أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأمجد أحمد إيلاهي - إطلالةٌ من شرفة للجرحِ














المزيد.....

إطلالةٌ من شرفة للجرحِ


الأمجد أحمد إيلاهي

الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


إطلالة من شرفةٍ للجرح


شابِكًا أصابعي خلف عُنقي، مادّا ساقيَّ على راحتهِما بقدر طولهما ، مُسنِدًا ظهري إلى انبساط الرّمل . أرفعُ بصري عموديّا لأراكِ نيزكًا، أو غيمة، أو فكرة في السّهوِ . كم لاءمت الصحراء روحي تمامًا !
أطِلُّ على كل شيء من شُرفة للجرحِ القديم . قُرصانٌ مزّقَ النّظامُ والمُنتظمون أشرعتي . وانقلبَ عَليَّ بَحّارَتي في الوهنِ. بتروا ساقي وفقئوا عينيَّ اليسرى . وها قد جرّني الموجُ إليكِ دونَ قصدٍ في الأذيّة . ولا أريدُ منكِ اليومَ سوى خشبًا مكانَ البترِ. وقطعة جلدٍ من ثورة المذبوحين، لأخفيَ القبحَ الذي ألحقوهُ بيُسرايَ وقٌبّعتي . يعلمُ الغيمُ المُكدّس في السماء كأكياس الطحين، مخاوفي. وقد أتعبُ جدا في بناء سفينتي وحدي . لا يركبها أزواج ولا فرادى وليست مهيأة لِحملِ غيري إليكِ. تشظّت الأفكار في رفرات الطّيرِ، فتذكَرتُ طفولتي، ونسيتُها مُتعمّدًا.
في الأرض البعيدة عنكِ ، تَتَكيّفُ الصّحراء وفقًا لأمزجتي . تُداعبني بحبّات رمل يذرُّها النسيم على راحَتيَّ . أو تفتحُ شباكَها المقابل لأوجاعي لتحضنَني . كنتُ هُناكَ وسط ملايين البشر بِغُربتينِ !. أنا الآن وحدي ولكن، استحضرُ من أحبُّ فقط. و أسجُنُ خلف المحيط ملايينَ البشر . وأشكرُ الآلة المربوطة إلى رأسي والتي تسمّى " الذاكرة ".
النّاسُ فكرةٌ هُلامِيَّةٌ جوفاء. يَكْذبُونَ بقوّة مائة حصان ويُصَدّقُون، هكذا بلا حسيب ولا رادعٍ . ويقابلونَ أكاذيبهم بالحقيقة، ولا يخجلون . فوجوه الخشبِ، لا تَصدأ !. أنا لا أعرفُ أبدًا هؤلاء المتكلّمين كثيرا بلا فائدة . أحترمُ السكاكينَ في القدس أكثر، رغم كراهيتي للدماء لكنّها، تعملُ بلا ضوضاء ولا ثرثرة .. النّاس حصاة في كلية الثورة وفي مجرى العقول .. لا أعلمُ أيّ سوء أصاب خيالي وإلاّ، ما كنتُ ذكرتهم حتى !..
أعودُ بِبَصري إلى السّماء مُطيلاً النَّظرَ، علّي أرى ما يملأ هذا الفراغ . غُرابٌ يَشقُّ الأفق إلى يمين الصُّورة . وغيمة تدفعها الرّيح ناحية اليسار. كنتُ دائِما أسألُ لماذا يتجهُ الغيمُ قي كل مرّة صوبَ اليسار ؟ .. حينها فقط ذكرتُكِ ، كنتُ ألوّنُ لوحةً للأطفال فيها رسومٌ مُتحرّكة . وكلّما ظهرت ملامح مَا، أسمعُ ضحكاتهم وتصفيقهم وقفزاتهم هنا وهناك. الأطفالُ طيّبونَ طالمَا يشاهدونَ الصُّور المُتحرّكة . أنا، لم أفعل ذلكَ مُطلقًا . روحي كانت أكبرَ من عُمري بكثير . يَحدُثُ أن يولدَ الإنسان بروحٍ أكبر من عمره بكثير!.
أعاوِدُ التّحديقَ عند نِقاط التّلاشي . أين تُقبِّلُ الأرضُ جبينَ الشّمسِ للمرّة الأولى .وأينَ تّحمَرُّ وجنة الشّفق الأخير. ليتشكّلَ غُروبٌ خرافيُّ المِزاجِ من شُرفة هذا الجرحِ القديمِ. أشحنُ بُندقيتي جيّدا بالأسئلة . أصوّبُ وأطلق في اتجاهات عِدّة، ولا أحظى بإجابة واحدة . سوى أنّ أسئلتي تُربكُ غرابًا ناحية اليمينِ. وتُبطئ الغيم من جهة اليسار. كنتُ أحبُّ أشياء كثيرة قبلَ أن يجرّني الموجُ إليكِ بساق واحدة وعينٍ مُفردة .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أشرف فياض


المزيد.....




- والدة هند رجب تأمل أن يسهم فيلم يجسد مأساة استشهاد طفلتها بو ...
- دواين جونسون يشعر بأنه -مُصنّف- كنجم سينمائي -ضخم-
- أياد عُمانية تجهد لحماية اللّبان أو -كنز- منطقة ظفار
- إبراهيم العريض.. جوهرة البحرين الفكرية ومترجم -رباعيات الخيا ...
- حصان جنين.. عرضان مسرحيان في فلسطين وبريطانيا تقطعهما رصاصة ...
- من بنغلاديش إلى فلسطين.. جائزة الآغا خان للعمارة تحتفي بمشار ...
- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الأمجد أحمد إيلاهي - إطلالةٌ من شرفة للجرحِ