أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمر محسن - البدوية والكعب العالي














المزيد.....

البدوية والكعب العالي


سمر محسن

الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 00:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في خضم كل التطور والرُقي الحضاري والأخلاقي والإنساني الذي لا تتوقف عجلاته في بلدان العالم الأول مازالت بلداننا العربية والتي لم تأتي تسمية (العالم الثالث) لها من اللاشيء ترزح تحت الصراع الأزلي بين التمدن والتديّن، مازالت تئن وتتوجع كتلك الفتاة البدوية الخشنة والضخمة القدمين التي إعتادت طوال عمرها على السير حافية وهي ترعى الأغنام حتى باتت رجليها بخشونة ظهر القنفذ ولكنها تحاول بين ليلة وضحاها أن تتمدن وتلبس الحذاء ذو الكعب العالي الأنيق كنظيراتها الأنيقات الناعمات اللواتي يلبسنه منذ عهود مضت، فلا تنال من محاولتها البائسة المثيرة للشفقة هذهِ سوى التقرحات والجروح والفقاقيع المؤلمة في القدمين.
علينا أن لا ننتظر من عجلة التقدم أن تتحرك في مجتمعات الفضيلة والشريعة, تلك المجتمعات التي يكون فيها التصرف الصحيح مستنداً على وجود الضمير فقط دون وجود قانون مدني واضح وصارم يفعص من يختار التصرف الخاطئ ويجبره على تشذيب دناءة غرائزه وإلا نال الأمرين, حينها لن تُعتبر الأفعال السليمة فضلٌ من فاعلها بل هي واجب عليه وعلى غيره.
فمثلاً في بلدي العراق لو إلتزم سائق التكسي الصمت والإنتباه للطريق رغم وجود فتاة جميلة معه بدل أن يفعل ما يفعله أغلب سائقي التكاسي وهو أن يتحرش ويطيل النظر والتمعن للفتاة في مرآته الأمامية, نجد أنفسنا مبهورين بحسن أخلاقه (وكثّر الله من أمثاله!) في حين هذا ليس بالفضل منه لو كان في دولة تستطيع فيها الفتاة أخذ حقها (كامل ومكمل).
لو عامل الزوج زوجته بالحسنى وصفناه بالزوج الصالح (ونيالها عليه اللي لا يوم ضربها ولا تزوج عليها)، لماذا؟ لإنعدام القانون الذي يجُبر ذلك الزوج على إحترام زوجته ولكون الأمر يعتمد على ضميره وخوفه من الله فقط.
الدين لم يقوم السلوك مطلقاً ولا ينفع كدستور حياة لإن غالبية البشر ميالين إلى الإنفلات والهمجية لو أصبح الأمر معتمداً على ضميرهم فقط ولا ينفع معهم التوعد بنار وعقاب في الآخرة البعيدة, وهذا يبدو واضحاً وجلياً في عمليات السرقة والفوضى التي تعم البلدان التي تصيبها نكبة حرب ما أو زلزال وما شابه, حيث نجد الكل بدأ بالتراكض ومحاولة أخذ كل ما تصله يداه من أجهزة ألكترونية وأثاث في المحلات والأماكن العامة قبل أن تعود الدولة للنهوض والقوانين للتطبيق!
كما وأن وجود القانون مع إنعدام الرغبة الحقيقية من العامة أو الشرطة أو الدولة في تطبيقه لا ينفعنا بشيء, فما فائدة قانون يدين المتحرش والمعتدي على المرأة مثلاً وعامة الشعب لو رأوا رجل يضرب إمرأة في الشارع قالوا (دعوه يربيها فهي أكيد عاهرة قد أرتكبت شيء مشين!), ما فائدة قانون ضد العنف الأسري ولو ذهبت الزوجة التي تم ضربها من زوجها إلى الشرطة تعاطفوا مع الزوج وقالوا لها (هو قوّام عليكِ وله حق ضربك بهدف تعديل أخلاقك وإعوجاجك!).

نحتاج إلى العديد من الدهور كي نرفض أولاً مفاهيم العادات والتقاليد والتشريعات البدوية التي تربينا عليها وننظف عقولنا من تلك الأمراض وبعدها قد تستطيع عقولنا تقبل وتطبيق قوانين المدنية بحق, فيجب أن يتم تليين وتشذيب رجلي البدوية من قسوة السنين ونقعها بالعديد من الزيوت والمرطبات قبل أن تصبح قادرة على لبس الكعب الأنيق, والأهم من ذلك هو تشذيب وتهذيب عقل وفكر هذه البدوية أولاً!



#سمر_محسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائف صغار الشيعة
- هل الله هو العدل؟ وهل يجب أن نغض البصر عن كل من أرفق إسم الل ...
- لماذا أنا الوحيدة السجينة, سأحارب حتى أجعلكن خلف القضبان معي ...
- المرأة المطلقة حلوى مقضومة
- لا للغناء ونعم للبغاء


المزيد.....




- كتاب مثير لساركوزي: هكذا عشت بالزنزانة وعرفت أهمية الجذور ال ...
- كتاب مثير لساركوزي: هكذا عشت بالزنزانة وعرفت أهمية الجذور ال ...
- دعوة إلى إضراب عام في سوريا.. الطائفة العلوية تتحتج على سياس ...
- أندريه زكي يواصل جولته بالأردن: حوارات موسّعة حول واقع الكني ...
- قرى مسيحية بالشمال السوري تستقبل أهلها من جديد بعد سنوات الن ...
- من القاعدة إلى محاولة اغتيال السيسي.. كيف وظف الإخوان العنف؟ ...
- عودة المسيحيين إلى قراهم في شمال سوريا بعد سقوط نظام الأسد
- مسؤول لجنة التفكيك: الإخوان يسيطرون على الدولة السودانية
- نحمان شاي: إسرائيل مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها مع يهود الشت ...
- دول عربية وإسلامية تستنكر خطة صهيونية في رفح


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمر محسن - البدوية والكعب العالي