أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - المهمة الراهنة الكبرى















المزيد.....

المهمة الراهنة الكبرى


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 08:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من وجهة نظر المصالح الوطنية والتحررية بشكل عام، يمكن القول إن الصراع مع الأجنبي كان، في الغالب الأعم، مبرراً ومشروعاً ومطلوباً وواجباً. ينطبق ذلك على المقاومة السياسية وغير السياسية التي نهضت في وجه المستعمرين ومشاريعهم القديمة والجديدة.

يمكن إدراج حرب الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي في صلب الصراع المذكور. ويجسّد الصراع ضد المشروع الصهيوني في فلسطين مثالاً لمقاومة خطر خارجي مزدوج: إمبريالي يرمي إلى فرض هيمنة عامة على المنطقة، واستيطاني صهيوني اغتصب فلسطين وشرد شعبها. وكلا الهيمنة والاغتصاب استهدفا كل المنطقة وكل الوسائل السياسية والعسكرية، وإن كان الشعب الفلسطيني هو الذي دفع، ولا يزال، الثمن الأفدح.
لم يتخلَّ الخارج الاستعماري عن القوة لفرض هيمنته رغم كل التطورات التي حصلت بعد الحربين العالميتين. آخر النماذج كان في غزو العراق واحتلاله عام 2003 بذرائع لم تنطل على أحد، وبعده التدخل العسكري في ليبيا عام 2011 بإطاحة العقيد الليبي معمّر القذافي.
وُوجه العدوان الخارجي، دائماً، بنوع من الاجماع الرسمي العربي، حتى لو كان بعضه مخادعاً وشكلياً ومتواطئاً بشكل غير معلن. نهضت في وجه ذلك العدوان احتجاجات شعبية واسعة، واستغلت نخب سياسية وعسكرية تلك الاحتجاجات لإسقاط أنظمة وعروش في أكثر من بلد عربي.
ليس الأمر على هذا النحو الآن. لم تعد قضية وحقوق شعب فلسطين هي «القضية المركزية». التناقضات بين دول وأنظمة البلدان العربية، وجزء من الدول الإسلامية، تتقدم على التناقضات مع الخارج الاستعماري التقليدي. حين أقدمت القيادة الإيرانية، بكل أجنحتها المتشددة والمعتدلة والإصلاحية، على توقيع الاتفاق النووي مع «الشيطان الأميركي»، جاء الاعتراض الأساسي من قوى محلية في المنطقة، حليفة وصديقة لواشنطن، وليس من الصهاينة فقط. من جهتها لم تعد دول في الخليج، كبيرة أو صغيرة، تجد في العدو الصهيوني تهديداً أول لها ولمصالحها، ورغم ذلك لم يحاول أحد البحث في أسباب ذلك. ثمّ إن التناقضات قد انتقلت إلى المستوى العسكري. إن حروباً تكاد تكون شاملة، هي ما يطبع المرحلة الراهنة من تأزم العلاقات بين أكبر دول المنطقة. هذه الحروب التي تخاض، بالواسطة، مرشحة لأن تتحول الى نزاعات كبرى مباشرة استناداً إلى حجم التوتر والصراع الحاليين وإلى حجم ما ينطويان عليه من الخسائر والمخاطر.
الأمر الذي لا يقل خطورة هو أن الصراع قد اتخذ بعداً شعبياً نظراً الى اتساعه وتفاقمه، من جهة، وبسبب استخدام العصبيات المتنوعة، الطائفية والمذهبية والإثنية، من جهة ثانية. ومع اجتماع البعدين الرسمي والشعبي في الصراع: فيما بين الدول العربية والإسلامية وفي داخل عدد كبير ومتزايد ومهم من تلك الدول، باتت الحروب الأهلية هي البديل من الصراع مع العدوان الخارجي، الغربي عموماً، والصهيوني على وجه الخصوص.
لا يغيّر من هذا المشهد السلبي كون الولايات المتحدة الأميركية قد انكفأت عن التدخل العسكري المباشر. حصل ذلك بسبب الخسائر التي دفعتها في حروبها في العراق وأفغانستان. لكنها تمكنت، سريعاً، من ايجاد بدائل لتحقيق نفس الأهداف: تأجيج التناقضات داخل الدول وبينها، واستخدامهما لإضعاف الجميع، بما في ذلك أصدقاء واتباع واشنطن. جسّدت سياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما هذه التحولات في التكتيك الأميركي الراهن. وهي تحولات ستستمر، رغم ضجيج متعصب شوفيني أخرق كالمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ورغم مرارة دول محلية كانت تراهن على الهراوة الأميركية لتحقيق استمرار واستقرار سلطاتها وبعض أهدافها.
أدت الحروب الأهلية المتفاقمة في المنطقة إلى خسائر مخيفة: بشرية ومعنوية ومادية وسياسية... الواقع أن زلزالاً، عظيم التدمير والخسائر، يواصل ضرب المنطقة منذ أكثر من خمس سنوات. تنتاب هذا الفريق أو ذاك، من فرقاء الصراع والحرب الأهلية المذكورة، نوبات من الشعور بالنصر. الواقع أنه لن يخرج أحد منتصراً. الحفاظ على البقاء شيء، والانتصار شيء آخر تماماً. هي نسبة الخسائر ومدى فداحتها ما يشكل موضوع المقارنة وليس حجم ما يمكن تحقيقه من مكتسبات وإنجازات لمصلحة هذا البلد أو ذاك أو، حتى، هذا الفريق أو ذاك. في سياق ذلك تحوّل الأميركي (في العراق مثلاً) من غاز وعدو إلى وسيط ومنقذ! هو الآن يكتفي بإحصاء خسائر خصومه عبر استنزافهم وضياع مواردهم وأمنهم واستقرارهم، بانتظار قطاف قريب يمكنه، محدداً، من أن يكون صاحب الكلمة الأولى في تقرير شؤون المنطقة وفي تحديد بصائرها وخرائطها...
ليس من الصعب، وفق المشهد الكئيب والمأساوي الراهن، الاستنتاج بأن وقف الحروب العربية والإسلامية، المندلع لهيبها بين الدول وداخلها، هي المهمة التي تتقدم على كل ما عداها.
لن يحصل ذلك من دون مقاربات ومبادرات خلاقة ومبدعة وجديدة. ليس هناك إطار عربي أو إقليمي يمكن الركون إليه حالياً من أجل إطلاق عملية سياسية للحوار بشأن مواضيع وأسباب ونتائج الصراع. الدول الكبرى التي تستكشف بعض فرص التسويات هنا وهناك، ليست متعجلة إلا بمقدار ما تسعى، مجتمعة أو منفردة، إلى جني ثمار مبكرة تلوح إمكانية نضوجها. لكن، للأسف، لولا التفاهم الأميركي الروسي على بعض الأولويات في سوريا (ومنها مواجهة إرهاب فروع «القاعدة») لما تراجعت نسبة الموت في سوريا في الأيام القليلة الماضية، أما بين أطراف الصراع في سوريا، فليس إلا المزيد من الشروط والشروط المضادة: وكأن القتل والدمار المخيفين يحصلان في بلد آخر!
إن إطلاق دينامية تواصل وحوار في المنطقة وبين أطرافها الأكثر انخراطاً في الصراع، هو عملية انعطافية تشترط حداً أدنى من الجنوح نحو الاستقلالية وممارسة السيادة وحق اتخاذ القرار. هذه القوى هي المعنية أكثر من سواها، بوصفها الأكثر تضرراً وتبديداً لطاقاتها وثرواتها ومستقبل أجيالها، بالبحث عن التفاهمات التي من شأنها، في مرحلة أولى، وقف النزيف الهائل، في الأرواح والعمران والثروات، ومن ثمّ، في مرحلة ثانية، التوصل إلى تسويات متوازنة تعبّر عن مصالح الأطراف المعنية أو عن الأساسي من هذه المصالح.
إن هذا الأمر هو الأصعب لأنه بحد ذاته فعل تحرر حقيقي من التبعية للخارج، ولأنه ينتمي إلى ديوان المسؤولية التاريخية لا إلى ديوان الحماسة والخنادق والانقسامات!
لن يحصل ذلك بغير مبادرات شعبية واسعة ونشيطة ومثابرة وضاغطة. ولن تحصل هذه الأخيرة بغير انبثاق حركة شعبية قادرة على التصدي للفئويات الجامحة والانقسامات القاتلة، وخصوصاً منها تلك التي تضرب سلامة النسيج والعلاقات الاجتماعيين، وتجعل بلداننا ومصالحنا وثرواتنا ومصائرنا لقمة سائغة في فم المستعمرين والصهاينة.
هل تكون التسوية مع واشنطن، بالنسبة لفريق، والجنوح نحو مد اليد للعدو الصهيوني بالنسبة لفريق ثان، أسهل من الاستجابة لفتح حوار جدي بين الفريقين، قد يفتح، بدوره، مسار وقف الموت والدمار، من جهة، واختبار مسار مستقل ومتحرر من الوصايات الخارجية، من جهة ثانية؟!



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النأي بالنفس عن الفتنة!
- ثنائية خامنئي روحاني
- في إلحاحية الحوار الإيراني السعودي
- المؤتمر التأسيسي صيغتان
- تغيير النظام نحو الأسوأ!
- السعودية المذعورة والحد من الخسائر
- مخاض التسويات بعد خطأ الحسابات والأولويات الأمل: في التوحد ض ...
- التذرّع بالدستور لانتهاك... الدستور!
- فرنجية مرشحاً: محاولة متعددة الهدف
- حسابات أردوغانية خاطئة
- غباء وسوء تقدير وسوء نية!
- «الحراك المدني» والتحرك الوطني
- الفشل والتململ والبديل
- كيسنجر مجدداً: لإدخال موسكو لا لإخراجها!
- التحرك الشعبي: نجاحات وأخطاء وآفاق
- الحركة التصحيحية الروسية؟!
- من الطائفية إلى العنصرية
- خللان لا خلل واحد!
- سؤال روسيا... والتنويه بدورها
- تداركاً للفوضى والعنف والتآمر...


المزيد.....




- كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش ...
- -لا توجد ديمقراطية هنا، هذا هو الفصل العنصري-
- -لا نعرف إلى أين سنذهب بعد رفح-
- شاهد: طلقات مدفعية في مناطق بريطانية مختلفة احتفالاً بذكرى ت ...
- باحثة ألمانية: يمكن أن يكون الضحك وسيلة علاجية واعدة
- من يقف وراء ظاهرة الاعتداء على السياسيين في ألمانيا؟
- مصر تحذر من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح
- ماذا تكشف روائح الجسم الكريهة عن صحتك؟
- الخارجية الروسية توجه احتجاجا شديد اللهجة للسفير البريطاني ب ...
- فرنسا تتنصل من تصريحات أمريكية وتوضح حقيقة نشرها جنودها إلى ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - المهمة الراهنة الكبرى