|
محاولة للبحث عن بديل سياسي
بدرالدين القاسمي
الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 18:28
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
وكرار في 09-فبراير 2016.
ان النضال في جوهره مسألة أخلاق وشرفه خدمة الحقيقة.
اما بعد،
رفيقي، منذ اخر حديث دار بيننا وانا افكر بجدية وبعمق في مدى دقة المرحلة وضرورة الخوض في معركة نضالية وفق نظرة عقلانية واضحة، بمعنى نضال عقلاني رشيد يعيد تنظيم الصفوف على مبدا التربية من اجل التغيير. من دون ريب ، واقعنا السياسي مطبوع بأزمة قيم حادة، والحراك الاجتماعي اليوم اصبح يعرف فراغا ويعوز صفوفه العقل المنظر والمؤطر والمنظم في ظل يزداد معه الاحتقان السوسيواقتصادي حدة. اضحى العمل الحزبي عقيما لا يستجيب للحاجيات والمطالب المجتمعية، وغير قادر على صياغة مشاريع تنموية تضمن للفرد شروط العيش الكريم، بل غدى العمل الحزبي بكل الوانه حلقات دون تصور منهجي وشمولي في غياب اطار فكري منبثق من الواقع ومنسجم معه، وبذاك اصبح يخل بالتوازنات الاجتماعية ويكتفي بإنتاج خطابات استشكالية وتبشيرية، وفي غياب حلول واقعية اصبح المواطن من يدفع تكلفة اي تهور حكومي. رفيقي، انا متيقن انك لحد الساعة تشاطرني الراي. لم يعد الحزب بهيئاته وتكويناته الية للتغير والتنشئة السياسية بفقدانه لشخصيته المعنوية المستقلة ولضعف ديمقراطيته الداخلية وعدم مقدرته على احتواء خلافاته على اساس ثقافة الاختلاف، لا اقصد هنا بالطبع كل الاحزاب، لكن كلامي موجه بالأساس للأحزاب المخزنية منها والرجعية التي تركز على اللحظة الانتخابية بكيفية انتهازية بإحياء مؤقت لتنظيماتها، وتبعا لذلك، تعبئة الشباب والترويج للقضايا الاجتماعية تخضع لاعتبارات ظرفية تصبح في خبر كان. أما اليسار في وقتنا الراهن ومع ما يعرفه من تشرذم وشتات و ما يعيشه من صراع ذاتي يطغى عليه منطق النفعية خارج القواعد الشعبية، واختلاط خطابه مع قوى منافسة فان مصداقيته اصبحت موضع شك، لذا فاني ارى ان مفهوم اليسار اليوم بحاجة الى تعريف جديد، فاليساري ليس فقط من تربى في حضن مفاهيم الفكر الماركسي والحلم بإقامة دولة اشتراكية عبر ثورة بروليتارية، وانما المفهوم اصبح اوسع من ذلك في خضم ما يعتلي العالم من تحولات ودينامية اجتماعية وسياسية، فاليساري في نظري هو المناضل ضد الفساد واكثر المطالبين بدمقرطة المجتمع وفق قاعدة تتسم بالكسب القانوني للثروات وتوزيعها والدفاع عن المستضعفين داخل المجتمع والمساهمة الفكرية في ايجاد حلول اجرائية لجملة من المعضلات ومناهضة التمييز . في حين نجد ان العمل الجمعوي والنقابي في مجمله صار مجالا للمقاولات الحزبية والسياسية ومعادلات لحسابات ضيقة ليتخليا عن خلق مشاريع تنموية والتمسك بمطالب الفئة الكادحة المسلوبة حقوقها ورفع الاستغلال. وبإضافة تراجع المؤسسات وقنوات التنشئة الاجتماعية وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الاعلام عن ادوارها الى كل العوامل والظروف الاخرى التي تطرقنا اليها، فإنها ارست واقعا مريرا ولد لدى الشباب المزيد من الاحساس باليأس والتهميش وفقدان الامل في الاصلاح، والى احداث قطيعة بينهم والحياة السياسية. وعليه، فان الظرفية تستلزم البحث عن بدائل سياسية بخلق اطارات نضالية وتنضيمات مجتمعية وابتكار اليات عمل جديدة وصياغتها بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة تنطلق من التحليل الملموس للبيئة المغربية، وكذا اشراك الشباب باعتبارهم اوسع قاعدة اجتماعية واكثرها حيوية وحساسية والمستهدفة من الدرجة الاولى. و ضرورة رد الاعتبار للمثقفين لانهم هم من سيشكلون الاطار الفكري وهم من يستطعون وحدهم المضي قدما بالدور الوظيفي للأيديولوجيا، خصوصا وان الاشكالية المطروحة اليوم ذات صلة بالعقل والفكر. بالإضافة الى السهر على القيام بدراسات ميدانية من اجل تشخيص الخلل والمساهمة في تقوية القيم المجتمعية وبناء دولة مدنية متشبعة بمبادئ الديموقراطية ومعالجة القضايا الكبرى كالفقر والتهميش والبطالة والمنظومة التعليمية. هذا ويجب ان تكون هاته التنظيمات كقنوات للتنشئة السياسية والفكرية تقوم بدورات تكوينية وندوات وحلقات دراسية لترفع من معدل نمو الحس النقدي وتعمق الوعي الاجتماعي لدى الفرد وترسيخ ثقافة الحوار العقلاني وتخليق الممارسة السياسية بالمغرب وكذا تكريس خط التحديث. فضلا عن خلق قناة اعلامية او جريدة شبابية حتى يستطيع الشباب التعريف بهمومهم وتحريك اقلامهم. ومن خلال هاته الرسالة فاني اقترح ان نكثف الجهود وان نفتح حوارا على المستوى المحلي لتدارس الاوضاع وضم اصوات اخرى لأصواتنا وتأسيس تنظيم حركي جمعوي مستقل مواز للتنظيمات الاخرى، يكون كورقة ضاغطة ومراقبة لسير العمل والتسيير الجماعاتي من جهة وكمساند لها بتقديم الاقتراحات وايجاد الحلول.
في الاخير يا رفيقي، لك مني ازكى التحيا، سلامي وودي لك، وفي انتظار ردك اقول لك دمت للنضال وفيا.
بدرالدين القاسمي.
#بدرالدين_القاسمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى من طاردت وجهها في المطر
-
غرنيكا من زاوية سيميولوجية: من الصورة الى النص
-
ينسيني المساء
-
العلمانية والديمقراطية والاسلام
-
سجنتني عصفورة
-
حبك واذار
-
اُورَفْيُوس
-
أعود صمتي
-
رحلة زائفة
-
رسائل مؤجلة: للعذراء
-
رسائل مؤجلة: للعذراء الغابرة
-
كعبي اشيل
-
خلاص المسيح
-
رموش الريح
-
سوسيولوجيا الممارسة السياسية وميكانزمات السلوك الانتخابي بال
...
المزيد.....
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين أمام بورصة نيوي
...
-
تركيا: تحييد عنصرين من عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال ا
...
-
رئيس حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربين: إن لم توقف مش
...
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين أمام بورصة نيوي
...
-
من أوكرانيا إلى فلسطين.. تحديات الأممية المتسقة
-
الشرطة الباكستانية تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهري
...
-
ترامب يهدد اليساريين المتطرفين بهذا الإجراء..وحملة هاريس ترد
...
-
بلاغ السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة
...
-
بيان اللجنة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي FNE التوجه
...
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|