أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمجد القيسي - رحلة في متن متاهة أخيرهم للروائي محمد الأحمد














المزيد.....

رحلة في متن متاهة أخيرهم للروائي محمد الأحمد


أمجد القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


رِحلة في متن متاهة أخيرهم للروائي محمد الاحمد
أمجد القيسي
فتح صندوق ذكرياته القديم وانتشل منه بساطه السحري ورماه مفترشا اياه على الارض بنفضة من يريد ان يستعجل السفر فعجت الغرفة ذات الضوء الخافت بالغبار ونبش في صندوقه مرة اخرى ليلتقط مصباحه بين انامله.. وابتدأ الرحلة في خلجات تاريخه ليروي لنا عن سنين خلت كانت قد خطت على جبين مدينة بعقوبة خطوط الزمن التي لم يلحظها الا (محمد الاحمد) ومن قرأ روايته (متاهة أخيرِهم).
حيث شاءت السياسات المتعاقبة على البلاد ان تخفي متعمدة مجموعة من الاضاءات التاريخية للبلاد ومنها فئة ليست بالقليلة ولا الاقلية في مدينة بعقوبة بشكل خاص والعراق بشكل عام .. نراه تارة يروي عن ما يشبه القلعة التي حولّها الجيران للجيران واستقبل الفكرة اصحاب البيت المقصود بان بيتهم قد بات قلعة حصينة تخفي اسرارهم وطقوسهم التي تحولت فيما بعد طقوسا تثير الغرابة لدى السامع كانها من اساطير السحر القديم.
وتارة نجده يستغرب كطفلٍ روعة الثقافة التي تجعله يُطيل النظر بزوايا البيت وانواره وثقافة وبساطة ترتيبه المتناسق ومرة تسعده اصوات العصافير وخرير الماء ممزوجا بصوت الموسيقى المنبعثة من غرفة القراءة التي لا يكاد بيت من بيوتهم يخلو منها، ثم يسترسل واصفاً تاريخ المدينة بطريقة مدهشة تنقلك كقاريء الى ذات الزمان والمكان اللذان عاشهما الراوي.
أحياناً يُجبِرُك الكاتب ان تتخيل بطريقته المتقنة الشخصيات التي تمر في الرواية من الخلقة الى الخُلق والملبس حتى وصلت درجة الاتقان الى وقع اصواتهم في الاذن كأنك فعلا تعيش في تلك الحقبة.. " كما اتذكر انني عشت لحظة فيضان احد البيوت فصعب عليّ التنفس".
لوهلة شعرت ان الكاتب نثر غباره السحري على كلماته لتنقلك ببراعة الى واقعٍ افتراضي يتشكل في العقل الباطن ليستحضر رؤاه الفكرية الى رؤاك كقاريء.
تنقسم الرواية من خلال فصولها الى قسمين كأن قام بكتابتها شخصين فالقسم الاول يروي قصة طفولة متشعبة لصبيٍ يجهل ماهيته الحقيقية وارتباطه بأهله ثم نجده يتجه في الفصل الثاني الى حكايا وقصص تخص المدينة التي عاش فيها وفي الفصل الثالث يروي قصة ابنة الجيران (سناء واحوالها) والتي كانت تهتم ببطل الرواية (محمد ابراهيم)، اما في الفصل الرابع يروي لنا بطل الرواية عن اخبار الجيران واحداث بيوتهم لتليها بعد ذلك عدة فصول تحكي احداث حدثت في المدينة منها خرافي ومنها ما هو غريب وعجيب وصاخب عن شخصيات تواجدت في الرواية وقبلها في الواقع.
فالرواية هي اقرب الى تسجيل تاريخي واقعي لسنين خلت. ثم يبدأ القسم الثاني للرواية في بداية الفصل الثالث عشر بظهور شخصية الصبي
(مكابيوس ابن يهودا) فيروي في الفصول التالية احداث عاشها باحثا عنه وعن اسرار اختفاء شخصيته واسبابها رغم موانع المحيطين.
يتبين فيما بعد ان (محمد) قد عاش لنفسه كإنسان ولشخصيته ككيان فعاش قصة حب وتعلم حب المطالعة وكتابة الروايات وتعلم الموسيقى وسماع الراقي من الالحان وتاريخ الموسيقى والموسيقيين الا أنه بقي باحثاً عن شخصية شغف بها كغواص يبحث عن بقايا سفينة كان قد رآها يوماً ما في ميناء احلامه.
يلتقي (محمد) ببعض الشخصيات التي تؤكد شكوكه حول شخصية (مكابيوس) الحقيقية التي ترمي له بعض فتات المعلومات والتي لا تكاد ان تكون نافعة لولا فطنته وفراسته فيجمعها بشكل متسلسل وكأنه يجمع اجزاء لعبة تركيب الصور وبعد مرور السنوات التي جعلت منه رجلا لتنفتح شرنقة (محمد) ويخرج منها (مكابيوس) ويرحل باحثاً عن حياته الحقيقية تاركاً وراءه موروثاً من الذكريات التي يكشفها فيما بعد اخوه الاصغر (غيرالشقيق) ليتقمص شخصية البطل ويكمل لنا بقية القصة.
شغفتنا الرواية باسلوبها الفكري فنجد الراوي قد زرع بين طيات صفحاتها بعض الالغاز فتارة يحيلك الى محقق بوليسي واخرى يحيلك الى محلل للاحداث، اتخذ الكاتب على عاتقه ان ينصف لأول مرة الطائفة اليهودية التي وقعت ضحيةً مرتين، مرةً ضحية المخططات السياسية واخرى ضحية بعض ضعاف النفوس من الجيران الذين ما ان خلت بيوت المهاجرين من اهلها حتى انقضّوا على تلك البيوت يسرقون محتوياتها، وهذه الحقبة يعرفها الناس لكنهم ينكرونها وتنكرها السلطات ولابسي عباءة الدين الذين ابوا ان يظهروا الحق فاتهموا اليهود بالكفر والشعوذة واطلقوا عليهم الكثير من الصفات التي لا تمت اليهم.
ببراعة الكاتب المسيطر على حبره خلق لنا رؤية واضحة حول تطور المدينة واصفاً اياها من حالة الـ (من) الى حالة الـ (الى) وكيف استحال نهرها الذي كان ثائرا على نفسه الى نهرٍ روضته التضاريس البشرية, وكيف كانت سينما ديالى عامرة باهلها والى اين الَ بها الحال.
ماذا بعد؟ ... هي الجملة الاولى التي تنطلق في فكرك كقاريء عند نهاية الرواية، لأنك رغم انتهاء فصولها ووصول رسالتها لكنك ترغب لو انها تستمر اكثر كما فيلم السينما عند نهايته لحظة ما لا يرغب الجمهور المشاهد انتهائه او المغادرة. انتهت الرواية وفارقتُ شخوصها كأني فارقتُ أهلي واصدقائي او كأني سافرتُ بعيدا تاركا كل عزيز. تنتهي الرواية، لكن شغفي وشوقي لان اقرأها مرة اخرى لا ينتهي في كل مرة أقلِب فيها صفحتها الاخيرة.
متاهة اخيرهم .. يبدو انها متاهة فعلا لأنني لم استطع في كل مرة ان اجد باب الخروج من متعتها كأن تقصد سندبادها ان يحبسني بين زوايا روايته وقد اخذ بساطه ومصباحه ورحل. ‏26‏/12‏/2015



#أمجد_القيسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانوراما المظاهرات العراقية ضد الفساد... رؤية شاملة


المزيد.....




- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمجد القيسي - رحلة في متن متاهة أخيرهم للروائي محمد الأحمد