أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحسين بنبادة - صورة المرأة في الخطاب الصوفي















المزيد.....

صورة المرأة في الخطاب الصوفي


الحسين بنبادة

الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 12:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تقديم

في ظل أزمة الحداثة والاستحداث وفوبيا الإرهاب وثقافة الاستهلاك واكتساح العولمة وتعليب الفكر، وفي ظل زمن التشظي الروحي والفصام الفكري والخواء واللامعنى والمادية الرعناء وتعهر المبادئ، وفي ظل زمن الصقيع الموحش وتهافت الفتاوي الظلامية والمستقبل الكهفي ونثار الإنسان... صار لزاما على الفرد البحث عن واق روحي ودرع يحميه من تقلبات الزمن الملبدة بالعبث وبوادر الزوال. هنا تحديدا تطالعنا تجربة فكرية عرفانية ماتعة الظلال، من أفنان حدائق التراث العربي المنبوذ، المقيم في هامش النسق المؤسساتي الذي طالما كبل رموز التفرد ومعالم التميز والإبداع. الأمر يتعلق بناموس المكاشفة الباطنية الثائر على ناموس التعبد الظاهري: تجربة التصوف العربي الإسلامي كإفراز منطقي لحتمية التاريخ الديني ودياليكتيك البراديغم العقدي. ولعل أبرز ما أثار انشغالات المتصوفة في مكتوبهم النثري والشعري على السواء نجد موضوع المرأة التي ورد الحديث عنها في سياق سياحة المتصوفة في أسرار الملكوت واحتفائهم بدين العشق والتوحد والحلول.. ويأتي اختيارنا للبحث في صورة المرأة في الخطاب الصوفي ضمن التراث العربي لعلمنا بفرادة هذه التجربة وتميزها في إرساء منطق في التفكير والتعبد يحترم الإنسان ويؤلهه باعتباره حاملا لبعض من الله فيه بغض النظر عن جنسه أو سلالته، وباعتبار أن قضية المرأة، بما هي قضية مستحدثة في المجال الحقوقي والاجتماعي والأدبي، ظلت تتجاذبها آفات كثيرة على مستوى المقاربة كآفة الاستغلال السياسي والتجاري والإشهاري، وهو ما يشكل أدلجة لقضية نعدها في نظرنا إنسانية قبل كل شيء. هنا نتساءل عن أشكال حضور موضوع المرأة في الخطاب الصوفي لدى أعلام الصوفية المسلمين، كما نتساءل عن أوجه التباين بين صورة المرأة بين هذا الخطاب وخطاب آخر هو الخطاب الكنسي والفلسفي.
 -;---;--
تعريف الخطاب الصوفي

يقصد بالخطاب الصوفي ذلك النظام الفكري العرفاني الذي يقوم على المكاشفة والاستنطاق والتأويل في دراسة القرآن والسنة من خلال خطاب إشاري مكثف يصاغ نثرا أو شعرا، إنه ذلك الخطاب الذي تمكن من إنزال الخطاب الديني وتطويعه ليعانق الإنسان في كيانه وجوهره ويعيد تشكيل العلاقة بين الناسوت واللاهوت واللاهوت والناسوت حسب فهم عميق باطني للنصوص الدينية. وقد جاء هذا الخطاب في ظرفية تاريخية تحول فيها الفقهاء إلى سوط ودرع في يد رجال السياسة ليقدم البديل الفكري المناسب للظرفية التاريخية كما أنه مثل طريقا للباحثين عن الطمأنينة والسكينة العشقية الزاهدين المترفعين عن مطامع الدنيا عن طريق السياحة والغوض في النص الديني ليؤسس علما جديدا سمي ب: علم القلب. ويعارض هذا العلمُ العلمَ الرائج والمعروف في تدبير شؤون الحياة الدينية والدنيوية المسمى ب علم العقل. وعليه يمكن اعتبار الخطاب الصوفي بديلا فكريا عرفانيا كشفيا يعتمد على العلم الوهبي واللدني كنقيض للخطاب الفقهي الظاهري السطحي ذي العلم الكسبي الدوغمائي.



2- صور المرأة في الخطاب الصوفي.

جاء في "حديقة الحقيقة" للسنائي، وهو من كبار المتصوفة، القول المأثور "امرأة صالحة خير من ألف رجل سوء"، بهذا الزي الماتع، تنكشف حلة المرأة في المكتوب الصوفي: ذات حالمة، وحلم مشخص، وأصل للوجود والخلق، وسبيل للتسامي الروحي.. حضور مضمخ بالعشق الرمزي والسحر الكشفي يكسوك الجمال صفة والدهشة موقفا. إنه جمال إلهي فاتن وتجل للاهوت في الناسوت.. هكذا هي صورة المرأة في حدائق المسطور الصوفي بشكل مجمل تفصيله أفنان وشذرات باذخة نقطف من أفنانها ما يأتي:
أ‌- المرأة كأصل للخلق والوجود:
تنعكس هذه الصورة بإلحاح شديد في مظان الخطاب الصوفي، وتفرض نفسها في ظل فلسفة التشييء المادية وفي ظل المقاربة الكهنوتية التي كانت ترى بأن المرأة شيطان وفخ نصبته الطبيعية للرجل..نكشف عن هذه الصورة في ما قدمه جلال الدين الرومي في مجالسه السبعة حينما يقول " للمرأة حضور خفي لا يراه ويهتدي إليه إلا رجل عارف... ربما كانت المرأة نور من نور الله ...خلاقة وليست مخلوقة، ربما هي ليست مجرد ذلك الشكل الأنثوي الذي تراه" ، إنه بيان للنظرة الإنسانية للمرأة بعيدا عن إيروتيكية بعض مقاربات فقهاء الباه، وكشف عميق لجوهر الإنسان بما هو إنسان والمرأة بما هي منبع للإلهام والخلق. وهي صورة ترى بالبصيرة لا البصر، بالرؤيا لا الرؤية، بالباطن لا الظاهر، بالعمق لا السطح. ولعل ذلك ما جعل محيي الدين بن عربي يرتقي بالمرأة إلى معراج آخر من معارج الكشف حيث العظمة والقدسية، نقرأ فيما كتبه ضمن فتوحاته المكية " ليس في العالم المخلوق قوة أعظم من المرأة، لسر لا يعرفه إلا من عرف فيمَ وجد العالم". إنها صورة لا تنكشف إلا للرائي العارف بخبايا الوجود ومعارج البواطن وتنفلت من قبضة السطحي الذي يفتح عينه على كثير ولكن لا يرى شيئا. وإذا كانت هذه الصور تمس المرأة المطلق المتمنعة عن التجنيس البيولوجي، فإن للمتصوفة، في نظرتهم للمرأة كأصل للخلق والوجود، موقفا آخر يخص المرأة بما هي أم بيولوجية وفاعل محرك للنسل، وهو الكشف الذي قدمه ابن عربي حينما يقول " إن من وفقه الله...رجع جانب أمه...فهو لأبيه ابن فراش، وهو ابن لأمه حقيقة". ذلكم هو المقطوف الأول من أفنان صورة المرأة في الخطاب الصوفي: المرأة أصل للخلق الروحي والبيولوجي بصفتها ذاتا مطلقة، وهي كذلك بصفتها ذاتا عينية تتمشهد في حلة الأم.
ب- المرأة كباعث على الحلول والتوله:
لا يختلف المفكرون والفلاسفة على أن مذهب الحلول أو التوحد أو السيان يشكل نرفانا الخطاب الصوفي في تطايره عن العالم السفلي المادي، ومعروف أن الحلول، حيث الكل في الكل مربوط، له وجهان: أولهما في علاقة الإنسان بالله و في علاقة الله بالإنسان، وثانيهما في علاقة الإنسان بالإنسان، ومشهود عن الحسين أبي منصور الحلاج أبيات شعرية كثيرة تشكل بيان كشفه في هذا المذهب :

أنا من أهوى ومن أهوى أنا / نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته / وإذا أبصرته كان أنا
روحه روحي وروحي روحه / من رأى روحين حلا بدنا
وفي إنزال المتصوفة لهذا المذهب إلى التمشهد الأفقي في مجال الناسوت، يطالعنا أفنان المسطور من الشعر العشقي المشهور في أدبيات العشق العربي القديم، هنا يقول الحلاج معبرا عن المرأة كباعث على الحلول والتوله:
يا نسيم الريح قولي للرشى/ لم يزدني الورد إلا عطشا
لي حبيب حبه وسط الحشا / إن يشا يمشي على خدي مشا
روحه روحي وروحي روحه / إن شاء شئت وإن شئت يشا
ويأتي هذا الفهم الصوفي لعلاقة المرأة بالرجل في ظل هوس المتصوفة بدين الحب لما له من إجرائية في إعادة تشكيل الكون وإعادة بناء التاريخ وفق سيرورة الحب وحتمية العشق الطاهر لا ديالكتيك الصراع الطبقي وما يفرضه من نزاع في ظل فوبيا الرغبة والتملك والتسلق والقهر والاستبداد.

وقد فسر المتصوفة انطلوجيا الخلق الأول في جذوره الأولى تفسيرا مخالفا لمنطق التبخيس والتدليس الأرتودوكسي الذي راكمه رجال الفقه والكنيسة لردح من الزمن، وهذا ما يظهر في كشوفات ابن عربي وفتوحاته، حيث يقول " إن المرأة في الحقيقة جزء من الرجل، وكل جزء دليل على أصله، فالمرأة دليل على الرجل". ولكم هنا أن تقارنوا بين هذا المنطق الاستدلالي والخور الكهنوتي الذي ظل يلوك إلى عهد قريب التساؤل المشين : هل المرأة إنسان أم شيطان؟
وفي غمار مذهب الحلول فكك المتصوفة جوهر العملية الجنسية، وقدموها وفق فهم يتأطر في رؤية طاهرة حلولية تجسدنية وتروحنية، فابن عربي يرى أن " أعظم الوصلة النكاح"، والنكاح حنين إلى التوحد والفناء في حضرة الجمال والألوهة. ويحيلنا هذا التمشهد لفعل الوصل الجنسي برأي أفلاطون المشهور في محاورة المأدبة في تفسيره لأسطورة الخلق بأن الإنسان كان أول الأمر كائنا ذا أربعة أرجل تم فصله من قبل آلهة الأولمب، وعندما يتصل بالمرأة جنسيا فإنه يشهر تمرده في وجه تلك الآلهة. ولكم أن تتصوروا نورانية هذا الموقف بالمقارنة مع بعض التصورات الفقهية الإيروتيكية لدى فقهاء الباه، أو من خلال مقارنته بالصورة الإباحية الاستهلاكية التي وسمت المرأة في العزل الإباحي. إن الفعل الجنسي لدى المتصوفة ليس استعلاءً ولا سيطرة على جسد الأنثى ولا انجذابا زائلا بل هو سمو إلى مرتبة الكمال الوجودي والإشراق الصوفي اللامع وحنين إلى وحدة الوجود، ما قبل الانفجار المادي والقيمي مباشرة، ومعراج في التعبد وطقس من طقوس الفناء والحلول والتوله. ذلكم هو المقطوف الثاني من أفنان صورة المرأة في الخطاب الصوفي: المرأة سبيل إلى الحلول والتوله لارتقاء معارج التسامي والسند في ذلك الحب والنكاح.


ج- المرأة كشهود للكمال في الناسوت:
انطلق ابن عربي في هذا الكشف مما يروى عن الرسول (ص) في قوله " حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء والطيب وقرة عيني في الصلاة"، وفي سياحته باحثا عن مقامات الحق والكمال في الناسوت اهتدى إلى أن النساء أعظم الموجودات في ذلك، وما يثبت ذلك مسطوره المشهور في "فصوص الحكم" لما يقول: "شهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله"، ولهذا فإن حب المرأة شرط أساس للري من الحب الإلهي الساري في الناسوت، وأداة للانتقال من الوعي الكائن إلى الوعي السماوي الممكن، وهذا النهج عند ابن عربي مأخوذ عن الرسول، يقول الشيخ الأكبر في هذا الكشف " حب النساء من كمال العارف، لأنه موروث عن النبي وهو حب إلهي كذلك" ( فصوص الحكم)، وعلى أساسه هام ابن عربي في حب امرأة اسمها ( النَّظَّام) فكتب فيها ديوانه الشعري المأثور ( ترجمان الأشواق) بعده علامة عشقية وإشارة على وهج روحي أرضي ساح فيه شيخنا الأكبر، ودونكم هنا مسطوره المأثور في الغزل العفيف المؤله لمعشوقته بما هي آية للبعث والنشور:
من كل فاتكة الألحاظ مالكة / تخالها فوق عرش الدر بلقيسا
تحيي إذا قتلت باللحظ منطقَها / كأنها عندما تحيي به عيسا
هكذا هو منطق الفناء في ملكوت الناسوت، الفناء في المرأة بما هو بعث ونشور ورقية روحية في معارج الكشف الإلهي، وبما هو ورد من منبع الخلق والوجود. ولكم أن تقارنوا بين هذه الصورة وبين ما سواها من سفاسف الصور الاستهلاكية التي حنطت المرأة وجعلتها علامة مسجلة ترزح تحت صنم السوق وإشراطات العولمة. ذلكم هو المقطوف الثاني من أفنان صورة المرأة في الخطاب الصوفي: المرأة كمعراج للترقي في الكمال والعشق بما هي تجل من تجلياته وشاهد من شواهده.


د- سلطة التأنيث في الخطاب الصوفي.

في ظل عقلية الاستفحال وذكورية الأعراف والفكر القضيبي المسيطر على الواقع والتاريخ والمخيم على المخيال العربي العشائري والمجتمعات البطريركية الأبيسية نجد أن للتأنيث في الخطاب الصوفي، بعده نسقا مخاتلا، سلطة كبرى، فكل الموجودات تتحلى بصيغة التأنيث لتكسب حلة الجمال والمكاشفة، من هنا يؤكد ابن عربي في بيانه المأثور أن " المكان الذي لايؤنث لا يعول عليه". إنها سلطة رمزية تسري في الموجودات المادية والمجردة، تتحلى بصبغة قدسية كبيرة بالمقارنة مع التذكير. هذا التأنيث يلقي بظلال سلطته على كل المذاهب، بما فيها المحصنة بوقار العقل، فيسحب بساط الاستفحال الذكوري ويحرك السواكن لتنشد إلى سحره الدفين. وهذا ما نجده في قول ابن عربي" كن على أي مذهب شئت فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذي جعلوا الحق علة في وجود العالم والعلة مؤنثة، وإن شئت قلت القدرة، فالقدرة مؤنثة أيضا" ( الفتوحات)، وينضاف إلى ذلك الذات الإلهية والروح والنفس وغير ذلك مما عده المتصوفة حضورا للتأنيث سواء بالمرموز أو المكشوف. ذلكم المقطوف الأخير من أفنان صورة المرأة بصيغة التأنيث: المرأة امتداد لسلطة التأنيث الساري في الموجودات.





3- المرأة بين تقديس الخطاب الصوفي وتدليس الخطاب الكنسي والفلسفي.

أ- المرأة في الخطاب الكنسي:
إذا كانت صورة المرأة في الخطاب الصوفي بالكيفية المحددة سلفا فإنها قد تعرضت في الخطاب الكنسي لكل تجليات التقزيم والتشويه من داخل تصورات دوغمائية تشابه ما صار يصدح به بعض فقهاء الحاشية في المجتمعات الشرقية من أحكام مخبولة تنم قصور في الرؤية الدينية، فبعد أن تبدت المرأة كما رأينا في حلة كشفية عشقية حلولية نجدها عند رجال الكنيسة في العصر الوسيط إلى حدود القرن التاسع عشر رمزا للخطيئة والشيطنة. وقد استمدت الكنيسة فكرها المتطرف ضد المرأة من أصول دينية تعود لليهودية والمسيحية، وذلك انطلاقا مما ورد في التوراة في بعض أسفارها ك " سفر التكوين" ومما ورد أيضا في بعض إصحاحات الإنجيل، وبالرجوع إلى هذه الكتب السماوية وكذا بعض مظاهر التاريخ والأعراف تظهر المرأة، في منظور الكنسية، وفق الصور التالية:

- المرأة تابعة للرجل ومخلوقة من أحد أعضائه.
- الإنسان رمز للرجل فقط ، ورد في التوراة ( قال الإنسان : المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت...).
- المرأة ذات روح شريرة وشيطانية لتواصلها مع الأفعى وتسببها في إنزال البشر من الجنة.
- حواء رمز للشؤم والخطيئة.
- المسيج عليه السلام تحمل عذاب وتبعيات خطيئة حواء.
- لعنة الأرض بالشقاء ناتجة عن المرأة.
- آلام المرأة في الولادة والحمل هي مشقات عوقبت بها على الخطأ الذي ارتكبته حواء بعدما أغوتها الحية للأكل من شجر الخلد، ورد في التوراة ( قال الرب للمرأة: لأكثرن مشقات حملك تكثيرا، فبالمشقة تلدين، وإلى رجلك تنقاد أشواقك، وهو يسودك).
- لا يجب على رجال الكنسية الزواج لأن المرأة رمز للخطيئة والدونية والشيطانية.

وبناء على ذلك تداول رجال الدين والقساوسة هذه الرؤية، وروجوا لسؤال إشكالي ظل لردح من الزمن علامة على حيف شديد ضد المرأة، وهو ذاك القائل : هل المرأة إنسان أو شيطان؟




ب-المرأة في ميزان الخطاب الفلسفي:

تنماز صورة المرأة في الخطاب الصوفي بتفردها عن الخطاب الفلسفي أيضا؛ فكثير من الفلاسفة – وليس كلهم- لم يستطعوا الخروج من ربقة التصور الكنسي السابق على الرغم من تأخر عصور أغلبهم، ومن تلك الصور المجحفة نتتبع ما يأتي:

- المرأة عاجزة عن التموقع في هرمية المجتمع والدولة :
يحضر هذا الرأي في الفلسفة اليونانية خصوصا في تصور أفلاطون وأرسطو بخصوص هرمية الدولة وبنيتها المؤسساتية، وهنا ظهرت المرأة أنها لا تصلح إلا للإنجاب ولا تستطيع ممارسة الفضائل الأخلاقية على نحو ما يفعله الرجل، وعلى أساس ذلك بدت المرأة في الفلسفة اليونيانية عاجزة عن مجاراة مكانة الرجل في هرمية المجتمع وبنية الدولة.

- المرأة تمثل الإيروس الأنثوي الضعيف:

يرى رائد فلسفة التحليل النفسي سيغموند فرويد أن المرأة تعاني من عقدة النقص لذلك تظل في حياتها كلها تتشبه وتلاحق الرجل لإدراك ما ينقصها بالمقارنة معه، وقد صاغ أتباعه مقابلة معروفة بين قطبين متضادين وهما الإيروس الأنثوي و اللوغوس الذكوري فكانت حصيلة المقارنة أن الإيروس الأنثوي يتميز العاطفة والجمالية والروحانية والتقلب والتوق إلى الترابط والتواصل في حين أن اللوغوس الذكوري ينماز عن الأول بالعقل والتفكير الواضح والفاعلية وحل المشاكل وإصدار الحكم والتجريد والموضوعية...


- المرأة فخ نصبته الطبيعة للرجل :

لم يستطع رائد فلسفة الإنسان الكامل فريديريك نيتشه أن يثور على المواقف السابقة عليه بخصوص المرأة، فقد كرر ما قاله فرويد، واعتبر أن المرأة تمثل " فخ نصبته الطبيعة" ( هكذا تكلم زرادتشه)، بل إنها " كائن غير قادر على الصداقة فهي لا تزال كالقطط أو الطيور أو الأبقار" ( نفسه) لذلك ينصح زرادتشه مخاطبه كما ورد في ( هكذا تكلم زرادتشه) " إذا ذهبت إلى المرأة لا تنس السوط".

- دور المرأة طاعة الزوج وأشغال البيت :
يرى رائد فلسفة التشاؤم أن المرأة بطبيعتها خلقت لتطيع الرجل، وخلقت للزواج، لذلك فإن هاجسها الأكبر يظل هو الزواج وهو ما يجعل العلاقات بين النساء مبنية على الحسد والعداء " فمهنتهن الوحيدة هي الزواج"، لذلك فحياتهن كلها بما يتخللها من طموحات وأفعال تصب في هذا الهدف وتدور حوله.


خاتمة :

هكذا تتفرد المقاربة الصوفية لموضوع المرأة بسحرها وعمقها الأصيل في مراقي العرفان الإنساني ومعارج الكشف العشقي، وهو ما يضعنا في مقام الدهشة ونحن ننتبع خلود هذه التجربة الماتعة التي، وإن قبرها العقل الظلامي القديم، فإن التاريخ خلدها أزلية وسرمدية وعلامة إشراقية فارقة في التاريخ العربي وشاهدة على النبوغ القديم في تمرده على الأنساق المعرفية المؤسساتية وفي مقاومته لأحد أشد فصول التاريخ الإسلامي ظلامية وإرهابا فكريا وماديا لرموز الإبداع والابتداع. فالمؤسسة السياسية ظلت تجر وراءها الغوغاء من فقهاء الحاشية وقضاة البلاط الذين يخالون أن الله في جبتهم وهم ممثلوه على الأرض، يكرمون ويرهبون باسمه تعالى ويكفرون ويصلبون ويقطعون الأيدي والأرجل من خلاف بتكبيره، ويسوسون الضعفاء تحت شعاره ناسين أن تاريخ السلطة ينطوي بما يحمل ويبقى الحب جديدا إلى الأبد.



#الحسين_بنبادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحسين بنبادة - صورة المرأة في الخطاب الصوفي