التدخل الروسي وتطورات الوضع في سورية : رؤية سياسية

منصور أتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 02:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أخطر هذه التطورات يمكن أن نحددها في التدخل العسكري الروسي و تفاعلاته اللاحقة.. والحلف الجديد و الذي يمكن أن نسميه بحلف بغداد و تفاعلاته المستقبلية .
أولا : التدخل العسكري الروسي في سورية :
أ – أسباب هذا التدخل :
1- وضوح العجز الأمريكي و عدم قدرته على إدارة الأزمة في المنطقة .
الذي بدأ يتضح بعد قصف النظام قرى الغوطة بالسلاح الكيماوي و تراجع الحكومة الأمريكية عن تهديدها بالتدخل مما سمح للروس بالانتقال إلى المبادرة الهادفة لإنقاذ النظام
..وتؤكد الغارات التي نفذها الجيش الروسي أن الهدف هو إضعاف المعارضة والسماح للنظام إعادة سيطرته على أقسام متزايدة من الأرض السورية وليس محاربة داعش كما يدعي كذبا (غارة واحدة استهدفت احد مواقع داعش من أصل 20 غارة نفذها الروس حتى تاريخ 3/10/2015.).ومعلوم أن الطائرات الروسية قصفت قرية كفر نبل التي تمثل آخر مواقع المعارضة المدنية في سورية ..باعتبار كفر نبل احد مواقع الإرهابيين ..وهذا تنفيذ روسي لتفسير النظام بأن كل من يعارضه هو إرهابي.
2- انهيار جيش النظام أمام ضربات المعارضة المتتابعة مما دفع الروس للتدخل لإنقاذ نظام الأسد .. مما يفسر الضربات التي يوجهها الروس للمقاومة الوطنية وكتائب الجيش الحر تنفيذ لما أعلنه بوتين بأنه جاء لسورية لدعم نظام الأسد ....وتنتشر أخبار تؤكد أن قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني زار موسكو وطلب منها التدخل قبل انهيار النظام..
3- الموقف الأوربي وتبعيته للسياسة الأمريكية التي لا ترى ضرورة للتدخل الهادف لإيقاف المجازر في سورية .. وذلك ينسجم مع التصريحات الإسرائيلية التي تؤكد أن سورية انتهت كدولة ..

4- موقف دول الخليج العربي والتركي الغير قادر على رفض التوجهات الأمريكية القاضية بمنع تسليم المعارضة الغير متطرفة أسلحة فعاله وخصوصا الصواريخ المضادة للطائرات التي تحمي المدنيين ..مما سبب في خسائر بشرية وفي هجرة ملايين السوريين ،وفي إطالة عمر النظام .

5- المعارضة الممزقة والغير متفقة والمتصارعة عسكريا وسياسيا مما شجع الروس على مغامرتهم الغير محسوبة النتائج .
وحتى الآن يمكن رصد النتائج التالية :-
1- وضوح الموقف الروسي المساند للنظام الغير معني بمحاربة داعش مما شكل له إرباكا واضحا.
2- استعانة بوتين بالكنيسة الأرثوزكسية الروسية في دعم عمله العدواني وهذا سيترك أثارة السلبية على افتراق الكنيستين المشرقيتين ...وقد ترك موقف الكنيسة الروسية انطباعا سيئا عند المسحيين السوريين نشرنا في صفحة أصدقاء الحزب نماذج من ردود الأفعال الوطنية
3- رغم الضربة الأولى المفاجئة على مناطق حمص الإ أن المقاومة العسكرية استطاعت التعامل معها بسرعة فانتقلت إلى مواقع تبادلية وغيرت أشكال انتشارها ، مما جنبها خسائر محتمله.. وهكذا لم تستطع الضربة المفاجئة الروسية من تحقيق هدفها في إرباك المقاتلين .ففما فرض على الروس الإستعانه بالسلاح البحري المتواجد في بحر قزوين لقصف أهداف سورية
4- يلاحظ بداية رد فعل عنيف عند عدد من الدول العربية والأوربية وعدد من دول العالم يضاف إليه الموقف الأمريكي الذي يزداد وضوحا وخصوصا بعد فشل الإدارة الأمريكية في سياستها المعتمدة في التعامل مع الثورة السورية أدى إلى زيادة الانتقادات داخل أمريكا لهذه السياسة ..مما سيزيد من احتمالات نجاح الجمهوريين .وهذا يفرض على إدارة أوباما تغير سياستها ...وبالمناسبة فقد سعى بوكدانوف معاون وزير الخارجية الروسي أن يقنع أطراف المعارضة التابعة لروسيا بأن واحدا من أهم أهداف التدخل الروسي هو خشيتهم من نجاح الجمهوريين في أمريكا مما سيؤدي إلى تغير معالم الشرق الأوسط ..وطبعا فإن أتباع روسيا صدقوا كعادتهم هذا التبرير وهم يسوقونه الآن
5- تنتشر أخبار عن إرسال إيران لألوف الجنود ليساعدوا بقايا جيش النظام من جهة وليكون لإيران دورا في هذه العملية
6- نستنتج من كل ذلك أن النظام وحلفائه أي الروس والإيرانيين غير معنيين بالحل السياسي وهم يعملوا على ضرب ثورة الشعب السوري عسكريا وقمعها ...وهذا ما يجب أن يكون واضحا للجميع
ملاحظاتنا :-
1- يلاحظ فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن في ردع الدول ألكبري وفرض عدم تدخلها العسكري في أي دولة دون قرار من مجلس الأمن ..وهذا يؤشر لفشل النظام العالمي الناجم عن نتائج الحرب العالمية الثانية وبداية تفكيكه وخصوصا من قبل الدول الكبرى التي باتت لا تحترم بنوده وقوانينه ..وتمارس دور البلطجي العالمي.
2- لم ينعكس الموقف العربي والدولي الرافض للتدخل العسكري الروسي بإجراءات ملموسة مثل تزويد الجيش الحر بقذائف مضادة للطائرات وبأسلحة وذخائر قادرة على التعامل الناجح مع العدوان العسكري الروسي .ولا تزال الإحتجاجات حتى الآن في إطار التصريحات الإعلامية والنشاطات الدبلوماسية ..أي أن التحركات حتى الآن غير فعاله ولا تنسجم مع خطورة التدخل الروسي على مستوى السوري ومجمل العلاقات العالمية .
3- رغم وضوح الإجرام الذي يمارسه الروس والموجه ضد المدنيين إلا أنه لم يلاحظ تحركات شعبية أروبية ضد هذا العدوان ..ولا حتى في البلاد العربية ولا من قبل السوريين الموجودين بمئات الآف في دول أوروبة .
4- سينعكس العدوان الروسي الجديد في زيادة هجرة السوريين وخصوصا بعد القصف الإجرامي على المدنيين ..و في زيادة التطرف المذهبي وفي زيادة الصراع بين مكونات الشعب السوري وهذا سيترك تأثيراته الخطيرة مستقبلا
5- ومنذ الآن لم تعد للسلطة السورية أي صلاحية في إدارة الصراع وأصبحت هيئة تنفيذية لرغبات الخارج.وهذا سيترك –وهو بدأ يترك – آثاره على مجمل الوضع الداخلي وخصوصا في المناطق التي يشرف عليها النظام
6- ويلحظ بداية تجمع لقوى المعارضة السورية العسكرية والسياسية علينا أن نساهم في تسريعه وتطويره
حلف بغداد:-
وعلى التوازي مع الهجوم الروسي على الشعب السوري أعلن عن تشكل حلف مركزه في بغداد أي حلف (بغداد الجديد)ضم إيران والعراق وروسيا والنظام السوري ..ونحن نحذر من خطورة هذا الحلف على مستقبل ثورتنا ومستقبل المنطقة ..فهذه الدول تتألف من نوعين الأول دول طامحة في الهيمنة على المنطقة وإخضاع شعوبها وهي روسيا وإيران ودول تابعه وخاضعة لإرادة هذه الدول وهي الحكومة العراقية والنظام السوري ...وترافق الإعلان عن التحالف مع التدخل العسكري الروسي في سورية مما يؤكد أنه له نوايا أخرى أصبحت واضحة
أسباب وأهداف إعلان التحالف :-
الهيمنة على المنطقة مستفيدة من تراجع الدور الأوروبي الأمريكي ومن تفتت وتبعثر القوى الوطنية الفاعلة في هذه الدول .ومن انشغال السعودية بالحرب اليمنية وانشغال تركيا بوضعها الداخلي ..هذه العوامل التي شجعت على إعلان حلف بغداد ...ولا يزال في بداية تكونه ونرى أنه يمكن ضربة بسهولة الآن لو تضافرت القوى والمجموعات الديمقراطية في هذه الدول وخصوصا سورية والعراق ..وهذا ممكن
عوامل الضعف الذي يجب الانطلاق منها في التصدي للتحالف:-
1- الوضع في العراق ليس مستقر وهناك قوى كبيرة وعديدة ترفض سياسة الحكومة التي لم تستطع تنفيذ أي من الإصلاحات وهذه الحكومة يقودها حزب الدعوة الإسلامي العراقي التابع لإيران ..والذي لازال يقوده المالكي صاحب الفساد في العراق والمتهم بتشجيع تتمدد داعش بهدف تبرير التدخل والهيمنة الإيرانية ...وتؤكد المظاهرات الأخيرة تزايد الرفض الشعبي لهذه الحكومة وللهيمنة الإيرانية ..أي أن العراق ليس مستقرا .وقد يكون هذا أحد الأسباب التي دفعت الحكومة العراقية للدخول في التحالف الذي يسمح لإيران بالتدخل المباشر بالشأن العراقي في محاولة لإنقاذ الحكومة المتهالكة .
2- والوضع عند النظام السوري ليس أفضل ..ولا نعتقد انه سيكون أفضل قريبا لذلك نرى أن الدول التابعة مأزومة .
3- وإيران شبه انهزمت في اليمن ولم تعد تستطيع القيام بأية مبادرة .وعلاقتها مع دول الخليج تزداد تأزما ..وذراعها العسكري أي حزب الله فشل في الدخول إلى الزبداني وخسر عدد كبير من عناصره ..وبنفس الوقت تزداد عزلته ، في لبنان بعد محاولته إفشال المؤسسات اللبنانية ليبقى لبنان بلا دولة ..وخصوصا وأن الأصوات اللبنانية المطالبة بخروج حزب الله من سورية وتكليف الجيش اللبناني بحماية الحدود وازدياد التناقض بين الدولة والحزب تزداد تأثيرا واتساعا.
4- وضع روسيا الاقتصادي لايسمح لها بالدخول في مغامرات ستنعكس في إضعاف بوتين في روسيا .بالإضافة إلى عزلة روسيا المتزايدة على المستوى العالمي بعد تدخلها في سورية
هذه عوامل الضعف التي يمكن الاستناد إليها في العمل من اجل تحطيم التحالف الدولي الجديد المعادي لشعوب منطقتنا وتطلعها نحو الحرية والتقدم والعدالة

مهامنا:-
1- التأكيد على رفض أي لقاء مع الروس قبل سحب قواتهم من سورية باعتبارهم أصبحوا جزء من المشكلة التي يعيشها الشعب السوري ..ورفض أي تعاون مع قوى المعارضة التي تتعاون مع الروس
2- العمل مع القوى الخيرة في سورية والعراق ولبنان للتصدي لحلف بغداد الجديد باعتباره حلفا بين قوى تحاول الهيمنة على مقدرات شعوبنا وسلبها حرياتها وإخضاعها بالقوة لإرادتها .
3- اعتبار أن النظام وحلفائه الروس والإيرانيين .وأتباعهم حزب الله وكتائب أبو الفضل العباس يعرقلوا الحل السلمي الذي لم يعد قابلا للنجاح قبل انسحاب الروس والإيرانيين وأتباعهم من سورية
4- العمل على تحريك الرأي العام العربي والعالمي لرفض التدخل العسكري الروسي وقتل السوريين باعتباره عملا يتناقض مع المبادئ الدولية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها
5- العمل على توحيد مراكز الإعلام السورية وتوحيد الخطاب الإعلامي السوري بما يوحد السوريين بكل مكوناتهم وتوظيف طاقاتهم لصالح دحر المعتدين الروس
6- وحدة عمل كافة فصائل المعارضة العسكرية والمدنية الرافضة للتدخل العسكري الروسي .وللتطرف بكافة أنواعه من حزب الله إلى داعش..
7- العمل على تأمين ما يلزم للحصول على أسلحة قادرة على التصدي للهمجية الروسية .
8- العودة للنشاط المدني المتعدد الأشكال في جميع المدن ومراكز تواجد السوريين باعتباره احد ردود شعبنا على العدوان الروسي
9- العمل على توحيد الخطاب السياسي
10- تشكيل لجنة متابعة وطنية لتنفيذ هذه المهام

#منصور_أتاسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات