أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إياد السكتاوي - أزمة الأساتذة المتدربين بين عشوائية المروسمين و الماركوتينغ التربوي في القطاع الخاص















المزيد.....

أزمة الأساتذة المتدربين بين عشوائية المروسمين و الماركوتينغ التربوي في القطاع الخاص


إياد السكتاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 03:28
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


يعيش الشارع المغربي إحتقانا لم يعشه منذ حراكه في حركة 20 فبراير سنة 2011. و لايخفى على أحد أن أحد أهم الأسباب التي جعلت الشارع يتحرك و يغلي في الأيام الأخيرة هو عزم الحكومة على إتخاد قرارات مصيرية بخصوص قطاع التعليم باعتباره أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد، بل إنه المحرك الأساس لباقي القطاعات الأخرى نظرا لكونه من يزودها بمواردها البشرية. فإذا صلح حال التعليم سيصلح حال جميع تلك القطاعات و سيصلح حال المواطن معها، فما المشاكل التي يعشها قطاع البناء أوقطاع الصحة مثلا سوى نابعة من ضعف التكوين الذي يتلقاه أطر هذين القطاعين، مما يدل على أن جودة التعليم لها تأثير مباشر على كافة مجالات الحياة في أي مجتمع يريد أن يكون مجتمعا عصريا و حداثيا.
هذا ما يفسر كون الأساتذة هم أكثر الفئات التي تشارك في الحراك الشعبي الأخير بل إنها الفئة المتزعمة له، و هذا راجع ليس فقط إلى كونها معنية بشكل مباشر بالتوجهات الخطيرة التي تنهجها سياسة الدولة في القطاع، بل لكونها كذلك أكثر الفئات تحسسا لخطورة هذه السياسة التي تضرب في صميم المجانية التي كان دوما يتمتع بها التعليم في بلادنا. هكذا فإن الأساتذة المتدربين عندما يرفضون الفصل بين التكوين و التوظيف فإنهم في حقيقة الأمر يرفضون أن يتم تجريد التعليم العمومي من القيمة المضافة الوحيدة التي كان دائما يتفوق بها عن القطاع الخاص، و هي جودة موارده البشرية. ففي حالة عدم سحب المرسومين الوزاريين الذين يدافع عنهما ابن كيران باستماتة، سيجد العديد من الأساتذة المؤهلين لممراسة المهنة، و الحاصلين على شهادة الأهلية التربوية من مراكز التكوين أنفسهم رهن إشارة القطاع الخاص. حيث سيبقى هو الأمل الوحيد لهم من أجل الخروج من شبح البطالة و الفقر اللذان يهددان كافة الشباب المغربي. هكذا فإن مشروع إبن كيران يكمن في تقديم الأساتذة على طبق من ذهب للمستثمرين في المدارس الخصوصية.
إننا نعلم منذ سنوات أن التوجه العام للدولة المغربية منذ حكومة التناوب، هو الإجهاز على المدرسة العمومية، و خوصصة التعليم بشقيه المدرسي و الجامعي. إلا أن هذا التوجه بدأ يأخذ مع حكومة العدالة و التنمية منحى خطيرا و بدأت عملية الخوصصة هذه تتم بسرعة مدطردة. حيث قامت هذه الحكومة بالترخيص لإنشاء جامعات خاصة بما في ذلك كليات الطب، كما أنها اعترفت بدبلومات مدارس المهندسين المعماريين المقدمة من القطاع الخاص، و حررت المدارس الخصوصية في التعليم المدرسي من الإلتزام ولو الشكلي بالبرامج المقررة، أو بجدول الحصص الأسبوعية الذي يحدد الغلاف الزمني اللازم لتعلم كل مادة، ففتحت الباب أمام تعدد المناهج الدراسية و المضامين المدرسة بتعدد المدارس و بتعدد الطبقات و الفئات اللإجتماعية، حيث أصبح التعليم في المغرب تعليما طبقيا بامتياز.
هكذا لا يمكن أن نفصل النضال الذي يخوضه الأساتذة المتدربون أبدا عن النضالات التي خاضتها محتلف فئات الشعب المغربي ضد الإجهاز على القطاع التعليمي، كما لا يمكن أبدا فصل نضالاتهم عن النضالات التي خاضها معضمهم في الساحات الجامعية بتأطير من مختلف الفصائل الأوطمية تحت شعار “سياسة التعليم سياسة طبقية”.
لكن مع كل ذلك يمكن أن تقدم الحكومة مبرراتها التي تتمثل في كون التعليم الخاص أصبح واقعا لا يمكننا تجاهله و أنه لا مجال لأي دعوة إلى العودة للوراء و إقفال جميع المؤسسات التعليمية الخاصة، فالذين يدرسون في هذه المدارس هم أبناء المغاربة من حقهم أن يستفدوا من خدمات أساتذة أكفاء و ذوي مستوى عال من التكوين، أسوة بتلامذة التعليم العمومي. كما أن الدولة تتكلف في مختلف المجالات و القطاعات بتكوين مواردها البشرية و أطرها العليا، حيث لا تلتزم بتوظيف خريجي المادرس العليا للهندسة و الإقتصاد أو خريجي كليات الطب و الصيدلة...، فالأساتذة ليسوا أفضل من هؤلاء و عليه يجب أن ينطبق عليهم ما ينطبق على هؤلاء من فصل التكوين عن التوظيف و ضرورة بحث الخريجين الجدد عن العمل في القطاع الخاص دون الإعتماد على الوظيفة المعمومية أسوة بالمهندسين مثلا.
إلا أن هذين المبررين يتجاهلان ميزتين أساسيتين يختلف بهما قطاع النعليم عن أي قطاع آخر: فالميزة الأولى هو أن التعليم قطاع حيوي لا يقل أهمية عن قطاع الدفاع الوطني و القطاع الأمني، إن لم يكن يفوقهما أهمية: كما في النموذج الياباني حيث لا تتوفر هذه الدولة على قوة عسكرية حقيقية منذ إنهزامها في الحرب العالمية الثانية أو النمودج السويسري الذي يتجه منذ نهاية الثمانينات نحو إلغاء قوات الجيش و لولا بعض الظروف العالمية كالحرب الباردة و إنتشار الإرهاب لكانت سويسرا اليوم تعيش دون جيش، حيث يمكن أن نتصور هذين الدولتين دون جيش لكن في المقابل يستحيل أن نتخيل وجودهما دون تعليم.
هكذا فالتعليم يساهم بشكل كبير في ضمان بقاء الدولة و مؤسساتها عبر بنائه للمواطن، و بالتالي لا يجوز أبدا خوصصته و تركه لأهواء رجال الأعمال أو لأيديولوجيات المدراء التربويين للمدارس الخاصة. فلا يمكن أبدا أن نقارن هذا القطاع بقطاع الهندسة المعمارية أو الإلكترونية!!! فالأستاذ ليس هو المهندس، فهو لا يصنع آلات جامدة يمكن تشكيلها و تطويعها كما نشاء، أو يبني بنايات من طوب و إسمنت تبقى جامدة دون حراك، بل إنه يساهم في بناء العقول التي هي ذوات حرة متميزة بالكرامة الإنسانية.
هذه الميزة الأولى تحيلنا إلى الميزة الثانية التي تجعلنا نقف مساندين للأساتذة المتدربين و نعتبر نضالهم المشروع ضد المرسومين هو نضال ضد السياسة الطبقية في القطاع، و معركة تهدف إلى صيانة المدرسة العمومية باعتبارها مرفقا عموميا يجب أن يضل مفتوحا في وجه جميع الفئات التي يتكون منها هذا الوطن. و هذه الميزة تكمن في كون سياسة الخوصصة التي تقوم بها الدولة هي خوصصة عشوائية جعلت القطاع يغرق في حالة من الفوضى باعتراف المسؤولين الكبار للوزارة أنفسهم، و خصوصا وزير التعليم السابق محمد الوفا، الذي حاول القيام بمجهودات لتنظيمه إلا أنها كانت عشواية و لم تملك رؤية شمولية، كما أنه سرعان ما أبعد من منصبه بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول قوة الوبيات المتحكمة في الوزارة. فقد حاولت وزارة التربية الوطنية مثلا مرارا و تكرارا أن تلجم المدارس الخصوصية عن سياسة النفخ في نقط المراقبة المستمرة لتخدع بها آباء التلاميذ و المدارس العليا دون جدوى، كما أنها حاولت مرارا و تكرارا منعها من تشغيل أساتذة التعليم العمومي دون أن تستطيع لذلك سبيلا.. مما يدل على ان الوزارة الوصية نفسها غير قادرة على تنظيم القطاع و تقنينه، و غير قادرة كذلك على ضمان حد أنى من الجودة فيه.. فقد أصبح فتح مدرسة خصوصية أسهل من فتح محل بقالة، و أصبح تسييرها شبيها بتسيير مقهى، فنجد مدارس خصوصية تغلق أبوابها في الأيام التي تشاء و تفتح أبوابها في الأيام التي تشاء، و تنظم المراقبة المستمرة بالشكل التي تريد و في الموعد الذي تريد دون أي مراعاة لمقرر السيد الوزير الوصي على القطاع المنظم للسنة الدراسية، و لا للمذكرات الوزارية المنظمة لتدريس كل مادة من المواد، أو المنظمة للعملية التربوية. كما أنها تضيف مواد و تحذف مواد أخرى حسب نوع الطبقة التي تدرس أبناءها فيها، أو حسب الإيديولوجية التي يتبناها مالكها أو مديرها التربوي. و لعل الواقع يصبح أكثر كارثية بخصوص التعليم الثانوي التأهيلي حيث هناك غياب شبه تام للتجارب العلمية في مختلف المدارس الخصوصية خصوصا تلك التي تستهدف أبناء الطبقة الوسطى و الأقل، فهناك مدارس ليست مجهزة حتى بمختبر علمي، كما أن هناك تلاعبات خطيرة في الغلاف الزمني للمواد، فنجذ إهتماما كبيرا بمواد التي سيمتحن فيها التلميذ نهاية السن عبر مضاعفة الغلاف الزمني للمواد المبرمجة في الامتحان الوطني مثلا و حذف تام للمواد التي أمتحن فيها في الإمتحان الجهوي!!! في إعتداء خطير على حق التلميذ في تعلم مختلف المعارف التي ستساهم في تشكيل شخصيته و بناء مواطنته الحقة، و ليس فقط الحصول على نقطة جيدة في الإمتحان نهاية السنة الدراسية.
إضافة إلى هذا الوضع الكارثي بخصوص تدريس المواد هناك وضع آخر لا يقل خطورة عن السابق، و يتمثل في عدم وجود أي ميثاق أخلاقي يلزم المدرسة الخصوصية باعتبارها تقدم خدمة هي عبارة عن حق أساسي للمواطن. فالعلاقة بين التلميذ و المدرسة الخصوصية هي علاقة تجارية محض، يحكمها منطق الربح و الخسارة. علما أنه لا يجوز لنا إطلاقا أن ننظر للمدرسة الخاصة كمقاولة تهدف إلى الربح، فنبرر بذلك كافة الأفعال التعسفية التي يمكن أن تمارس في حق التلميذ بدعوى أن السيد مالك المدرسة لم يفتحها كمؤسسة خيرية. إلا أننا مع الأسف نلاحظ مجموعة من السلوكات التي يتم الإعتداء فيها بشكل سافر على حقوق التلاميذ في تعليم صحي دون أن يوجد أي رادع أو قانون يمنع ذلك.. فكما أن الخضار يحق له أن يرفض بيعك كيلو بطاطا متى شاء بدعوة أنك لم تعجبه أو لأي سبب آخر، نجد معظم مؤسسات التعليم الخصوصي تحتفض بحقها في طرد المتعلم لأنه لم يعجبها في أي وقت و في أي مكان وتحت أي ظرف، حيث شاهدت بنفسي مديرا تربويا يطلب من التلميذ أن يتبعه إل مكتبه ليأخذ شهادة مغادرته في سلم المدرسة و في تمام العاشرة صباحا أي أثناء تغيير الحصص، حيث حضر التلميذ بشكل عاد من الثامنة إلى العاشرة لدرس مادة الفيزياء كأي تلميذ ينتمي للمؤسسة، بينما وجد نفسه مع الساعة العاشرة أجنبيا عنها لا يملك حق حضور الحصة مادة الفلسفة الموالية من العاشر إلى الثانية عشر زوالا!! كل هذا فقط لأن التلميذ لم يعجب السيد المدير التربوي، أو صدر منه سلوك لم يرق له!! هكذا بكل بساطة تم طرد التلميذ من المدرسة و تم حرمانه أحد أبسط حقوقه و أكثرها قدسية و هي الحق في التعلم هذا الحق المنصوص عليه في كافة المواثيق الدولية و في كافة دساتير العالم بما فيها الدستور المغربي. ناهيك عن قيام معظم المدارس الخصوصية بطرد التلاميذ المتوسطي الأداء أو ضعافه، و الإحتفاظ فقط بالمتفوقين بدعوة الحفاظ على الجودة، علما أنه لو كانت هناك جودة لما كان التلميذ المطرود ضعيفا. بينما في حقيقة الأمر الهدف الرئيسي من الحفاظ على التلاميذ المتفوقين فقط في المستويات الإشهادية هو تلميع صورة المؤسسة و إستثمار النتائج التي حصل عليها تلامذتها المحتفظ بهم في المركوتينغ التربوي لإستقطاب تلاميذ آخرين سيتم طرد غالبيتهم بغربلتهم جيدا عند بلوغهم المستويات النهائية من كل سلك. و طبعا لن نغفل عن ذكر إمتحان الدخول التي تجريه معظم المدارس الخصوصية، و المضحك المبكي في هذا الإمتحان هو أن هذه المدارس تجريه حتى للتلامذة الراغبين في الإلتخاق بالقسم الأول من التعليم الإبتدائي، بل هناك مادرس تجريه حتى لتلامذة التعليم الأولي، في مشهد سريالي جنوني يتم الضرب فيه برعض الحائط لكافة القوانين و المواثيق الحقوقية و الدساتير و القيم الأخلاقية!! فتصوروا معي مثلا أن تقوم مستشفى بوضع شروط للمرضى الذين ستقبل استشفاءهم بها، كأن تضع مثلا شرطا بأن يكون المريض مصابا بمرض تبلغ نسبة شفائه منه تسعين بالمئة فترفض علاج من حالتهم خطيرة حتى لا تتأثر سمعتها و حتى تستثمر نسب الشفاء المرتفعة بها في الماركوتينغ الصحي.
نعم هكذا هو القطاع التربوي الخصوصي بعد أن تمت خوصصته في وطننا العزيز، إنه وضع فوضوي لا يسود فيه أي شكل من أشكال التنظيم القانوني و لا حتى الأخلاقي إلا بعض المؤسسات التي يحافظ أصحابها أو مدراؤها التربويين على بعض الحس التربوي و الإنساني.
لكن الذي يهمنا بخصوص قضية الأساتذة المتدربين ومسألة توجيههم للقطاع الخاص، هو الوضعية التي تعيشها الموارد البشرية في هذا القطاع، حيث يكفي أن نعلم أنه لا وجود لأي قانون أساسي ينظم عمل أساتذة المدارس الخاصة، هكذا فإن مهنة الأستاذ هي المهنة الوحيدة التي تمارس دون أن ينظمها قانون أو ضابط. فمن هو أستاذ المدرسة الخصوصية؟ إنه كائن هلامي لا تعلم الوزارة الوصية شيءا عنه، و بالتالي لا يمكنها أبدا مراقبة عمله، فحتى لو قام السيد المفتش بزيارته و كتب في تقريره أن هذا الشخص لا يصلح بأن يزاول المهنة، فهذا لا يلزم المدرسة الخصوصية بتوقيف الأستاذ أو تكليفه بمهام أخرى غير التدريس، و حتى لو قامت المدرسة بالإستغناء عنه فبإمكانه حزم حقائبه و السفر من طنجة إلى أكادير مثلا ليشتغل في مدرسة أخرى هناك دون أن تدري المدرسة الجديدة شيءا عن ماضيه المهني. كما أنه يمكن للأستاذ في المدرسة الخصوصية أن يغادرها إلى مدرسة أخرى ىقدمت له عرضا أفضل مثلا أو أن يغادرها لأي سبب آخر في أي وقت من السنة الدراسية و تحت أي ظرف دون سابق إنذار، و تاركا وراءه جيشا من التلاميذ سيحرمون من الدراسة لأيام إن لم يكن لأسابيع أو شهور، أو قد لا تجد مؤسستهم أستاذا آخر يعوض السابق فتلجؤ لخدمات موجز عاطل عن العمل مغامرة بمستقبل تلامذتها، و منه سيتحول هذا الأستاذ الموجز الجديد إلى أستاذ تعليم خصوصي آخر دون أي قانون ينظم طرق و آليات الولوج إلى المهنة. كما أنه إذا كان أستاذ التعليم العمومي هو الذي يقوم بإدخال نقط تلامذته إلى منظومة مسار و هو المسؤول الوحيد عن أي خطئ بها، فإن نقط تلامذة المدرسة الخصوصية يدخلها المدير التربوي مما يترك هامشا كبيرا للتلاعب بها، و هذا راجع إلى كون الوزارة لا تعرف من هو الأستاذ الذي يدرس في القطاع الخاص و تجهل كل شيء عنه فلا يمكنها أن تفتح له حسابا خاصا في منظومة مسار. فهناك غياب تام لقانون ينظم مهنة الأستاذ مما يجعلها هكذا في متناول القاصي و الداني، و كل من هب و دب.
هكذا فإن الحكومة عندما تفصل التكوين عن التوظيف فهي تطالب الأساتذة المتدربين أن يدخلوا غمار المنافسة مع من هم أكثر تنافسية منهم، ليس بمعيار الجودة إطلاقا، و لكن بمعيار التكلفة الإنتاجية، فالأستاذ خريج المراكز التربوية سيطالب بأجر أعلى من الأستاذ الحاصل على الإجازة فقط، وهذا من حقه، لذلك ستفضل معظم المؤسسات الخصوصية اللجوء لمن يطلب أقل مادامت تعتبر نفسها مقاولات ربحية فقط، و ليست مؤسسات تربوية. كما أن الأستاذ المتدرب بعد قضائه فترة تدريبه سيتخلى خلالها عن عباءة الطالب أو العاطل عن العمل و سيلبس عباءة الأستاذ المربي، علما ان هذا الأمر أصبح واضحا وجليا فقط بعد ثلاثة أشهر من التكوين في تصريحات العديد من الأساتذة المناضلين، و بالتالي فإنه لن يقبل على نفسه الإنصياع الأعمى وراء رغبات و أهواء المدير التربوي أو مالك المدرسة، هذه الرغبات التي لا تعترف سوى بمنطق الربح و الخسارة، في إقصاء تام للبعد التربوي السامي. و بالتالي لن ينصاع الأستاذ المحترف إلى طلبات تضخيم نقط التلاميذ أو التدريس في غلاف زمني غير كاف و لا يراعي زمن التعلم عند التلميذ، أو جعل فروض المراقبة المستمرة تأخد طابعا شكليا و فولكلوريا، أو تدريس مادة غير تخصصه فقط لتغطية نقص الموارد البشرية في المؤسسة، أو إقصاء تلميذ أو تغليب كافة تلميذ على آخر فقط لأن المدير طلب منه ذلك دون مراعاة لمبدأ الإستحقاق أو البعد التربوي و النفسي للأمر. ناهيك عن الإشتغال لمدة تتجاوز عدد الساعات القانونية لعمل الأساتذة و ما يترتب عن ذلك من ضعف جودة الأداء التربوي للأستاذ و مخاطر على صحته قد يعاني منها في المستقبل..
كل هذا و ذاك و في غياب قانون ينظم مهنة الأستاذ، كما يوجد قانون ينظم مهنة الطبيب و المهندس المعماري و الممرض و تقني كهرباء المنازل بل حتى مهنة المستشار الفلاحي!! فسيصعب إقناع المدارس الخصوصية اللجوء إلى خدمات الأستاذ المحترف و تقديم له أجرا يوازي أو يفوق الأجر المعمول به في قطاع التعليم العمومي يحفظ له مكانته الإعتبارية في المجتمع.
لذلك كان من الأفضل للحكومة الإسلامية عوض أن تبرز عضلات قواتها القمعية أمام الأساتذة و عوض أن تقوم بتهشيم رؤوس الأستاذات، أن تنصب على مهامها الأساسية. و أن تفكر في طرق حقيقية لتنظيم القطاع، و عوض أن تهرب المرسومين المشؤومين في عز الصيف و في عز العطلة المدرسية، كان عليها قبل ذلك أن تقدم مشاريع قوانين تنظم المهنة في القطاع الخاص و تحد من جشع المستثمرين للمصادقة أمام البرلمان في عز النهار و أمام الملأ، و بكل إفتخار. آنذاك فقط لن يكون هناك أي سبب للأساتذة الجدد لرفض العمل في المؤسسات الخصوصية مادامت الحقوق محفوظة، و مادامت ظروف العمل هي نفسها في التعليم العمومي إن لم تكن أفضل، و مادام الأستاذ سيحتفض باستقلاليته التربوية، و يحافظ على حريته في إتخاذه للقرارات التربوية بخصوص تلامذته، علما أن هذه الإستقلالية ليست شكلية بل إنها جوهرية، و هي الضامن الأساسي لتحقيق جودة العطاء، و أن هذه الحرية هي الوحيدة الكفيلة بجعل الأستاذ هو المسؤول الوحيد و الأوحد على قراراته التربوية المتمثلة في نقطه و فروضه و مضامين درسه المعرفية، ناهيك عن مساهمة الإستقرار المالي و الإجتماعي للأساتذة و تأثيرها المباشر على مردوديتهم التربوية.



#إياد_السكتاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة إصلاح التقاعد في المغرب: الآثار الاجتماعية و الاقتصادي ...
- تأملات أفلاطونية(1): نقد الممارسة السياسية في المملكة المغرب ...
- الحريات الفردية في الواقع المغربي بين الدولة الدينية و الدول ...


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إياد السكتاوي - أزمة الأساتذة المتدربين بين عشوائية المروسمين و الماركوتينغ التربوي في القطاع الخاص