أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد يسري - حركة التوابين















المزيد.....

حركة التوابين


محمد يسري

الحوار المتمدن-العدد: 4932 - 2015 / 9 / 21 - 22:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كان مقتل الحسين بن علي في كربلاء في عام 61هـ/680م، بمثابة الأمر العظيم الذي صدم الشيعة والعلويين في كل أنحاء الدولة الإسلامية، ولاسيما في العراق التي عرفت منذ وقت مبكر من عمر الخلافة الإسلامية بتشيعها وميل أهلها إلى علي بن أبى طالب وأبنائه.
وكان أهل الكوفة هم أكثر من فجعوا وتألموا عقب مقتل الحسين، ذلك لأنهم كانوا هم الذين راسلوا الحسين بن على ووعدوه بالنصرة والتأييد والقتال في صفه ضد الأمويين، وكان من الطبيعي أن يحس الكثير من الكوفيين بالندم والحسرة على تخاذلهم عن نصرة الحسين، وحاول عدد منهم أن يبحث عن سبيل للتكفير عن ذنبه وغسل يديه من دم الحسين.
وكانت تلك المشاعر سبباً في تجميع عدد كبير من رجال الكوفة، وعرف هؤلاء باسم التوابين وذلك لأنهم كثيرا ما كانوا يرددون في مجالسهم قول الله تعالى (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم)، ويطلق المسعودي أسم "الترابيون" على تلك المجموعة، وذلك لشدة تعصبهم وتشيعهم لأمير المؤمنين علي بن أبى طالب وبنيه من بعده.
وكان من الطبيعي أن تتم الاجتماعات بين التوابين بشكل سري، وذلك خوفاً من الأمويين وعاملهم في الكوفة "عبيد الله بن زياد"، وقد تزعم حركة التوابين خمسة رجال، عرفوا بنصرتهم للبيت العلوي والاشتراك في معارك علي بن أبى طالب ضد الخارجين عليه زمن خلافته، وهؤلاء الرجال هم:
o سليمان بن صرد الخزاعي
o المسيب بن نجبة الفزاري
o عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي
o عبد الله بن وال التميمي
o رفاعة بن شداد البجلي
وكان اعتقاد التوابين أنهم قد أجرموا بتقاعسهم وتخاذلهم عن نصرة الحسين في كربلاء، وأن ذلك الجرم لن يتم غفرانه إلا بقتل من قام بقتل الحسين أو أن يتم قتلهم أثناء محاولة الانتقام.
وبعد وفاة الخليفة الأموي يزيد بن معاوية عام 64هـ/683م، أصبحت الفرصة سانحة أمام التوابين للجهر بدعوتهم، خصوصاً وأن القبضة الأموية على الكوفة قد ضعفت عقب وفاة يزيد والتخبط الحادث في البيت الأموي وأعلان "عبد الله بن الزبير" لنفسه كخليفة للمسلمين وأمام تلك المتغيرات السريعة، دعا التوابون إلى الأخذ بثأر الحسين بن علي، وانضم لهم الكثير من الرجال ورفع هؤلاء شعار " يا لثارات الحسين "


وكان أهل الكوفة قد أخرجوا الأمويين من مدينتهم، واستطاع عبد الله بن الزبير في تلك الفترة أن يمد سيطرته ونفوذه إلى العراق، وبعث عبد الله بن يزيد الأنصاري والياً من قبله على الكوفة. ولم يحاول عبد الله بن يزيد أن يتصادم مع قوة التوابين، وذلك لأنه كان يعرف أن تلك القوة موجهة في المقام الأول إلى عدو مشترك وهو العدو الأموي، ويظهر ذلك بوضوح عندما حاول بعض وجهاء الكوفة أن يؤلبوا عبد الله بن يزيد لقتال التوابين، فكان رده عليهم " الله بيننا وبينهم إن هم قاتلونا قاتلناهم وإن تركونا لم نطلبهم وليس لدينا ما يمنع خروجهم على من قتل الحسين "

وعلى الجانب الآخر، فإن التوابين كانوا مترددين كثيراً في الهدف الذي يجعلونه أمامهم، فبعضهم كان يرى أنه من الاولى أن يتم التخلص من الأشراف الكوفيين الذين ساهموا كثيراً في هزيمة الحسين وتفريق الناس عنه، بينما كان هناك فريق آخر منهم يرى أن هدفهم الرئيسي هو الأمويون الذين قتلوا الحسين وأهل بيته في كربلاء، وقد حسم سليمان بن صرد الزعيم الأكبر للتوابين هذا الخلاف، وأعلن ان قتال الامويين مقدم على قتال غيرهم وعزم على أخذ الثأر منهم.
وفى أول ربيع الثاني من عام 65هـ/17نوفمبر684م، تجمع التوابون في منطقة "النخيلة" ووجهوا الدعوة إلى جميع أنصارهم في العراق للانضمام لهم، وفى يوم الجمعة 5 ربيع الثاني/21نوفمبر توجهوا إلى كربلاء وأمضوا ليلتهم عند قبر الحسين وأخذوا العهود والمواثيق على أنفسهم وبعد ذلك انطلق التوابون إلى منطقة "عين الوردة"

وبعد خمسة أيام من الانتظار في عين الوردة، تلاقى التوابون مع الجيش الأموي الذي يقوده عبيد الله بن زياد وكان ذلك في يوم الأربعاء 22 جمادى الاولى/6يناير وكان عدد التوابين في تلك المعركة حوالي 4000 رجل ، بينما كان عدد المقاتلين في الجيش الأموي يزيد عن الثلاثين ألف رجل ، وقد حاول الجيش الشامي قبل المعركة أن يقنع التوابين بترك القتال، وكذلك فإن التوابين طلبوا من أهل الشام أن يخلعوا عبد الملك بن مروان من الخلافة وأن يقدموا عبيد الله بن زياد للاقتصاص منه وأنهم سوف يبرؤن من حكم عبد الله بن الزبير، ويردون أمر الخلافة إلى أهل بيت النبي(صلى الله عليه وسلم) .

وكان من الطبيعي أن يرفض كل من الطرفين شروط الطرف الآخر، وابتدأ القتال بين الطرفين ورغم التفوق النسبي للتوابين في أول المعركة، إلا أن الجيش الشامي استطاع أن يسير المعركة لصالحه بعد ذلك، خصوصاً بعد مقتل زعيم التوابين سليمان بن صرد، ورغم وضوح النهاية المحتومة للمعركة فإن معظم التوابين قد استمروا في القتال حتى النهاية ولم يتراجع منهم إلا عدد قليل.
ومن الملاحظات على حركة التوابين:
• إن الدافع الرئيسي لتلك الحركة كان التكفير عن قتل الحسين، ولذلك لم يضع قادة الحركة خطط استراتيجية واضحة لحركتهم، ولم يكن يهمهم سوى الانتقام من الجيش الأموي، وكان في ذلك تغليب للنواحي العاطفية على النواحي الواقعية.
• لم يستطع التوابون أن يضعوا تخطيطا محكماً لحركتهم، فقد سارعوا بالتحرك لقتال الجيش الأموي بدون أن ينتظروا اكتمال حشودهم.
• إن جميع قادة الحركة كانت أعمارهم تزيد عن الستين عاماً، وكانوا قد حاربوا في صف علي بن أبى طالب في حروب الجمل وصفين والنهروان ولم يتواجد بين قادة التوابين أحد من الشباب القادرين على تجديد الدماء ووضع الخطط وحشد الجموع.
• إن الحركة قد تمت في معزل تام عن آل البيت، فلم يحدث أي اتصال بين قادة الحركة وأحد من أقارب الحسين بن علي، وهذا الأمر أثر كثيراً في ضعف الحركة لافتقادها نوعا مهماً من الدعاية السياسية، الأمر الذي انتبه له "المختار الثقفي" فيما بعد.



المصادر
1- (تاريخ اليعقوبي) لليعقوبي
2- (تاريخ الرسل والملوك) للطبري
3- (مروج الذهب ومعادن الجوهر) للمسعودي
4- (البدء والتاريخ) ل المطهر بن طاهر المقدسي
5- (الشيعة العربية والزيدية) ل محمد إبراهيم الفيومي
6- (الانتفاضات الشيعية) ل هاشم معروف الحسني



#محمد_يسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبذة عن تاريخ السلاجقة الأوائل
- الحشاشون...قراءة تاريخية مختلفة
- ملاحظات حول الدراما التاريخية التركية
- ما هكذا تورد الإبل يا جنبلاط


المزيد.....




- فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج ...
- وفاة 61 شخصا في تايلاند منذ مطلع العام بسبب موجة حر شديدة تج ...
- زعيم الحوثيين يعلق على موقف مصر بعد سيطرة إسرائيل على معبر ر ...
- بعد صدمة -طفل شبرا-.. بيان رسمي مصري ردا على -انتشار عصابات ...
- المزارعون البولنديون ينظمون اعتصامًا في البرلمان بوارسو ضد و ...
- فيديو: ملقيًا التراب بيديه على التابوت... زعيم كوريا الشمالي ...
- تكثيف الضربات في غزة وتحذير من -كارثة إنسانية- في رفح
- باير ليفركوزن.. أرقام غير مسبوقة وأهداف في الوقت القاتل!
- من أين تحصل إسرائيل على أسلحتها ومن أوقف تصديرها؟
- مستوطنون يقطعون الطريق أمام قافلة مساعدات إنسانية متوجهة إلى ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد يسري - حركة التوابين