أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - السياسة ما بين (فن الممكن) وفن (مراكمة الإنجازات)














المزيد.....

السياسة ما بين (فن الممكن) وفن (مراكمة الإنجازات)


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5078 - 2016 / 2 / 18 - 12:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


صحيح، إن السياسة ليست عالم المثاليات الذي يلبي كل مطالب الشعب ويعبر عن كل نزعاته، وصحيح أيضا أن السياسة تتضمن فن الممكن أو هي فن الممكن كما يقول البعض . لكن القول بأن السياسة فن الممكن يجب أن لا يكون ذريعة لتبرير العجز والفشل أو التنازل عن الحقوق والثوابت الوطنية ، ذلك أن الممكن يجب أن يكون في إطار القانون والدستور وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، وليس الممكن بما تستطيعه النخب الحاكمة ويتوافق مع مصالحها فقط .
إن كانت السياسة تتضمن فن الممكن في إطار الشروط أعلاه ، فهي أيضا وقبل ذلك فن مراكمة الانجازات . وقد أثبتت التجربة التاريخية أن المجتمعات والحضارة الإنسانية بشكل عام تتطور وتتقدم من خلال مراكمة الانجازات، انجازات الأنظمة السياسية و المعارضة السياسية و الشعب ،إنجازات العلماء والمفكرين والمثقفين والعسكريين الخ . سياسة مراكمة الانجازات تؤسَس على مبدأ التواصل التاريخي ورفض منطق القطع والتجاوز ،والاستفادة من التجارب التاريخية دون استنساخها أو التعامل معها كحقائق ومسلمات .
من هذا المنطلق لا يجوز لمن يصلوا للسلطة ، سواء عن طريق صناديق الانتخابات أو الثورة والانقلاب ، أن يقدموا أنفسهم كالمخلِّصين الطهورين، ويتهموا من سبقوهم بالخيانة أو تكفيرهم ، والأخطر من ذلك أن يسفِّهوا كل ما تم انجازه عبر السنين ، محاولين البدء من نقطة الصفر، حتى وإن أدى ذلك لتدمير كل ما تم انجازه سابقا بما في ذلك الدولة والمجتمع .
التاريخ يعلمنا بأن الحضارة الإنسانية وتقدم المجتمعات يخضعان لسنن التطور ومراكمة الانجازات ، وبالتالي لا يجوز لأي حزب أو نظام سياسي أن يتصرف وكأن التاريخ بدأ معه أو يزعم أنه يحتكر الحقيقة .
ما ينطبق على الدول ينطبق على حركات التحرر الوطني وعلى واقع الحالة الفلسطينية تحديدا ، من حيث التوظيف الخاطئ لمفهوم (السياسة فن الممكن) وغياب إستراتيجية لمراكمة الانجازات . فنظرا لغياب إستراتيجية وطنية ولحالة الانقسام الحاد فإن القوى السياسية يشتغل كل منها على الممكن الحزبي وليس الممكن الوطني ، وكل منها تعمل بمعزل عن الأخرى وبحسب ما تملك من قدرات وإمكانيات حزبية وفي الحيز الذي تديره جغرافيا وسياسيا . هذا الفهم للسياسة كفن الممكن يتجاهل وجود ممكنات وطنية أخرى .
النتيجة المنطقية لكل ذلك محدودية الانجازات وتفوق إسرائيل في كل المواجهات العسكرية والسياسية التي يخوضها الفلسطينيون ، ليس هذا فحسب ، بل ولأن كل طرف سياسي يناصب الطرف الآخر الخصومة فإنه يتم تشكيك كل طرف بانجازات الطرف الثاني ، في تجاهل للشيء القليل من الانجاز الذي تم تحقيقه ، كما أن كل حزب يعتقد أن الممكن الذي يحققه في إطار إستراتيجيته الحزبية هو الممكن الوطني الوحيد والصحيح أما إستراتيجية الأطراف الأخرى وممكناتها فهي خاطئة وغير وطنية! . وهناك وجه آخر من التوظيف الخاطئ والخطير لمقولة السياسة فن الممكن وهو تبرير حالة العجز والفشل – وهي حالة منطقية في ظل غياب وحدة وطنية – بالقول هذا ما يمكننا تحقيقه! .
وهكذا تعتقد حركة حماس مثلا أن العمل العسكري والجهادي هو الإستراتيجية الصحيحة وما ينتج عنها هو الممكن الوطني الوحيد وبالتالي ترد على كل من يتهمها بالعجز والفشل عن تحقيق الأهداف الوطنية بالتحرير ، حتى وإن اقتصر ممكن حماس على سلطة هزيلة محاصرة في قطاع غزة . نفس الأمر بالنسبة لمنظمة التحرير والسلطة وممارستهما للعمل السياسي والدبلوماسي حيث تعتقدان أن يتم إنجازه في هذا السياق هو الممكن الوطني الوحيد ، حتى وإن اقتصر الأمر على الحفاظ على السلطة القائمة أو قرار دولي هنا أو هناك.
وفي حقيقة الأمر فإن اعتماد هذه الرؤية من الطرفين أمر خاطئ بالأساس لأن العمل العسكري ليس إستراتيجية قائمة بذاتها وكذلك العمل السياسي والدبلوماسي ، بل هما أدوات توَظَف في سياق إستراتيجية وطنية شمولية ، وبالتالي فإن الممكن الذي يتم تحقيقه من خلال الدبلوماسية أو من خلال العمل العسكري سيكون أكثر جدوى لو تم التعامل معهما كشيئين يكمل كل منهما الآخر وليس بدائل لبعضهما البعض .
خلال قرن تقريبا من النضال الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني لم يتوان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات عن القيام بواجبه . في المشهد الوطني اليوم كثير من الانجازات : صمود محمد القيق المُضرب عن الطعام وآلاف الأسرى في سجون الاحتلال ، بطولات شباب الانتفاضة الحالية والانتفاضات السابقة وصمود أهلنا في الضفة والقدس في مواجهة الاستيطان والتهويد ، صمود أهلنا في داخل الخط الأخضر المتشبثين بأرضهم وهويتهم في مواجهة السياسة العنصرية الصهيونية ، صمود وبطولات أهلنا في قطاع غزة في مواجهة موجات العدوان العسكري والحصار ، صبر وصمود أهلنا في مخيمات الشتات وخصوصا في مخيم اليرموك في سوريا ، والجهود الدبلوماسية الحثيثة للرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير لمحاصرة إسرائيل دوليا وانتزاع مزيد من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة .
كل هذه الانجازات – انجازات الفعل المقاوم و انجازات الصبر والصمود و انجازات الدبلوماسية - حتى وإن كانت في إطار (السياسة فن الممكن) ، كان من الممكن أن يكون لها مردود أفضل ويتم تثميرها لو كانت في سياق وحدة وإستراتيجية وطنية، إنها انجازات تُكمل بعضها البعض وليست بديلا عن بعضها البعض .
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة لمصالحة تاريخية بين المثقفين والسلطة
- استشكالات الهوية والانتماء في الخطاب السياسي العربي الراهن
- الفلسطينيون بين جلد الذات وتضخيمها
- حق الدفاع عن النفس ليس حكرا على إسرائيل
- الشروط الذاتية والموضوعية للمصالحة الفلسطينية
- الأزمة في سوريا تكشف بعض خفايا (الربيع العربي)
- سر حركة فتح الذي لم يدركه الآخرون
- غزة ليست للبيع وليست حديقة خلفية لأحد
- الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر
- تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة
- نعم للسلطة ولكن أية سلطة ؟
- خطورة كي الوعي والتماهي مع رواية الخصم
- 2015: عام كشفُ المستور وتغيير المعادلات وأملٌ يُرتَجى
- جدلية العلاقة بين الكتابة والقراءة والإبداع
- متى سيتشكل تحالف عسكري لحماية الشعب الفلسطيني؟
- مقاومة الاحتلال ليس إرهابا
- احتضار السياسة الرسمية في فلسطين
- منزلقات إضفاء طابع ديني على الانتفاضة الفلسطينية
- نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟
- لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه


المزيد.....




- ماذا نعرف عن -أعمق- قصف هندي داخل حدود باكستان غير المتنازع ...
- للمرة الثانية.. سقوط مقاتلة أمريكية بـ60 مليون دولار في البح ...
- المستشار الألماني ميرتس يدعو ترامب لعدم التدخل بسياسة ألماني ...
- إيران: كيف تعود أوروبا إلى المشاركة في حل النزاع النووي؟
- اشتباكات عنيفة بين الهند وباكستان تسفر قتلى وجرحى بين البلدي ...
- جولة رابعة من المباحثات النووية بين طهران وواشنطن قد تنطلق ف ...
- لجنة أممية: قصف مستشفى -أطباء بلا حدود- بجنوب السودان جريمة ...
- رويترز: واشنطن قد تبدأ اليوم ترحيل مهاجرين إلى ليبيا
- إسلام أباد تعلن إسقاط عدة طائرات هندية بعد قصف نيودلهي مواقع ...
- إيران تتهم إسرائيل بالسعي لجر أميركا إلى كارثة في الشرق الأو ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - السياسة ما بين (فن الممكن) وفن (مراكمة الإنجازات)