أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام جوهر - بئس التسيس في الدين و التدين في السياسة















المزيد.....

بئس التسيس في الدين و التدين في السياسة


وسام جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 5036 - 2016 / 1 / 6 - 17:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السويد 6‏/1‏/2016
بلا شك ان الدين و السياسة يعدان من اكثر الظواهر الاجتماعية تاثيرا على حياة الانسان اليومية في صغار الامور و كبارها، و عليه فكلما كان فهم الانسان فردا و جماعات اكثرا وعيا و نضجا للدين (السياسة) كلما كان ذلك لصالح خير الانسان و العكس صحيح.
اذا ما نظرنا اليوم الى المجتمعات البشرية المختلفة في الشرق و الغرب سنلاحظ بكل تاكيد تباينات شديدة في مستويات هذه المجتمعات الحضارية المختلفة من تقدم علمي و ثقافي عام... و ليس المرء بحاجة الى عبقرية ليفهم ان هذه التباينات انما هي انعكاسات للتباين في الوعي السياسي او الديني بين هذه المجتمعات دون ان نقصد مقارنة بين الاديان بحد ذاتها طبعا ... بملكة عقلية قليلة يعلم المرء ان هناك فرقا شاسعا، على سبيل المثال و ليس الحصر و الامثلة تضرب و لا تقاس، بين بلد مثل المانيا و بلد مثل العراق او سوريا ...لكن السؤال هاهنا يا ترى لماذا هذا الفرق الشاسع؟، ونحن نعلم جميعا ان العراق و سوريا يعدان مهد الحضارات الاولى و لسنا هنا في حاجة لتعداد رقي الحضارات السومرية و البابلية بقياسات تلك الفترة الزمنية....
السياسة و الدين كلون سياسي هما اداة بلورة المجتمعات البشرية وتطويرها و كلما نجح الانسان في حسن التعامل مع هذه الاداة كلما انعكس ذلك على رقي المجتمع ...نعم هذا هو سر التباينات السالفة الذكر...
ليس نادرا ما نسمع او نقراء لمن يقول كلاما من نوع "الدين لله والوطن للجميع... او نطالب بفصل الدين عن الدولة او السياسة ... او يتكلم البعض عن الاسلام السياسي و كانه هناك شيء اسمه الاسلام اللاسياسي ... الخ من هذا النوع من الكلام او ما يشابه ذلك ...!" .
ان هكذا كلام لهو مغالطة ما بعدها مغالطة و ان كانت عن جهل احيانا خاصة عندما ياتي على لسان عامة الناس، لكنه كلام خطير عندما يسري على السنة السياسيين و المثقفين بشكل عام لان في ذلك مكر لغايات سياسية بحتة ... لكي نفهم هذا علينا ان نركز على من هم الذين ينشرون هذه المغالطة ... انهم سياسيون من اللون السياسي اللاديني و القصد هو اقصاء الراي الاخر (الدين السياسي) ... هذا امر في غاية الاهمية ان يعيه الانسان الفرد كي لا يتم استغلاله سياسيا.
هذا يدخلنا في مسالة الدين و السياسة ...ارى لزاما على الانسان ان يعي ماهية الدين و السياسة كاداة يسعى بها الى تنظيم كل شاردة و واردة في حياة الانسان ...عامة الناس و خاصة في مجتمع كالمجتمع الشرق الاوسطي و العراق خير مثال، تتعامل مع مفهومي الدين و السياسة و كانهما ضدين مختلفين ...وفي هذا الفهم الخاطيء تتجذر ماساة الانسان والاوطان. فهذا يقدم الدين بديلا للسياسة و ذاك يسعى الى العكس... و الحق يقال ان لا فرق بين هذا و ذاك اذا ما تسيس الانسان في الدين او تدين الانسان في السياسة.
ببساطة و دون تعقيد فان الدين ليس الا لونا او تجليا من تجليات السياسة او لنقل ليس الدين سوى ايديولوجية سياسية بين الايديولوجيات السياسية الاخرى كالايديولوجية الاشتراكية الشيوعية او الايديولوجية القومية او الايديولوجية الوطنية. رجالات الدين يطمسون هذه الحقيقة في الغالب قدر الاستطاع و تلك هي خديعة سياسية يراد منها مصالح سياسية بحتة. الراي عندي ان لا دين بمعزل او تجرد عن السياسة، اذ كيف يكون هذا ممكنا و الدين هو لون من الوان السياسة.
لكل من هذه الايديولوجيات طبعا اساليبها و ادواتها من نظريات و برامج دعائية و كل المستلزمات الضرورية للوصول الى دفة السلطة بغية تطبيق برامجها التي ترسم للانسان المواطن خريطة حياته بادق التفاصيل الممكنة.
التاريخ البشري يبين لنا بان الدين كلون سياسي هو سابق في الظهور على كل الالوان السياسية الاخرى و ذلك بزمن طويل جدا، اذ ان الانسان قد لجاء الى هذا اللون السياسي منذ الارهاصات الاولى للتجمعات البشرية ... من التاريخ نفهم ان الدين قد اختطف النظام الاخلاقي العام من الانسان ليجعله مادته الاساسية في التحكم بالانسان. لقد مر على هذا الانقلاب الديني زمنا طويلا جدا بحيث بات الانسان الفرد بالكاد يفرق بين الدين و الاخلاق او بالاحرى تفهم عامة الناس في بلد كالعراق او سوريا مثلا ان مصدر الاخلاق كنظام اجتماعي هو الدين بدون منازع ...! هذا هراء طبعا و ليس هناك ما هو ابعد من الحقيقة ... اس المشكلة و اساسها هنا هو ان الدين كان له تربة خصبة في قلب الامور راسا على عقب ...اذ جعل من نفسه الاصل ثم احاط نفسه بقدسية مدججة باساطير و قصص و خزعبلات خرافية...واحتقر الانسان و جعله عبدا مسلوب الارادة ...انسانا ممسوخا ... بينما الاصل هو الانسان المقدس الذي لا يجب ان يكون هناك ما هو اقدس منه ... ولك ان تسآل ..من هو سابق الوجود على من؟ الانسان ام الدين؟ من خلق من ؟ الانسان ام الدين؟ و كل عاقل يجيبك ... الانسان طبعا هو الذي انشاء الدين، و الانبياء و دون استثناء ما كانوا الا بشرا ... فلما يصبح الانسان الاصل الخالق عبيدا و اسير نتاجه؟.
تخيل معي لو ان الانسان العراقي مثلا كان على مذهب الانسان هو الاصل و الانسان هو المقدس ... هل كان عندها سيقدم على ولو جزء يسير من الجرائم البشعة بحق اخيه الانسان الكائن المقدس؟ ! انا اشك تماما بذلك ...لا ارى منطقا ولا عقلا و لا تعقلا في ان يغتصب او ينحر انسان، يقدس الانسان و الانسانية على كل ماعداهما، انسانا اخرا او ان يقدم الى ايذاء نفس بشرية واحدة.
يكفينا ان نفهم ان الدين سياسة قد فشل فشلا ذريعا لمنع هذه البشاعات ليس بين بني البشر من مختلف الطوائف و النحل فحسب بل حتى بين ابناء الدين الواحد او المذهب الواحد ...! صحيح جدا ان تنظيم الدولة الاسلامية يقف اليوم على راس قائمة الجرائم الانسانية البشعة التي ارتكبت بحق العراقيين و السوريين لكن ايضا صحيح جدا ان المئات و الالاف من الارواح و الاعراض زهقت و انتهكت من قبل الاخرين من غير الدواعش على اختلاف مشاربهم... وصحيح جدا ايضا ان السياسة بالمجمل هي من تتحمل مسؤولية الدمار الشامل الذي اصاب هذين البلدين ... اي ان الالوان السياسية القومية و غيرها هي الاخرى شريكة في هذا الفشل المدمر و ليس من الحكمة بمكان ان يسمح لها ان تنجوا بنفسها من المسؤولية باتخاذ تنظيم الدولة الاسلامية شماعة لها.
رغم كلامنا المتقدم عن الدين كلون سياسي لا اريد ان يفهم بانني ومن حيث المبدء ضد هذا اللون السياسي ...لا ابدا ...ارى ان كل الالوان السياسية يجب ان يكون لها نفس القدر من الحرية...ولكن " و بتشديد كثير على كلمة ولكن" لا يجب ان يكون لاي لون سياسي اية مفاضلة او حصانة على حساب الالوان و الطوائف السياسية الاخرى ..ففي دولة او وطن تسود فيه الثقافة الدينية ليس من المقبول اقصاء القوميين و الوطنيين و العلمانيين ... وفي مكان تسود فيه الثقفة القومية لايجوز ابدا الغاء اللون السياسي الديني او اي لون اخر...و لايجوز ان يعد ذلك ان حصل، تسامحا سياسيا. لانني ارى في كلمة التسامح تكابر و كذلك لان الحرية حقا مشروعا من حقوق الانسان الفرد.
اذا كانت ظاهرة التدين "بالمفهوم الاصطلاحي للكلمة" سمة و ماهية ، هذا اللون السياسي الذي يسمى بالدين ... ارى ان المشكلة الكبرى تكمن في ان الالوان السياسية الاخرى و مع الزمن و تدريجيا هي الاخرى تلونت بالتدين ظاهرة و ممارسة، و بذلك قد استوت كل الالوان السياسية ..مما جلب و يجلب الكارثة على الانسان الذي يفقد في ذلك معنى و قيمة حريته في العمل السياسي الخلاق ... اذ ما جدوى ان يعمل الانسان اليوم في بلد كالعراق في الدين سياسة او ان يتدين في حزب قومي او حتي علماني؟! كل تدين هو سيء...بمعنى ان لا خير في ان يعيش الانسان على النقل بدلا من العقل... ليس من الحكمة بمكان ان يحتفظ اللون الديني للسياسة بقدسيته بل يجب ان يرضخ و كالاخرين بالتمام و الكمال لشروط العمل السياسي و ليس هناك من معصومية في العمل السياسي و لا محرمات و لاممنوعات لا تخضع للنقاش و التشكيك و التمحيص.
الانسان الفرد حر بما يؤمن او لا يؤمن طالما كانت افعاله و تصرفاته و تفاعله مع الاخرين ضمن الشرائع و الدساتير المتفقة عليها في المجتمع لا المنزلة تنزيلا و تقديسا مفروضا عليه فرضا.
لا يضرني ان يؤمن اخي الانسان بحجر او بخرافة ان شاء... طالما امتنع عن فرض ايمانه هذا علي فرضا ... لا يجرحني ان يؤمن احدهم بقصة خرافية كقصة ادم و حواء طالما كنت في منئا عن ايذائاته و احكامه بحقي في الامر.
المجتمعات الانسانية المتضررة اليوم بامس الحاجة الى اعادة حساباتها الفكرية قبل السياسية منطلقا الى رحاب الفكر الابداعي الخلاق بعيدا عن الخرافة و التبعية الفكرية و الجمود الفكري. لقد ان الاوان الى تبني منظومة اخلاق عامة متجذرة في كيان الانسان الفرد تجذيرا وعن وعي و ادراك لا عن نقل و تلقين وقهر و اضطهاد....متى يدرك الانسان التعيس ان لا غاية معينة للحياة اكثر من ان يعيشها الكائن الحي ..الان و هنا ... و على افضل شكل ممكن ...ان مثل من لا يتفاعل و يعيش حياته الدنيا على افضل وجه ممكن، كمثل من رهن كل ما لديه مقابل صكوك لا رصيد لها. اذا كان الدين قد فشل على مر التايخ ان يكون خيارا سياسيا نافعا فان ما ال اليه الانسان الحديث من تدين في السياسة ليس باي حال من الاحوال خيارا افضلا ، فبئس التسيس في الدين و التدين في السياسة.



#وسام_جوهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادية مراد ... شاهد على العصر
- دعاء يزيدي...!!!
- الاحتلال الامريكي للعراق من السلاح النووي الى النصر
- القومية الايزيدية ...حق مشروع
- مات صدام ...هل سيعيش العراق؟


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام جوهر - بئس التسيس في الدين و التدين في السياسة