أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر















المزيد.....

الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 12:09
المحور: القضية الفلسطينية
    



لأنه لا قياس مع وجود فارق، ولا مقارنة بين قضايا مختلفة بطبيعتها ومنطلقاتها، فإنه بسبب الجريمة الصهيونية الأولى باحتلال فلسطين وتشريد شعبها، فإن الشعب الفلسطيني الشعب الوحيد في العالم المُهدَد بوجوده الوطني، والذي يعيش نصفه داخل الوطن الفلسطيني الخاضع للاحتلال والنصف الآخر يعيش مُجبرا خارج الوطن، ليس هذا فحسب، بل إن نصفه الذي يعيش داخل فلسطين موزع بين ثلاث (كيانات) سياسية، منفصلة عن بعضها ومتعادية أو متخاصمة، ونصفه الآخر موزع بين كل دول العالم .
لا شك أن كثيرا من الشعوب تعرضت لمآسي بسبب الحرب أو الكوارث الطبيعية وآخرها ما تشهده سوريا واليمن من حروب وهجرة للسكان وصعوبات سفر وإقامة الخ، ولكن مصائب ومآسي هذه الشعوب عابرة ومؤقتة، أما مأساة الفلسطينيين فممتدة طوال سبع وستين عاما بل قبل ذلك منذ احتلال بريطانيا لفلسطين نهاية العقد الثاني من القرن العشرين. إنها معاناة السفر والتنقل والإقامة، معاناة تحولت إلى تراجيديا غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، تراجيديا بما تعنيه الكلمة من معنى.
لمفردات الهجرة واللجوء والإقامة في الحالة الفلسطينية معنى يختلف في سياقه التاريخي والسياسي والإنساني عما هو معروف عند شعوب الأرض، ويختلف عن دلالاته وتوصيفه في المواثيق الدولية. وارتباطا بذلك فإن سفر وتنقل وإقامة الفلسطيني يندرج في سياقات مختلفة عما هو الحال لمواطني الدول الأخرى ، حتى داخل فلسطين فهو غير حر وآمن في إقامته وتنقله بل غير متأكد إن كان سيستمر في العيش في البيت الذي يسكنه والذي ورثه عن آبائه وأجداده، أم ستهدمه غارة أو جرافة إسرائيلية، أو سيستولي عليه المستوطنون .
أحيانا يسافر الفلسطيني، كبقية الناس من الجنسيات الأخرى، طلبا للسياحة أو النزهة أو تقضية إجازة، ومن حقه ذلك ما استطاع إليه سبيلا، ولكن غالبا ما تكون حاجته للسفر ضرورة حياتية لوصل صلة الرحم بين العائلات المشتتة حيث لا أسرة إلا ولها أبن أو أخ أو أب في الغربة، أو السفر للعلاج حيث القطاع الصحي غير مهيأ للعلاج والتعامل مع كثير من الأمراض والحالات المستعصية بسبب الاحتلال والحصار وخصوصا في قطاع غزة ، أو مضطرا للسفر للتعليم أو للعمل حيث إن ظروف الاحتلال وقهره ضيَّقت من فرص التعليم والعمل .
نتج عن هذا الواقع، بحكم الضرورة، خصوصية جواز السفر ورمزيته بالنسبة للفلسطيني. فمنذ 1948 إلى حين قيام السلطة الفلسطينية 1994 حمل الفلسطينيون جوازات سفر كثير من دول العالم إلا الجواز الفلسطيني، الذي ارتبط وجوده بوجود الدولة وبالتالي كان حلما كحلم الدولة. غالبية الفلسطينيين حملوا إما الجواز الأردني أو وثائق سفر للاجئين كانت تصدرها مصر وسوريا ولبنان والعراق، وبقيتهم حملوا جوازات سفر البلدان التي تجنسوا بجنسيتها، وآخرون لم ينالوا حظوة الحصول على جواز سفر وبالتالي لم يغادروا مدنهم وقراهم في فلسطين أو مكان لجوئهم الأول بعد النكبة، إلى حين مماتهم .
وثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين كانت تصدرها الدولة المصرية لأبناء قطاع غزة لا تمنح حاملها الحق بالإقامة في مصر!، ووثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين تصدرها الدولة اللبنانية لا تمنح حاملها الحق بالعمل في 70 وظيفة ولا تمنحه الحق بالعودة للبنان إن غادرها !، ووثيقة سفر سورية للاجئين المقيمين في سوريا كان حالهم أفضل من غيرهم قبل أن تجتاحهم تداعيات الحرب الأهلية، ووثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين كانت تصدرها الدولة العراقية أصبحت لعنة على حاملها بعد سقوط نظام صدام حسين !، وجواز سفر أردني لفلسطينيي غزة في الأردن لا يمنح حامله حقوق المواطنة، ومن حمل منهم الجنسية الأردنية يعيش صراعا داخليا ما بين الولاء للأردن أو الولاء لفلسطين ولكل ولاء ثمن يجب دفعه !، وكل أشكال جوازات السفر التي يحملها الفلسطينيون العاملون في دول الخليج العربي لا تمنح أبنائهم عند بلوغهم سن الرشد الحق بالإقامة أو العمل أو التعليم في البلد حيث يقيم ذووهم ، إلا في أضيق الحدود، وفي غالبية المطارات العربية على الفلسطيني انتظار موافقة الجهات الأمنية قبل السماح له بالدخول أو حتى المرور لبلد آخر .
لكل فلسطيني قصة وحكاية مع السفر وجواز السفر والإقامة, مآسي فلسطينيي لبنان لا تقل عن مآسي فلسطيني سوريا، ومأساة هؤلاء شبيهة بمأساة فلسطينيي العراق ، وحتى عندما تأسست السلطة حمل فلسطينيو الضفة وغزة فقط الجواز الفلسطيني ، ولأنه جواز صادر عن السلطة الفلسطينية بمقتضى اتفاقية تسوية مع إسرائيل فقد حُرم حامله من دخول بعض البلدان العربية والإسلامية. نصف الشعب الفلسطيني في الغربة لا يشفع له نوع جواز سفره أو البلد التي أصدرته في دخول فلسطين المحتلة وحتى مسقط رأسه إن كان في الضفة أو غزة إن لم يكن يحمل هوية ورقما وطنيا مسجلا عند سلطات الاحتلال، أو تصريح إسرائيلي يسمح له بزيارة وطنه وأهله لأيام فقط !.
لامست السلطة الوطنية في بداياتها تخوم فكرة الوطن والدولة، حيث اصطنعت أملا، إن لم يكن بالعودة فعلى الأقل بتفكيك عقدة الغربة وإتاحة الفرصة لزيارة الوطن أو الموت فيه و الدفن في ثراه، وكان صدور جواز السفر الفلسطيني منعطفا مهما لكثير من الفلسطينيين وخصوصا سكان قطاع غزة. ما لم يخطر على البال أن تتحطم آمال فلسطينيي قطاع غزة بالتنقل والسفر من وإلى الأراضي المحتلة، ليس على يد الإسرائيليين فقط، بل بأياد عربية وأحيانا فلسطينية.
كم من السهل تحميل الاحتلال مسؤولية حصار قطاع غزة وعذابات سفر مواطنيه، ولكن علينا الاعتراف والتذكير بأنه مع تأسيس السلطة الوطنية وفي ظل الاحتلال كان معبر رفح وبقية المعابر مفتوحة على مدار الساعة، بل كان لدينا مطار ومشروع بناء ميناء في قطاع غزة، ولكن كل شيء تغير إلى الأسوأ مع الحصار والانقسام وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
فكأنه لا يكفي الفلسطينيين في قطاع غزة ما يعانونه من ممارسات الاحتلال العدوانية وتداعيات الحصار والشروط السياسية والقيود الأمنية التي تضعها إسرائيل ومصر وأحيانا الأردن للخروج والدخول من المعبرين الوحيدين المسموح لهما بالتحرك والتواصل مع العالم الخارجي، فيأتي الانقسام والصراعات الفلسطينية الداخلية لتقف عقبة أمام كل محاولة للتخفيف من معاناة فلسطينيي قطاع غزة, وأصبحت معاناة أهل غزة تشكل تراجيديا جديدة تضاف لتراجيديا النكبة والغربة والشتات، تراجيديا تُشَكِل مادة خصبة لأدب جديد قيد التبلور، أدب تتغلغل بين ثنايا مفرداته وتعبيراته ثقافة الخوف المُعمم، خوف من السجن والاعتقال وخوف على الراتب وخوف من المنع من السفر، مع كثير من الأدب الساخر حيث يستعمل الكاتب لغة شعبية بسيطة مفخخة بالتورية ويترك للقارئ وشطارته في فهم معناها ودلالاتها .
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة
- نعم للسلطة ولكن أية سلطة ؟
- خطورة كي الوعي والتماهي مع رواية الخصم
- 2015: عام كشفُ المستور وتغيير المعادلات وأملٌ يُرتَجى
- جدلية العلاقة بين الكتابة والقراءة والإبداع
- متى سيتشكل تحالف عسكري لحماية الشعب الفلسطيني؟
- مقاومة الاحتلال ليس إرهابا
- احتضار السياسة الرسمية في فلسطين
- منزلقات إضفاء طابع ديني على الانتفاضة الفلسطينية
- نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟
- لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه
- الانتفاضة بين حسابات الشعب وحسابات النخب
- الغرب:ضحية الإرهاب أم صانعه؟
- عظمة شعب وأزمة نخبة
- استلهموا تجربته ولا توظفوا ذكراه
- المغرب ومسيرته الخضراء التي لم تنتهي
- التدويل في إطار استراتيجية وطنية شمولية
- في خفايا التدخل الروسي في سوريا
- انتفاضة لاهداف وطنية واضحة ومحددة
- نحو تصويب البعد القومي للقضية الفلسطينية


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر