أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - ياسر العدل - !!صناعة دماغ.. ثقيلة














المزيد.....

!!صناعة دماغ.. ثقيلة


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 08:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أخى المواطن، فى ظل موات حركتنا الثقافية وتخلف إدارتنا الاجتماعية وتعثر خطانا الاقتصادية، أنت لست بحاجة لأن تصبح إنسانا فاعلا، تبحث عن حلول لمشاكلنا، ترهق مخك فى رصد وقائع التقدم والتخلف، تبدى رأيك فى فساد العولمة وعولمة الفساد، تثق بنفسك وتنحاز لأنصارك وتفضح أعدائك، لست فى حاجة لكل ذلك كى تبدو فاهما لأقوال يروجها كبار المسئولين وبعض المثقفين عن الانتماء والحرية والتقدم المأمول، ذلك انه فى ظل موات حكومتنا الرشيدة يصبح أصل مشاكلنا قرين بثقافة المصاطب، وحلول مشاكلنا قرين بأفكار المشعوذين.
أخى المواطن، حين تفقد ثقتك مثلنا فى فاعلية الحكومة، وتحزبك أمور الحرب والسلام والتقدم والحرية وشرعية الانتخابات وتداول السلطة، سلم نفسك لحالة من التبلد الذهنى الجميل، واعمل دماغ فول مصرية ثقيلة.
الوصفة سهلة، استيقظ مبكرا واذهب إلى عملك دون إفطار، قاطع المشروبات الغازية والمأكولات الغربية، اسحب جثتك إلى ركن بين زملاء العمل، أحضر رأسين من البصل الناشف مع طبق فول مدمس بالزيت والطحينة وقطع الطماطم واخلط الجميع بعصير الليمون، جهز أربعة قرون من الفلفل الأخضر وعودين من الجرجير مع رغيفين بلدى، واملأ كوبا من شراب الطرشى بالثوم والشطة، ضع الجميع على أرضية من أوراق جرائد ومجلات مصرية، تناول فطورك بحيوية مع ترديد بعض الأدعية المناسبة، أكرم نفسك بكثير من التجشؤ، ولا مانع من أن يلكمك الزملاء على ظهرك كلما أردت ابتلاع طعامك دون مضغ كاف، احبس الطعام فى معدتك بكوب من الشاى الثقيل, افرك يديك وعبئ صدرك بقدر كاف من الهواء والدخان، وحين تشعر ببطنك الثقيلة تحرك بهدوء واربط نفسك فى دولاب العمل.
هو ربع ساعة سيمر عليك فى أمان كامل وتبدأ معك وقائع التثاؤب، تتباعد عن أذنك أصوات الرؤساء والمرؤوسين والحكماء والفنانين، تتصاعد أبخرة ثقافة على تلافيف مخك فيختلط عليك أمر الواحد مع الثلاثة ويتساوى لديك من يفكرون ومن لا يفكرون، هكذا تثقل رأسك وتصبح محايدا جميلا، جاهزا للموت البطيء، يقبل عقلك التعايش مع أفكار بليدة يروجها كبار المسئولين وبعض المثقفين.
ستطوف برأسك فكرة اجتماعية عبيطة، أن أعدائنا يشنون علينا الحروب لأنهم يغارون من جمال بلادنا، انفض رأسك قليلا من أثر الفول وماء الطرشى لتعلم أن أعدائنا يحرصون على الحياة فتوهب لهم القوة، وأن أعداءنا أقوياء بضعفنا، ذلك بأن نظم تربيتنا وهيئات تعليمنا لا تدربنا على الإحساس بالجمال فلا نحسن التفرقة بين ورود وأشواك، تتمحور ثقافتنا الشعبية حول أفكار تدس فينا أن حظنا فى الحياة هم ونكد وأن الموت خلاصنا من كل ألم، نتدرب كل يوم على أنوع بليدة من القبح، تحيطنا أضواء تعمى العيون فيما نقرأ، ونشاز يثقب الأذان فيما نسمع، وروائح تزكم الأنوف فيما نشم، ولا نتعلم أن المبتهجين بالحياة وحدهم هم القادرون على الانتماء لوطن والكفاح على عقيدة والتضحية من اجل حياة سعيدة0
ستطوف برأسك فكرة اقتصادية ساذجة، أن الأعداء يشنون علينا الحروب لأنهم يحسدون ثراء أرضنا، انفض يدك قليلا من أثر الزيت والطحينة لتعلم أن الأرض فى كل بقاعها تحمل ثروات وفيرة لأصحابها، والثروة لا تجمع بغير عمل يقيسه عالم ويضبطه خبير، الأعداء يعقدون الصفقات معنا، يداعبون الأرض تحت أقدامنا لتخرج لهم الثروات ويتركوا لنا أجر حراس المقابر، أجرنا قليل من الزاد وحجاب عورة مع وعد بحراسة مزيد من الآبار والمناجم وطرق المواصلات.
ستطوف برأسك فكرة إعلامية متخلفة، أن الأعداء يشنون علينا الحروب ليمسحوا أصالة تاريخنا العظيم، امسح يديك بأوراق الجرائد والمجلات وتخلص من أثر الشطة لتعلم أن تاريخ البشرية طوال العشرة آلاف سنة الماضية صناعة مشتركة بين الناس، التاريخ لا يعطى لأحد فضلا بعينه ولا يعطى صفاء لجنس بعينه، فالعظيم صنعته أمة والحقير صنعته أمة، وأصالة تاريخنا فى الماضى لا قيمة لها دون أن يكون لنا حداثة الفعل فى الحاضر، وأعدائنا يفرضون تاريخهم الماضى بجدية فعلهم الحاضر0
يا أخى المواطن، حين تشعر مثلنا بفساد ما يحيط بنا من آليات ثقافة تبرر تخلفنا، انفض عقلك من أفكار بليدة يروج لها مسئولون ومثقفون عن الانتماء والحرية والتقدم المأمول، ورتب حياتك على الصبر مثلنا حتى يأتينا يقين التغيير.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !!.. للشهامة ضوء أحمر
- موت إبن الملك
- موت ابن الملك
- !!صاحب الهوى.. الديمقراطى
- !!دراساتنا العليا.. بلا وكسة
- !! .. موائد اللئام
- !!التلوث .. بالصمت والأمونيا
- !! فسادنا .. ثقافة فقر
- !!.. عملية إختيار مدير عام
- !! التسعة جنيهات.. ياخرابى
- !! .. حرب المعيز
- !! .. شحّاتين الّطرب
- مطرب .. بالصدفة!!
- !!.. ورم تلفزبونى خفبف
- الموت .. فى عبوات مزركشه
- حظك00 يا برج الحمار


المزيد.....




- بعضها أوقف التصدير... ما هي الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة ...
- الآلاف يرفعون علم روسيا العملاق في قبرص احتفالا بيوم النصر
- لجنة فلسطينية تدعو أهالي الضفة والقدس والداخل للانتفاضة إسنا ...
- ساحة حرب.. مشاهد مروعة لهجوم نشطاء على مصنع -تسلا- في ألماني ...
- -كتائب القسام- تفجّر نفقا بقوة إسرائيلية في رفح
- الدفاع الروسية تعلن تدمير 3 دبابات -ليوبارد- ألمانية ودبابتي ...
- تأهل المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجين- وسط تظاهرات ...
- السفارة الروسية في الإمارات تنظم أمسية احتفالية بمناسبة الذك ...
- إسرائيل تتحدث عن مغادرة مقاتلين من -حماس- رفح وتكشف عن استرا ...
- لسبب غريب.. صينيون يدهنون وجوههم باللون الأسود (فيديو)


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - ياسر العدل - !!صناعة دماغ.. ثقيلة