أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد اسماعيل اسماعيل - قصة- الاعتراف














المزيد.....

قصة- الاعتراف


أحمد اسماعيل اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1363 - 2005 / 10 / 30 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


فجأة ،
اختلج وجه القمر وشحب وهو يبصر حوتاً قد أمسى في كبد السماء ،ارتسمت
الدهشة والفزع على محياه وردة من طين ،وكفَّ عن العوم في السماء كزورق
ينقل أشواق العشاق ،حاول أن يستنجد وهو يرى قائد العسس يدخل على الوالي
ويقول:
- لا أثر له يا سيدي .
انتفض الوالي غاضباً ،وكان يجلس تحت صورة رجل جهم القسمات ،غطت الأوسمة المذهبة والشرائط الملونة تاجه وبزته الرسمية. صاح الوالي بعصبية:
- إنه تحت أبصاركم يا عميان، اقبضوا عليه واجعلوه يعترف .
ازداد شحوب القمر المرعوب ، وبدأ وجه السماء البهي يسود ،واضطربت شموعها . تدافعت موجات من الأجساد إلى الشارع الممتد لساناً يلهث:
أطفال يقرعون الصفائح ،ونسوة يولولن بهلع ، ورجال يتمتمون بأدعية استظهروها
و بانت العيون الوجلة- الواسعة والضيقة- السوداء والزرقاء والخضراء – شاخصة بأبصارها صوب القمر المرتعد في حضرة الحوت المبتسم برضى. همس شاب لفتاة وهما وسط الأجساد المتدافعة والنداءات المحمومة والمضطربة :
- لا تولولي يا حبيبة ،فأنا أخشى على صوتك الجميل .
أضاءت ابتسامة رقيقة وجه الفتاة ،وبادلت الشاب نظرة افتنان عذبة.. انفرج وجه القمر، وأضاء كوجه رضيع معافى ،وانقبض وجه الحوت ،واكفهر؛ فالتقطت آذان
وعيون رجال العسس همس الشاب ونظراته المهاجرة إلى عيون الفتاة , أمسكوا بتلابيبه ودفعوه إلى جوف عربة مبرقعة اللون .
في مكان مظلم ورطب أخذ السجان يسوط الشاب وهو يصرخ :
- اعترف أيها الكلب .
جال الشاب ببصره في المكان الذي ابتلعه ,وتمعن بخوف في وجه الكائن الماثل أمامه , فصاح بصوت مشروخ :
- ربي هو ربك .
طار صواب السجان ,وجنَّ جنونه ,وبعنف كال له الركلات والصفعات وهو يجأر:
- قلت اعترف, اعترف .
بكى السجين كعصفور تائه في ليلة شتائية، وتعرت أشجار السرو والبلوط في الولاية ،وكفت الفراشات عن مغازلة الأزهار.. وازداد شحوب القمر ،وقعقعة الصفائح في الشارع تصم الآذان . فرك السجين عينيه ،ومسح الدم عن فمه ،وسأل بتضرع :
- لكن بماذا سأعترف ؟!
انتفض السجان كثور ،جلده ، رماه أرضاً، حشر العصا في فمه ، حشرها في فتحة أخرى من جسده ، غرز أسنانه في عنقه ؛ فنزف القمر دماً فضياً وهو يجد نفسه بين فكي الحوت ،صاح برعب :
- النجدة..
وهمد السجين كومة لحم ودم . حرر السجان رقبة السجين من بين فكيه ،ومسح الدم عن فمه.. وتجشأ الحوت وتثاءب ،فلمعت أسنانه المبيضة من تحت شفتيه. اندفع السجان نحو غرفة قائده وهناك بادره القائد بالسؤال:
- هل اعترف ؟
أجاب السجان بضيق وخوف :
- لا يا سيدي
وبحيرة راح يروي لسيده ما حدث في السجن : كيف بكى السجين بحرقة ،وكيف تضرع ، واستنجد.. ثم سأل قائده الذي راحت ابتسامة خبيثة تتدلى من شفتيه :
- لكن بماذا يجب أن يعترف يا سيدي ؟ّ!
نقل القائد نظره إلى الرجل الساكن في الصورة بتزلف واعتزاز. ابتسم ساكن الصورة وضحك ، فلمعت أسنان مبيضة من خلف شفتيه ،وأرتفع صدره وانخفض،فأصدرت
الأوسمة المعلقة عليه رنيناً أشبه بقرع الأجراس ؛ فزفر القائد بانتشاء ،وشهق السجان
بارتياح .
وظل القمر الذي ازدرده الحوت شاحباً يرتعش في سماء سوداء .



#أحمد_اسماعيل_اسماعيل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية السوداء - ماركة عربية مسجلة
- علي بابا والأميرة شمس النهار- وجبة مسرحية نموذجية
- ثمار الدكتاتورية المرة
- في المدينة الموبؤة الأستبداد وباء لا يستثني أحداً


المزيد.....




- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد اسماعيل اسماعيل - قصة- الاعتراف