أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سادس):















المزيد.....



الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سادس):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 21:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا بد أن القاريء الكريم قد لاحظ بنفسه العداء المستحكم ضد الإسلام والقرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم أخيراً المسلمين. لدرجة أن الشخص يندهش – عندما يقرأ لهؤلاء المتسابقين في الإساءة إليه وتقليب الأمور والإدعاءات التي يصعب تصورها, وتزداد دهشته وحيرته أكثر عندما يقرأ في القرآن وأحاديث النبي الكريم وهديه وحرصه الشديد على سعادة ونجاة كل البشرية من سوء العاقبة لدرجة أن الله تعالى عاتبه على هذا الحرص وعدم شفقته على نفسه,, فلا يجد شيئاً ولو تلميحاً يمكن أن يبرر هذا الوجد الغريب والملاحقة والحرص الشديد على تشويهه والتشكيك في هذا الدين القويم الوسط, ثم التخلص منه نهائياً.

هذه الظاهرة لا بد أن تكون لها أسباب خفية غير معلنة, ولها من يزكي نارها ويحرص على بقاءها مشتعلة بصورة مستمرة, فما هي هذه الأسباب ومن ذاك الذي يقف وراءها ويحرص كل الحرص على تجديدها وتصعيدها, وما العائد الذي ينتظره من ذلك؟؟؟

فالملاحظ أنه كلما إزداد القرآن تأكيداً للعدل والمساواة والقسط بين الناس - والحرية المطلقة في إختيار الفرد والجماعة للعقيدة التي لا يقبلها الله بدون قناعة تامة وإقتناع أكيد, وقد غلظ الإسلام في ملاحقة الذين يعتدون على غيرهم لأي سبب, ولا يقبل أي مبرر لذلك،، الخ - كلما إزداد المعادون له عداوة وضراوة وضيقاً وتبرما به حتى إنْ كان سعيه في صالحهم ومتفقاً مع أغراضهم وتطلعاتهم. فلم أجد قاسماً مشتركاً لكل هذا السلوك سوى (العنصرية) والحقد والمفهوم الخاطيء في أبشع صورهما المبنيان على جهل عميق بحقائق الأمور والإفتراءات والأباطيل التي ليس لها حظ من واقع.

نعم, قد يكون من ضمن الأسباب المباشرة لذلك هو "الخطاب المنسوب إلى الإسلام" من بعض المسلمين الجاهلين بمراد الله تعالى من الأديان أساساً, وأنصاف المثقفين والمتعصبين الذين لا يتدبرون القرآن ويحملونه ما لا يحتمل ظناً منهم انهم حريصون وغيورون عليه وعلى الإسلام وعلى مصالح البشرية بحملهم على تفادي غضب الله عليهم, ولكنهم في واقعهم وحقيقتهم وتأثيرهم لا أكثر من معاول هدامة تعمل بدون وعي على الإساءة وجلب العداءات له لحرصهم على عرضه بطريقة عنصرية حتى أوهموا الناس بأنه دين العرب "عرقياً".

ثم جعلوا أهل الأديان والأمم الأخرى يعتقدون أن الإسلام يعمل على التنافس "العنصري" معهم فأصبح كل الذي يناهض ويعادي الإسلام إنما ينطلق أساساً من التماير والمقارنات العنصرية والتنافس (نحن وأنتم,,, ديننا ودينكم,,, كتابنا وكتابكم,,, نبينا ونبيكم,,, أمتنا وأمتكم... الخ). هذا بالإضافة إلى الذين أسرفوا على أنفسهم وتمكنت منهم شرورهم ونزعاتهم الإبليسية المتأصلة في نفوسهم حتى باتوا عاجزين عن الخروج من هذه الأوضاع المخزية التي يشعرون بحقارتهم وضعتهم عند مقارنة أنفسهم بالمعتدلين المحترمين فيسعون لإزالة هذه الفوارق التي عجزوا أن يرتقوا إليها فلم يبق أمامهم سوى مناهضة هذا التميز والسعي للقضاء عليه (حسداً من عند أنفسهم) وذلك ليحققوا هذه المساواة السالبة حتى لو أدى ذلك إلى فساد وإفساد الدنيا بأسرها وكان هلاكهم فيها.

هذا الخطاب قد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم, وقال الله لنبيه الكريم (ولو كنت فظاً غليظ القلب لافضوا من حولك). وقال له في سورة النحل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ - « بِالْحِكْمَةِ » « وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ » « وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ 125). لا تشغل بالك بالنتائج, فأنت غير مكلف بمتابعتها أو تقييمها أو محاسبة الناس على تعاملهم مع ربهم.

ثم بين له حدود وضوابط إسترداد الحق المشروع من المعتدين, ووضع لهم خياراته, قال: ( « وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ » « وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ» 126), ثم صرفه عن خيار المعاقبة وحبب إليه خيار العفو والصبر وحصره له في ثلاث مراحل قال: ( « وَاصْبِرْ » وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ « وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ » « وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ » 127), وطمئنه بأن يسلك هذا الخيار بلا خوف بقوله له مؤكداً: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ 128).

ولكن, مع كل ذلك الوضوح والسماحة قيَّمَهُ الآخرون المناهضون المغرضون على أنه "تمييز عنصري" قهري يريد العرب أن يتعالوا به على غيرهم, فعزوا ذلك إلى اللغة العربية على أنها ملكاً خالصاً وحكراً على ألعرب "عرقياً" دون غيرهم, ونسوا أو تناسوا انها أولاً وأخيراً هي لسان ضمن الألسن المختلفة التي ينطق بها البشر وليست حكراً على البعض دون غيرهم, ونسبوا الدين الإسلامي "عرقياً" للعرب وقد خدعهم أنه نزل بلسانهم ولأن واقعه أثبت أنه متفرد في كل شيء فأراد المتمردون "عنصرياً" والمناهضون للعرب إثنياً التركيز على هذه التميز التي نسبها العرب لأنفسهم دون وجه حق - ولم يخصهم الله بهذا الحق في القرآن صراحة - حتى لو إضطروا إلى قلب الحقائق وإنكار التفرد والتميز والإعجاز لهذا الكتاب ليفوتوا على العرب هذا التميز المدعى والذي لو إعترفوا به وبفضله وتفرده "صراحة" , فإنهم (في ظنهم) سيعترفون بهذا الإعجاز "للعرب" عرقياً وهذا ما لن يسمحوا لهم به أبداً.

فالذين ظنوا توهماً أن القرآن "ميزة عربية" عرقية عنصرية – سواءاً أكانوا من جهلاء المسلمين العرب الذين فيهم جاهلية وإثنية أو من سفهاء غيرهم من الملل الأخرى الذين بنيت عقيدتهم أساساً على "العنصرية" العرقية والتعالي على الآخرين, الذين حرفوا دينهم وكتابهم السماوي بدافع من هذه العنصرية التي جعلتهم يظنون أنهم شعب الله المختار, فإنهم بهذا الظن مخطئون ولا يملكون عليه دليل ولا برهان ولا كتاب منير.

فكل الذين يناهضون الإسلام ويناصبونه العداء قاسمهم المشترك هو منافسة ومناهضة "العروبة" عرقياً لأن القرآن نزل باللغة العربية, فظن أو توهم العرب والآخرون المناهضون لهم بأنه "كتاب العرب" كما قال عادل العمري وطريف, ولأن النبي جاء أصله من العرب وكان بنوا إسرائيل يتوقعونه ويرجونه "عرقياً" أن يكون عبرياً منهم, ثم – بجانب هذا وذاك التفرد في البيان والشمولية والصدق الذي يمتاز به القرآن الكريم, والذي عجز الآخرون عن مجاراته أو تقليده أو نفيه لأنه متطابق مع واقع الحياة تماماً,, فمثلاً:

1. لم يجد اليهود القرآن مخالفاً لما جاء به موسى عليه السلام, بل وجدوا أن صدقه وواقعه قد كشف ما عمدوا إلى إخفائه وتحريفه, وقد أدان كل أعمالهم وسلوكياتهم المخالفة لشريعة موسى, تلك المخالفات والتجاوزات التي فاقت في شرها وغلظتها ما كان يفعله بهم فرعون وملئه. وأن هذا الذي فعله القرآن هو نفسه ما كان قد فعله عيسى عليه السلام معهم بكشف ضلالاتهم وتصحيح مسارهم, فإتهموه بالتجديف ليبرروا ملاحقته, وعمدوا إلى التخلص منه بتصفيته ورفضوا دينه, والإعتراف به, بل وخاضوا في نسبه وفي أمه الصديقة البتول, فحقدوا عليه "عنصرياً" ولاحقوه حتى كادوا أن ينالوا منه فشبهه الله بغيره من التعساء المتقدمين في طلبه فرفعه الله تعالى ونجاه من قبضتهم الآثمة.

ولما جاءهم ما عرفوا,, وكانوا يستفتحون به وينتظرونه صدموا بأنه جاء من ولد إسماعيل "عربي" وعلى الرغم من أنهم كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم تحركت "الإثنية" والعرقية والعنصرية في وجدانهم فعميت قلوبهم وغشيت أبصارهم ووقرت آذانهم فحاربون وناصبوه العداء حتى اليوم وغداً.

قال تعالى في سورة البقرة: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ 89). وعن معرفتهم المسبقة لنبيه ورسول محمد قال: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 146).

2. والنصارى لم يجدوا القرآن الكريم مخالفاً للتوراة و لا للإنجيل, ولكنهم وجدوه مخالفاً لهم في اشياء ظنية من عند أنفسهم وليست حقيقية, شوهت لديهم التوحيد بل وبلغت أعلى درجات الشرك والكفر وذلك لتوهمهم بأن المسيح عيسى بن مريم "إبن الله", (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلَّا كذباً).

ثم شطحوا وتمادوا في الظن ليجدوا ما يبرر لهم مجيء عيسى عليه السلام من أم بدون أب, فنشروا أباطيل وشطحات حتى بلغوا بها الخوض في ذات الله تعالى فجعلوه مركباً من أقانيم (لاهوت, وناسوت, وروح قدس), ثم إدعوا أن هذا المركب من ثلاثة هو إله واحد, وأن هذا التركيب الغريب هو يسوع = الله الواحد الديان (تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا), والغريب في الأمر أنهم قد عجزوا عن إيجاد مبرر منطقي مقنع حتى لهم أنفسهم لأن العقل والفطرة السليمة تأبى هذا التركيب الوهمي المستحيل, وعلى الرغم من سخافة الفكرة وعدم قبولها لدى العقل السليم والمنطق حتى في إطار الخرافة, بنوا عليها دينهم وعقيدتهم, وحتى يسلم لهم ذلك المعتقد, كان لا بد من أن يناهضوا القرآن الذي سفه أحلامهم وكشف زيف معتقدهم, وحاججهم, خاصة وأن الذي جاء بهذا القرآن " نبي عربي" وقد فهموا بشارة عيسى عليه السلام على أنه منهم فكانت المناهضة ولا تزال "عرقية" عنصرية من أوجه كثيرة. وعلى الرغم من كل ذلك فقد إستثنى الله بعضهم في سورة آل عمران, بقولن عنهم: (لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ 113).

ثم قطع حجة أهل الكتاب, وأبطل لجاجتهم وجدالهم حول التوراة والإنجيل والقرآن وقفل أمامهم باب العرقية والإثنية والجهوية,, "العنصرية" بقوله تعالى لرسوله الكريم في سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ - تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ - « أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ » « وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا » « وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ » فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 64). فما المبرر إذاً لكل هذا ألعدوان والمكائد بعد هذا العرض المتوازن إن لم تكن داءات "العنصرية المتأصلة والمتجذرة في الصميم"؟

ثم حسم أمر الجدال في عيسى عليه السلام بقوله تعالى لنبيه الكريم: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59), هذه الحقيقة يعلمها علماء أهل الكتاب جيداً, لذا قال له مؤكداً ذلك: (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ 60).
ثم بعد ذلك حسم إنكارهم لهذه الحقيقة الدامغة بمواجهتهم بالمباهلة ودعوتهم لها, فقال الله تعالى له: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ - « تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ » « وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ » « وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ » 61), ولكنهم لم يفعلوا ذلك لعلمهم أنه صادق وأن هذه المباهلة لها ما بعدها من الله وهو الهلاك كما فعل بالأمم البائدة.

3. أما الملحد,, فهو ذلك الشخص الذي إختار لنفسه الإنكار, بألَّا يعترف بوجود اله او رب أو خالق لهذا ألكون, فيقول إنه يؤمن بالعلم فقط ولا يؤمن بالغيب لأنه لا يراه "مادياً" بمداركه. وقد بنى مفاهيمه كلها على فكرة لا دليل له عليها ولا سند ولا برهان سوى إتباع الهوى والتمرد على نفسه أولاً ثم على ربه الذي خلقه, وهو (إنكار وجود الله سبحانه وتعالى إبتداءاً) والإصرار على أن هذا الكون كله بإنسانه وحيوانه ونباته وكل الكائنات التي فيه إنما وجدت صدفةً وسينتهي كما بدأت, وأنه لا توجد حياة بعد الموت.

وترتب على هذه المفاهيم التمرد على كل ما يصدر عن الله من أمر ونهي وتوجيه والسخرية منه, مع عدم الاعتراف بالمفاهيم والقيود الأخلاقية والضمير ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ولا باليوم الآخر من نعيم أو جحيم. أما الإنسان – في مفهومه – فهو مادة, ومن ثم تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم البحثية والتجريبيية المختبرية تماماً كما تنطبق على الأشياء المادية الأخرى غيره.

حقيقةً,, لم يعبأ الله تعالى بالملحد أو بالإلحاد, بل ولم يناقش قضيته أو يتحدث عنها أو يلفت النظر إليها أو يكلف الرسل بمناقشة أهله,, فقد إعتبره الله حالةً جامدة معطلة مغلقة ومحسومة, وتقع خارج نطاق إهتمام الشرع والتشريع, لأن صاحبها قد حسم أمره بإنكاره وجود الله تعالى في الأساس فلم يدع مبرراً لشيء يمكن النظر إليه أو مراعاته أو نقاشه, وقد أغلق مداركه على ذلك الإختيار فختم الله عليها مستغنياً.

لذا فلا مجال لمناقشته أو مراجعته أو حتى تذكيره بالآخرة وما فيها إلَّا ضمنياً لإقامة الحجة عليه, وإنما وضَّح بأنَّ شأنه بات معلقاً "مع المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم" - يوم القيامة مع الذين أعد الله تعالى لهم ما يستحقونه من تبعات وجزاء, لذا قَلَّتِ الآيات التي تتحدث عن بيان أهم سماتهم المميزة, وقد إنحصرت في الآيات التالية:
- ففي سورة فصلت, قال تعالى عنهم: (إِنَّ « الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا » أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ «« اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ »» 40). فقد بلَّغَتِ الأنبياء والرسل كل الناس حتى لا تكون لأحد منهم حجةً بعد الرسل, فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

- وقال عنهم في سورة الأعراف: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا «« وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ »» سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 180). أما نوع الجزاء فهذا غيب لا يعلمه إلَّا الله تعالى.

- وقال في سورة النحل: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ 103).

- ثم قال في سورة الحج: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ « وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ » نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 25).

فهذا كل شيء قاله الله في القرآن الكريم عن الإلحاد والملحدين.... فهم الذين إختاروه, والله قَبِلَ منهم إختيارهم, وحسم أمرهم فأرجأه إلى يوم القيامة.
إذاً والحال كذلك,, فما الذي يجعلهم يدخلون مرة أخرى في دائرة هم في الأساس أخرجوا أنفسهم منها بإختيارهم وإرتضوا مصيرهم هناك ولم يجبرهم أحد على ذلك حتى يحقدوا عليه. فهل هم في قرارة أنفسهم غير مقتنعين بما إختاروه لأنفسهم, أم أن هناك قوة خفية قهرتهم على هذا الإختيار,,, أم هو عشق الشر والكيد والإعتداء والعنصرية؟؟؟

فقد خيرهم الله فإختاروا لأنفسهم بكل وضوح, فلم يبق سوى الجزاء على ذلك الإختيار, ولا مجال أساساً لمناقشتهم, بل قال لهم الله تعالى بكل وضوح: (... اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). هم أنكروا وجود الله غيباً, فتوعدهم الله بالجزاء غيباً, فما هو سر عدوانهم وملاحقتهم وتشكيكهم في الإسلام بهذه الصورة الهستيرية المريضة, إن لم تكن رواسب ومكونات ما يعرف لديكم "بالعنصرية" والشعور بالإحباط؟؟؟

4. أما المشركون وعبدة الأوثان والأصنام فهؤلاء إنما يقلدون آباءهم ولا يدرون سبب عبادتهم هذه سوى العادة والتقليد, ولم يكن أمامهم غيرها خاصة وأن أهل الكتاب – قبل الإسلام - لم يكن حالهم مغرياً لغيرهم لإتباع دينهم, فهم متخالفون متناحرون متحاربون متعادون ,,, ومع ذلك فإنهم يعرفون أن هناك خالق لهذا الكون, لذا لم ينسبوا الخلق ولا المصير لهذه الأصنام ولكنهم لا يدرون كيف يصلون إلى الخالق.

كانوا يظنون أن عبادة الأصنام ستقربهم من الله زلفى – سواءاً أكان ذلك حقيقة أو إدعاءاً منهم. وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله في سورة الزمر: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ - « مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى » - إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).

وقوله: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ « لَيَقُولُنَّ اللَّهُ » قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ 38). المهم أن الصحابة الكرام خرجوا من بينهم بعد أن هداهم الله للحق المبين وبقي أهل الكتاب على حالهم وإنقساماتهم وعداءاتهم وشكهم يترددون.

ولا شك في أن الأوصاف السامية السامقة للمؤمنين, والقدر الكبير من المدح والوعود بالفضل في الحياة الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة, ومقارنتهم بغيرهم من الكفار – وإن كان ذلك موعده يوم القيامة الذي هم لا يؤمنون به – إلَّا أنه يترك في أنفسهم شعوراً بتميز المؤمنين عليهم - ولعلمهم أنه ليس لديهم المقومات التي تجعلهم نداً لهم ومنافستهم في ذلك الفضل لأنهم فقدوا القدرة على مغالبة النفس الأمارة وسلطان الشهوات والملاهي التي كيفوا حياتهم عليها.

فباتت جزءاً لا يتجزأ من كيانهم وضروريات حياتهم التي أصبح مجرد التفكير في قيود الأخلاق والفضائل وإلتزام العبادات وحتميتها,, الخ يعتبر بالنسبة لهم كارثة وصاعقة لا يستطيعون تحملها, فيتحرك الحقد والحسد "العنصري" في وجدانهم فلا يجدون سبيلاً سوى أن يسعوا بكل طاقاتهم ليجعلوا هؤلاء المتميزين عنهم في ضلال مثلهم ما دام أنهم لا يستطيعون اللحاق بهم في فضلهم. فيكون المحرك للصراع غير المبرر وغير المنطقي مع هؤلاء أساسه عناصر العنصرية التي أساسها الحسد والشعور بالنقص.

وقال تعالى في سورة المائدة: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ المائدة 60). فهذا يعني أن هناك بشر لم يتركوا شراً إلَّا وغرقوا فيه وعشقوه وكووا غيرهم بناره, فهؤلاء غضب الله عليهم, فلعنهم وجعلهم ثلاث طوائف:

فالأولى هم البشر الذين جعل الله منهم القروداً,
والثانية أيضاً بشر من المغضوب عليهم وقج وجعل الله منهم الخنازير,
أما الثالثة منهم فقد تضمنت عبد الطاغوت على إختلافهم وتنوعهم (والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله تعالى),
فهذه الطوائف الثلاثة لا خير يرجى فيها, بل هم شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل. وهؤلاء هم بيننا الآن, تشقى بوجودهم كل الأمم, وهم المسئولون عن كل مصائب الدنيا من قتل وتشريد وظلم وإعتداء وكفر صريح بواح,,, الخ.

عودة إلى موضوع الدراسة نقول:
أيضاً,, من الإدعاءات التي يركز عليها المدَّعون والمبتدعون والمتشككون في القرآن الكريم تكرارهم وتداولهم لمسألة جمع القرآن الكريم, ظناً منهم أو أملاً في أنه قد توجد هناك ثغرات يمكنهم محاولة الولوج منها وإستغلالها لزرع بذور الشك في إحتمالية إضافة شيء إليه أو سقوط شيء آخر منه, فيقول الكاتب العمري عن القرآن الكريم في ذلك, مثلاً: (... رغم ما شاب جمعه من صعوبات ومشاكل لا حصر لها ...), دون أن يكلف نفسه بذكر ولو بضع مشاكل من تلك التي يتحدث عنها بدلاً من المبالغات والإدعاءات والإثارة التي لن تخدم غايته أو تضيف إليها ما يظاهر.

يريدون أن يجعلوا من "الحَبَّةِ" قُبَّةً - كما يقولون,, لكأنَّما هذا القرآن قد جمع من مخلفات وقصاصات من هنا وهناك, وأن الذي جُمِعَ منه هو أقصى ما أمكن الحصول عليه وأنَّ هناك شيء ما مفقود منه, ثم جمح بهم الخيال في أنه قد رُتِّبَ بقدر ما بلغه فكر وقدرات وتصور الموكل إليهم جمعه (كما يظن ويأمل هؤلاء المبطلون الجاهلون), من أتباع أبي جهل العصر وصبيه الغبي, ثم شطحات وتخرصات وتخريفات سامي الذيب وطريف سردست,,,.

ولكن القرآن الكريم نفسه قد أضاع عليهم هذه الفرصة فأكد بأن جمع القرآن وقرآنه قد تولاه الله تعالى في حياة الرسول الكريم, فقال له بصريح القول في سورة القيامة: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16), فأنت لا ولن تحتاج لهذا المجهود أو التعَجُّلِ, إطمئن, فالأمر لدينا محسوم: ( «« إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ »» 17), فلا تشغل بالك من هذه الناحية, فقط المطلوب منك الإنتباه له وتدبره, قال: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18), فهذا يكفي من جانبك ليس المطلوب منك أكثر من ذلك: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ 19).
إذاً, وبنص هذه الآيات البينات الكيمات يصبح جمع القرآن, وقراءته, وبيانه على الله الذي أنزله على رسوله. وبالتالي فلا مجال للقول بما يدعيه هؤلاء المضلين الأفاكين بالتشكيك في عملية جمعه.

ولقد سال لعابهم حين بلغهم أن هناك خلاف بين العلماء حول أول وآخر آية, والأحرف والقراءات السبع أو العشر التي – كما يقول الكاتب إنه – لم يتم الإتفاق على عددها ولا معناها والتي أثارت مشاكل لا حل لها كما يدعي (هكذا يفكر ويأمل هؤلاء المتربصون المرتابون) ولكن كل هذه أوهام لا أصل لها البتة, فليختلف العلماء في هذه الأشياء التي لن يزيد الإتفاق حولها أمراً جللاً ولن ينقص الإختلاف حولها أمراً خطيراً. فالمجال واسع لديهم وأمامهم في التفاكر والتناصح والتدارس،،، ما دام أن الجميع يتجه نحو مركز الدائرة وسينتهي عنده أو يقترب منه حيث كتاب الله وسنة رسوله الكريم.

ثم لم يُضِعِ الكاتب فرصة ذكر فرية (مبدأ النسخ, وتحديد الآيات المنسوخة والناسخة), فنقول له ما يلي:
جاءت آية النسخ في سورة البقرة في سياق الحديث عن أهل الكتاب, إلى أن قال: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ 105), ثم قال بعد ذلك مباشرة: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 106), فلنناقش هذه الآيات فيما يلي:

أولاً: ما هي آيات الله التي ينسخها أو ينسها تحديداً؟
1. هل آيات الله تعالى هي القرآن الكريم الذي أوحاه الله لنبيه محمد فقط؟ ..... من ظن ذلك يكون واهماً شحيح المعرفة بكتاب أو كتب الله تعالى,

2. اليس الذي وصى الله به نوحاً هو أيضاً من آيات الله تعالى؟ ..... ولكن, هل إستمر العمل به مع صحف إبراهيم وموسى أم نسخه الله تعالى وأتى بخير منه أو مثله؟؟؟
3. أليست الصحف الأولى صحب إبراهيم وموسى هي آيات الله أيضاً؟ ..... فهل إستمر العمل بهما مع التوراة وبعدها, أم نسخها الله تعالى وأتى بخير منها أو مثلها وهي التوراة ؟؟؟
4. أليست التوراة آيات الله تعالى أيضاً؟ ..... ألم يُحَلْ عيسى لبني إسرائيل طيبات كانت قد حرمت عليهم ثم جاءهم بالإنجيل معه؟؟؟ ..... أليس رفع التحريم عن الطبيات التي كانت محرمة على بني إسرائيل هو نسخ لآية بآية أخرى خير منها أو مثلها جاء بها عيسى عليه السلام؟؟؟
5. أليس الإنجيل هو آيات الله تعالى أيضاً؟ ..... هل إستمر العمل به مع التوراة في عهد الإسلام أم أن الله تعالى قد نسخهما وأتى بخير منهما أو مثلهما وهو القرآن الكريم؟؟؟

معنى هذا فإن الناسخ والمنسوخ ليس وقفاً على القرآن الكريم فقط, وإنما الله تعالى ينسخ ما يشاء متى شاء ويستبدل به غيره. وقد أكد ذلك لنبيه الكريم بقوله: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ 107)؟؟؟

ثانياً: نعم هناك ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم ما في ذلك شك ولا عيب أو مأخذ. ولكن:
1. هل النسخ قام به النبي محمد بنفسه أم كلف به أحد غيره؟ ..... الجواب "بالطبع لا لم يكلف به أحد غيره", بل قام به بنفسه, بل لا ينبغي لأحد غيره القيام بذلك أو مجرد التفكير فيه,

2. هل هذا الناسخ والمنسوخ حدث في حياة النبي أثناء التنزيل أو بعد إنقطاع الوحي وموت النبي محمد؟ ..... بالطبع أثناء التنزيل وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم,

3. هل تجرأ أحد من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم بعمل أي نسخ أو منسوخ بكتاب الله تعالى؟ ..... بالطبع لا,, لم ولن يتجرأ إنس ولا جان بعمل أي تغيير أو تبديل بزيادة أو نقصان بكتاب الله بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟؟؟

إذاً أيها المبطلون الضالون المضلون,, ما شأنكم أنتم بما يفعله النبي الكريم في ما أوحاه الله له,,, فهل تريدون أن يأخذ الله تعالى إذناً منكم لينسخ ما يشاء من آياته وكتابه وينسي ما يريد من شرعه؟ أم تريدون منه تعالى أن يبرر لكم عمله وقوله ومشيئته؟؟؟ ..... وهل كلف الله بذلك أحد غير أو مع رسوله الأمين محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين؟؟؟

ألم يقل الله تعالى للمؤمنين محذراً من أن يسألوا رسول الله كما سأل بنو إسرائيل رسولهم موسى, قال: (أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)؟؟؟

ثم,,, ألم تروا التوقيع النهائي على الكمال في قوله تعالى للمؤمنين في حياة نبيهم الخاتم: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ » فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ - «« الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا »» - فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 3).

الآن وبعد كل هذا التوثيق من الله تعالى يأتي هؤلاء الأقذام ليخوضوا في ديننا ويتبجحون, وفي الواقع هم المنسوخون والقرآن الكريم والدين الإسلامي هو الناسخ لهم والمنسي ولا يوجد ناسخ له حتى قيام الساعة, وقد جاء بأحسن ما عندهم أو مثله فكله من عنده وكله لدينا مقدس ومحل إيمان وتمجيد, وقد أمرنا ألَّا نعمل بالكتب السابقة ولكننا نؤمن بها فإلتزمنا ما أمرنا به فماذا تريدون منا أيها المتشدقون الكذابون؟؟؟

ثم لم ينسَ العمري إصطحاب إدعاءات العُتُل الزنيم وصبيه الغبي التي يفتأ يرددها فيتناولها عنه الجهلاء المجهَّلون كأنها حقيقة رغم وضوح إفكها وضحالتها, فقال بإدعائه بأن هناك آيات مفقودة وأخرى مضافة وذلك حتى يواري سوءة التحريف المثبت في كتابه المقدس عنده. وفي القرآن الكريم تأكيداً لما هو حادث لديهم, ثم لم ينسَ أن يصحب معه فرية أخطاء الجمع المحتملة, ثم الكتابة العربية التي كانت في البداية غير منقطة ولا مُشكَّلة وتمت إضافة النقط والتشكيل على مراحل,,, الخ.

إلى أي شيء تسعى وتهدف وترمي يا عادل العمري من كل هذه التشككات الهزيلة الغبية الساذجة؟؟ ..... دعني أساعدك وألخص لك ما عجزت عن البوح به صراحةً, وفضلت اللف والدوران تحايلاً مكشوفاً. إذاً كنت تريد أن تقول إن القرآن غير معصوم من الخطأ والتحريف والإضافة والنقيصة بالفقد أثناء الجمع أو بالناسخ والمنسوخ, وإنه قد يكون عرضة للخطأ خاصة وأن الكتابة العربية في البداية لم تكن منقطة ولا مشكلة, وأن القرآن جمع في عهد الأمويين بلا, بلا, بلا. أهذا كل شيء قدرت عليه يا عادل؟؟؟ والله إنك قد أدخلت نفسك في ورطة ستخرج منها بلا مصداقية وبلا دماغ,, ما لم تأتينا بآية أو سورة من القرآن الكريم الموجود أمامك الآن يكون فيها شيء مما قلته, على سبيل المثال:

1. هاتِ لنا سورة من كل سور القرآن الكريم ناقصة في مدلولها وغايتها ولو بنقطة واحدة أو شكلاً أو علامة من تجويد تجعل السورة بها نقص إن كنت من الصادقين,, إنتبه!!! هذا تحدٍ, فليساعدك فيه أبو جهل العصر وصبيه الغبي إن شئت أو سامي الذئب أو نحوهم.

2. هات لنا آية واحدة من كل آيات المصحف بها أئ نقص في المعنى أو المدلول أو الغاية ولو بحرف أو حركة ضبط بحيث يقف المتدبر محتاراً في المعنى الناقص للكلمة أو الحرف الناقص الذي تدعيه أنت ومن معك,,, هذا تحدٍ آخر مغلظ,, عليك أن تثبت لنا من خلاله مصداقيتك المتجدرة التي باتت على المحك.

3. هاتِ لنا كلمة واحدة "زائدة" في أي آية من كتاب الله تعالى يفرزها البناء الإنشائي والقواعد النحوية والتراكيب البلاغية أو أي تنقيط أو تشكيل يؤكد صدق إدعائك بإضافة شيء ما إلى كتاب الله تعالى وهذا أيضاً تحدٍ مركب مغلظ "مُلِحُّ" على كل من يشاركك الإدعاء, فعليك أن تتذكر أنك لا تكتب تقريراً عن ملاحظاتك لآثار من حفريات الفراعنة أو القدماء, وإنما تتحدث عن كتاب كريم أنت نفسك قلت عنه (ويعد القرآن حتى الآن أهم وثيقة كتبت باللغة العربية), وهذه الوثيقة التي تتحدث عنها موجودة الآن تحت سمعك وبصرك وفي متناول يدك,, فما عليك سوى أن تشير إلى حيث تدعي وتأفك إن كنت واثقاً من نفسك وصدقك,, وإن لم تفعل فإنك ستجد نفسك بلا مصداقية ولا أمانة علمية, وستشهد بأنك تكتب عمَّا لا تعرف وتقول بما لا تفهم وتعلم, بل وتكذب على القراء الكرام عياناً بياناً.

4. القرآن الكريم يحكي الحياة كلها, ماضيها وحاضرها ومستقبلها, وقد قال تعالى من ضمن التحديات المعجزة لكل مكذب مفترٍ مبطل, في سورة الأنعام: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ 38), وبالتالي فالكتاب الذي قال الله تعالى فيه هذا التحدي أمامك الآن,,, فما عليك سوى تكذيب هذا القول بأن تأتي بشيء ناقص فيه فتضرب عصفورين بحجر واحد, أولاً تثبت صدق إدعائك بأنك قد وجدت نقصاً أو زيادة فيه, ثانياً تكون قد أثبتت عدم وجود أشياء قال القرآن إنها موجودة فيه.

أما إن فشلت في إيجاد شيء ما ولو زهيد يمكن أن يؤكد صدق إدعائك هذا,, أو إن سكتَّ عن الإجابة على هذه الأسئلة بإحضار الدليل المادي من القرآن نفسه تكون قد حكمت على نفس بما يتناسب مع موقفك الذي – حينئذ – لن تحسد عليه.

لا يزال الكاتب مسترسلاً في الإدعاءات التي لا دليل له عليها ولا برهان ولا منطق, رغم أنه يتحدث عن المنطق ولا يأتيه أو يتعاطاه, سوى التوغل في الظن والتخبط والإفتراء دون أي يحسب لما يدعيه أي حساب. ولنوضح هذا أكثر سنفند ما قاله عن القرآن الكريم من أكاذيب وإفتراءات فيما يلي:

أولاً قال: (... ومن المنطقي أن القرآن قد ُكتب بلغة يستطيع أن يفهمها عرب الجزيرة ...), وهذا إدعاء سخيف ساذج غبي, فالقرآن الكريم "لم يكتب", ولكنه نزل وحياً يوحى من رب العالمين, ونزل باللغة العربية الأم التي يتحدث بها كل العرب وليس عرب الجزيرة كما يدعي,, فإن ظنَّ أنه بهذه الكلمات الهزيلة يستطيع إيهام عاقل بأن القرآن ليس وحياً من عند الله وأنما كتبه أحد أو بعض عرب الجزيرة فهذا القول يدل حقيقةً على الغباء والجهل بل والسطحية, فإن لم يكن كما نقول فليأتنا ببرهانه إن كان من العاقلين.

ثانياً: قال عن القرآن الكريم: (... فقد كان مادة للنقاش طوال 23 سنة، وبالتالي فلغة هذا النص هي نفسها لغة عرب ما قبل الإسلام رغم أنه بالتأكيد كُتب بلهجة قريش حيث نشأ النبي محمد ...). هنا أتى بمزيد من الغباء المركب والإفك المتجذر,, فهو يدعي بأن القرآن كان عرضة للنقاش والأخذ والرد والإضافة والحذف طوال فترة التنزيل, ليس ذلك فحسب,, بل أيضاً كُتب بلغة النبي محمد ومن معه من قريش,,, هكذا دائماً الفاشلون في غيهم وجهلهم يترددون ويتخبطون كالفأر الغارق في الزيت, فإنه يُقَرِّبُ شبح الموت بمحاولته النجاة منه.

وقد وصفهم الله تعالى في سورة المنافقون, قال: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ «« كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ »» يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ 4). فهؤلاء يدركون تماماً أنه لم يبق لديهم شيئٌ يفقدونه فأصابهم القنوط واليأس من رحمة الله فعلا إبليس متونهم وألجمهم بلجامه فلم يبق لهم سوى الخطرفة والهوس ليزدادوا إثماً مع آثامهم وخزلاناً مع خزلانهم, ما دامت النتيجة النهائية واحدة في كل الأحوال هي الإحباط.

فأنظر إلى هذا الدجل الرخيص والجهل المركب, فهو يقول عن لغة القرآن الكريم ما يلي:
1. قال: (... وبالتالي فلغة هذا النص هي نفسها « لغة عرب ما قبل الإسلام » ...). وهذا معناه أن هناك لغتان عربيتان إحداهما كانت لغة العرب قبل الإسلام وهي (لغة القرآن), كما يأفك وبالتالي, يفهم من هذا التقسيم أن هناك لغة عربية أخرى بعد الإسلام.

2. ثم يقول: (... رغم أنه « بالتأكيد » كُتب بلهجة قريش حيث نشأ النبي محمد ...). وهذا خبل وجهل آخر لهذا الشخص الذي لم يستطع التفريق ما بين اللغة واللهجة, ففي صدر هذه العبارة إدعى أن القرآن كتب "بلغة" عرب ما قبل الإسلام,, وفي عجزها قال "بالتأكيد" أنه كتب "بلهجة قريش", وهذا يعني أن اللغة عنده هي اللهجة. فهذا الخبير في اللغات واللهجات والأمم قبل الإسلام وبعد الإسلام "يخزي العين", لم تر الدنيا نداً له, فقد تفوق على أهل العلم والورع وجاد بما لم تجد به شجرة الزقوم التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين.
3. الملاحظ أنه قد نسي أو تناسى أن يذكر لنا ما حال ومصير لغة ما بعد الإسلام؟ وما علاقتها بالإسلام والمسلمين؟؟؟

إذاً فهو يريد أن يقول في هذه الملحمة – بعد كل هذا اللف والدوران والتسكع في المواقع والمنافع – ما يلي:
إن مجموعة من عرب قريش إجتمعوا بزعامة محمد, وقرروا إبتداع نظام جديد ليوحد العرب "عنصرياً" يراعى فيه الإثنية والقبلية والعرقية كأساس إستراتيجي, وبدأوا في كتابة نص أطلقوا عليه (قرآن), وقد كان هذا النص مادة للنقاش طوال 23 سنة، ثم إدعوا بأنه منزل من عند الله ليضفوا عليه قدسية ثم ليسودوا به العالم كله غزواً ونهباً وقتلاً وإغتصاباً,,, بلا بلا بلا. وبالطبع لا بد,, "أكيد" أن يكتب "بلغة عرب ما قبل الإسلام" و "بلهجة قريش" تحديداً.

والخلاصة التي يريد أن يصل إليها هذا الساذج هي أن القرآن الكريم موضوع ومؤلف ليس من محمد فقط وإنما من مجموعة تمثل أول برلمان سياسي ديمقراطي طرح كل مواد دستوره للنقاش طوال 23 سنة. لعل القاريء أدرك الآن كيف يكون مكر الله تعالى بالماكرين, إذ يسلطهم على أنفسهم بأنفسهم ليضحكوا الناس عليهم وعلى هبلهم (كأنهم خشب مسندة).

ثالثاً: ثم قوله عن القرآن أيضاً: (... ولذلك فهو كمصدر لاستنباط أحوال العرب قبل الإسلام يُعد موثوقا أكثر بما لا يقاس من ما يُسمي بالأدب الجاهلي ...).
فنقول له ليتك أيها العبقري لو أعطيتنا نموذجاً من إستنبطاتك لأحوال العرب قبل الإسلام من هذا المصدر الموثوق كما تدعي وتأفك. أتظن أنَّ صرير القلم على الورق أو فرقعة الأنامل على لوحة المفاتيح كافياً لإقناع الناس بالأباطيل والإدعاءات الفارغة من المضمون والمحتوى, أكتب ما بدا لك ولكن لتجني ثمر ما تكتب أعمل جاهداً على إثبات مصداقيتك فيه وأمانتك العلمية,,, وإلَّا فستكون كتابتك نقش على رمال في يوم عاصف أو تبليط للبحر كما يقول الشوام.

رابعاً: يستمر في إدعاءآته الكاذبة الملفقة الحاقدة فيقول: (... يمكن الزعم أن فهم لغة القرآن قد تغير منذ صياغة اللغة العربية ووضع قواعدها عن فهمها في عصر ماقبل الإسلام. فالقرآن نفسه لم يكن المرجع الوحيد بل أعيد فهمه لغويا وإخضاعه لقواعد لغوية تم وضعها لاحقا استنادا للغة القبائل البدوية التى اعتبرها النحويون العربية النقية ...).

هذه كلها خطرفة لن تفيده في مسعاه شيئاً ولن تشفي غليله بل على العكس من ذلك لأنها ستؤجج سعير الإحباط في قلبه وجوانحه. ولنؤجج معه هذا السعير أكثر فأكثر نقول له ما يلي:

1. إدعائك بقولك: (... يمكن الزعم أن فهم لغة القرآن قد تغير منذ صياغة اللغة العربية ووضع قواعدها عن فهمها في عصر ماقبل الإسلام.), أنت قد زعمت أساساً بحق وحقيقة, فليس هناك مجال للقول "... يمكن الزعم ...", ويكفي أنك إعترفت بنفسك بأنه زعم ليس إلَّا فلا إشكالية في هذه النقطة لأن موضوعك كله لم يخرج من دائرة الزعم والإفك,,, ولكن الإشكالية التي أدخلت نفسك فيها هي قولك "بصياغة اللغة العربية"!!! ..... إذاً عليك أن تتحف القراء بهذا الفتح المبين وتريهم كيف كانت هذه "الصياغة", ومتى صيغت, وكيف كان ذلك, وكيف كانت قبل الصياغة وبعدها إن كنت من العاقلين؟؟؟

2. إن قواعد اللغة العربية التي تتحدث عنها لم يُضْبَطْ بها القرآن الكريم كما تدعي أو تظن,, أو تحاول أن تخدع العامة والبسطاء,, وإنما ضُبِطَتِ اللغة ووثقت من القرآن وبه, فكان القرآن الكريم ضابطاً لأهم سبعة أحرف عربية نطق بها العرب. والإعجاز القرآني هنا ظاهر بديع مضيء, وقد ظهر هذا الإعجاز عندما صيغت منه قواعد اللغة العربية, فوجد أنه قد غطى أهم الأحرف العربية التي نطق بها البدو الذين فطروا عليها. فلا تجمح إذ الجموح بتهور وبلا دراية يصير جنوحاً وجروحاً ودمعاً مسحوحاً.

ثم إستمر عادل في هزيانه وخطرفته دون وعي حتى قال: (... فالقرآن نفسه لم يكن المرجع الوحيد بل أعيد فهمه لغويا وإخضاعه لقواعد لغوية تم وضعها لاحقا استنادا للغة القبائل البدوية التى اعتبرها النحويون العربية النقية ...).

معنى هذا فهو يريد أن يقول عبر اللف والدوران والتحايل: (إنَّ القرآن الكريم الذي هو بين أيدينا الآن) يختلف عن (القرآن الذي نزل على نبي الله محمد الخاتم) - أو بمفهومه الغبي - (الذي وضعه القرشيون بعد أن أخضعوه للنقاش 23 سنه), الذي كان بمفهوم – قبل إخضاعه لقواعد لغوية – مختلف عن مفهومه بعد إخضاعه لتلك القواعد اللغة ..... هكذا يكون مكر الله بالماكرين, بالإضلال ثم الختم على المدارك منعاً للرجوع "جزاءاً وفاقاً" إنهم كانوا لا يرجون حساباً, وكذا يكون وسيكون وسوف يكون حال كل (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ «« فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ »»).

ثم ماذا بعد؟؟؟
إستمر في خطرفته وهزيانه فلم يبق له سوى الحديث عن كلمة "عرب", وهل هي إسم أم صفة, ومن أطلقها ومن المقصود بالعرب. فجمع قصاصات من هنا وهناك ليؤلف منها هذا الركام المشين الذي يقدح في فكره وعقله وشخصيته. والغريب في الأمر أن الجهل بحقائق الأمور صور له أن الخوض في العرب يمكن أن يؤثر سلباً في القرآن أو الإسلام والمسلمين, ولكن أضل الله سعيه ومكر به فلم يزد حاله ومآله إلَّا سوءاً وضعة.

يقول عادل أيضاً: (وكان القرأن أول وثيقة عربية معروفة تستخدم لفظة عرب للإشارة إلى سكان الجزيرة العربية ككل سواء من البدو أو الحضر. وقبل القرآن كانت اللفظة تشير إلى بدو العرب فحسب).
فنقول له في هذا الإفك الوضيع أين وجدت في القرآن الكريم كلمة "عرب" التي إدعيت أن القرآن إستخدمها للإشارة إلى سكان الجزيرة العربية أو غيرها,,, الخ؟؟؟ ..... أين!!!

أولاً: أنت تدعي كذباً مهيناً لأنه (لا توجد على الإطلاق في القرآن كله لفظة "عرب" كما تأفك,, فإن كنت صادقاً فيما تقول فدلنا عليها الآن فقط بذكر إسم السورة ورقم الآية أو الآيات التي وجدت فيها هذه اللفظة إن كنت من الصادقين. فكيف سيكون حالك إذا علمت أن القرآن لم يذكر لفظة للإشارة إلى سكان الجزيرة العربية لا كل ولا بعض كما تدعي,,, فلماذا هذا البهتان يا عادل؟؟؟

ثانياً: سنذكر للقراء الكرام فيما يلي كل الآيات التي وردت في القرآن الكريم فيها ذكر كلمة "عربياً" أو "عربي" بمعنى لغة (لسان) "حصرياً ولم يرد ذكر كلمة "عرب" بقصد العرب أنفسهم, فمثلاً:
1. في سورة يوسف, قال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 2), لساناً عربياً,

2. وفي سورة الرعد, قال: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ « حُكْمًا عَرَبِيًّا » وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ 37), لساناً عربياً,

3. وفي سورة النحل, قال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا « لِسَانٌ عَرَبِيٌّ » مُّبِينٌ 103),

4. وفي سورة طه, قال: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا 113), لساناً عربياً,

5. وفي سورة الشعراء, قال: ( « بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ » مُّبِينٍ 195),

6. وفي سورة الزمر, قال: ( « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 28), لساناً عربياً,

7. وفي سورة فصلت, قال: ( كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 3), وقال: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ 44), لساناً عربياً,

8. وفي سورة الشورى, قال: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ 7), لساناً عربياً,

9. وفي سورة الزخرف, قال: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 3), لساناً عربياً,

10. وفي سورة الأحقاف, قال تعالى: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ « لِّسَانًا عَرَبِيًّا » لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ 12), فكتاب موسى لساناً "عبرياً" والقرآن الكريم جاء مصدقاً له ولكنه بلسان عربي مبين.

11. أما في سورة الواقعة فقد أخبر الله تعالى عن الحور العين في الجنة يوم القيامة, قال عنهن: (عُرُبًا أَتْرَابًا 37) , ولا علاقة لهذه المفردة بالعرب عموماً لا في المعنى ولا في المضمون ولا في الشرق ولا في الجنوب أو الشمال.

أرأيت يا عمري!!! لا يوجد في القرآن الكريم ذكر لعرب الجزيرة ولا لعرب سآت, فالقرآن لا يتحدث عن الأنساب ولا عن القبائل أو الأعراق (كلكم لآدم, وآدم من تراب),,, حيث التفاضل بالتقوى, والتقوى غيب لا يعلمه إلَّا الله,, ويشير النبي الخاتم بأصبعه إلى صدره في منطقة القلب فيقول (التَّقْوَىْ هَهُنَا!!!).

لا يزال للموضوع بقية

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه – (جزء خامس):
- تعليقات عن - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه:
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء رابع):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثالث):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء ثاني):
- الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء أول):
- خلاصة ملك اليمين في الإسلام
- تكملة التعليقات - مِلْكُ اليَمِيْنِ في الإسلام (ب):
- تعليقات - مِلْكُ اليَمِيْنِ في الإسلام (أ):
- الحوار الحر قيمة إنسانية وحضارية:
- تعليقات 4: (تصحيح مفاهيم ):
- تعليقات 3: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تعليقات 2: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تعليقات 1: على موضوعنا (تصحيح مفاهيم ... الذين جعلوا القرآن ...
- تصحيح مفاهيم ... الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (ب):
- تصحيح مفاهيم ... الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (أ):
- تصحيح مفاهيم ... الإرهاب والإرهابيون:
- لسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر ... ومَا أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَك ...
- هل القرآن حَمَّالُ أوْجُهٍ؟؟؟ (ب):
- هل القرآن حَمَّالُ أوْجُهٍ؟؟؟ (أ):


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - الإسلام والعنصرية وجهاً لوجه (جزء سادس):