أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - بدوي في أمريكا 2















المزيد.....

بدوي في أمريكا 2


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 4947 - 2015 / 10 / 6 - 08:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدوي في أمريكا 2
أتابع في هذه المقالة الثانية رحلة عائض القرني إلى أمريكا ضمن هذه السلسلة من المقالات التي هي عبارة عن قراءة في محاضرة له تحت عنوان (أمريكا التي رأيت)
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=19662&full=1
قدم لنا عائض القرني مجموعة من المراجع التي اعتمد عليها لإنجاز (بحثه):
((أولها: (موجز عن تاريخ أمريكا) مترجم، لـهنري ماجرو، وترجمه دكتور عربي.
ثانيها: (أمريكا التي رأيتها) لـمختار المسلاتي، وهو ليبي داعية يقيم في لوس أنجلوس بـكاليفورنيا، ويسلم على يديه كل يوم خمسة أو ستة من الأمريكان.
ثالثها: (الولايات المتحدة الأمريكية) لـمختار المسلاتي أيضاً.
رابعها: (أمريكا من الداخل) للدكتور صلاح الخالدي، ونقل أكثرَه من كتاب الشيخ الأستاذ سيد قطب رحمه الله: (أمريكا التي رأيت)).
وهي مراجع كلها بالعربية، ألّفها إسلاميون (سيد قطب، مختار المسلاتي، ...)، وبوسع القرني أن يغرف منها مطمئن البال مادام الجميع جنودا في هذه الكتائب التي يجهزها الإسلاميون لغزو الغرب وأسلمته وإخراجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. أما المرجع الأجنبي الوحيد فهو )موجز عن تاريخ أمريكا) كما سماه القرني، ونسبه إلى هنري ماجرو، كما نسب ترجمته إلى (دكتور عربي)! وشخصيا حاولت العثور على مؤلَّف بالإنجليزية مترجم إلى العربية بهذه المواصفات فلم أجده، لكني وجدت كتابا أقرب إليه تحت عنوان (موجز تاريخ الولايات المتحدة، تأليف ألان نيفينز، وهنري ستيل كوماجر، ترجمة محمد بدر الدين خليل. والراجح عندي أنه المرجع المقصود، بالنظر إلى توفره في المكتبات الجامعية السعودية.
A Short History of United States by Allen Nevins and Henry Steele Commager (1942)

لكن (الدكتور) عائض القرني لم ير نفسه معنيا باحترام الأمانة العلمية وأخلاق البحث العلمي وهو يتعامل بهذه الخفة مع مرجع هام لبحثه، حتى أخطأ في العنوان وفي اسم أحد المؤلفين وتجاهل الثاني، كما تجاهل اسم المترجم (إن صحت شكوكي طبعا).
كذلك لم أجد في ثنايا (بحثه) إحالات على المراجع التي اعتمد عليها (تحديد النصوص المقتبسة، الصفحات، ..) توخيا للدقة والأمانة العلمية، عدا الإشارة طبعا إلى أرقام الآيات وأسماء السور القرآنية. وهي ظاهرة ممقوتة كثيرا ما نجد المؤلفين العرب يقعون فيها، وهم يسطون على إبداعات الغير وجهودهم على طريقة الغزاة في غابر الأزمان (اتُّهِم القرني أكثر من مرة بالسطو على إنتاج غيره). كذلك نستشف من المراجع المذكورة ومن المحاضرة أن القرني لا يتقن اللغة الإنجليزية وهو أمر معيب لدى دكتور جامعي مهما كان تخصصه، ولعله كان حريصا على الالتزام بحديث: (من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق)، أما حديث (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) الذي حفظناه في طفولتنا لحثنا على تعلم اللغات الأجنبية، فهو، بالإضافة إلى سوء النية الذي يحتويه، كان يندرج ضمن حمى الأسلمة التي كانت تسعى إلى صبغ كل شيء بالدين بما فيها تعلم اللغات وأسلمة العلوم، بل وكل المواقف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عبر تأصيلها الديني من خلال الاستشهاد بالآيات والأحاديث لدعم المواقف والنظريات والآراء، أما اليوم فقد أثبتوا لنا أن هذا الحديث موضوع، وحسنا فعلوا، لأن الحث على تعلم اللغات بهذه النية السيئة في التواصل مع الغير أخذا وعطاء مضر، خاصة وأن تقدمنا اليوم مرهون بالتفتح على الحضارات الأخرى والتفاعل معها، بل وضرورة التخلق بأهم قيمة نبيلة للتعلم وهي التواضع والاعتراف بفضل المتفوق والاستعداد للتتلمذ على من عنده العلم، أي عند (الكفار) بالضرورة في حالتنا.

بهذه الذهنية بدأ القرني وصف رحلته: (ذهبنا من الرياض بعد صلاة العشاء، وهبطنا في مطار جدة وتوقفنا ساعتين، ثم طرنا متوكلين على الواحد الأحد، فيما يقارب الساعة الحادية عشرة، وكانت المسافة بين جدة ونيويورك ثلاث عشرة ساعة، لا توقُّف في الرحلة أبداً، معلق أنت بين السماء والأرض، وأنت تنظر في كون الواحد الأحد: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ" [الذاريات:47-48]).
هكذا سيحرص القرني طوال (البحث) على إقحام الآيات القرآنية دون أن يهتم بجدوى ذلك. لكن، هل يعرف القرني، مثلا، أن التفسير الذي قدمه مفسرو القرآن لهذه الآية أصبح اليوم تفسيرا ساذجا تجاوزه الزمن؟ قال ابن كثير (والسماء بنيناها ) أي: جعلناها سقفا [محفوظا] رفيعا). بأيدٍ: أي : بقوة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والثوري، وغير واحد (وإنا لموسعون)، أي: قد وسَّعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد، حتى استقلت كما هي).
هل يعرف أن السماء التي نراها اليوم لم تعد هي السماء نفسها التي كان يراها مؤلف القرآن وجيله قبل 14 قرنا، ومن السذاجة أن يسترشد بهذه الآية وهو ذاهب إلى أمريكا، البلد الذي غزا الفضاء وأرسل مئات الأقمار الصناعية تدور حول الأرض خارج هذه السماء شديدة السُّمك، حسب التصور القرآني، والتي تحدى القرآن بها معشر الجن والإنس أن ينفذوا فيها، ولن ينفذوا، ومع ذلك نفذوا. هل تصوّر القرني معنى الآية على ضوء الفتوحات العلمية الحديثة؟ هل السماء في ذهنه، هي هي، كما قرأها في تفاسير القرآن، سقف مرفوع، وقبة رفعها الله فوق أرضنا بغير عمد نراها، وأن الله هو الذي يمسكها حتى لا تسقط على الأرض (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ..).
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1771&idto=1771&bk_no=49&ID=1824
وكذلك هو شأن الآية التالية التي أقحمها مرة أخرى في (بحثه): (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20]
ولا ينسى أن يذكرنا بـ (مضيفة من مصر كانت عندها شهادة جامعية، ذهبت في زيارة لأمريكا قبل أشهر، فلما رأت الكون في الليل أعلنت إيمانها وتابت وعادت وأصبحت داعية). أصبحت داعية "لما رأت الكون في الليل" وكأنها لم تكن تراه في ليل مصر البهيم حيث السماء صافية طوال السنة، ولا هي تعلمت شيئا في الجامعة، التي منحتها الشهادة، عن حقيقة السماء والكواكب والنجوم... بئست الشهادة وبئست الجامعة إذن.

ثم يقول: "إن هذا الكون يفرض عليك أن تؤمن بالله، وأن تعلم أن لا إله إلا الله، ومشت بنا الرحلة لا يحفظنا إلا الله في حَدِيْدة بين السماء والأرض، لو توقف مسمار أو سلك لهبطنا؛ ولا ينقذنا إلا الواحد الأحد".
وهذا منتهى الجهل والجحود بل والنفاق. فلو كان القرني وغيره مقتنعا فعلا أن الطائرة غير مضمونة لما استقلها للسفر أبدا. ألا يأمره قرآنه ألا يلقي بنفسه إلى التهلكة؟ وقديما نصح سلفه بعدم ركوب البحر، لأن راكبه كدود على عود. ومع ذلك فحوادث الطائرات كثيرة، وأسبابها تقنية يحرص الخبراء على معرفتها والانكباب عليها بعد كل حادث سعيا إلى توفير أقصى ما يمكن من شروط السلامة حتى صار السفر عبر الطائرة أسلم مقارنة بغيره، بما في ذلك عبر المركبات التي تسير عبر الطرقات.
بهذه القناعة الدينية الساذجة وصل بدوِيُّنا وصحبُه الميامين إلى نيويورك. ولسوء حظهم أنهم صادفوا (فتيات مغرضات) في استقبالهم (!)، رحن يضحكن من زيهم (!)، رغم أنهن متعودات (كما قال) على هذا الزي، "أما الحجاب فلا تسَل، وأما غض البصر فلا تسَل". ومرة أخرى يعود البدوي إلى قرآنه البدوي ليجد فيه العزاء والوعد والوعيد: "وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ" [الأنعام:110].
كل هذا المصير الرهيب من أجل ابتسامة بريئة. والراجح أن القرني أساء فهم تصرف المضيفات الطبيعي وهن يرحبن بالمسافرين مبتسمات!

ومع ذلك يجد نفسه، مجبرا على التنازل والاعتراف بفضائل الكفار. يقول: "والعجيب من المفاجآت المضحكات: أنَّا لما نزلنا ... تجاوزنا الخط الأحمر؛ لأننا مستعجلون نريد أن نسافر، وهم لا يعذرون بذلك، فهم يعرفون النظام، وهذا الذي افتقدناه نحن وكسبوه هم، وهو من ديننا لكن أخذوه وتركناه، أتينا نحن كأنا نتعامل في القرى أو مع القبائل بالعِصِي، أخذنا الجوازات وقلنا: نحن مستعجلون، وترجم لنا مترجم وقال: عندهم سفر، فكلٌّهم هزَّ رأسه والتفت بعضهم إلى بعض متضايقين، وقالوا: عودوا وراء الخط الأحمر وقِفُوا ساعة، فانتظرنا ما يقارب ساعة، فعندهم لا يتقدم أحد ولا يتأخر، ولا يعرفون الواسطة، وهذه منقبة، والحق أن نتكلم بالعدل كما قال تعالى: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [المائدة:8] فالعدل مطلوب، فالواسطة في مثل هذه الأماكن ليست عندهم".
هكذا يكتشف القرني أن الغربيين يعرفون النظام! لكنه نظامنا افتقدناه! "هو من ديننا لكن أخذوه وتركناه".
هكذا هم الإسلاميون، يحرصون على التشبث بأوهاهم حتى النهاية. تراثهم حوى كل شيء، لكن المسلمين الجاحدون بالنعمة فرّطوا فيه فاستحقوا هذا الذل والهوان! وهذا الزعم رغم أنه يراد به التعالي والتفاخر، لكنه يعبر، في حقيقة الأمر، عن اعتراف بغباء متأصل في عقول قوم يزعمون أن بين أيديهم كل الحلول لكل المشاكل ولا يعملون بها ولهذا تنتشر في مجتمعاتهم كل الموبقات. لماذا يا ترى؟
يتبع



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدوي في أمريكا 1
- حتى القرضاوي يريدها دولة ديمقراطية مدنية 3
- حتى القرضاوي يريدها دولة ديمقراطية مدنية 2
- حتى القرضاوي يريدها دولة ديمقراطية مدنية 1
- تشريح مقولات جنت علينا 6: لا يَصْلُحَ آخِرُ هذه الأمة إلاّ ب ...
- تشريح مقولات جنت علينا 5: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما ...
- تشريح مقولات جنت علينا 4: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) ...
- تشريح مقولات جنت علينا 3:- من رأى منكم منكرا فَلْيُغَيِّرْه ...
- تشريح مقولات جنت علينا (2): -الحمد لله الذي هداني للإسلام قب ...
- عبد القادر أنيس - كاتب علماني من الجزائر - في حوار مفتوح مع ...
- تشريح مقولات جنت علينا (1)
- عندما يتعاون الإسلامي والعلماني على ممارسة التجهيل
- الملياردير الأمريكي والصياد المكسيكي
- يريدون شواطئ إسلامية، هل نتركهم؟
- أفنان القاسم بين التنوير والتجهيل 3
- أفنان القاسم بين التنوير والتجهيل 2
- أفنان القاسم بين التنوير والتجهيل
- الثورات العربية 4: العصر العربي الجديد
- الثورات العربية: 3- فانوس علاء الدين
- الثورات العربية 2: علبة باندورا


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - بدوي في أمريكا 2