أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد العزيٌة - وظيفة














المزيد.....

وظيفة


عماد العزيٌة

الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


وظيفة

يخرج من الباب مسرعا الى الطريق ليتعثر بحجر على قارعة الزقاق الذي يسكن فيه . . يسير بخطوات سريعة توحي بأنه يحاول اللحاق بموعد ما !
يلسعه برد الصباح قليلا لينعشه ويشيع فيه حسا بالتجديد . . امل بيوم لا يشبه الايام السابقة التي تشبه بعضها . . امل بفرصة قد تكون هي الفرصة التي انتظرها شهورا عديدة . . فبعد ان قدم ملخص لحياته المهنية السابقة عبر البريد الالكتروني لعدة شركات ها هي احداهن تحدد موعدا للقاء بيه !
وهو يسير مسرعا للحاق بموعد الشركة . . اذ عليه ان يصل الى الشارع العام ليصعد حافلة تقله الى الموقف الرئيسي للسيارات المتجهة الى بغداد . . ومن هناك سيستقل سيارة اجرة خاصة الى موقع مكتب الشركة . . كان يمني النفس بان يصل في الموعد الملائم . . رغم انه خرج مسرعا قبل الموعد بأربعة ساعات ! . . فالطريق سيكون مزدحما بلا شك . . فال(سيطرات) تملأه وكل سيطرة مشروع ازدحام شبه أكيد . . وحين استقل سيارة الاجرة الى بغداد كان هناك ثلاث ساعات ونصف على الموعد . . وراحت عيناه تداعب بساتين النخيل التي ابتعدت كثيرا عن الشارع العام بعد ان تم تجريف المحاذية للشارع منها وتحولها الى دكاكين ومنازل ! اكشاك السجائر والعصائر المحاذية للشارع . . سيطرة كل عشر دقائق ! وتستغرق اكثر من عشر دقائق ! ولهذا فالطريق الذي كان يوما لا يستغرق اكثر من ساعة واحدة استغرق ساعة وخمس وخمسون دقيقة !
وأيضا بقي متفائلا بأنه سيصل في الوقت المحدد . . فاستقل سيارة اجرة الى الجادرية حيث موقع الشركة اياها . . وهنا استغرق بأفكار تدور حول مستقبله في هذه الشركة وهل سيستطيع اثبات كفاءته هنا في الوطن كما اثبتها في غربته السابقة خارج الوطن؟
ايمكن له ان يفيد الشركة باللغات التي يعرفها او الخبرات التي اكتسبها بعد اعوام طويلة قضاها متنقلا من شركة الى اخرى في المهجر بحثا عن تقييم حقيقي لقدراته ؟
كان نظره يتنقل بين المناظر المختلفة لمدينة بغداد وازدحامها وخصوصا عند السيطرات الامنية . .تمر سيارة الاجرة بأطفال يدفعون عربات( للحمالة) محملة بوزن يفوق كثيرا وزنهم ! .وتمر برجل يفترش الارض يبيع السجائر . .وآخر يبيع الملابس (الصينية بالتأكيد) على عربة يدفعها بنفسه . . ويطيل النظر الى واجهات المحلات العامرة بملابس مستوردة . . احذية مستوردة . . محلات بقالية تمتلئ بمواد مستوردة . . خضراوات مستوردة . . حتى الناس المتنقلون على الارصفة كان بعضهم عمالة مستوردة ! !

وفكر طويلا هل هو مستورد ام محللي كان تساؤلا يرتبط بسنوات البعد عن الوطن وحصوله على جنسية اخرى . . فهل هو عراقي ام ماذا ؟ . .
انه عراقي الاصل واللهجة وحتى النشأة ولكنه كان بعيدا عن الوطن في سنوات القحط . . اعتاد ان يجد الشخص المناسب في مكانه المناسب . . اعتاد ان يتم اي عمل له مع الحكومة بسويعات قليلة ان لم تكن دقائق فقط!
ها هو يصل الى (الجادرية) وتدخل سيارة الاجرة في ازقة اقل ما يقال فيها انها لا تشبه ازقة مدينته ابدا . . حيث الحدائق الوسطية خضراء . . الطرق مبلطة . . ولولا امتلاء الشارع بموقف لسيارات الاجرة(الكيه) وحرارة الشمس والاهم اللهجة العراقية للسائقين لظن انه في دولة اخرى !
يصل الى مقر الشركة . . يدخل معتدا بنفسه كما اعتاد . . يجلس قليلا في الانتظار ولكنه لا يفقد ثقته بنفسه . . لا يفقد امله بان تكون هذه الفرصة التي انتظرها . . وبعد دقائق قليلة من الانتظار يدخل للمقابلة . . والتي تسير على ما يرام إلا من سؤال واحد اقلقه . . سؤال عن مذهبه !
فحتى الشركات الاجنبية اخذت تسأل عن مذهب العاملين لديها !
ولكنه تجاوز هذا السؤال والإجابة عنه باعتبار انهما روتين يتماشى مع الثقافة السائدة في البلد . . ولم يدرك ان شروط التشغيل للأيدي العاملة تخضع الى النسب والحصص عينها للموافقة عليها من قبل الجهات المختصة !
وبانتهاء المقابلة يخرج من موقع الشركة بعد ان ابلغوه بان الموافقة ستأتيه بالبريد الالكتروني . . يأخذ سيارة اجرة عودة الى (باب المعظم ) ليعود الى مدينته وتمر سيارة الاجرة ب(كرادة مريم) وبعد عبور ساحة كهرمانة بقليل تخف السرعة الى حد الوقوف . . فالازدحام كبير . . وطويل . . اذ تصادف خروجه مع نهاية الدوام الرسمي لدوائر الدولة مما يعني ازدحام متكرر و متناغم مع ال (سيطرات الامنية) رغم رفع الكثير منها . . وكانت سيارته تقف في وسط الازدحام ولا مفر من مجارات حركة السير البطيئة جدا . . احس بالضجر الشديد . . والضيق النفسي الذي عزاه الى المقابلة وعدم حصوله على جواب فوري !
كان السائق يثرثر عن بغداد وازدحامها وعن كثير من الامور التي لم يعيها اذ كان يجيبه فقط بإيماءة من رأسه او همهمة لا تمت للكلام بصلة !

وإذ ينظر الى احدى شركات الطيران الموجودة بكثرة في هذا الشارع . . ويتمعن في عرضها السياحي مستغلا توقف السير في هذه اللحظة . .يومض عيناه بريق غريب ومفاجئ ينبع عن سيارة لا تبعد سوى
امتار عنه . .يليه وبزمان لا يتجاوز اعشار الثانية صوت انفلاق وانفجار وتطاير العربات والأشلاء بما فيها اشلاءه هو الى جهات مختلفة ! . . وانطفاء لكل ما هو انساني للحظات مع اشتعال النيران في ارجاء المكان . . ويعلن في شريط الانباء السفلي في قنوات فضائية عدة عن انفجار في شارع السعدون يودي بحياة 11 شخصا وجرح 25 . . لتنتهي رحلة حياة مضنية حتى قبل ان يبدأ الوطن !



#عماد_العزيٌة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد العزيٌة - وظيفة