أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة يكن - عندما تنساب كارمينا بورانا















المزيد.....



عندما تنساب كارمينا بورانا


خديجة يكن

الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 02:43
المحور: الادب والفن
    


حين انتصف ليل سراييـفو و توسط القمر السماء، هب نسيم يختال بهيأتـه الجنائزية على الوادي الجاف، في ذلك الوقت، كانت بلغراد قد عزمت على البحث عن شيء آخر غير أولئك السياح الذين يأتون لزيارة حديقة اجتمع فيها يوما رجال السلام، أرادت بلغراد هذه المدينة الشاحبة القابعة على الهضبة، كزنزانة تأوي كل معتوه طموح، أن تتوشح بوشاح، ربما لم بكن غريبا عن ذلك التاريخ البلقاني، كانت بلغراد تلبس لباس العروس و هي تزف نفسها إلى ذلك العاشق المنتظر، و ليتم العناق الأبدي بذلك العريس الذي لم يكن سوى عباءة من الظلم و الغدر، و هاهي بلغراد ترقص على أنغام التانغو و صليل الأجراس.. لقد تم تنفيذ القرار.
في الصباح الباكر و عبر مكبرات الصوت تنساب موسيقى.. بعيدة.. بعيدة جدا... تحملها الرياح عبر الوادي، تتسلل بقدرة خفية لتمنح ذلك الإحساس الغريب على الفور، إحساس بان الزمن قد عاد إلى الوراء.. تهب رياح لتحمل معها ما هش من الأوراق و الحجارة، بينما تقترب الموسيقى البعيدة، المرعشة بلحنها القديم قدم هذا الوادي.. أنغم كارمينيا بورانا.. المنسابة من حناجر رقيقة كالعصافير لكنها ليست عصافيرا، رقيقة كالينبوع..كالخرير... لكنها ليست ينبوعا و لا خريرا، عصافير تغرد.. كما الغراب ينعق على سقف ليصير أجردا.. مهجورا.. و تبدو القرون كلها على سطح الوادي كأنها تجاعيد زمن مر و ترك عبيرا يفوح برائحة عريقة في القدم.. لكم تبدو رائحة مقدسة.
ارتعش جسد باكير، و انتصب شعر ذراعيه، و هو يحدق خلف تلك الأشجار الباسقة، حيث يمتد الوادي الفسيح، كان كلما تناهت إلى سمعه الأنغام الآتية من الجبل يرتعش و كأنما تلقى صفعة باردة، و لهذا لم يكن يحب أن يفتح نافذة غرفته صباحا، حتى لا تنفذ إليه تلك الألحان التي تتطلع إليه من مكان ما من الماضي العريق، هل بثها من المرتفعات المحيطة بسراييفو منذ الفجر له هدف ما ؟ أومأ باكير برأسه، أجل، حتى يكون لها ذلك الوقع الموحش المثير. انتبه إلى أقدام زوجته التي دلفت إلى الغرفة، ابتسمت منشرحة و قدمت له فنجان قهوة، ارتشف جرعاتا من السائل المر، إنه يحبه هكذا مرا حتى يستطيع مواجهة هذا اليوم المر.. و هذه الحياة التي صارت مرة أيضا.. اليوم سيبقى مع زوجته، يوما واحدا فقط، و بعدها سيرجع إلى حيث كان، كجندي في كتيبة للجيش الحكومي، جندي من أجل الوطن، ابتسم في نفسه، أحيانا يعتقد أنه جندي من أجل قيم ستسحق بلا رحمة.. و أحيانا أخرى يتملكه إحساس بأنه وحيد مع رفاقه يرفضون كل هذا الخداع. زفر زفرة طويلة و هو يحدث خواطره الدفينة " لكم تغير العالم و سقطت روحه في هاوية لا قرار لها.. هل تغير الآن
فقط ؟ أم كان متغيرا قبل القرار ؟.. لا.. ربما الآن فقط صار أكثر وضوحا.. " انتهى من شرب القهوة، فراح يجول في أنحاء الشقة، سيعمل شيئا ليساعد زوجته التي ستظل وحيدة طيلة الأسابيع التي سيغيب عنها، سيكون في القمم البعيدة، و في الجبهات المثلجة يرتعد بردا، و لكنه سيكون مطمئنا إذا علم أن زوجته ستحظى بشيء من الدفء.
الشارع خالي، ليس هناك أطفال و لا ورود و لا ألوان، ليس هناك شيء سوى الحفر الكبيرة للقذائف، و جدران فقدت لونها الأبيض لتصير منقورة بثقب كأنما أصيبت بالجذري، و صمت.. و كارمينيا بورانا المنسابة من بعيد.. كإكليل أسود تجلى فجأة على قمة الجبل. بالأمس، اشترى أكياسا من الخشب، لم يبق ثمة شجر أو غصن، الطرقات و الحدائق أصبحت عارية كأنما المدينة صارت واحدة من المدن الضحايا التي يرسمها الخيال العلمي، تلك العيدان الرقيقة التي بقيت لوحدها منتصبة تثير بهيأتها الجافة اليتيمة التي ينخرها الوهن شفقة الأهالي، كل شيء صار هشيما، القنبلة التي انفجرت هنا لم تكن ذرية، كانت أقسى، إنها قنبلة الحقد البشري، عندما تنفجر، فإنه لا شيء يحول أمام ذك الإنتقال المذهل من عالم الإنسان.. إلى عالم الوحوش.. مصاصي الدماء، و لا هوليود استطاعت تخيل ذلك، إنها تقضي كل وقتها في اختلاق أحداث و أبطال من الوهم، أجل.. ضحك باكير في سخرية.. لم هو الآن يفكر في شيء هو من اختصاص علماء الإجتماع ؟ لم يرغب في الإستمرار في التفكير المؤرق عن التحولات التي يمكن أن تطرأ على البشر ؟ هناك حكمة استخلصها من حياته القصيرة.. " في عالم البشر كل شيء ممكن حدوثه ".. آه.. يجب أن يتوقف، لا شيء يجبره على التفكير طويلا، شيء واحد يستحق أن يشغل باله.. الغداء. لما كان يسأل البائع الصغير عن مكان تواجد هذه الأخشاب، لم يجد أية غرابة عند إشارته بيده نحو نهاية الوادي الفسيح عند الغابة الصنوبرية، كان صوته متحشرجا و هو يتحدث، مد إليه باكير النقود و هو يتأمل نحافته ورثة ملابسه، و خيل إليه أن هذا الطفل لم يأكل لأسابيع طوال، نظر إلى محياه البئيسة راثيا، كان سيدفع حياته في ذاك الوادي من أجل بضعة ماركات، و من أجل تدفئة المحتاجين... فكر مليا في مصير زوجته إذا ما انقضت الأخشاب و لم يعد هناك حطب، كان ذلك يؤرقه كثيرا، لكنها و بروح مرحة تربت على كتفه و تهمس له " فكر قليلا عزيزي، انظر إلى هذه الطاولة، ألم تكن تتمنى التخلص منها، حان الوقت لترى كيف نتخلص منها بطريقة مفيدة ". و هو في الدرج يهبط متوجها لزيارة صديق كان زميلا له في الجامعة، التقى بجاره العجوز كامل أفندي، صافحه بحرارة غير معهودة، و هما يتجاذبان أطراف الحديث شعر بالصمت المطبق يخيم على الفضاء، و كأنهما لا يتحدثان، و تتردد الموسيقى الجبلية في أذنيه، حملق في مجموعة من الثقب على الجدران التي ينفذ منها ضوء النهار، ثقب مدفع رشاش..فيبدو الضوء متعددا بلون قوس قزح، و كأن الشمس اليوم تحتفل بمهرجان الأضواء المخترقة للجدران المتصدعة، انتبه إلى العجوز كامل أفندي الذي قال : " أجل يا بني، لقد حصلت اليوم على حظي من الغداء.. لا أعلم ماذا كان سيحصل لي، ثلاثة أيام لم أذق فيها طعاما و صبرت... و الآن... الحمد لله " تطلع باكير إلى الكيس،
ربما هناك قطعة خبز و جبن.. لكنه لم يشأ أن يكون فضوليا، قبل أيام استطاع الحصول على حفنة من الدقيق الذي جاء من سوق زيتستا، و بين ذاك السوق و سراييفو المحاصرة، هناك طريق أزرق، في ذاك الطريق توقفت قلوب عن الخفقان و للأبد. التفت إلى كامل أفندي الذي فتح الكيس، و لم يندهش عندما وجد عشب حدائق سراييفو في لفافة بلاستيكية، صار هذا أمرا أكثر من عادي، و جنود الأمم المتحدة لم يكونوا يجرؤون على السؤال عن سبب اخضرار تلك الشفاه التي يلتقونها كل يوم، تابع كامل أفندي كلامه قائلا : " لقد أمطرت السماء خلال هذه الأشهر، ماذا كان سيحصل لو لم تمطر ؟ و لكن الثلج لن يرحمنا.. ابتسم و أضاف – أعتقد أني أحتاج لفيتامينات عديدة حتى أستطيع استرجاع شيئا من قوتي..آه، لم أعد أقدر حتى على المشي " قال باكير : " أجل حتى الحطب صار مشكلة لما انحصر فيما وراء الوادي. أمسك كامل أفندي بذراع باكير و هو يشير بأصبعه نحو الأرض، قال : " أتعرف.. هذه الأرض.. أرضنا، أكثر إنسانية من كل البشر، أما عن الحطب، فأنا أستعمل الكراسي الموجودة في البيت، ليس عندي نقود و لا قدرة على عبور الوادي " تذكر باكير زوجته و الطاولة القبيحة المنظر، القصيرة القوائم، ثم ابتسم في وجه العجوز و كأنه يقول له كلنا نجد نفس الحلول. سار في الشارع المنحدر حيث تتراص أكياس من الرمل على طول الرصيف، طلقات هنا و هناك، منها ما يستقر داخل الأكياس الثقيلة، و منها ما يحني أو يحصد القامات الحذرة بين الأزقة، وجد صديقه في قبو البناية حيث شقته، شمعة ترسل ضوئها الشاحب لتبدو الوجوه المتعبة الحائرة النظرات، انبرى صوت صديقه قائلا : " تفضل باكير.. جئت في الوقت المناسب " أشار إلى الشاب المتألم المضطجع على جنبه و أضاف : " يجتاج لمن ينزع له الرصاصة من كتفه " لم يكن باكير يدري شيئا عن الطب، غير أنه كان قد نجح في معالجة إصابة أحد المقاتلين في الجبهة، لم يكن يدري أيضا إن كانت تلك من النعم المبدعة لهذه الحرب أم هي إرث مبارك من أصل له قديم زاول الطب يوما ما. رصاصة في الكتف، ليس هناك دواء. و لا طبيب.. و المستشفى بعيد في أعلى السهل، التفت باحثا عن شيء ما، العيون تحدق في ذبول و انتظار، و سكون عنيد لا يبرح الأجواء، كان يعرف أنه لا وجود لمخدر، و لا لأدوات التمريض، لم يكن هناك سوى سكين و الكتف العارية أمامه، ألقى نظرة على وجه الجريح، فلمح شحوب الموتى يغزو الملامح المتألمة، حملق فيه الشاب بعينين فيهما الكثير من الرجاء، ثم ما لبت أن تمتم و كأنه يخشى أن يرفض ضيف القبو مساعدته : " حتى و إن لم تكن طبيبا فافعل ما تستطيع.. بالله عليك " – " و لكن هل ستتحمل دون مخدر ؟، نظر إليه الجريح و في عينيه أملا و عزما على الصبر، أخد باكير يطوي ذراعي قميصه، ثم تناول السكين الذي كان يلمع تحت الضوء الخافت، وضع مقدمته على لهيب الشمعة المحترقة، لاحظ أن العرق صار أكثر سيلانا من جبين الجريح و على عنقه، و كأنه سيخاف مما سيعيشه في اللحظات المقبلة. " قل لي ما اسمك ؟ - " جون آدمس " كان صوته ضعيفا و كأنه آت من أعماق سحيقة، لكن باكير أراد أن يحادثه بخلاف عادة الأطباء عند أية عملية،ربما لأنه ليس طبيبا، سيكون طبيبا بلا رخصة، و لا دراسة، سيكون طبيبا ليوم واحد. اعتقد أن الكلام سيخفف من توتر الجريح، و من سكون القبو الموحش – " لست من هذا البلد يا جون ؟ - " صحيح أنا إنجليزي – " و لم بقيت.. كان بإمكانك العودة إلى بلادك "، تلقيت رسالة من أسرتي تحتني على العودة، غير أني لم أكن أعرف أن الأمر سيكون بهذه الخطورة " كانت نبرة صوته تنم عن مرارة عميقة،- " اعتقدت أن الوضع كما هو مع إيرلاندا " .
لأول مرة تطلع الجريح نحو القامة الممتدة بجانبه مستغربا، تقوست حاجباه، و لكنه ظل صامتا لفترة ربما من جراء الألم، ثم ما لبث أن قال : " لم أفكر في ذلك.. لكن الامر مختلف. انسابت فجأة موسيقى جميلة من ساعة يدوية في زاوية القبو التي لم تحظ بأكثر من ضوء متردد.. شاحب.. عقيم.. لم يكن لأحد أن يسأل عن الساعة، الزمن توقف منذ أشهر عديدة، صارت الشمس هي الزمن، كما كان في القديم، الشمس عندما تغرب، و عندما تغفو لتصل إلى كبد السماء، كانت الموسيقى القصيرة قد أرعشت هذا السكون، لكن الصمت الآن أخد يرجع شيئا فشيئا ليحتل مملكته المهيبة، هذه المرة كان جون هو الذي بادر بالكلام، ربما لأن ذلك يساعده على تجاهل نبضات جرحه المشتعل. " الحقيقة أنني اعتقدت أنه لن يصيبني أذى "، " كنت مخطئا، في ساحات الحرب لا يكون هناك أي معنى للبشر، عليك أن تتعلم أنه لا يجب أن تكون واثقا جدا من فرصة نجاتك "، " قل لي - .. توقف عن الحديث بينما كان بعض التوجس يربك ملامحه - .. ما الذي فعلتموه لتستحقوا كل هذا ؟ ". قال باكير و شبح ابتسامة تطل من وجهه، بينما كانت عيناه البنيتين تغرقان في اللمعان الذي انعكس على السكين : " كنا طيبين صديقي .. كنا.. أكثر تسامحا " تطلع جون إلى وجه باكير، لم يكن يوحي بشيء ذاك الوجه الهادئ، شيء ما خطر له، هذا الشاب يخفي حزنا دفينا، اكتفى جون بهز رأسه نحو الشمعة التي يتراقص ضوءها على الجدار. قال باكير : " أتعرف المثل القديم الذي قول : إذا أعطيت العصا لمجنون فسيضربك بها "، " هل معنى ذلك أن الصرب مجانين ؟ " ربما، لكن لا.. جنونهم مختلف .. أسمعت بشيء اسمه جنون العظمة.. إنه جنونهم " لاحت ابتسامة من وجه زياد الذي كان يتقعد كرسيا بجانب باب القبو ثم قال و هو يومئ برأسه موافقا " ترى، ما هي الجائزة التي سيحظى بها جلادونا في بلغراد ؟ " ضحك أحدهم بامتعاض، و ابتسامة ساخرة.. باردة.. تتموج تحت ظلال الشمعة الشاحبة و همس : " و ماذا ستكون سوى التربع على عرش الجريمة، ليس هناك شيء يحبون الإفتخار به أكثر من ذلك.. ثم غمغم بلا مبالاة.. لكن آه..صديقي.. في بلغراد سيعتبرون وطنيين من الدرجة الأولى، أكثر وطنية من جفريللو بريسيب " قال باكير و عيناه لا تبرحان لهيب الشمعة و نبرة ثائرة نوعا ما : "إنه لامكان للآخرين تحت الشمس في وطنهم ذي الهوية الواحدة، و لا شك أنهم الآن يشربون على نخب صربيا العظمى ". بعد سكون ران مدة غير طويلة، تمتم جون و هو يلتوي يمينا : " هذه رصاصة حارقة، إنها تنهش كتفي " هذا قدرك – قال باكير – أبت الرصاصة إلا أن تذيقك شيئا من رحيقهم، رصاصة تحمل اسمك جون آدمس، هذا هو تذكارهم لك " ضحك الجميع في وقت واحد، ثم ما لبثوا أن عادوا إلى الصمت المتأمل، قال جون : " يقال أنكم شعب مرح، و لكنكم منطقيون " مال نحوه باكير قائلا : " و هل صحيح أنكم شعب بارد ؟ - نحن لسنا مثل جيراننا، حتى مناخنا مختلف، فالضباب يسيطر طويلا، فيحجب دفء الشمس. بالتأكيد "، أنتم لبقون أيضا.. بل بارعون في ذلك " قال باكير. اندلقت قطرات عرق من فروة الشعر، و انسابت على ظهر جون، و كأنه شعر بأن السكين قد حمي، و حان الوقت، اعتقد باكير أن عليه الإنتباه أكثر، إذ أن خوفا مضطربا كان باديا بجلاء في العينين الزرقاوتين اللتين تحول لونهما إلى رماد قاتم .. في حين أخد الجسد يرتعش، تذكر أنه رأى مثل هذا الإرتعاش لدى مصاب في الجبهة، فقال الطبيب عندئد أنها سكرة الموت، عليه الآن أن يكون حذرا، ربما.. عليه أن يصمت. قال : " ستضطجع يا جون، و تستعين بالصبر " أخد زميله زياد الشمعة و حولها من مكانها إلى جهة الجريح، حتى يستطيع باكير بدأ العملية، شعر بسيل من العرق يتصبب من على ظهره، كان شيئا مؤلما بالنسبة إليه أن يعالج مصابا غير مخدر، أمسك بحزم، و بشيء من التحدي السكين، ووضع مقدمته بجانب الثقب حيث استقرت الرصاصة، تحرك جسد جون و اهتز، و كأنه يحاول الهرب دون جدوى، وضع وجنتيه على الفراش، أعمض عينيه بشدة ثم زم شفتيه، ابتلت خصلات شعره بينما كان يضغط على الفراش بأسنانه حتى لا ينفجر صارخا، كانت يد باكير الممسكة بكتف جون تحترق تحت الحرارة المشتعلة في الجسد الطريح، خط خطا آخر على شكل فتحة تمكنه من رفع القطعة الجلدية، شعر بأن نهاية الألم قد حانت، حدق في الكتف أمامه، لم يكن ينتبه إلى ذلك السيل المتدفق من العرق، بدا له كل شيء يتألق، السكين.. و الجرح الملتهب، غرس بتأن مقدمة السكين في اللحم الذي بدا و كأنه يتشبت بالرصاصة، أو ربما كانت الرصاصة هي التي تتشبت بعناد، و ترفض أن تنتزع من الثقب الغائر. فكر في نفسه.. هذا زمن العشق بين الرصاص و الأجساد البشرية.. كل الرصاصات تستهدف البشر، و كأنه غضب من ذاك العناد الوقح للرصاصة، فقد استمر في زحزحتها من مكانها، ثم و بحركة حاول بكل جهده أن تكون دقيقة و سريعة، انتزعها من الكتف، لم يكن يسمع صرخة جون القوية، لم يكن يسمع، كان شيء واحد يسيطر عليه، لقد انتصر على الرصاصة العنيدة. أخد يحدق فيها و هي على الطاولة و يقلبها بمقدمة السكين، كانت بحجم أقرب إلى حبة فاصوليا، إنها رصاصة قناص، لا يليق بالبشر أن تنغرس في قلوبهم رصاصات لا قلب لها..لا قيمة.. و لا إحساس.. إنها فقط تحسن سرقة الأرواح، و تعذيب الأجساد، استدار في حركة متعبة نحو جون الذي أخدت أجفانه تتراخى، و عيناه نصف المفتوحتين تريان الظلام، و سرعان ما استسلم لغيبوبة الخلاص، قال له زياد : " تعلم أنك طبيب مميز "، " أجل طبيب مختص بعمليات القبو " أجاب باكير. انقبض وجه الحاضرين فجأة على إثر هزة أرضية نتجت عن قذيفة غير بعيدة عن المنطقة. أما هو فقد تعلم بالرغم منه كيف يتصادف مع القذائف، و كيف يألفها بكل أنواعها، صار يعرف جيدا درجات الإختلاف فيما بينها من خلال صدى انفجاراتها، و كل صناعة خطيرة صارت لها موسوعة لدى سكان الوادي، استمر غير آبه بدمدمات الأرض يضمد الكتف المصابة و عينيه لا تبرحان الملامح الإنجليزية الضائعة في عالم الغيبوبة.. " بالتأكيد لقد تألم..لكن كل شيء انتهى الآن "..قال يطمئن خواطره اعتدل زياد على الكرسي ثم أخد يحكي عن تحركاته الماراطونية بين الشوارع لصد هجمات القناصة، و بروح مازحة قال : " طيلة الشهور الأولى لم أحصل على سلاح، فلم أطق الصبر..عندئد.. قررت أن أخوض القتال بما تعلمته من فنون الحرب اليابانية " ابتسم فظهرت أسنانه البيضاء الصافية، خيل لباكير أنها أسنان منشرحة، كانت متألقة.. أكثر تألقا من المعتاد.. مضيئة.. آه، أحس بغيمة حمراء تسبح أمام عينيه.. لن يغمى عليه، قال في نفسه و هو يشعر باختناق في صدره.. رفت أجفانه بشكل متتالي و كأنه يرغب في التأكد من كونه على ما يرام، في تلك اللحظة، أتى صوت صديقه كرنين أعاده إلى الإتزان : " ماذا يحصل.. أراك متكدرا شيئا ما " – " لا بأس أكمل أرجوك – " كان محقا أستاذنا عندما أخبرنا أن شيوخ اليابان لا زالوا يؤمنون بالحرب الفنية.. بالآيكيدو.. بالكراطيه.. بالكونغ فو.. " أخد باكير يصغي لصديقه و هو يحكي عن قصص الكونغ فو مع جندي صربي التقاه فجأة ووجها لوجه في إحدى زوايا حي " كوبليا غلافا " .. كان وجهه يشرق كنور الهلال اللطيف في سماء رمضان و هو يحكي.. و يحكي.. " من حقه الإفتخار – قال باكير محدثا نفسه مبتسما للوجه الصبوح أمامه – ليس سهلا مقاومة الآلات الشرسة برياضة نبيلة.. أليست مزحة ؟ لكنها من مزح الواقع " و أخيرا قال له باكير " دعني أقول لك يا صديقي.. أنك صرت فارسا مميزا أيضا " ، " كلنا مميزون باكير، لأن الحرب مميزة..غير تقليدية. " لما استفاق جون من غيبوبته بدا و كأنه جاء من عالم آخر، عالم من السكينة، أخد زياد إبريق القهوة و قدم فنجانا لباكير و آخر لجون " ستريحك.. سترى " ابتسم جون و هو يومئ برأسه إماءة خفيفة علامة الشكر، أما باكير فقد كان يشعر بالسعادة لأن جون يحس بالتحسن، شعر بارتياح عميق آمن في أعماقه قال : " الحمد لله أنك نجوت هذه المرة من رصاصة قاتلة.. كان بإمكانها أن تصيب قلبك "، اتكأ على الجدار و بدت وجنتاه ورديتان قليلا ربما على إثر دفء القهوة، قال : " أجل.. رأيت الهولوكوست و العنصرية تنبعثان من أوربا.. شيء مؤسف.. رأيت كل ذلك الآن "، هل الإنجليز عنصريون ؟ " سأله باكير. "لا طبعا " أجاب جون و خيوط ضبابية تعلو من الفنجان لتضفي على الوجه ستارا شفافا، ثم أضاف بنبرة متواضعة " ليس كلهم على أية حال "، إذن هم الإرلنديون ؟ " لا.. لا اعتقد "، - من هم إذن ؟ "، تقدم زياد ليملأ للمرة الثانية فنجان جون الذي قال بنبرة متأثرة بدفء القهوة : " هو العقل الفاسد من أي جنس كان " قال له باكير بلطف : " أنت حكيم الآن "، " صدقني إنها كانت نتيجة هذه الأيام التي مكثها هنا شيء ما رائع يجذبني دوما في هذه المدينة " لهذا سألتني بهذه العبارة " بالله عليك ".. تطلبون عادة شيئا بيمين الله ؟ " احتسى جون ما تبقى من القهوة و مد الفنجان نحو زياد – " أنا مؤمن، لكني هنا.. كنت قريبا من الله - رفع وجهه نحو الأعلى – صار لساني ينطق بهذا الإسم الجليل بطلاقة و عفوية أكثر. " هز جون حاجبيه و كأن ثمة فكرة تؤرقه قال : " ألا ترى أنه كان من الأفضل لو نحب الخالق دون أن نسأل عن كيف نحب.. أليس الدين قد سبب مشاكل كثيرة، بين الكاثوليك و البروتستانت.. بينكم و الصرب.. شيء لا يصدق أننا نتحارب بسبب نفس الرب الذي نؤمن به و نحبه جميعا " قال باكير بعد أن ارتشف ما تبقى من القهوة : " المشكلة في عدم تقبل الهويات التي تميز الآخر.. المشكلة في الإنسان.. و أحيانا يتخد الدين ذريعة لسرقة ممتلكات الغير، فالحب هنا لا يتدخل.. لكي يكون العالم طيبا، لابد من الإيمان بالخالق الذي يوجه حياة الإنسان.. حياة بدون الله بئيسة، و ضائعة، هناك من يعتقد أن الرب الذي يؤمن به بارك له إبادة الأطفال بكل حماس و برود.. أترى الآن كم الأرباب مختلفون " صارت الوجوه بقعا داكنة بعد أن خف لهيب الشمعة التي تأفل رويدا.. رويدا.. تقدم زياد بقميص و معطف و أخد يساعد جون على ارتداء ملابسه، رفع الإنجليزي رأسه نحو باكير، " علي أن أهديك شيئا " لا داعي لذلك.. هز كتفيه، و بين ابتسامة و أخرى قال.. " لست طبيبا.. " ابتسم جون ابتسامة عريضة، من القلب لأول مرة منذ الحصار، قال : " متواضع، ربما لهذا أحبكم.. يوما ما ستزورني في إنجلترا " إذن ستخرج من الجحيم " " ستحملني مدرعة أممية إلى الحدود " سكت قليلا ثم أردف : " سأقول لهم أني قضيت إجازة قصيرة و مختلفة في أوربا.. مؤسف أن يحدث هذا الجحيم في قارة عانت كثيرا فيما مضى.. يبدو أن لا أحد استوعب الدرس.. أو ربما العبر لم تعد مادة جيدة للتدريس " ربت باكير على كتف جون ثم اتجها نحو الباب، و قبل أن يفترقا، قال باكير في شبه ابتسامة هادئة : " لا تنس.. مادام هناك خير و شر.. من يبني و من يدمر.. فإنه احتمال كبير أن يحدث مثل هذا الصدام.. العالم يا صديقي يتسع للجميع و ما على المرء إلا أن يتعلم كيف يتقبل محاولة جاره بناء بيت له قديم، تعرض أكثر من مرة للهدم ".. تعانق الإثنان، ثم ابتعد جون مع مرافقه حتى اختفيا عن الأنظار، و للحظة شعر و هو يحدق في الغسق الذي يجلل السماء أن ثمة شيء ما لم يعد سليما في هذا العالم.. التفت إلى الوراء.. كانت البناية قد توارت تماما، بينما كانت عيناه المتعلقتين بالغسق ترسلان شعاعا من تفكير عميق.
خرج الجميع من القبو الذي أخد يلتهم الظلام في سكون بعد أن انطفأت الشمعة، و تركت رائحة دخانها الخانق تسرح في العتمة. تطلع باكير نحو الأفق حيث يطل المرتفع الأخضر، شعر انه سيلعن تلك الموسيقى، و هو في القبو نسي الأمر، لكن هاهي تعود من جديد.. متسللة كالثعبان.. التفت إلى زياد سائلا : " أتسمع ؟ - ماذا ؟ " –الموسيقى ".آه.. كارمينيا بورانا، نظر إليه صديقه، و ابتسامة على الوجه المطمئن : " لقد تعلمت ان أكون أصما متى أردت.. تصور.. لإنهاء الحرب علينا أن نقسم وطننا، كم هم عادلون عندما أسمع ذلك فأنا أصم.. و عندما تصدح كارمينيا بورانا من المرتفعات، فأنا أصم كذلك.. هل ترى ؟ افعل مثلي لكي تكون مرتاحا "... "- تستطيع ذلك انت.. ؟ أن تكون مرتاحا ؟ " و هما يسيران على طول الطريق، أخد زياد يشرح غير آبه بالرصاص الذي يتناثر هنا و هناك، و هو يرفع يديه تارة و يخفضهما تارة أخرى : " أصم.. يعني تسمع دون أن تكترث و كأنك لا تسمع شيئا.. " – " هذه تقنية خاصة " – " أجل.. لكي نبقى نفكر و لا نجن صديقي ".
ابتسم باكير ساخرا في أعماقه، صحيح.. ربما هم في هذا الوادي أكثر الناس عرضة للجنون.. مجانين يقطنون سراييفو. تفحص زياد بندقيته و هو يعد الرصاصات التي بحوزته، وصلا إلى مفترق الطرق حيث سيأخد كل منهما طريقا مختلفا، تلامست أيديهما في مصافحة أخوية.. تمتم باكير : " سأراك يوما ما بإذن الله " همس زياد : " الله معنا وداعا ". طفق راجعا إلى البيت، و في تلك الأثناء كان شعور غريب يقتحم عليه فضاءه.. كأن ثمة شيء خطير يتربص به.. بالقرب منه.. محيط به.. نبض قلبه بوجل.. شعر بحرارة ترتفع من داخله و تكاد تحرق رداءه القطني، توتر عميق جعل ساقيه تتراخيان.. تسائل في نفسه إن كان على وشك الجنون.. أسرع بخطواته صاعدا الشارع المليء بأكياس الرمل.. لم يكن يسمع طلقات الرصاص، و لا كارمينيا بورانا.. كان هناك شيء آخر تعلقت به عيناه، تلك المئذنة القابعة في آخر الشارع الطويل الذي يشق الهضبة المرتفعة، شيء ما يجول في خاطره و هو يتأملها بعينين شاردتين.. لكم تبدو نبتة باسقة خرجت من تحت الأرض.. على كل حال لم تستطع الموسيقى أن تجرد المئذنة من ذاك الإيحاء الروحاني، نظر إليها مرة أخرى واثقا أنه ما من قوة في الأرض تقدر على دفن كل المآذن، و لا حتى الترانيم المتسللة من الماضي البعيد.. البعيد جدا.. تلك التعاويذ السوداء من القرون المتوحشة، أخد الظلام يدب بجناحيه الكئيبتين في سماء المدينة، بينما استمر باكير في سيره غير مكترث لثقل الصمت المفاجئ الذي ران على الأجواء، ووسط العتمة الهادئة، أخد يفكر بزوجته و بليلة الوداع، بينما كان لوقع خطواته صدى يتردد بين الدروب الغارقة في وحشة السكون.
و هو يصعد الدرج إلى الشقة، قرر أن يلقي تحية المساء على جاره العجوز كامل أفندي، طرق الباب ثلاث مرات، تنحى جانبا، و ظل ينتظر دون جدوى، استغرب الأمر، ثم ما لبت أن تولى متوجها نحو شقته، زوجته الجميلة حزينة، لم لا تبتسم ؟ كم يحب ابتسامتها، على
الأقل تلك الإبتسامة تمنحه شيئا جميلا في هذا الوجود.. شيئا اسمه الحب.. يتحدى به العالم نظرت إليه بوجهها الصبوح، و عينيها اللتين تلاشى عنهما ذاك البريق المشرق، قالت : " لقد فقدنا جارنا يا باكير ". و أمام صمته أضافت : " العجوز كامل أفندي مات اليوم " تفحص وجهها قليلا قبل أن يتساءل : " كيف حدث ذلك ؟ لقد رأيته هذا الصباح " – " مات دون قذيفة، و دون رصاصة.. مات لأن عمره اكتمل ". كان يرتجف، لا يدري لماذا، لفترة نسي تلك الطريقة البديهية الطبيعية للموت، شعور ما يتفتق داخله، و لا يستطيع فهمه، لم يكن عنده ما يقوله، القدر.. مكتوب في كتاب، الأجل لا يزيد و لا ينقص، كان يتمنى لو يأكل شيئا يسد به الجوع، ترى هل أكل ذاك العشب، الغداء الأخير ؟ تخلل بيديه شعره، و كأنه يستشعر سخافة خواطره، و مرة أخرى تتقدم نحوه زوجته لتجلس بالقرب منه على الكنبة، قالت : " أتعرف ؟.. و كأنه شعر بالأجل، كتب ورقة يوصي فيها بجميع أثاث البيت لكل من يحتاج للتدفئة، الأخشاب انعدمت، و هو يعرف ذلك رحمة الله عليه ". ظل باكير صامتا في حين قالت زوجته : " كان كريما حيا و ميتا...سيرث الناس هذا الكرم من بعده " راح شاردا يفكر.. الموت، ما الموت ؟ إن له عدة طرق يطرق بها باب ابن آدم. لكن..آه، كم كان جاره محظوظا.. موتة هادئة.. صامتة.. دون جراح.. و لا مرض.. و على فراشه، دون شظايا و لا أشلاء، كم هي موتة رومانسية في مثل هذه الحرب البشعة.
ارتاحت يده على ظهر الكنبة، بينما توقف عقله عن التفكير، في حين كانت أشعار عن الوطن تتدفق من المذياع ذي الصوت المتحشرج، ربما البطاريات قد أوشكت على نهايتها، أرخا لها السمع، ثم أغمض عينيه، و راح في غيمة من الأحلام العذراء، شيء ما يكبر في صدره، شيء جميل ينساب مع الكلمات الساحرة، إنه نفس الشيء الذي تغنى به جمال الدين لاتيتش الشاعر، إنه ذلك الحب القاسي. انتبه إلى الساعة الحائطية التي توقفت عقاربها، لا يذكر منذ متى، لكن زوجته أخبرته أنها أصدرت آخر شهقة لها، آخر نبضاتها، ذاك اليوم الذي ارتجت فيه من مكانها على إثر قوة الإنفجارات بمحاذاة البيت. ساعة قديمة لا تحس بالزمن، و دائما هي الشمس.. صارت هي الزمن.. و إغفاءتها هي الزمن، لم يستطع النوم تلك الليلة، آخر ليلة في مملكته الخاصة، آخر ليلة يتأمل فيها وجه زوجته، و قسماتها تنفذ بعمق إلى مخيلته، و هي.. تنطر إليه بذلك الدفء و الحنان الذي لا شواطئ لهما، دموع مكتومة تتألق في عينيها، و سرعان ما انهمرت رقيقة.. صادقة.. دموع تضيء الليل، أمسك بوجهها بين يديه و همس" .. لا تبك أرجوك.. أبدا، لا تبك ".
انتصف القمر السماء، و عمت العتمة كل الارجاء، أخد رغيف خبز وضعته زوجته في كيس بلاستيكي حتى يحفظ ليونته، كان ذلك كل ما استطاعت تقديمه لزوجها الذي سيرحل، وضعت قبعته العسكرية على رأسه، لمح بريق الفخر يلمع عميقا في عينيها المتسعتين كرحابة السماء، و هو .. يتأملها بعينيه اللتين تنطقان و تعدان، من أجلها.. من أجله.. من أجل هذه السماء، و هذه الأرض، من أجل آمال كل الذين كانوا.. و كل الذين سيأتون.. سيكون هذا الفراق.. ضمها إليه طويلا و قلبه يقاسمها شجونه، و أحلامه.. و اشتياقه. نزل الدرج و غاب دون أن تلمحه نظراتها في الشارع الداجي.
لامس نسيم بارد وجنتيه، تطلع إلى السماء، كان ثمة تغير قد طرأ عليها، لا شك أنه الربيع آت، شيء ما يتلألأ عميقا، كم ستكون سماء الربيع الآتية صافية، ستتألق النجوم، وسيعم السلام فضاء السحب، ستشع الأنوار لتلمع الحقول و تنتعش الأرواح من جديد على ندى العطر، الذي سينساب من الوادي، من جذور الأرض، من دماء الأبناء و الآباء، من عيون الوطن، من زهور الغدير سينساب العطر ليحمل تباشير الربيع. سار إلى مكان التقاء أفراد الكتيبة، و تحت ضوء القمر الفضي، ثمة شعور مريح يضفي على وجهه ابتسامة وديعة. كان يومه هذا مميزا، ربما لأنه ارتشف عددا من فناجين القهوة المرة، أو ربما لكونه قام بدور طبيب قبو متميز، سيصير كريما مثل جاره كامل أفندي، و كرمه هذه المرة ستكون دماء تعطر الوادي، تفوح أريجها في الأجواء بينما يغزل الفجر بأنامله التعبدية خيوطه النيرة في سماء سراييفو لتهمس ألحان الحب الأزلية، و لتخترق أنغام كارمينيا بورانا المتدفقة من القمم الباردة.



#خديجة_يكن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية - غير ممكن...- للكاتب المغربي أحمد حيزون
- فلسطين: لماذا لا تنادين يارب!!
- الصحراء الأمازيغية المغربية
- دعيني أرتاح


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة يكن - عندما تنساب كارمينا بورانا