أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - إلى أين عادت سميرة؟














المزيد.....

إلى أين عادت سميرة؟


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل عدة أيام، في مؤتمر في أوروبا، التقيت فتاة فتّانة، ذكية، مهذبة وتجيد عدة لغات. بعد ساعات من التسوّق، كانت لبقة كعارضة أزياء، تلبس أحدث ما ابتكرته الموضة. فيما عدا ذلك فهي شيعية، قدمت من بغداد مباشرة وقد عادت إلى هناك لتوها. لنطلق عليها اسم سميرة.

أبرز ما بدا فيها هو التشاؤم الواضح. الوضع سيئ، قالت، وبغض النظر عما سيحدث، فالأمور ستزيد سوءا.

بالنسبة لسيدة شابة، لها مهنتها، فإن هذا التكهن هو تكهن حالك بالفعل. الطائفة الشيعية تقع الآن تحت سلطة آيات الله، الذين عقدوا العزم على إرغام النساء على التوجه الديني المتطرف. ربما لا يكون هذا التطرف مثله مثل ذاك السائد في إيران الخمينية أو في أفغانستان الطالبانية، ولكنه متشدد بما فيه الكفاية لكي يمنع امرأة من لبس ما تهواه وأن تعمل في مهنة تختارها. منذ الآن أصبحت سميرة تخفي مهنتها عن أعين جيرانها، وهي تسكن أحد الأحياء الراقية في بغداد، خوفا من أن تستقطب إليها انتباه فصيلة مسلحة أيا كانت.

سألتها كيف يمكن العيش دون التزود المتواصل بالكهرباء وبالماء، تحت وطأة درجة حرارة تبلغ 40 درجة مئوية، متعلقين بمولدات الكهرباء ومحاولة تدبّر الأمور، يعيشون في خوف دائما ودبابات تدب في الشوارع؟ هذا أمر صعب للغاية، أجابت، وهذه الصعوبة آخذة في التزايد.

ما هي احتمالات العراق؟ هناك عدة إمكانيات، أجابتني، وكلها سيئة. من الممكن أن تتفكك الدولة تماما، ربما تنشب حرب أهلية، والتمرد المسلح سيتعاظم لا محالة. لا احتمال في قيام دولة جديدة، منتعشة، ديموقراطية متعددة الثقافات.

العراق يشبه الآن لعبة مكسورة، فككها ولد خبيث لا عقل له.



منذ عدة أشهر وأنا أمتنع عن الكتابة عن العراق، رغم أنني أتابع باهتمام ما يحدث فيها، لأنه لا يمكن أن يُكتب شيئ دون القول "لقد قلت لكم!".

العالم (وبالأخص إسرائيل) مليء بالسياسيين، الجنرالات، الصحافيين، الأكاديميين، قادة أجهزة المخابرات وما شابه ذلك، الذين كانوا يخطئون دائما في كل تقديراتهم (هناك استثنائيون نادرون، كساعة متوقفة تبين الوقت مرتين في اليوم) ويا للعجب: إنهم يظلون متمتعين بالشعبية، وأخطاؤهم تنسى وتغفر لهم، حتى وإن كانت نتائجها وخيمة، كما يحدث لدى السياسيين والجنرالات.

لقد علمتني تجربتي طويلة السنوات أن أكثر الأمور التي تثير السخط والتي يمكن البوح بها هي أن الجمهور يمكنه أن يسامح المحللين الذين ثبت بأنهم أخطأوا، ولا يسامح الذين صدقوا أبدا.

لذلك سأمتنع عن قول تلك الجملة. سأرمز فقط بأن بعض ما قلته قبل الحرب قد تحقق في هذه الأثناء بدقة متناهية.



أمران مما قلته جديران بالاهتمام في هذه الساعة.

أولا: أن الهدف الحقيقي من الحرب على العراق كان نشر قوة عسكرية أمريكية دائمة هناك، تستعين بأنظمة حكم كويزلينغية محلية، بهدف وضع اليد على مخزون النفط الهائل في العراق ذاتها، وبشكل غير مباشر، في الدول المجاورة – السعودية، اتحاد الإمارات وحوض بحر قزوين. كل ما هو غير ذلك، مثل "أسلحة الدمار الشامل"، "عزل طاغية متعطش للدم"، "إحلال ديموقراطية"، "محور الشر" – هي ترّهات.

ثانيا: أن النتيجة الرئيسية للحرب ستكون تفكك الدولة إلى عناصرها الثلاثة، التي يعادي أحدها الآخر – السنة العرب، الشيعة والأكراد. ليس مهم كيف سيتم تمويه هذا التفكك، أكان ذلك "فدرالية واهنة" أو بأية طريقة أخرى.

لقد كان من الواضح بأن الأكراد لن يكتفوا بأقل من استقلال فعلي، إضافة إلى عائدات من النفط الذي يتم ضخه من مناطقهم. كان من الواضح أيضا أن هذا الأمر سيخلق مخاوف كبيرة لدى تركيا، في إيران وفي سوريا، حيت تعيش في هذه الدول جاليات كردية كبيرة تحلم بإقامة دولة كردستان، عندما تحين الساعة.

كان من الواضح أيضا أن الدولة الشيعية ستكون تحت سيطرة رجال الدين، ومنهم من كان يعيش حتى الآونة الأخيرة في إيران، وسيفرضون الشريعة الإسلامية على الدولة. رجال الدين هؤلاء لن يتحولوا بالضرورة إلى عملاء لإيران، ولكنهم سيميلون إلى هذا الاتجاه بالتأكيد. من الواضح أنهم سيحاولون إبقاء موارد النفط الهائلة الواردة من جنوبي العراق بين أيديهم.

ليس على الإنسان أن يكون نبيا لكي يتوقع بأن العرب السنة، الذين حكموا الدولة منذ تأسيسها، لن يتقبلوا هذا الواقع بصدر رحب. سيبقون في مثل هذه "الفدرالية" دون أية قوة وبدون عائدات النفط. سوف يُلقى بهم من الأعالي إلى الحضيض. هذا الأمر يسبب تمرد لا يمكن قمعه، لأنه ينبع من مشكلة ليس لها حل. لا زعماء الشيعة ولا زعماء الأكراد هم من النوع الذي يتخلى عن الإنجازات التي حلموا بها منذ وقت طويل، من أجل دولة عراقية لم يحبوها ولم يتعاطفوا معها منذ البداية.



كل هذا كان متوقعا مسبقا – لولا أن القوة العظمى الوحيدة في العالم يسيطر عليها سياسي من النخب الثالث، لولا أن سياستها تُحدد من قبل محافظين جدد متطرفين فقدوا بصيرتهم، ولولا وجود طوني بلير، الذي كان عليه أن يدرك أكثر مما أدرك، وهو الذي يلائم نفسه لكل الأوضاع، ولولا رغبة حكومة إسرائيل في خدمة الأمريكيين وفي إيذاء العرب.



سيدفع الثمن ملايين العراقيين الشرفاء، الأبرياء، مثل صديقتي الجديدة سميرة.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام بدل سلامي
- المنازلون
- إجماع جديد
- مسمار جحا
- من قتل عرفات؟
- بضربة قاضية أم بنحيب
- المستوطنون الغاليون
- هذا هو اليوم
- مسيرة القمصان البرتقالية
- ثلاثة في سرير واحد
- نهاية عهد بوغي
- طريق مرصوفة بالنوايا السيئة
- ماذا نتذكّر؟ كيف نتذكّر؟
- الحملات الصليبية الجديدة
- احذروا الكلب فهو ينهش!
- والنتيجة كانت التعادل
- من يحسد أبا مازن؟
- قبل الكارثة المقبلة
- إكليل بلير
- الجبل والفأر


المزيد.....




- كيف صُنع مضاد سم للأفاعي -لا مثيل له- من دم رجل لُدغ 200 مرة ...
- الأمير هاري بعد خسارة دعوى امتيازاته الأمنية: العمر قصير وأر ...
- ترامب ينشر صورة له أثارت زوبعة: -الرجل الذي خرق الوصايا الـع ...
- مقتل عدة أشخاص في خان يونس والجوع يهدد حياة أطفال غزة
- تركيا .. استخدام القضاء كسلاح ضد الصحفيين
- موقع: فيتسو أجرى تعديلات مفاجئة في جدول أعماله مؤخرا
- الولايات المتحدة.. انقلاب شاحنة محملة بعملات معدنية
- 7 قتلى إثر اصطدام شاحنة بحافلة سياحية في الولايات المتحدة
- الجيش الباكستاني ينفذ تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي
- سوريا.. آثار القصف الإسرائيلي على مدينة إزرع


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - إلى أين عادت سميرة؟