الرب العبرى مُخلّص إسرائيل

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 15:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الرب العبرى مُـخلــّـص إسرائيل
طلعت رضوان
ترتكز الديانة العبرية فى شعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية الإسلام) على الميتافيزيقا ، وأنّ (الرب) عليه القيام بكل شىء ، حتى القضاء على أعداء بنى إسرائيل ، من بين ذلك ما جاء فى العهد القديم ، حيث نقرأ أنّ حزقيال ((صلى أمام الرب . وقال أيها الرب إله إسرائيل الجالس فوق الكروبيم (هكذا !!) أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض . أنت صنعتَ السماء والأرض. أمـِـلْ يا رب أذنك واسمع.. افتح يا رب عينيك وانظر واسمع كلام سخاريب الذى أرسله ليُـعير الله الحى.. حقــًـا يا رب إنّ ملوك آشور قد خرّبوا الأمم وأراضيهم.. ودفعوا آلهتهم إلى النار.. ولأنهم ليسوا آلهة بل صنعته أيدى الناس خشب وحجر فأبادوهم . والآن أيها الرب إلهنا خلــّـصنا من يده.. فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب الإله وحدك (الملوك الثانى – الإصحاح 19)
فى هذا الإصحاح فإنّ كاتب الوحى العبرى أكــّـد على : 1- التركيز على (الوحدانية) التى هى ضد (التعددية) والمُـعادية لها ، ومع مراعاة أنّ (الوحدانية) هى التى أنتجتْ التعصب الدينى 2- حزقيال يطلب من الرب أنْ يُـعطيه أذنيه ويفتح عينيه ، مما يؤكد أنّ حزقيال يتعامل مع (ربه) كما لو كان يتعامل مع إنسان مثله 3- كلامه عن أنّ ملوك آشور ((خرّبوا الأمم.. إلخ)) فإذا كان الأمر كذلك ، فهل بنى إسرائيل لم يشتركوا فى (تخريب الأمم) باعتراف العهد القديم ، حيث الاعتداء على أغلب شعوب المنطقة ؟ 4- حزقيال يطلب من (ربه) أنْ يتولى تخليص بنى إسرائيل من يد الآشوريين ، فما دور (الشعب) ؟ أليس فى هذا الطلب التأكيد على غلبة الفكر الميتافيزيقى ؟ وقد تأكــّـد ذلك حيث أنّ (الرب) سمع الكلام فإذا به ((يـُـرسل ملاك الرب الذى ضرب من جيش آشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفــًـا.. وإذا هم جميعـًـا جثث ميتة)) (الملوك الثانى – آخر ما جاء فى الإصحاح 19) فهل هناك خرافة أكثر من خرافة ذلك (الملاك) الذى ((ضرب مائة وخمسة وثمانين ألفــًـا.. وإذا هم جميعـًـا جثث)) ؟
وإذا كان العهد القديم ورد به كثيرًا عن الملوك الذين ((عملوا الشر فى عبنىْ الرب)) فإنّ الرب نفسه ((جلب شرًا على أورشليم ويهوذا)) وقال الرب ها أنا أمد ((على أورشليم خيط السامرة ومطمار بيت آخاب.. وأمسح أورشليم كما يمسح واحد الصحن.. يمسحه ويـُـقلبه على وجهه.. وأرفض بقية مراثى وأدفعهم إلى أيدى أعدائهم فيكونون غنيمة ونهبـًـا لجميع أعدائهم.. لأنهم عملوا الشر فى عينىْ الرب.. وصاروا يـُـغيظوننى من اليوم الذى فيه خرج آباؤهم من مصر إلى هذا اليوم.. وسفك منسى دمًا بريـًـا كثيرًا حتى ملأ أورشليم من الجانب إلى الجانب.. فضلا عن خطيته التى بها جعل يهوذا يحظى بعمل الشر فى عينىْ الرب.. وبقية أمور منسى وكل ما عمل وخطيته التى أخطأ بها)) (الملوك الثانى – الإصحاح 21)
فإذا كان البشر (يعملون الشر فى عينىْ الرب – كما قال عن منسى) فكيف يعمل (الرب) الشر مثل البشر؟ وعمله ضد من ؟ ضد أورشليم ، فلماذا انقلب الرب العبرى على أورشليم ؟ وكيف يـُـكرّس الرب لمنظومة النهب بواسطة الاستيلاء على (غنائم) من اعتبرهم من أعداء بنى إسرائيل ؟ وكيف ولماذا يستخدم (الرب) تعبير (يـُـغيظوننى) فهل هو مثل البشر الذين يتأثرون بالمكيدة وفعل (الغيظ) ؟ ولماذا مسح الرب العبرى أورشليم كما (يمسح الصحن ويقلبها على وجهها ، أى يـُـدمّرها) ؟ أليستْ أورشليم من الأماكن المقـدّسة فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث ؟ وقد ورد فى قاموس الكتاب المُـقـدّس (دائرة المعارف الكتابية المسيحية) أنّ اسم أورشليم ورد لأول مرة فى نقش مصرى قديم يرجع إلى القرن التاسع عشر ق. م ، وفيه (لعنات) على أمير هذه المدينة. وأنّ معنى كلمة أورشليم – تقريبـًـا – أساس السلام ، أو أساس الإله (شاليم) بل إنّ العهد القديم نفسه ورد به ما يلى ((الله معروف فى يهوذا.. اسمه عظيم فى إسرائيل . كانت فى (ساليم) مظلته ومسكنه فى صهيون.. إلخ)) (المزمور 76 : 1، 2) ويرى أبناء الديانة العبرية أنّ هيكل سليمان موجود فى (أورشليم) فإذا كان الأمر كذلك فلماذا صبّ الرب العبرى غضبه على أورشليم ومسحها كما يمسح الصحن ؟ فهل هناك تناقض أكثر من ذلك ؟ أم أنّ الولع بكتابة (الخرافات) هو الذى أوقع كاتب الوحى العبرى فى ذلك التناقض ؟
والمدهش أنّ يدّعى ذلك الكاتب العبرى أنّ شخصـًـا اسمه (آمون) ملك سنتيْن فى أورشليم (الملوك الثانى – الإصحاح 21) فلماذا اختار اسم (آمون) وهو أحد أهم رموز الآلهة المصريين؟ وما مغزى ذلك ؟ خاصة وأنّ الديانة العبرية (كلها بشعبها الثلاث) ضد الديانة المصرية وضد الحضارة المصرية وضد كل ما هو مصرى ؟ وبعد ذلك يـدّعى وجود ملك من ملوك مصر اسمه (نـَـخـْـو) وبالرجوع إلى علم المصريات الذى رصد أسماء الملوك المصريين، فإنّ اسم هذا الملك ليس له وجود ، كما أنه أضاف أنّ هذا الملك ((صعد على ملك آشور إلى نهر الفرات.. فصعد الملك يوشيا فقتله فى مجدو حين رآه.. وأركبه عبيده ميتــًـا من مجدو وجاءوا به إلى أرشليم ودفنوه فى قبره.. فأخذ شعب الأرض (يهوآحازبن يوشا) ومسحوه وملــّـكوه عوضـًـا عن أبيه)) وبالرجوع إلى علم المصريات فإنّ معركة (مجدو) كانت فى عهد الملك المصرى تحوتمس الثالث (1504- 1450 ق. م) وكانت المعركة بسبب طمع بعض الأمراء السوريين فى الاستيلاء على بعض المقاطعات المصرية ، وأنّ تحتمس الثالث هزمهم (معجم الحضارة المصرية – تأليف مجموعة من علماء علم المصريات – هيئة الكتاب المصرية – عام1996- ص96) فلماذا تعمّـد كاتب الوحى العبرى تزوير التاريخ ؟ ولمذا ادّعى أنّ الملك المصرى مات فى المعركة ؟ ليس ذلك فقط ، وإنما أخذوه ودفنوه فى أورشليم ؟ بينما معركة (مجدو) انتهتْ بانتصار ملك مصر العظيم تحوتمس الثالث ؟
ثم يعود الكاتب العبرى إلى الإدعاء من جديد فكتب ((وملــّـك فرعون نـَـخْو ألياقيم بو يوشا عوضـًـا عن يوشا وغيـّـر اسمه إلى (يهوياقيم) وأخذ (يهوآحاز) وجاء إلى مصر فمات هناك (الملوك الثانى – الإصحاح 23) أليس ما ورد فى هذا الإصحاح محاولة (بائسة / يائسة) لسرقة التاريخ المصرى القديم وتشويهه ؟ ناهيك عن التزوير الفاضح ؟
وذكر أنّ الشعب (دائمـًـا ترد كلمة " الشعب " مُـجهـّـلة فى إشارة إلى بنى إسرائيل) بقى فى أرض يهوذا ، أى بنى إسرائيل الذين أبقاهم نبوخذ ناصر ملك بابل.. فوكــّـل عليهم (جدليا بن أخيقام بن شافان) ولما سمع جميع رؤساء الجيش هـْـمْ ورجالهم أنّ ملك بابل قد وكــّـل (جدليا) أتوا إلى جدليا إلى المصفاة (هكذا دون تحديد الموقع) وهم فلان وفلان.. إلخ ، وحلف جدليا لهم ولرجالهم وقال لهم : لا تخافوا من عبيد الكلدانيين .. اسكنوا الأرض وتعبــّـدوا لملك بابل فيكون لكم خير.. وفى الشهر السابع جاء إسماعيل بن نثينا بن أليشمع من النسل الملكى وعشرة رجال معه وضربوا جدليا فمات أيضـًـا اليهود والكلدانيين الذين معه فى (المصفاة) فقام جميع الشعب (يقصد بنى إسرائيل) من الصغير إلى الكبير ورؤساء الجيوش وجاءوا إلى مصر، لأنهم خافوا من الكلدانيين (الملوك الثانى – الإصحاح 25)
فإذا كان ملوك مصر (الفراعنة وفق التعبير العبرى الذى لا علاقة له بعلمىْ المصريات واللغويات) (طغاة واستعبدوا بنى إسرائيل.. إلى آخر ما ورد فى كتب الديانة العبرية بشعبها الثلاث) فلماذا يعودون إلى مصر، كلــّـما تعرّضوا للمصاعب من غيرهم من الشعوب ؟ أليس فى هذا (باعتراف كاتب الوحى العبرى) أدق تعبير عن أكاذيب الديانة العبرية (وكل التراث العبرى) عن حواديت الظلم والاضطهاد لبنى إسرائيل من ملوك مصر؟ وأنّ تلك الحواديت التى تدخل فى باب (الخرافات) كانت (الحجة) أو (الذريعة) التى جعلت الرب العبرى يُـنزل غضبه على جدودنا المصريين القدماء ، من تدمير للحقول والبيوت وتحويل النيل إلى دماء ، وإلى انتشار البعوض والقمل.. إلخ ، كما ورد فى كتب الديانة العبرية الثلاثة ؟
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات