أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الهائم30














المزيد.....

الهائم30


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 21:26
المحور: الادب والفن
    



(سيباى)
أصرخ ..
ومن الأعماق المظلمة لصرختي يخرج الساحر(سيباى) ميتة، ومن فرحته ينسى قبعته، وأرانبه داخل البئر، فلبس الأبيض الناصع حزنا على ذاكرته؛ لينسج منها كفنا لسيباى .
يقول الساحر:
"مع كل أحجية كنت أسمع أنينها. لكني لم أعلم أبدا إن سيباى هي القطعة الأخيرة من آخر أحجية".
ومن يومها صار كلّ شيء في سيباى أسود. العرائس. القصص والقصائد. كلّ شيء، والأحجية صارت حكاية، والحكاية أصبحت خرافة، وسيباى تنوء تحت حملها الثقيل.
في وضح النهار تسلل السكون من أطراف الجحيم إلى قلب سيباى، فأصبح نهارها نواح، وفي أوّل الليل سكنت أشباح جهنم أزقتها، فأصبح ليلها عواء. صارت صديقة لذئاب البوادي. تفترش الشوك، وتأكل العاقول. أيام عمرها عجاف. وغيوم سمائها كائنات خرافية هزيلة لها أنياب، وأذناب.
منذ أن احترقت بابل، وسيباى تنوح. تولول، وتغنّي لأولادها الحفاة. تكتب لبناتها. تحكي لأحفادها العراة. تهمس لجيرانها .
نحن من الرمل، وإلى الرمل نعود.
من يبيع الرمل في الصحراء، وللصحراء! غيرنا يا سيباى؟
من يطرد المطر الخجول في يناير غيرنا يا سيباى؟
أفل نجم أختك بابل، ودخلت جحور ألغاز الرحلة الأخيرة. أحرقوا ثوبها الأصفر. اندثرت المعابد. سرقت السناجق. ولا يزال شيخنا مشغول بشاربه المفتول.
سيباى، أغنية كانت في حضن الجبل، والآن خبزها عفن، وماؤها مرّ، وهواؤها فاسد، وأرضها صحر. وهي راكعة على مفترق الطرق باسطة يدها بخجل نحو السائرين قائلة وقد بحّ صوتها: "خذوا مني، ثم أعطوني، فلست متسولة. وإن شئتم، أعطوني ثم خذوا مني، فلست جاحدة". ولكن عبثا تحاولين يا سيباى فمن يحفل بخرافك التائهة، ومن يسقي كرمتك اليابسة.
كلّ فجر جديد ولادة جديدة.. هكذا تقول سيباى.. ثم تنهض كالعنقاء تتكحل وتلبس خواتمها الملّونة وتسرح شعرها بأمشاط عاجية وتتعطّر بالياسمين وتحمل باقة من شقائق النعمان وتنتظر كأميرة عاشقة.. تنتظر من يشاركها الآلام.. تنتظر.. وتنتظر إلى أن يتحوّل المساء إلى حريق وتتساقط الخواتم ويختنق العطر وتذبل الشقائق؛ فترمي بالأمشاط وتلطم صارخة.. حذار من الساحر سيخرجني من أعماق صرختك هذه المرة.. مشلولة .
وفي اليوم التالي.. وكأن شيئا لم يكن!. تغتسل سيباى في بحور خيالها وتستقبل الشمس الضاحكة وهي تقول: "إذا جاء النور بطلت الظنون.. هذه حكمتي أنا بنت الصحراء"، ثم تلملم أيقوناتها المثيرة وأصدافها الفضية.. وتسابق الريح جذلة.. وتأخذ بيد الشمس قائلة: "العرس عرسي.. شاركيني فرحي يا أختاه"، فتجيبها الشمس: "مجنونة"، وتردّد النجوم.. مجنونة.. مجنونة وتصدقهم سيباى المسكينة.
آه يا أمي..
ليتني مت قبل أن أراك تولدين.. ميتة.
ليتني مت مائة مرة قبل أن أراك تولدين.. مشلولة.
ليتني مت ألف مرّة قبل أن أراك تولدين.. مجنونة.
ويا ليتني أعيش لأراك تولدين من جديد.. وتلديني ثانية ولكنني غريب فيك.. ومثلك انتظر عاصفة تحمل أرواحنا صوب جبل مقلوب لنولد من جديد تحت زخات المطر وفي أسماعنا دق الدفوف وعزف الشبابة وهلاهل تتعالى من لالش المقدسة .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهائم29
- الهائم28
- الهائم27
- الهائم26
- الهائم25
- الهائم24
- الهائم23
- الهائم22
- الهائم21
- الهائم20
- الهائم19
- الهائم18
- الهائم17
- الهائم16
- الهائم15
- الهائم14
- الهائم13
- الهائم12
- الهائم11
- الهائم10


المزيد.....




- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - الهائم30