أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - غباء وسوء تقدير وسوء نية!















المزيد.....

غباء وسوء تقدير وسوء نية!


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 00:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في عالمنا المعاصر سبقت الموجة الإرهابية الراهنة موجات متعددة كانت أشدها فتكاً ودماراً واتساعاً الموجة النازية. بعد ذلك يمكن تصنيف الموجة الصهيونية (وهي مستمرة رغم مرور حوالى ثلاثة أرباع القرن على بدء نشاطها الإرهابي) باعتبارها موجة بالغة الخطورة أيضاً، حيث أدت إلى اقتلاع وتشريد أكثرية الشعب الفلسطيني من أرضه، وإلى التسبب بحروب عدوانية عدة معظمها كان ذا طابع إقليمي، ما ترك (أي الاغتصاب والحروب العدوانية) نتائج كوارثية على الشعب الفلسطيني وعلى معظم شعوب الدول المجاورة لدولة العدوان الصهيونية...

صراع المصالح هو ما أدى الى نشوء الموجات الإرهابية (القديمة والمعاصرة)، وهو ما وجّه بوصلة نشاطها نحو أهدافها وضحاياها. مصالح أخرى، مضادة طبعاً، هي التي وجهت أيضاً مواقف القوى الدولية المعنية، هنا وهناك، إزاء تلك الموجات، وطريقة التعامل معها. الطابع المفاجئ لظهور أو لوتيرة صعود هذه الموجات جعل، أحياناً، بعض قوى الصراع القديمة يحاول استغلال أو استخدام الموجات الإرهابية الناشئة ضد قوى منافسة أو معادية. هكذا حصل، مثلاً، حين جرت محاولات من قبل القوى الغربية الاستعمارية التقليدية، لدفع هتلر إلى توجيه عدوانه ضد النظام السوفياتي. ستالين نفسه توهم أن بإمكانه تحييد الوحش النازي من خلال عقد اتفاقيات ثنائيه معه. اقتضى تصحيح الخطأ المزدوج من قبل قادة الغرب والاتحاد السوفياتي دفع ثمن هائل قبل، وحتى بعد، أن قرّرا توحيد الجهود في مواجهة الخطر الهائل الذي كان يتهدد الطرفين، بنفس الدرجة ومن دون استثناء، كما يتهدد البشرية جمعاء.
اليوم تتكرر الأخطاء من قبل الغرب نفسه ومن قبل بعض حلفائه الإقليميين (خصوصاً)، حيال الموجة الجديدة من الإرهاب التي تلبس اللبوس الديني وتستخدمه أداة مباشرة للبطش والقتل والإجرام. بعض هذه الأخطاء ذو طابع تأسيسي، أي أن الأميركيين، مثلاً، كانوا من السباقين في بناء الخلايا الأولى من الشبكات الإرهابية. معروف أن تنظيم «القاعدة»، أبرز تلك الشبكات، قد دخل، لاحقاً، في صراع مكشوف ودامٍ مع واشنطن وسياساتها وبعض سفاراتها وصولاً إلى تفجيرات 11 أيلول الشهيرة عام 2001، إلا أنّ مسؤولين أميركيين عادوا لتكرار نفس الخطأ أو الخطيئة بالتعويل على الإرهابيين في تنفيذ سياسات معينة وفي إضعاف الخصوم أو محاربتهم عبر الشبكات الإرهابية المتطرفة والتكفيرية. اقتضى ذلك أيضاً، التراجع أمام أنظمة (حليفة لواشنطن) كانت تقارير أميركية قد حملتها جزءاً من المسؤولية عن توليد الإرهاب عبر مذاهبها ومناهجها وسياساتها (لجان أميركية تشكلت بعد ضربات 11 أيلول الإرهابية).
إلى خطأ المساهمة في تأسيس الشبكات الإرهابية، ومن ثمّ تكرار خطأ الرهان على توظيف إجرامها، مارست الإدارة الأميركية سياسة بالغة الانتهازية حيال الإرهابيين حين حاولت استغلال صعودهم السريع (منذ إعلان «الخلافة») من أجل إعادة ترتيب أوضاع المنطقة لمصلحتها (عبر استنزاف الخصوم وإضعافهم). فالإدارة الأميركية التي أطلقت، من العاصمة السعودية، تحالفاً ضد الإرهاب، في أواسط العام الماضي، حوَّلت هذا الإعلان إلى تدبير شكلي بسبب مناوراتها وبسبب رضوخها لضغوط قيادة المملكة السعودية التي ظلت تركز على أولوبة هدف إسقاط النظام السوري معوِّلة، بشكل أساسي، على دور القوى الإرهابية في تحقيق هذا الهدف بكل ما يتطلبه ذلك من دعم لهذه القوى، كان، في معظم الأحيان، صريحاً ومكشوفاً!
إذا كان الموقف الأميركي قد وجهته، غالباً، أخطاء متكررة، وانتهازية، وسوء تقدير، فإن موقف بعض حلفائها العرب قد صدر عن سوء نية بشكل شبه كامل! أما البعض الثالث كالحكومة الفرنسية (خصوصاً في ظل الحكم الحالي) فقد تميز موقفه، بغباء وبلادة شديدين فضلاً عن انتهازية حفَّزتها الصفقات ومحاولة اللعب على التناقضات الأميركية – السعودية (خصوصاً بعد رفض إدارة الرئيس أوباما التدخل التدخل العسكري ضد النظام السوري).
لقد انخرطت فرنسا في حرب مالي عام 2013 دون أن تنظر إليها بوصفها حرباً فعلية ضد الإرهاب. كانت تلك الحرب، بنظر الإدارة الفرنسية، أقرب إلى حرب نفوذ تقليدية في الشمال الإفريقي. حتى ارتكاب المجزرة في مجلة «شارلي إيبدو» صُنِّف على أنه مجرد ردة فعل محدودة على رسوم ساخرة. الآن تعلن باريس على لسان رئيسها أنها دخلت «في حرب شاملة» ضد الإرهاب. رغم ذلك لا يريد وزير خارجيتها أن يغير شيئاً في سياسات وأولويات باريس في الشرق الأوسط. قال إثر الاعتداءات المروعة الأخيرة «إنها حرب ضد ما نحن عليه وليس بسبب سياستنا»! هي ضد الاثنين معاً. ولا بد من تغيير في سياسات وعلاقات فرنسا من أجل أن تكون الحرب ضد الإرهاب أولوية حقيقية في سياستها العامة وخصوصاً في سياستها الخارجية.
هذا ينطبق على الآخرين بدرجة أكبر: على واشنطن والرياض وأنقرة... من دون أن ننسى دويلة قطر بالطبع! لكن، للأسف، الانعطافة في الموقف الأميركي فرضها التدخل الروسي الذي طرح تحديات كبيرة على خطط وسياسات واشنطن وحلفائها أكثر مما طرحها الإجرام المتعاظم للإرهاب وآخر ضرباته في باريس يوم 13 الجاري. أردوغان، أيضاً، اكتشف مؤخراً (ومتأخراً) في قمة «أنطاليا» أن «كل بلد يميِّز بين المجموعات، في إطار مكافحة الإرهاب، يرتكب خطأً فادحاً»، لكنه ما زال يرى أولويته في مواجهة النزوع الكردي نحو تحقيق بعض الحقوق. الرياض بدورها ما زالت، رغم بعض التراجع، تضع مهمة محاربة النظام السوري في رأس أولويات تحاول أيضاً أن يتبناها حلفاؤها...
لم يرتق الصراع ضد الإرهاب، بعد، إلى مستوى حرب حقيقية، بسبب أولويات أخرى. وهو لم يتحول إلى حرب شاملة بسبب الغباء وسوء التقدير والانتهازية، وخصوصاً، بسبب، سوء النوايا. الاستنفار المحدود ضد الإرهاب يعود إلى وحشية الإرهاب نفسه الذي يواصل اندفاعته، وإلى المبادرة الروسية الاستباقية التي أحرجت الجميع وفرضت وتيرة مختلفة، نوعياً، في التقدم نحو المواجهة الشاملة. القيادة الروسية كانت مصيبة أيضاً في إطلاق دينامية سياسية موازية للضربات العسكرية: حيال الأزمة السورية خصوصاً (التي هي «أم الأزمات» حالياً بعد أن فرضت التطورات الراهنة إزاحة القضية الفلسطينية مؤقتاً عن المركز الأول)، وحيال أولوية الحرب على الإرهاب وضرورة إضفاء الشرعية الدولية الواضحة على هذه الحرب.
في قول مأثور للسيد المسيح إنه لا يمكن عبادة ربين، المال والله، في وقت واحد. هذا ينطبق على المرحلة الراهنة: لا تستقيم ولن تستقيم المعركة ضد الإرهاب إذا كانت معارك أخرى هي ما يوجه سياسات دول أساسية معنية بالصراع، وخصوصاً إذا كان بعضها يواصل سياسة النعامة، أو سياسة سوء النيّة بدعم الإرهاب بوهم إمكانية استخدامه ضد الخصم. أما اكتفاء بعض السلطات والقوى السياسية الأوروبية باتخاذ تدابير غير إنسانية ضد النازحين السوريين ومحاولة تحقيق مكاسب انتخابية عبر رفع شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين، فلن يخدم إلا الإرهابيين، كما خدمتهم دائماً السياسات الاستعمارية القديمة والجديدة الموجهة ضد شعوب المنطقة عموماً.
العرب، بمؤسساتهم ودورهم ومصالحهم، ما زالوا غائبين عن الفعل والمبادرة. لذلك ثمن يتم دفعه، وهو ثمن مخيف في العديد من الحالات والمجالات والبلدان.
ثمة الكثير والجذري مما ينبغي استخلاصه من الأحداث المريرة الراهنة: ليس الأعداء وحدهم مسؤولين عن المآسي التي تضرب بلداننا عموماً وسوريا خصوصاً! تصحيح الأخطاء عامل مهم، إن لم يكن الأهم، لتحسين شروط المواجهة وتحقيق الانتصار.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الحراك المدني» والتحرك الوطني
- الفشل والتململ والبديل
- كيسنجر مجدداً: لإدخال موسكو لا لإخراجها!
- التحرك الشعبي: نجاحات وأخطاء وآفاق
- الحركة التصحيحية الروسية؟!
- من الطائفية إلى العنصرية
- خللان لا خلل واحد!
- سؤال روسيا... والتنويه بدورها
- تداركاً للفوضى والعنف والتآمر...
- مهمات متداخلة لمشروع التغيير
- الصحوة والسخط المقدسان
- التعقيد والاستعصاء السوريان
- هل بدأ التغيير؟ لا بد من ذلك!
- معادلة المعرِّي هي الأنبل!
- اتفاق واشنطن وطهران
- أردوغان: هروب التاج؟!
- السياسة والدين والقضاء
- الأنانيات والفئويات سبب استعصاء الأزمات
- المحنة السعودية: مقاربة بديلة
- التفتيت بالفئويات والعصبيات والتآمر


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - غباء وسوء تقدير وسوء نية!