عادل جوهر
الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 22:10
المحور:
الادب والفن
الساعة التاسعة إلا الربع.. بقيت ربع ساعة.. فقط ربع ساعة.. وأنا الآن أدخل الجولة الأخيرة إلى الحمام، لأرش مزيل العرق على كامل جسدي، وأمشط شعري، وأغسل أسناني للمرة الثالثة.. إنها قادمة لأول مرة.
دق جرس الباب دقات سريعة متلاحقة، فدق قلبي كثيراً من الفرحة والارتباك.. أسرعت مهرولاً إلى الباب.. فتحت.. تسمرت مكاني ولم أستطع الكلام.. عيوني عابثة ليس لها مكان ترقد عليه..
- أين أبوك؟
كان السؤال موجهًا لي من ضابط برتبة عقيد، وخلفه أكثر من عشرين عسكرياً، جميعهم ملثمون ويمسكون بين أياديهم بنادق آلية، إضافة إلى بعض الأسلحة التي لا أعرف لها اسماً..
- أبـ.. أبـ.. أبويا؟!
- ..........
الخوف أربكني بشدة، فلم يعد باستطاعتي الكلام أو السماع. اسودت الدنيا من حولي، ومر أمام وجهي كل ما سمعته في حياتي عما يحدث في "أمن الدولة"، لقد جف حلقي تماماً من الخوف...
- فتشوا المنزل. اقلبوه. أفرغوا حتى الحوائط.. إلى أن تجدوا ما يدين هذا العجوز الأبله.
أمر الضابط العساكر والمخبرين لكنه لم يغفل وجودي، فقد اقترب مني، وتطلع في وجهي بقسوة وشراسة محاولاً أن يجعلني أتحرك، لكنني بالفعل ما زلت لا أستطيع الحركة.
- أبوك يا حيوان.. ضد النظام.. ضد الدستور.. ضد الله.....
لم يكن مني إلا هز رأسي باعتراض ذاهل. أنا لم أفهم. لا أتكلم. جبني أقوى مني (يا الله) صوتي داخلي (أين أنت مني) وقعت على الأرض (لماذا تركتني؟)..
الآن، تشير الساعة إلى التاسعة بالضبط، وأنا لا أتذكر شيء عدا أن بيادة الضابط كانت تضربني في ظهري بقوة حتى أفيق، وأن أبي قد مات منذ سنين، وأنني الآن معه...
#عادل_جوهر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟