سعيدة فكري وتطويق الإقصاء بحوار الانتماء

عبد اللطيف الزين

الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 20:01
المحور: الادب والفن
    

لا يمكن للمرء وهو يستمع إلى الصوت الودود للفنانة سعيدة فكري ؛ إلا أن يتساءل عن خلفية ذلك الاحترام والقبول اللذين تحظى بهما تجربتها الفنية على صعيد الأغنية الملتزمة. ولم لا التساؤل عن طبيعة ذلك التميز الذي يسم أعمالها الفنية على الصعيد الوطني ، على الرغم من استبعادها من الساحة جغرافيا.. بل و إبعادها بصيغة تاء التأنيث التي لا محل لها من الإعراب . ألذلك علاقة-فقط- بالتوجه الجاد لفكري؟ وهل هذا الاعتبار- الذي قد يلغي اعتبارات أخرى- كاف لوحده لتبرير تميزها بعيدا عن الطابع المناسباتي لمفهوم الحضور الوطني؟؟ فما إن تستمع إلى المعاني طروبا بإيقاع الكلمات ؛ حتى يبدو للمتلقي أنه بعيد هو الآخر عن مظاهر بهرجة الأضواء ؛ والتي غالبا ما تطبع التجربة النسائية في مجال الفن عموما والغناء بشكل خاص. ونحن نستمع إلى سعيدة حتما سننتبه إلى أبعاد الحوار الفني الذي تتبناه تجاه المتلقي سواء على مستوى العامة أو على مستوى النخبة. إنها تغني لكل الفئات إما من خلال قضايا المهاجر وقوارب الموت..أو عبر قضايا المرأة ما بين العنوسة والتيه " في سوق الدلالة" ؛ أو في سياق قضايا الهجر الأسري والأطفال المنبوذين. أما الحضور الإنساني فمن خلال تيمة الحرب والسلم ؛ وقضايا التنابذ العنصري (شرق/غرب ) ومضاعفات الاستيلاب الغربي على الشباب.
إنها صوت هادئ ملتزم يترجم جدية الوعي بمسؤلية الفن الجاد، مرة بلسان
أم تتأسى أمام نكران جميل؛ ومرة بلسان ابنة ترجو الأب الــعــودة إلـــى الـبـــــلاد
والأولاد؛ وتارة بصوت شابة تتحسر على عمر يخشى الغدر والخيــانـــة ومــــرة
بصوت يشفق من حال قوم استحلوا الهوان واستطابوا لذة الـتـمادي فــي الــتــردي
الاجتماعي والأخلاقـي والمدنــي. هكذا أرادت فـكري التواصــل مع جــمـهــورهـا
رغـم الـتجاهـل والـرصـد اللـذيـن حـاولا الـنـيـل مــن مـسـارهــا الــمــبـدئـــــــي ..
لكن الأسـلـوب المعتمـد من طرف فكري فـرض نـفـسـه لأنـه الأقــوى والأرقى ،
لذلك كان ظهورها على القناتين الرسميتين ملفتا ؛ واستمع إلـيهـا الـنـاس تـتحدث
في هدوء وتغني للمبدإ كفنانة ملتزمة بـخـطـهـا الــجـاد؛ كمـا اسـتطـاعـت تـطويق
ذلك الإقصـاء بتعبيرها عن حب الانتماء إلى وطن الــبــسطــاء الــمــغــبــونـيـن.
مع سعيـدة تعرف الصـوت النسائي الذي لا تنال مـنـه أضـواء الـمـوضـة وحــب الظهور الباهت . و لا حرج لدي - كمغربي – في الاعتزاز بصوت الفنانة الودود فكري أمام متذوقي النوطة الجادة من أهل الغرب عندما يهتفون ويصفقون ل ( دجون بييز ) مثلا ؛ إعجابا بأدائها واحتراما لمضامين رسائلها الفنية فعبر سعيدة فكري يستحق التحية كل من يحيي فينا بإبداعه نبض ما تبقى فينا من الإنسان وكفى ..

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل