أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - روسيا الإمبريالية من أوكرانيا إلى سوريا















المزيد.....

روسيا الإمبريالية من أوكرانيا إلى سوريا


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4960 - 2015 / 10 / 19 - 20:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



بعد الدور العسكري الروسي في أوكرانيا -الذي ما زال مستمرا عبر دعم الانفصاليين الأوكرانيين وضم شبه جزيرة القرم- ها هو دورها العسكري يمتد إلى سوريا لمنع النظام فيها من السقوط، ولتكريس السيطرة الروسية هناك.

قامت روسيا سابقا بحملات عسكرية في بعض دول الاتحاد السوفياتي السابق، كما في جورجيا مثلا، حيث أرادت أن تبقي تلك الدول في إطار نفوذها. وربما قد تمتد تدخلاتها العسكرية لدولة أخرى، فسياساتها الخارجية باتت تقوم على القوة.

لقد انهار الاتحاد السوفياتي ومال الشعب نحو "الرسملة"، وعملت البيروقراطية المسيطرة على نهب "قطاع الدولة"، بالأشكال التي اخترعها بوريس يلتسين. ومن ثم مالت روسيا في هذه المرحلة لكي تكون "حليفا" لـأميركا، وأرادت أميركا أن تستتبعها، وتدمر بنيتها الصناعية وتغرقها في النظام المالي الدولي.

"
مع بوتين، عملت الدولة على لملمة الوضع الاقتصادي والشعبي، وعلى تسيير الاقتصاد، لكن تم ذلك انطلاقا من الاعتماد على النفط والغاز وعلى الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية والصناعة العسكرية. وظهر أن العقد الجديد يتسم بالانكفاء الداخلي لترتيب وضع السلطة
"
وقد أدى ذلك إلى فرض سيطرة مافيا على الاقتصاد والسلطة. وبات الوضع الاقتصادي صعبا، وظهر تململ الشعب نهاية العقد الأخير من القرن الماضي، حيث كان يمكن لثورة أن تنتصر لولا تردد وضعف الشيوعيين.

مع بوتين، عملت الدولة على لملمة الوضع الاقتصادي والشعبي، وعلى تسيير الاقتصاد، لكن تم ذلك انطلاقا من الاعتماد على النفط والغاز (الذي يشكّل نسبة 70% تقريبا من الدخل القومي) وعلى الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية والصناعة العسكرية. وظهر أن العقد الجديد كان يتسم بالانكفاء الداخلي لترتيب وضع السلطة وضمان استقرارها.

ولعل تلك الرؤية هي ما حكمت مرحلة بوتين الأولى ومرحلة وريثه دمتري ميدفيدف، لكن الأزمة المالية الأميركية التي انفجرت في سبتمبر/أيلول سنة 2008 دفعت روسيا للتفكير في الخروج من انكفائها الداخلي، والتوجه لممارسة دور عالمي. خصوصا أن المرحلة السابقة شهدت حصارا أميركيا على صادرات روسيا، وبالتحديد فيما يتعلق بالسلاح. ولا شك كان الفيتو في مجلس الأمن بشأن سوريا هو الفاصل الذي كان يريد الروس (كما الصين) أن يؤسسوا على ضوئه عالما جديدا، متعدد الأقطاب.

طبعا لم يكن الأمر هنا عفويا، بل جاء نتيجة تغيرات جديدة تفرض أن تصبح روسيا قوة عالمية مسيطرة. حيث فرض الانتقال من الاشتراكية إلى الرأسمالية داخليا، إلى أن تصبح الرأسمالية المتشكلة، والتي نضجت خلال حكم بوتين ووريثه، ميّالة لأن تبحث عن الأسواق وأن تنشر قواتها في العالم ككل إمبريالية، وكذلك أن تسيطر على مواقع إستراتيجية.

هذا مسار كل الإمبرياليات التي فرضت هيمنتها والتي عجزت عن ذلك ففشلت. هذا الأمر هو الذي أنتج الحربين العالميتين، وأنتج الحروب الإقليمية. فالرأسمالية تفرض حتما التوسع والسيطرة للحصول على الأسواق، ولهذا تصارعت.

وإذا كانت روسيا يلتسين تعاملت كتابع لأميركا، وقبلت بـ"اقتصاد الصدمة" الذي عنى الانتقال السريع إلى الرأسمالية، فقد أدى ذلك إلى تكييف للاقتصاد الروسي مع السيطرة الأميركية، ومثال ذلك الانخراط السريع في النظام المالي الدولي، المحكوم حتما من قبل أميركا، وإلى سيطرة مافياوات لم تلتفت إلى الصناعة بل اهتمت بالنفط والمال.

لكن ذلك كان يتخلق مع الوقت على شكل انهيار داخلي، الأمر الذي جعل عصر بوتين يقوم على تعديل العلاقة مع مجمل النمط الرأسمالي العالمي، وهو تعديل ظل بطيئا، ودون صدام، وكان يفرض حتما التوسع الخارجي لكي يتطور الاقتصاد بشكل متسارع عبر النهب، كما تفعل كل إمبريالية.

ما شجّع على ذلك هو الأزمة المالية الأميركية التي فرضت بعد بضع سنوات سياسة تقوم على الانسحاب من "الشرق الأوسط" واعتبار آسيا والمحيط الهادي أولوية بديلة عنه، وهذا ما فرض على روسيا أن تعمل منذ الثورة السورية (وبعد ما اعتبرته خديعة أميركية في ليبيا) على أن تجعل سوريا دولة تابعة.
"
تقوم روسيا الإمبريالية اليوم بغزو سوريا، متذرعة بدعوة النظام لها، وهي ذريعة واهية ومبرر غير مقبول، فالنظام لم يعد قائما أصلا بعد أن انهارت قواته وتحكمت إيران بقراره، ورفضته غالبية شعبه، وتظاهرت ضده منذ السنوات الأولى من الثورة
"
لكن ظهر أن أميركا تريد لروسيا أن تلعب دور رعاية مرحلة انتقالية كما صرّح باراك أوباما بداية سنة 2012، وهو المسار الذي أنتج مبدأي جنيف1، ومؤتمر جنيف2، الذي فشل بالضبط لأن روسيا أتت بوفد النظام الذي يرفض مبادئ جنيف1 أصلا، بدل أن تعمل على إحضار وفد من السلطة يوافق على تلك المبادئ.

كانت روسيا خلال ذلك تدعم النظام السوري عسكريا في الخبرات (مع إيران)، وظلت تشير إلى تمسكها ببقاء بشار الأسد، رغم "الليونة" في بعض الأحيان. لكن فشل جنيف2 واندلاع الثورة في أوكرانيا عمّق من مشكلة روسيا، ووضعها في حالة عدم توازن، خصوصا بعد الحصار الأميركي الأوروبي الذي فرض عليها.

ففي أوكرانيا كان النظام القائم حينها تابعا لها، لكنه كان مكروها من شعبه لأنه لم يحلّ المشكلات الاقتصادية التي ثار الشعب من أجلها سنة 2005 ضد نظام تابع للغرب.

وإذا كانت روسيا قد تدخلت عسكريا في عدد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق -مثل جورجيا- فيبدو أنها الآن تعود إلى إشعال حرب جديدة لكي تفرض وجودها العالمي. فقد سيطرت على شبه جزيرة القرم وضمتها لها، ثم دعمت تمردا في شرق أوكرانيا (المنطقة القريبة من موسكو) الذي شهد حربا ضروسا لم تتوقف تماما إلى الآن، رغم أن الحصار الاقتصادي قد فرض بعض التراجع على روسيا.

لكن الأمر في سوريا سيبدو مختلفا في كل الأحوال، حيث إنها تتدخل بشكل مباشر عسكريا في بلد لم يكن من دول الاتحاد السوفياتي، وظلت علاقتها به منذ نهاية الدولة السوفياتية ليست جيدة أو جدية، خصوصا بعد استلام بشار الأسد السلطة. وفرضت حاجة النظام لحماية دولية تحقيق صفقة تفاهم مصلحي، حيث تحصل روسيا على مصالح اقتصادية تتعلق بالنفط والغاز، ومشاريع اقتصادية أخرى، ومصالح إستراتيجية بتعزيز قاعدة طرطوس التي باتت بالنسبة لروسيا ذات أهمية فائقة وهي تتقدم لنشر أسطولها في البحر المتوسط في سياق السعي لتوسيع نفوذها في المتوسط والشرق الأوسط.

وقد باتت تفكر بعد الانسحاب الأميركي في "ملء الفراغ" كما فعلت أميركا بعيد الحرب العالمية الثانية. لهذا هناك مصالح اقتصادية، وحاجة إلى قواعد عسكرية في سوريا تحكم سياسة روسيا وتدفعها إلى الحرب.

تقوم روسيا الإمبريالية اليوم بغزو سوريا، متذرعة بدعوة النظام لها، وهي ذريعة واهية ومبرر غير مقبول، فالنظام لم يعد قائما أصلا بعد أن انهارت قواته وتحكمت إيران بقراره، ورفضته غالبية شعبه، وتظاهرت ضده منذ السنوات الأولى من الثورة، قبل التحوّل إلى العمل المسلح، الذي كان -في معظمه (أي دون القوى الأصولية)- استمرارا للثورة بشكل جديد، فرضه عنف ووحشية النظام. بالتالي فإنها تعمل على السيطرة على بلد هو سوريا وفرض نظام رفضه الشعب، كل ذلك من أجل مصالحها التي أشرت إليها من قبل.

تأتي روسيا لدعم بقاء النظم رغما عن شعوبها، كما كانت تفعل أميركا لتغيير أنظمة رغما عن شعوبها. في هذا التصرُّف يظهر الطابع الإمبريالي بشكل واضح، كما يبيّن أن روسيا بدأت عملية سيطرة خارجية تنبني على القوة لتحقيق مصالحها.

"
غرقت روسيا في حرب صعبة، سوف تؤثر على وضعها الاقتصادي بالضرورة، وربما على علاقاتها الضرورية مع بعض الدول الإقليمية مثل تركيا بعد الاتفاق على مدّ خط أنابيب الغاز من أراضيها. وكما ظهر فشلها في أوكرانيا سيكون فشلها في سوريا مؤكدا
"
لقد بدأت الهجوم من أجل الحصول على امتيازات، وتحقيق مصالح، ككل قوة إمبريالية تحاول السيطرة بعد أن تتشكل داخليا، وهذا في الماضي ما كان يثير الحروب، كما حدث مع ألمانيا وإيطاليا واليابان، الدول التي خاضت حربين عالميتين من أجل السيطرة على الأسواق. هل يمكن أن يحدث ذلك الآن؟

لا شك في أن الوضع مختلف، فالحروب العالمية في ظل التوازن النووي مستحيلة، لكن ما يمكن أن يحدث هو "حرب بالوكالة"، أي دعم قوى على الأرض تقاتل النظام، وتقاتل الروس، ومع ذلك فالأمر ليس مطلقا أيضا نتيجة وضع أميركا "الأزموي"، وانسحابها من "الشرق الأوسط".

وفي ظل هذه الظروف فما يمكن توقعه هو تحرك دول إقليمية لا ترغب بالدور الروسي، ولا تريد سيطرة روسية على سوريا، من أجل تقديم سلاح "أكثر تطورا" لبعض أطراف المعارضة المسلحة، مثل بعض الصواريخ المضادة للطائرات (ستينغر) لاستهلاك القوة الروسية، وإذا تم تحييد الجو يمكن للثورة أن تحقق انتصارات أكبر.

لقد منعت أميركا هذا السلاح عن المعارضة المسلحة، وهي بذلك تتحمّل كل جرائم النظام التي قام بها من خلال الطائرات، فهل لها أن توافق الآن؟ خصوصا أن الدول الخاضعة لها لا تجرؤ على تجاوز الخط الأحمر الأميركي.

في كل الأحوال غرقت روسيا في حرب صعبة، سوف تؤثر على وضعها الاقتصادي بالضرورة، وربما على علاقاتها الضرورية مع بعض الدول الإقليمية مثل تركيا بعد الاتفاق على مدّ خط أنابيب الغاز من أراضيها. وكما ظهر فشلها في أوكرانيا سيكون فشلها في سوريا مؤكدا. كتبت مرة: روسيا إمبريالية غبية، وأظن أن كل سياساتها تظهر هذا الغباء.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا تحتل سوريا
- الحرب على الإرهاب.. لكن أي إرهاب؟
- عن طبيعة الإخوان المسلمين والتحالف معهم - نقاش مع الاشتراكيي ...
- الرأسمالية العالمية في أزمة حقيقية واندلاع ثورات في دول أخرى ...
- الثورة السورية ومصير -المقاومة-
- حول «الماركسية التاريخية» نقاش مع سمير أمين
- إيران ومصير سوريا
- اليسار وتجاوز الرأسمالية
- عن عبد الناصر
- عن اليونان وإسبانيا واليسار
- ما بعد الاتفاق النووي مع إيران
- الثورة في الماركسية
- أميركا وروسيا.. تحالف حتمي
- الحرب ضد الفكر المتطرف
- أفق الثورة وآفاق الحل السياسي في سوريا
- المعارضة السورية في متاهة الحلول
- ما طبيعة الحرب في سوريا؟
- إيران تكسب أم تخسر؟
- نتائج الانتخابات التونسية
- أميركا وداعش والممانعة.. العقل الأحادي في مواجهة واقع معقد


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - روسيا الإمبريالية من أوكرانيا إلى سوريا