أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسيمه الشلال - نصف رغيف نصف قمر














المزيد.....

نصف رغيف نصف قمر


نسيمه الشلال

الحوار المتمدن-العدد: 5079 - 2016 / 2 / 19 - 23:45
المحور: الادب والفن
    



كان الأرض , وكانت السماء , وكان هو .؟ مع كل فجر كانت أمه توقظه حتى يفطر ثم يذهب ليرعى قطيع الأغنام , توقظه ماسكة بكتفه الصغير ويهزه كالمهد , ميرزا ... بني , استيقظ , طل الصبح . ميرزا ... و كان يتكاسل متمتماً ويضع المخدة على رأسه محاولا بتلك الحركات أن يعود للنوم , لكن الأم بكل حزن تصر على إيقاظه وهي تتألم لان ابنها لا ولن ينعم كأبناء الآخرين بنوم هانئ حتى ساعات الصباح الأولى , يجلس ميرزا على فراشه المكون من أكياس الطحين , والتي كل صيف تغسله له أمه وتعيد تنجيده وخياطته حتى يبقى نظيفا طوال الشتاء , يبقى جالسا مترددا بين الذهاب للاغتسال وبين أن يدس جسمه تحت اللحاف لينعم بالنوم ولو لصباح واحد فقط , يريد , ويريد وهو يحك ساقيه ببعضهما ومتردد بين أن يجلس أو يبقى في فراشه ولكن تفوح رائحة الشاي العطرة ويسمع صوت الملعقة عند ارتطامها بالصحن فيدرك أن والدته تصب له اللبن من القدر حتى يتناول فطوره قبل أن يذهب , إذ لا بد أن يزود جسمه ببعض الطاقة شاء أم ابى . هاهي الشمس ترسل خيوطها الذهبية إلى الأرض لكن ميرزا يستقبلها بوجه عابس لأنها ستحرقه لاحقا وتجعله كسولا ولأنه لا يحب القيظ , دائما نجده يجلس في ظل حماره حتى يتناول نصف رغيف من الخبز وبعض التمر الذي تعده له أخته مع اللبن الذي وضعته له في علبة معجون طماطه كانت قد ابتاعته أمه في وقت لا يتذكره , ومن ثم يمسك العصا ويبدءا بالرسم , يرسم على التراب ثم يمسح , ويرسم ثانية وهكذا إلى أن يأتي الغروب و يهب فرحا , يركب حماره , يصفق , يصفر , مناديا أغنامه بصوت عال : إلى البيت ... إلى البيت , وكم يسعد حين يتجه صوب البيت , وحين يسمع صوت الأجراس حول أعناق خرافه , كم يحب ذلك الوقت البرتقالي لأنه يدرك بعد لحظات سيشع نور القمر , وما أن يصل للبيت حتى يصرخ مناديا أمه : أنا جائع , أريد أن ااكل رزاً وبطاطا , سئمت اللبن والتمر , سئمت الخبز اليابس , أريد أن آكل . أمه تذهب لتحلب الأغنام وتقفل باب السياج جيدا وتربط الحمار وتضع له العلف , أما أخته فهي التي تعد العشاء الذي طلبه , يقفز ميرزا , كأنه قرد مشاكس وينادي أخته ( نيسان ) : أريد بيضا مسلوقا أيضا , أريد أن آكل البيض أيضا مع الرز والبطاطا , وشقيقته لا تتحمل صراخه المستمر وهو يطلب الطعام لذلك نجدها غالبا ما ترمي شقيقها بفردة من حذائها حتى يسكت وتقول له :( ميرزا ) , اسكت الجيران سيسمعونك , كأنك لم تشاهد الأكل في حياتك ... ألا تخجل , اسكت , وبعد أن يتعشى كما يريد , يرى القمر قد هلّ هلاله , يحلم ويحلم ويرسم , يجلس بالقرب من حماره , يأتي ببعض الأحجار وكومة تراب وفرده حذاء ممزقة و مثقوبة , يشعل الفانوس ويجلس مدعيا انه يلعب , ما أن تقترب منه والدته أو أخته نجده يصفر أو يقلد صوت سيارة ممسكا بفردة الحذاء التي يدفعها بين التراب ليصطدم بإحدى الحجارة , وما أن يبتعدوا حتى يمسك العصا ويبدء بالرسم , ينظر إلى القمر , ويرسم , وتمر أيامه على هذه الشاكلة و كثيرا ما كان ينام بالقرب من حماره , وألعابه حتى تأتي أمه وتأخذه إلى فراشه وهو مغبر . ذات مرة ذهبت أمه لتوقظه في الفجر كالعادة , والقمر ينير بضوئه على الأرض , الأم تنظر إلى صغيرها , تتنهد : كم هو نحيل , لقد احرق الشمس وجنتاه , يبدو اسمرا أكثر مما كنت أتوقع , ااااه ياولدي الصغير , تضع يدها على كتفه وتهزه ( ميرزا )استيقظ .. انه الصباح , ميرزا يجلس بكسل , يغسل وجهه بالماء البارد , يفطر ثم يركب حماره ويسوق قطيعه صوب البراري , تعود والدته إلى البيت بعد أن أطمئنت أن كل شيء على خير ما يرام وان ميرزا ذهب بأغنامه بالاتجاه الصحيح , توقفت للحظة ... لتتأمل العاب طفلها الصغير , كومة التراب على حالها ,! والحجارة كذلك .! وفردة الحذاء أيضا , بماذا كان يلعب أذا .؟ لكن هنالك رسومات , ماهذا ...؟ تتسال : ماذا يرسم طوال الوقت ؟ تحاول جاهدة أن تفك رموز طلاسم ابنها ميرزا , ما هذه الخربشات .؟ كأنه رسم نصف رغيف خبز أو كأن رسمه يشبه القمر ... لا .. لا انه رسم نصف رغيف خبز , ماذا يعني هذا ؟ انه لا يعرف كيف يرسم القمر , لا يامسكين يا ابني تقول لابنتها ( نيسان ), غدا جهزي لميرزا رغيف خبز كامل , انه يجوع ولا يشبع بنصف رغيف , انه يرسم على التراب نصف رغيف خبز , لا بد انه لا يشبع , ترد الابنة : و لماذا لا يقول انه لا يشبع من نصف رغيف .؟ ربما يخجل أو ينسى ألا تعرفين أخوكِ ميرزا انه خجول ! عجيب , صوت أجراس الأغنام يأتي من بعيدا هناك خلف التلال , والرسومات ما تزال واضحة على التراب , وكأنها نصف قمر أو نصف رغيف فلا احد يعرف ذلك غير ( ميرزا ) .



#نسيمه_الشلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسافات
- حلم


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسيمه الشلال - نصف رغيف نصف قمر