أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - اسماعيل داود - سليم الوردي، تبكيك بغداد، يبكيك العراق














المزيد.....

سليم الوردي، تبكيك بغداد، يبكيك العراق


اسماعيل داود

الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 21:11
المحور: سيرة ذاتية
    


سليم الوردي، تبكيك بغداد، يبكيك العراق - في رحيل المفكر العراقي الاستاذ الدكتور سليم الوردي-

كان يلفت انتباهنا لانه ودون عن ابائنا، يتقرب لاصدقاء ولده زيد، تارة يلعب معنا كرة المنضدة، واخرى يبادلنا فيها اطراف الحديث اخذاً ارائنا بمواضيع متعددة. في مجتمع يتكبّر فيه البالغون عن الاستماع للشباب وعن فسح مجال لهم للتعبير، مكتفين بان يرددوا في الظاهر “الشباب جيل المستقبل”!

ذات يوم طلب منا ان نقراء مسودة روايته “غارات الثور المجنح”، ثم مسودة رواية “ سيرة ابراهيم”، طالباً ان نعطيه رئينا فيهما. اي سعادة غمرتني وقتها، ابديت له عن اعجابي بهما وسروري بالثقة التي وضعها فينا. فهذه روايات ما كان لها ان تنشر في زمن الرئيس السابق ، في فترة اسماها “فترة العقم السياسي”.

منذ يومها بدئت تربطنا به علاقة قوية، علاقة الاب والمعلم. لم اكن الوحيد من جيلي، فقد كان الفقيد يهتم بكثير من طلابه ومن معارفه ويبدي الرعاية الكبيره لكل منهم. لكني ومع ذلك كنت أُمني النفس باني احوز على اهتمام ورعاية اكثر منه! كان يصرف من وقته الثمين الكثير ليستمع الى ارائنا الحماسية في ضرورة الثورة على النظام وفي ترفعنا عن من نسميهم “بالاسلاميين” كان يواجه حماستنا بتفهم كبير ولكن وبنفس الوقت بحكمة عميقة غير مألوفة، وكان من الصعب علينا ان نفهم كل هذا.

أحدثه عن الفرح بالتغيير القادم حتى وان كان عن طريق الحرب، ويحدثني عن هشاشة حلمي وحلم الملايين من حولي، “ابني الحروب ما ممكن تكون بديل! ابني التغيير الي نحتاجة عميق وانت فرحان بتغيير سطحي ترة، ارجع اقراء علي الوردي! كان حريصا على ان يفهم جيلنا اولاً، مشاكل وطبائع مجتمعنا لنكون مؤهلين للحديث عن تغيير حقيقي.

لكننا لم نطق صبراً، كنا نستعرض فنصف انفسنا :“باليساريين” وكان اعرف منا باليسار، ولكنه حرص على “المسافة” بينه كرجل فكر وبين من حوله من يسار او يمين!

كم كانت فرحتي عظيمة حين وصفني قائلا: “انت نافذتي المهمة” كان يشير الى دوري في ايصال الكتب المستنسخة الممنوعة له خلال فترة الحصار في نهاية تسعينيات القرن الماضي واوائل القرن الحالي. كنت وبسبب قرب منزلنا من منزله القديم في حي الكفاءات المجاور لحي الخضراء في بغداد، احوز على عطف واهتمام الاصدقاء المشتركين، فاحصل على الكتب لفترة مضاعفة: “هذاالكتاب لك اقراءه ثم مرره للدكتور ولك ان تعيده بعد اسبوعين او ثلاثة”.

كنت احاول نقاشه بهذه الكتب، وان غبت عنه لفترة طويلة حرص على ان يسأل :“اين انت ، الا تعرف بانك انت نافذتي المهمة”. وربما كان يعني ايضا انه يرى من خلالي جيل كامل من الحالمين! الفرق بيننا وبينه انه كان يعمل كثيرا دون ان يثرثر وكنا نثرثر امامه كثيرا دون ان نعمل!

كنا ننتظر مقالاته في جريدة النهضة او في صفحة اراء في صحيفة الصباح، ونمني النفس بالمزيد. ماتزال مقالته عن “التقليم الجائر لشجرة المواطنة العراقية” تترائى امام ناظري لتحكي سيرة العراق السياسية في الماضي القريب في التفريط بمواطنيه بحجة الدين او القومية او المذهب او الانتماء السياسي، حكاية لم نتعلم منها الكثير ، ومازالت وقائعها مستمرة الى يومنا هذا!

بالرغم من سفري وبعدي عن العراق حرص على ان تصل لي مؤلفاته المهمة، لاستزيد منها معرفة وعلم، ولافرح بعبارة “ الى ولدي العزيز” التي كان يستهل بها اهدائه لي كتبه القيّمة.

تعلمت من كتابه “مقتربات الى المشروع السياسي العراقي” نقد الماضي والحاضر معاً، نقدٌ اساسه اننا نكرر الاخطاء ونهمل استخلاص الدروس والعبر مما نمر به من احداث جسام. تعلمت من كتابه ”الاستبداد النفطي” توجيه سهام النقد للاستبداد سعياً لان نعالج جذوره، وان لا نكتفي بشتم المستبد وتمني نهايته!
كم اسعدني خبر نشره لرواية “غارات الثور المجنح” ومنها تعلمنا النظر الى مشاكلنا الاجتماعية بعمق، الى جذور مشاكل الفساد وتدني الخدمات. فرحت ايضا بنشره وقبيل وفاته رواية “سيرة ابراهيم” وفيها يدافع عن حقوق الاقليات وعن حق المواطنة محملاً المجتمع قبل الحكام مسؤولية اضطهاد الاقليات والتقليل من شأن الهوية المدنية للمواطن العراقي ، ف”ابراهيم” منا نحبه ونذبحه بذات الوقت!

كم احبنا واحب العراق فنذر لنا عمره وفكره، غير منتظرا منا لأي شكر، مترفعاً عن كل مجد!

اليوم بفقدانه وبشكل مفاجئ ومبكر اجدني في صدمة، صدمة قد يشاركني فيها الكثير ممن تتلمذوا على يده او ممن عرفوه وكان لهم اباً ومرشداً، وهم له مريدين.
أتعرفون سبب هذه الصدمة، انه وبصراحة: حاجتنا له، تصورنا ان بمقدورنا ان نعود اليه لنلوذ بحكمته وفكره، شاكين احباطنا المتوالي … مرة بعد اخرى!

كنا بحاجة له وكان قد تعب منا ففضّل المغادرة!






#اسماعيل_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيبوبة “كوب 21 “ : قمة المناخ في باريس والمجتمع المدني العرق ...
- سر الحقيبة الأشورية!
- قراءة أولية في بنود حماية الاثار الواردة في قرار مجلس الامن ...
- المثلك يا ابو انيس هذا الوكت مطلوب!
- زكية جورج لم تكن مُدافعة عن حقوق المرأة ولكن !
- كُلّ ما حَولنا سياسة، والدليل زكيّة جورج !
- الى من هم احق بالاحتفال والتهنئة!
- صديقتي التونسية... تسال عن العراق! (2)
- صديقتي التونسية... تسال عن العراق!
- دَرسٌ في الكرامة
- مشكلة واستبيان!
- احفظوا الموروث العالمي لنهر دجلة في وادي الرافدين، الاهوار ف ...
- المنتدى الاجتماعي العراقي
- الحوار المتمدن مُتَسع للكتابة والنشر والنقد، قلّ نظيرها!
- حديثٌ في الثقافة والسفارة!
- ثمانية وثلاثون سؤال حول حقوق الإنسان في العراق
- ﻻ تنتخبوا أُُم سجاد !
- العراق و آلية الاستعراض الدوري الشامل
- عُذراً ، فبناء السلام في بِلادي يحتاجُ لموافقاتٍ أمنية !
- فيكَ الخصامُ وأنتَ الخصم والحكمُ


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - اسماعيل داود - سليم الوردي، تبكيك بغداد، يبكيك العراق