|
الإسلام: ظالمًا أم مظلومًا؟ رد على منال شوقي
سندس القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 21:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإسلام: ظالمًا أم مظلومًا؟ رد على منال شوقي
في كل يوم، تزداد الأحقاد والهجمات على الديانة الرئيسية في العالم العربي، ألا وهو الإسلام. وربما يكون "كره" الإسلام مبرّرًا، لأنه ارتبط بقصد أو عن غير قصد، بالتطرف والإرهاب، على الأقل في الأربعة عقود الماضية. لكني أنا أعزي السبب إلى روح الإسلام، الداعية للتمرد على الظلم، والوقوف موقف المطالِب بالحق. ومثله مثل الديمقراطية يدعو إلى تحقيق التكافل والعدالة الإجتماعيتين.
ولكنه تكافل وعدالة إجتماعيتين بشكل يختلف قليلاً أو كثيرًا عن مفهومها الديمقراطي، لأنهما في الإسلام، والديانات الأخرى أيضًا، تأتيان من منطلق تطبيق شريعة الله على الأرض. وكما أن ملوك وملكات أوروبا، في الماضي، كانوا يستمدون سلطتهم من المؤسسة الدينية، إلى أن تم فصل الدين عن الدولة، فإن الإسلام يرفض مسألة الفصل ويصر على تطبيق الشريعة الإسلامية شاملة كاملة. وهذا أمر جدلي يرفضه العلمانيون.
وإذا كان البعض يقول إن الإسلام قديم ولا يصلح لزمننا والأزمان المقبلة، فإني أنوه إلى أن الديانات الأخرى؛ المسيحية واليهودية، هما أقدم بكثير من الإسلام، وما زالت تحكم بشكل مباشر وغير مباشر. فإسرائيل دولة عنصرية لليهود، اعتمدت على وجودها واستمرارها على نصوص توراتية، أقدم بكثير من النصوص القرآنية. ورغم ترداد أن أوروبا علمانية، إلا أن بعض ملوكها وملكاتها قائمون على رأس الكنيسة، والمسيحية أيضًا أقدم من الإسلام.
وإذا كان الإسلام بهذا الشكل البشع، نتيجة تشويه التطرّف والإرهاب له، فكيف نبرر إذًا قيام أفضل حضارة إسلامية في أوروبا؟ وكيف نفسر ما فعل الإسلام من توحيد وتجنيد للقبائل العربية المتشرذمة، ليجعل منها أمة ودولة وثقافة وحضارة أبهرت البشرية؟
ولعل الفرق بين الديانات الإبراهيمية الثلاث هو ما ذكره برنارد لويس في كتاباته حول الإسلام، حيث عزا شعبية الإسلام إلى كون رسوله نبيًّا وقائدًا و"رئيس دولة"، جاء بالرسالة وطبقها على أرض الواقع. وهذا، ربما سبب نشأة الإسلام السياسي.
وبينما مات السيد المسيح مصلوبًا، وهو في الثلاثينيات من العمر، فقد ضاع النبي موسى في الصحراء أربعين عامًا. ولم يكملوا مشوارهما كما أكمله الرسول محمد، على حد قول لويس.
وهنا تكمن الإجابة على سؤال؛ "لماذا يصعب فصل الدين عن الدولة في الإسلام؟" لأن هناك إرثًا سياسيًا ودينيًا متروك، رغم أنه قد يكون إرثًا ثقيلاً أحيانًا. والحقيقة إن المرء يكره أو يعجب أو يحب الإسلام طبقًا لما يراه من المسلم الذي يحمل هذا الفكر، فإذا كان الشخص المسلم منفّرًا، أصبح الدين منفّرًا.
غير أني لا أدعو إلى قيام دولة دينية أو لا دينية بأي شكلٍ من الأشكال. فهذا ليس موضوعي هنا. إنما أوضح أن الأسئلة الخطيرة هنا هي: "ما هو الإسلام؟ وأين هو الإسلام الحقيقي؟" خاصة عندما نسمع مرارًا وتكرارًا أن هذا ليس الإسلام وذاك ليس الإسلام. إذًا، أين هو الإسلام الحقيقي؟
ومثلي مثل الجميع، أنفر من الإسلام المنفّر، بل وأكرهه. وعندما أجد مثالًا جميلًا على الإسلام، أغيّر رأيي، لكنّي لا أتبناه لأَنِّي لست بحاجة لأن أتبناه لأن الدين الإسلامي هو الذي تبنّاني، حينما وُلدتُ في هذا الدين، وعلي أن أقبله بطريقتي، وأرفضه على طريقتي أيضًا، وليس بالطريقة العدائية والمتطرفة المنحازة.
وهناك الكثير من الإشكالات غير المقنعة التي تحيط بالإسلام، لكني أعرف الكثرين الذين يلتزمون بالقرآن ويبتعدون عن الأحاديث، والأقاويل والقيل والقال. وقد تصادر بعض الأحزاب الإسلامية حق العلمانيين والآخرين مما يضيف إلى كراهية الإسلام.
والإشكالية الأكبر في العقيدة الإسلامية هي في تطبيق الحدود والشريعة الإسلامية. وهذه يجب أن تكون محل نقاش عميق للإسلاميين. لكن إذا أردنا أن نقول أن الإسلام قديم، ولا يصلح "للإستخدام الآدمي"، فعلينا أن نصيف أن الديانتين المسيحية واليهودية لا تصلحان كذلك وخصوصًا أنهما أقدم بكثير من الإسلام.
لكنني أضفت مؤخرًا قياديًا إسلاميًا إلى قائمة القياديين الذين أعجب بهم وهو الرئيس الطيب رجب أوردوغان، والذي أعتبره قياديًّا إسلاميًا من الطراز الرفيع، وهو صاحب رؤية إسلامية، نستطيع أن نقول إنها تقدمية، بالإضافة إلى كونه رجلًا شجاعًا يقود تركيا إلى مستقبلها، من خلال احتواء تاريخها الإسلامي. ورجل كأوردوغان يمكن أن يثبت للعالم أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.
#سندس_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأوروبي البدوي 3
-
دوّي الله أكبر
-
الأوروبي البدوي 2
-
بريطانيا الحب والملاذ والعتب الكبير
-
الارهاب والكباب وشارلي ايبدو
-
العربي الأوروبي
-
الأوروبي البدوي!
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|