أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحوار الليبي تحت ضغط السلاح















المزيد.....

الحوار الليبي تحت ضغط السلاح


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 20:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحوار الليبي تحت ضغط السلاح
الدكتور عبدالله تركماني
تعيش ليبياعلى وقع أزمات عديدة في ظل عدم وجود سلطة موحِّدة للدولة، وعدم قدرة المؤسسات الحالية على إدارة شؤون البلاد بأسلوب رشيد، يمكن أن ينهي المرحلة الانتقالية المتعثرة حالياً، مما يمكن أن يحوّل ليبيا إلى صومال جديد، نتيجة التناحر القبلي والجهوي، وظهور الاتجاهات الانفصالية، والإرهاب والتهريب والسلاح، وهي كلها مؤشرات على خطورة الأوضاع وتعدد جوانب الأزمة. مع بروز تقديرات أنّ تعقَّد الصراع الدائر هو نتيجة تضافر عوامل قبلية وجهوية مع صور تنافس - ظل كامناً لعقود - على الموارد الاقتصادية، مع عدم إغفال حالة التهميش الاقتصادي الذي تعرضت له مناطق الشرق التي يتواجد بها الشق الأكبر من المصادر النفطية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى استعصاءات وتداعيات الأزمة الليبية التي تحول دون الاتفاق على مساومة سياسية حول نظام حكم يتيح إدارة البلاد بصورة طبيعية، ومن أهمها: الانفلات الأمني وتعدد الجماعات المسلحة. فقد تحولت ليبيا إلى فضاء واسع من الفوضى وغياب القانون، تخترقه جزر أمنية لا تنسيق بين بعضها بعضاً، وكل منها يهتم بناحيته ويحتفظ بأولويات محلية، وقد ساهم هذا الحال في تدفق طالبي الهجرة إلى أوروبا من أنحاء العالم كافة، وبخاصة من أفريقيا، ونشوء عصابات تهريب من كل صنف ومافيات تستغل ضعف المهاجرين وترسلهم إلى أوروبا بشروط تفتقر إلى أبسط العناصر الإنسانية الأولية.
وفي الواقع تنتشر عشرات الجماعات المقاتلة في ليبيا، وهي من أكبر التحديات للحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام القذافي، وتشكل بالنسبة لأية سلطة في المستقبل عائقاً كبيراً أمام ممارسة مهام الحكم على وجهها الحقيقي. فقد خلقت هذه الجماعات مصالح مادية وتحالفات سياسية - خلال السنوات الأربع من وجودها - تجذرت في المجتمع وداخل المؤسسات وصارت تملي الأوامر وتطاع. وبالمقابل أنقصت كثيراً من هيبة مؤسسات الدولة الناشئة وقللت من قيمتها أمام الليبيين والعالم وحوّلتها إلى مجرد هياكل بلا قدرة .
ويمكن القول إنّ الجماعات المسلحة في ليبيا أربعة أنواع: أولها، جماعات محلية ضيقة الانتشار ترتبط بالقبائل، وهي تضمن أمن أهاليها من هجمات محتملة من أطراف مناوئة، وهي منتشرة في كامل ربوع ليبيا. وثانيها، جماعات تابعة لأشخاص نافذين من الضباط أو نواب في " المؤتمر الوطني " أو أثرياء تابعة لجماعات سياسية أو قبلية وهي بالمئات وتنتشر أيضاً في كل البلاد وتعكس مصالح هذه الشخصيات والتنظيمات. وهي مجموعات للدفاع عن المصالح وكسب المنافع في ظل غياب شبه تام لهيبة الدولة، وتستخدم للضغط أيضاً.
وثالثها، جماعات عقائدية وأهمها " أنصار الشريعة " و" مجلس شورى ثوار بنغازي " و" فجر ليبيا "، وهي ميليشيات إسلامية عالية التدريب ومسلحة بأسلحة ثقيلة وخفيفة. نظامها مركزي تخضع لدرجة عالية من الانضباط الداخلي، أسسها مقاتلون شاركوا في الثورة على نظام القذافي وتجمعوا للدفاع عن أنفسهم وفرض نظام مبني على الشريعة الإسلامية. ورابعها، " داعش " وهو تنظيم دخيل وعابر للحدود، وهو مرشح لابتلاع بقية المجموعات الإسلامية وضمها أو قتالها، وكذلك التمدد في مناطق وجود البترول. ويشكل " داعش " أكبر تحدٍّ ليس للسلطات الهشة في ليبيا فحسب بل ولدول المنطقة والعالم.
وهكذا، تحولت ليبيا إلى ميدان لكل عمل ميليشياوي أو خارج عن القانون. إذ يتحرك فيها مقاتلو " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " بحرية، ويتزودون بالسلاح. كما يتدرب الآلاف من منتسبي " أنصار الشريعة " التونسيين والجزائريين وبعض الأوروبيين قبل الرحيل إلى مصر، خصوصاً إلى سورية عن طريق تركيا أو شمال لبنان، حيث ينخرطون في صفوف " جبهة النصرة " أو " داعش ". ويعود بعضهم إلى تونس والجزائر لشن عمليات ضد أجهزة الأمن والقوات المسلحة.
إنّ نمط الحياة الذي يراد فرضه في مساحات استحواذ التنظيمات الإرهابية على السلطة والثروة، لا يبعث على القلق فقط، ولكنه يحيل ما تبقى من السكان غير النازحين إلى رهائن تتحكم في رقابهم وحرياتهم طقوس موغلة في التخلف والتمييز وهدر كرامة الإنسان.
وفي المقابل لم يتمكن الليبيون من إنتاج طبقة سياسية جديدة تستطيع أن تعيد بناء الدولة الليبية على أسس جديدة، تتجاوز كافة السلبيات التي تعرضت لها هذه الدولة، في سياق حكم استمر لما يزيد على أربعين عاماً. ولعل أسباب عدم القدرة على إنجاز تلك المهمة، كثيرة ومتعددة، من بينها التدخلات الخارجية، والهجرة المستمرة للكفاءات، واستهداف المثقفين والمتعلمين وأصحاب الخبرات بحملات قاسية لإقصائهم، وصلت إلى حد التصفية الجسدية لبعضهم .
وتكشف جولات الحوار المتعددة بين مختلف الأطراف الليبية المتصارعة عن مدى حدة التنافس بين دول شمال أفريقيا ودول الجوار الإقليمي من أجل التأثير في المشهد الليبي، فقد استضافت كل من مصر والجزائر والمغرب وتونس جولات حوار متعددة جمعت أطرافاً مختلفة من مكوّنات المجتمع الليبي المنقسم ما بين حكومتي طرابلس وطبرق. ويُخشى أن يؤدي هذا الاستقطاب الحاد بين هذه الدول إلى تبديد الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى صيغة توافق قابلة للتنفيذ من مختلف الأطراف. ولا شك أنّ توحيد الجهود ما بين الدول الراعية للحوار الليبي، بما فيها مبعوث الأمم المتحدة، من شأنه أن يسهم في التأثير بطريقة إيجابية في مختلف الأطراف المؤمنة بأهمية الحوار من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع حول السلطة.
وفي الواقع ليس في وسع أي من الأطراف في ليبيا تحقيق انتصار بقوة السلاح، وقد بدأت دول العالم تعترف بهذه الحقيقة، وكذلك العاقلون من بين صنَّاع القرار في دول الجوار. هؤلاء يمكنهم مد المقاتلين بالسلاح، لكنهم يخشون التورط في هذه الحرب مباشرة. فإما أن يستمر تعطيل الدولة في ليبيا، ما يعني حرباً أهلية مستمرة بوتيرة منخفضة لن تلبث أن تتحول إلى حرب شاملة في لحظة ما يصعب تحديدها، أو يتم التوصل إلى تسوية.
المهم، حالياً، تأسيس نظام يمنع عودة الاستبداد، ويضمن حقوق المواطن والحريات والتعددية السياسية، ويحارب القوى المتطرفة التي ترفض الاعتراف بها. ويخطط لانتخابات قادمة، شرط أن تقام على أساس الوحدة الوطنية الراسخة، إذ لا يجوز أن تقود الانتخابات إلى الانقسام.
إنّ ليبيا بحاجة إلى ظهور إرادة وطنية حقيقية لا تنطلق من مسلَّمة منتصر ومهزوم، بل من منطق الشراكة في بناء الوطن للجميع وبالجميع، وبتأسيس خطوات فعلية في الإنصاف والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، ومحاسبة كل من أخطأ وأجرم، ولا تكون ثمة حصانة لأحد تحت أي مبرر. ولكن مما يؤسف له أنّ التوافق الذي برز مؤخراً في الصخيرات المغربية لم ينسحب على القوى السياسية، سواء في طرابلس (مقر المؤتمر الوطني) أو في طبرق (التي تستضيف مجلس النواب المعترف به دولياً). وظهرت انقسامات داخل كل من المعسكرين، مؤشرة إلى أنّ الحوار الذي يرعاه المبعوث الدولي برناردينو ليون ربما بات في مهب الريح.

تونس في 7/10/2015
الدكتور عبدالله تركماني
باحث استشاري في الشؤون الاستراتيجية



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمم المتحدة وتحديات الأمن والسلم الدوليين
- المسيحيون والمواطنة في المشرق العربي (3 - 3)
- المسيحيون والمواطنة في المشرق العربي (2)
- المسيحون والمواطنة في المشرق العربي
- روسيا وأقتعتها المكشوفة في الحالة السورية
- واقع ليبيا وسيناريوهات المستقبل
- هل ينجح ديمستورا في تغيير قواعد الحل السياسي في سوريا ؟
- حول المعطيات المستجدة لفوضى الحالة السورية
- الاستبداد في مواجهة الثورة السورية
- أي آفاق للثورة السورية ؟
- سورية مقبلة على التغيير .. ما مضمونه ؟
- جردة حساب للثورة السورية وآفاقها
- توصيف أولي لسلطة آل الأسد وتفاعلاتها
- خيار سلطة آل الأسد أم خيار الشعب السوري ؟
- سلطة آل الأسد تهرب إلى الأمام
- جذور الاتحاد المغاربي ومعوقاته وآفاقه
- هل تعيد الحالة الإسلامية تعريف دورها في مصر ؟
- ضوء على كونية وشمولية حقوق الإنسان
- رجال دولة أم عصابة سلطة في سورية ؟
- بشأن إشكالية العلاقة بين الدين والدولة


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحوار الليبي تحت ضغط السلاح