالطة يسيرة إن زاد زادك من العلم والعمل ..فالطبع يسرق من القريب ..والنفس تشتهي ما وقع النظر عليه وسمعت الأذن به ..فالهواء وإن صفا يتعفن بريح الجِيَف والنهر يدنس إن خالط مجراه قنوات نجسة ..ولذلك اتق مواطن الفتن وتجنب رفاق الدنيا فعمظم كلامهم غيبة وكذب ونفاق وتصنع ..وإن كان ظروريا أن تصاحب فللنصح والإرشاد ولا تترخص واحرص على الإحتراز فمخالطة الدّون تظر أكثر مما تنفع وتُظْلم الفؤاد بعدما أشعَّ نوره ..
ثم اخفض جناح بصرك ولا تنظر إلى مفاتن الحور ..فرب نظرة أعقبت هما وحزنا أضعاف ما حُصِّل من لذة.. ورب نظرة خلفّت سمّا كابده قلب الناظر طول الدهر ..فلا مرحباً بسرور عاد بالضرر..والنظر سهم يخترق غشاء القلب يطفئ نوره ويحرق بصيرته ..ولذلك فاتقاءه حصن وكَبْت فضول تطلعه مَنَعَة ضد المرض وحجاب وستر من السقوط في المحضور ..
فكل الحوادث مبدأها من النظر ** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
ثم ازهد فيما عند الغير تعز نفسك ..واقنع بما قسم لك تكن غنيا ..واطلب رزقك بعز فإن الأمور تجري بمقاديرها ..واجعل الكفاف قوتك ..والفائض نعيم تسأل عليه إن لم ينفق على أهله ..فلا تكن من الشح أقرب وازدلف من الكرم فإنه شيم الرجال الشبعى والبخل من شيم الجوعى ..ثم اجعل لك بعد الفريضة من الصلاة وردا من القرآن ..واقرأه متدبرا لا ساهيا ..فذلك معين للنفس لفهم معنى الحياة الدنيا ..ومطمّع لها في ما هو آت إن عملت بالصالح من العمل ومرهّب لها من هول ما يُنتظر حين الجحود عن الحق ..ومزيل عن القلب اضطرام الشهوات وغداء للروح ..ثم اعزم على الإستكثار من النوافل والأخص منها ما كان بالليل والناس نيام فذلك شرف لا يقدر عليه إلا من ذاق حلاوة الأنس واستغنى عن الفاني وترك شواغل الدنيا أملا في درك المعالي ..واسأل ربك التوفيق للهداية فهو وحده من يهدي ...وإن غالبك الهوى يوما فتذكر يوم تُعرض على الإله لا تخفى منك خافية ..وإن أزّتك نفسك فذكرها بلحضة الوقوف فردا أمام خالقها ..فإن عقلت ذلك واستيقنت به حجمت عن العصيان ..ثم اسمعها آية تسقط ماء الوجه حياء من الكريم "ياأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك " ..ثم احرص على عدم إضاعة الوقت في غير ذكر للإله فأهل الجنان لا يتحسرون على شيء قدر تحسرهم على وقت سلف هاهنا كان قد ضيع في غير تسبيح ..وجنب نفسك مجالسة غير الأخيار "وأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم ".ثم "اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " ..



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعلق بغير الله خُذلان ..
- شقاوة الحب..
- داعش : شروط الإنتاج..
- التموقع الإقتصادي العربي في عالم العولمة..
- الفساد في مواجهة التنمية..
- تأملات في البادية..
- ماذا استفاد المجتمع من سياسة الخوصصة ؟!
- الإنسان في الفكر المادي..
- محاكمة العقل للفكر التطوري الدارويني..
- حال الناس بين الغفلة واليقظة..
- جَحِيمُ الخادماتِ في السعودية..
- رهانات التنمية وإكراهات البيئة ..
- رهانات التنمية وإكراهات البيئة .
- لقد مات من فَرْطِ الإستهلاك ..
- الرأسمالية والإغتراب ..
- نظرة في خلفيات صناعة الإرهاب..
- وسائل الإتصال وسلطة التأويل ..
- الإرادة العليا وجدل العقل و المنطق ..
- أطفال القمر
- الدعارة ..اختيار أم اضطرار


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - نصائح للشباب :الدخر ليوم الميعاد