أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - هل هي انتفاضة فلسطينية ثالثة؟















المزيد.....

هل هي انتفاضة فلسطينية ثالثة؟


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4986 - 2015 / 11 / 15 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أكثر من شهر والشعب الفلسطيني يخوض صراعا ضد قوات الاحتلال الصهيوني. وقد كانت الاعتداءات على المسجد الأقصى، ومحاولة تقسيمه كخطوة للسيطرة عليه، هي التي فجرت هذا الصراع.

لكن يجب أن ننتبه إلى أن الحراك في القدس مستمر منذ أكثر من عام، حيث يتزايد الاحتقان هناك نتيجة السياسة الصهيونية لتغيير الخريطة الديمغرافية، وتهجير الفلسطينيين من القدس ومحيطها.

ولا شك أن وضع فلسطين عموما يشهد احتقانا متصاعدا ليس نتيجة لفشل سياسة التسوية فقط، بل لأن الاحتلال لم يرفع يده حتى عن المناطق التي انسحب منها (الضفة الغربية وقطاع غزة)، حيث يسعى بشكل حثيث من أجل زيادة السيطرة على الأرض في الضفة الغربية، وتسعير بناء المستوطنات، في سياسة تهدف أيضا إلى تحقيق تغيير ديمغرافي يجعل الفلسطينيين أقلية محاصرة بالجدار والطرق الالتفافية والحواجز والمستوطنات.


كما يسعى لتشديد حصار قطاع غزة بما يفرض رحيل أعداد متزايدة من الفلسطينيين، ويخفف بالتالي من الوجود الفلسطيني هناك.

كل هذه العناصر في ظل استمرار الاحتلال الصهيوني من شأنها أن تبقي الاحتقان قائما، وأن يتفجر في كل لحظة، فالأمر لا يتعلق باحتلال فقط، بل يتعلق بخلق وضع يجعل المقدرة على العيش مستحيلة.

ولا شك أن الوضع الآن أكثر سوءا مما كان عليه عام 1987 حين انفجرت الانتفاضة الأولى، أو حتى عام 2000 حين انفجرت الانتفاضة الثانية. كل ذلك نتيجة الظروف التي فرضها الاحتلال، بما في ذلك وجود السلطة الفلسطينية التي تشكلت لكي تحمل عن الاحتلال عبء "الإدارة المدنية"، وضبط الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال تشكيل أجهزة أمنية عقيدتها تقوم على "محاربة الإرهاب" لا مواجهة الاحتلال -والإرهاب هنا هو مقاومة الاحتلال- الأمر الذي جعل الحراك الشعبي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة يصطدم بأجهزة السلطة لا بالاحتلال. وأن تكون مهمة السلطة وقف كل حراك أو قمعه، ورفض السير نحو الانتفاضة ومواجهة الاحتلال.

وأيضا إذا كانت الانتفاضتان السابقتان قد نشبتا في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإننا نجد الأمر مختلفا اليوم، حيث يتمركز الصراع في القدس، وإلى حد ما في الخليل فقط، مع دعم "مضبوط" في المناطق الأخرى، يتمثل في الاحتكاك بالحواجز العسكرية الصهيونية المتواجدة على أطراف "مناطق السلطة".

لقد كان واضحا خلال السنوات التي تلت الثورات العربية أن الشباب الفلسطيني يهمّ بالانتفاض، لكنه يتخوف من الاصطدام بالسلطة، فهي التي تسيطر على مناطق حراكه، وهو ما كان يؤخر انفجار الانتفاضة، ويجعلها تتمركز الآن في المناطق التي أشرت إليها. وربما هذا ما كانت تهدف إليه الدولة الصهيونية حينما جرى التوقيع على اتفاقات أوسلو التي جرى اعتبارها مهيئة "لاحتلال ديلوكس".

هذا الأمر يجعل الانتفاضة في مأزق، لأنها تنحصر في القدس والخليل، مع احتكاكات محدودة في المناطق الخرى، وهو ما يجعلها عرضة لتركيز العنف الصهيوني عليها في هذه المناطق ومن ثم محاصرتها.

في كل الأحوال، ما يمكن لمسه من هذه الانتفاضة يتمثل في:

أولا- أنها نتاج حراك "شبابي"، ككل الثورات العربية. هذا الحراك الذي أظهر دخول جيل جديد ميدان الصراع متجاوزا الأحزاب والقوى القائمة، ومؤسسا لمرحلة جديدة من صراع سيفضي إلى تغيير كبير.


"
ما يمكن لمسه من هذه الانتفاضة أنها نتاج حراك شبابي، ككل الثورات العربية. هذا الحراك الذي أظهر دخول جيل جديد ميدان الصراع متجاوزا الأحزاب والقوى القائمة، ومؤسسا لمرحلة جديدة من صراع سيفضي إلى تغيير كبير
"

لقد ظهر أن الشباب بات غير مقتنع بكل سياسات وأفكار تلك القوى، وهو ينطلق من تجاوز حل الدولتين لأنه خبِر أن الدولة الصهيونية لا تريد هذا الحل، وتعمل على تغيير وضع المناطق التي يفترض أنها ستقام عليها. وكل ذلك سيؤسس لتبلور فكري سياسي مختلف، ينطلق من الواقع، ويطرح ما يسهم في تغييره. وبالتالي، يمكن القول إن مسارا جديدا للنضال قد انفتح، يتجاوز كل أخطاء وسلبيات وخطايا القوى القائمة. وإذا كان يعاني اليوم من عوائق وجود السلطة، فربما يستطيع تجاوزها غدا.

ثانيا- أن ما ظهر واضحا هو أن الحراك امتد إلى فلسطين المحتلة عام 1948، وأن تفاعل الشعب الفلسطيني هناك مع ما يجري كان متميزا عنه في الأعوام السابقة، وهو لا ينطلق من موقف التضامن كما كان يجري سابقا، بل من موقع الصراع الواحد ضد الدولة الصهيونية، وهو ما أظهر أن التفكك الذي أحدِث في الوعي بين فلسطين عام 1948 وفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، آخذ في التلاشي لمصلحة فلسطين واحدة، وشعب واحد يواجه الدولة الصهيونية من أجل التحرر والاستقلال، وبناء فلسطين ديمقراطية علمانية.

نلمس بالتالي أن بيئة جديدة تتشكل ستحكم المرحلة القادمة، رغم اختلال ميزان القوى الكبير مع كيان تشكل لكي يواجه الوطن العربي ويكرس تجزئته وتخلفه، وبمساعدة القوى الإمبريالية في التحكم به والسيطرة عليه، وهو اختلال يعيد طرح السؤال حول خطر فلسطنة القضية الفلسطينية، التي بدأت سياسة تحررية وانتهت استسلاما في أوسلو. وكانت هذه النتيجة هي النتاج الطبيعي لتلك، حيث كان من المنطقي أن يصطدم النضال الفلسطيني بجدران النظم ما دام تميّز عن العرب والنضال العربي. لهذا هربت المقاومة إلى الداخل لتقع في الفخ الصهيوني.

ربما لا يتعلق الأمر بالنتائج المباشرة للانتفاضة الجديدة، في وضع معقد كما أشرت، لكنها تهيئ الأساس لمرحلة قادمة تتلاقى فيها عناصر عديدة، هي بمجملها ستفسح الطريق نحو الاستقلال والتحرر. هذه العناصر تتعلق بتحولات عالمية وعربية كبيرة، يمكن تخليصها في التالي:

1- أن الوطن العربي شهد ثورات وحركات احتجاج كبيرة، ورغم أنها لم تحقق التغيير الذي أرادته الشعوب، وفتحت على فوضى وصراعات أهلية وتدخلات خارجية، فإنها لم تنته، فالأساس الذي فرض انفجارها ما زال قائما، لهذا نلحظ استمرار أشكال الاحتجاج والإضراب والتمرد، والصراع.

وبالتالي فإن إمكانية نهايتها مستحيلة، وستتطور فاعليتها، وستفضي إلى بلورة القوى والبدائل التي تفرض التغيير. وهذا التغيير لا يتعلق بكل بلد وحده، بل يتعلق بالقطع مع الرأسمالية والهيمنة الإمبريالية، لأن تحقيق مطالب الشعب يفرض تغيير النمط الاقتصادي والطبقات التي يحقق مصالحها، وهذا يفرض التناقض مع القوى الإمبريالية بالضرورة، ومن ثم يفتح على إعادة الصراع مع الدولة الصهيونية لكونها مرتكز السيطرة الإمبريالية.


"
المأزق الذي تعيشه الدولة الصهيونية ليس من السهل تجاوزه، خصوصا أنها ليست بمعزل عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الرأسمالية، والتي يمكن أن تنعكس على اقتصادها في وضع بات التمايز الاجتماعي فيها كبيرا
"

2- إن الرأسمالية في أزمة عميقة، وهي مستمرة، ولا يبدو أنه يمكن إيجاد حلول لها نتيجة طابعها الجديد، والمتمثل في سيطرة آليات المضاربة على مجمل الاقتصاد الرأسمالي، وآليات النشاط المالي الذي يزيد النهب، لكنه يؤدي إلى نشوء فقاعات متضخمة سرعان ما تنفجر تاركة الاقتصاد في حالة انهيار.

ولأن الطغم المالية الأميركية لم تجد حلا لهذه الأزمة قررت إدارتها، وأعادت صياغة دور أميركا بابتعادها عن المنطقة (عدا الخليج)، واعتبار أن منطقة آسيا والمحيط الهادي هي أولويتها، وهذا يعني انسحابا متدرجا من المنطقة، ويعني في المحصلة انكشافا للدولة الصهيونية بتراجع الدعم لها تدريجيا، دون وجود بديل يمول مشروعها الصهيوني الذي لا يستطيع الاستمرار دون تمويل خارجي نتيجة تضخم طابعه العسكري والاستيطاني.

هنا مأزق ستعيشه الدولة الصهيونية ليس من السهل تجاوزه، خصوصا أيضا أنها ليست بمعزل عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الرأسمالية، والتي يمكن أن تنعكس على اقتصادها، في وضع بات "التمايز الاجتماعي" فيها كبيرا. كل ذلك سيضعف قدرتها العسكرية ويهدد وضعها الاقتصادي، ويمكن أن يفضي إلى انفجار اجتماعي فيها.

إذن، المنطقة مهيأة لتغيرات كبيرة، والآفاق تشير إلى أن موازين القوى ستتغير. الأهم هنا هو أن الثورات فتحت على نشوء ميول كبيرة لإعادة بناء الفعل السياسي وأيضا العسكري، فليس من الممكن تحقيق المطالب التي طرحها الشعب إلا بتغيير مجمل البنية الاقتصادية السياسية التي تشكلت، سواء منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى (التقسيم) أو الثانية (نشوء الدولة الصهيونية)، أو بعد انهيار نظم التحرر وتعميم الخصخصة والتبعية للقوى الإمبريالية.

هذا هو المشروع الذي يُفترض أن يتبلور في المرحلة الراهنة، محمولا على أكتاف الشباب الذي فجر الثورات، وما زال يحاول تطويرها في سياق الوصول إلى انتصارها.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب باردة أو أفغانستان جديدة أم حل سياسي؟
- روسيا إمبريالية؟
- روسيا الإمبريالية من أوكرانيا إلى سوريا
- روسيا تحتل سوريا
- الحرب على الإرهاب.. لكن أي إرهاب؟
- عن طبيعة الإخوان المسلمين والتحالف معهم - نقاش مع الاشتراكيي ...
- الرأسمالية العالمية في أزمة حقيقية واندلاع ثورات في دول أخرى ...
- الثورة السورية ومصير -المقاومة-
- حول «الماركسية التاريخية» نقاش مع سمير أمين
- إيران ومصير سوريا
- اليسار وتجاوز الرأسمالية
- عن عبد الناصر
- عن اليونان وإسبانيا واليسار
- ما بعد الاتفاق النووي مع إيران
- الثورة في الماركسية
- أميركا وروسيا.. تحالف حتمي
- الحرب ضد الفكر المتطرف
- أفق الثورة وآفاق الحل السياسي في سوريا
- المعارضة السورية في متاهة الحلول
- ما طبيعة الحرب في سوريا؟


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - هل هي انتفاضة فلسطينية ثالثة؟