أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم حسين - الحدائيّات العربانيّة















المزيد.....

الحدائيّات العربانيّة


هيثم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1355 - 2005 / 10 / 22 - 05:23
المحور: الصحافة والاعلام
    


في يوم محاكمة المخلوع صدّام لم يلفت نظري أيّ شيء فيها , لا المكان ولا الزمان , لا توقيتها , و لا لماذا الآن , ولا لماذا هنا , أو لماذا هؤلاء أو الخ الأسئلة التي يمكن أن تثار حسب دوافع مثيرها وغاياته ..؟
وكذلك لم يلفت نظري لا هيئته ولا كلامه الهجوميّ الذي ظنّ بأنّه خير وسيلة للدفاع , أو إصراره على إظهار نفسه بأنّه وحده ( الذي لم يكن له شريك , أو نظير أو كفوء ) الرئيس الشرعيّ للعراق العراكيّ الاستعدائيّ الاقتتاليّ التقتيليّ الذي كانه , أو محاولته تكرير وتمرير تجبُّره على هيئة المحكمة التي لم يرد أن يعترف بقانونيّتها أو شرعيّتها مردّداً ببغائيّاً القاعدة الشرعيّة : ما بني على باطل فهو باطل , مضيفاً إليها أو منقصاً منها حسب (تعبقره) , وكأنّي به يحاول أن يؤكّد لنفسه ولعربانه قبل نفسه , عربانه النكرات المحتاجين إلى إعراب دون حاجة لأيّ تعريفٍ , فهم معرَّفون بالعمه والعمى لدوام اعتقادهم المبنيّ على اعتقاده الخرائبيّ المهدَّم بأنّ ما اصطُلح على تسميته ( نظامه / حزامه ) كان شرعاً بُني على أنقاض شرعٍ فهو عرشيٌّ راغب في التعربُش به. أقصدها من العرش المُستمات من أجله وليس خطأً إملائيّاً أو إبداليّاً حاسوبيّاً مارقاً , كما لا أقصد العربيّ الشريف الذي يتبرّأ من تصرّفات وجرائم كالتي ارتُكبت .
وما يدعّم له ولهم هذا الزعم الباطل الذي هو أكثر بطلاناً من (( باطل الأباطيل ( الـ ) باطل , قبض الريح وحصاد الهشيم ( الـ ) باطل )) , هو مقدرتهم الظَنون بأنّ بمستطاعهم حرث البحر وقبض الريح وحصاد الهشيم وزرع الهور .
وقد يقول مدّعٍ بأنّه لماذا ننكر عليه حقّه في الدفاع عن نفسه , أليس هو الذي حكم الشعب الذي أحاله وصيّره شِعباً , هذا الشعب الذي لا يصلح إلاّ للركوب .حسب زعمه وأمثاله من طغاة الأرض البغاة , هؤلاء الأنبياء الكاذبين الذين يركبون على الشعوب و يقرفصون و لا رسالة . حسب قول الشاعر نزار قبّاني .
ولا أناقش أو أساوم في مسألة محاكمته أو عدم محاكمته , فأمثاله يجب أن لا يقتلوا مرّة واحدة , بل يجب أن يعاد قتلهم بعد كلِّ قتل , أو حتّى لو مات يجب أن يقتل . هذا لا نقاش فيه أو مساومة .
ما أودّ التركيز عليه هنا هو تركيز ( الفدائيّات ) العربانيّة - ( هنا كتبت الفضائيّات كما تلفظ كرديّاً فالضاد هنا منحورة مغتالة عربانياً, كرّدت ضادها ودلّدتها دون أن أقصد تنكيتاً أو تندّراً ) - التي تروِّج ( لبطولته ) وتحاول أن تفتديه بكلّ ما أوتيت من تفاصُحٍ وتذاكٍ وتثاقفٍ , مكتفين بالمقارنة فقط بينه وبين الاحتلال بغية تفضيله, ووجه المقارنة هنا معدوم فلا يقارن بين أمرين أحلاهما علقم . أمّا الفخّاريات فمصيرها الكسر دون أن يُدفع بها إلى التكسّر أو محاولة تكسيرها.
من الظلم التخيير بين إمّا و أو , والقطع بأحدهما وتبنّيه , فأن تكون معادياً للاحتلال لا يعني أن تكون مع الطغاة , ولا يجوز أن لا يترك للمرء أيّ خيار آخر وكأنّه لا يكفي أن تحُكم دون أن يكون لك أيّ اختيار بين (الغزاة و بين الطغاة) البغاة , أو مصادرة إرادة الشعب كما يرى خلاصه بعيداً عن الطغيان والاحتلال.
في انتظار المحاكمة وبثِّ وقائعها كانت حدائيّة الجزيرة العربانيّة تستطلع آراء الشارع العرباني الذي يتوافق مع توجّهها, تختار الرأي ممنتَجاً مدبلَجاً مخرَجاً دون وعي , أو لربّما بوعي مغالط . وهذا هو الأصحّ .
كانت تعرض استطلاعاتها لمحاكمة الطاغية العِبرة الماثلة للعيان غير المتماثلة للنسيان , فتستعين بعطوانٍ من عطاونتها أو خصوانٍ من خصاونتها , هؤلاء المستميتين على بئر كوبوناتهم,ومكمن ثراهم وتعصّبهم وعماهم.
فآراء زاعمة متباكية نائحة مادحة تقول:
(( بطل العروبة أو حارس البوّابة الشرقيّة أو المقدام الأسير, أو العظيم , أو عشرة على عشرة, كما يقول أحد المصارنة أو الواحد الممجَّد لا محالة )) ... الخ تلك النعوت المؤلِّهة.
فحاجة الشارع العربانيّ المستطلَع رأيه هنا وهناك إلى صنَمٍ يعبدونه في زمن تكسير الأصنام أنّى وجدت , هي التي تصنِّمه في ذاكرتهم وخيالهم الخياليّ الذي لا يعرف غير الخور والتخبّط وتشحُّد الآلهة ..
هذي الحاجة إلى خلق آلهة ليخرّوا لها ساجدين راكعين مقبِّلين أيادي أولى بها القطع لا التقبيل, هي التي تضفي عليه تلك الصفات التي هي منه براء , كما أنّ الإنسانيّة من أولاء براء .
وباب المقارنة بين الطاغي الباغي المتألّه وبين الغازي الطامع بالانتفاع غير وارد لأنّ ظلم المفترَضين بذوي القربى أشدّ , وكلاهما شرٌّ مركَّب .
ولا يجوز أن يُحصر المرء بين هذين الخيارين الأرعنين فقط , وكأنّ الخيارات تلاشت , أو وكأنّه أصيب بعمى ألوانٍ أو عشىً ليليٍّ , فما عاد يرى من الألوان سوى اللون الأسود بشقّيه :
الأسود الحقيقيّ , والأسود المخادع المضلِّل البادي بياضاً أو تدرّجات بياضٍ .
ويُغفَل الحديث أو يتغافَل عن إرادة و خيار الشعوب التي تريد أن تحيا بسلامٍ وأمانٍ وطمأنينةٍ وحرّيّةٍ. ولا بأس إن قلنا بديمقراطيّة,هذه الديمقراطيّة التي بات الكلّ ينادي بها,الظالم والمظلوم على السواء , وباسمها ترتكب الموبقات والويلات .
أعود إلى الاستطلاع الأحاديّ الحدائيّ لإناخة المُشاهِد من خلال التأثير عليه لقناة الجزيرة التي ركّزت على عرض صور ( الملهَم / المجرِم ) التي يتحدَّى فيها الجميع , ومنها صورة تظهره وهو يطلق البارودة بيدٍ , وصورة يسبح فيها , وأخرى يدخّن فيها السيكار , ورابعة يبتسم ابتسامة طاغٍ رعديد . أو عرض مظاهرة في ( مَلْقط ) رأسه مؤيّدة له مندّدة بمحاكمته .
حيث الطغاة هم هكذا يحاولون التستُّر بالطغيان لملء الفجوات التي يخلّفها الجبن والخوف من كلّ ما يحيط بهم , حتّى دون أن يحيق بهم أيّ شيء من شرٍّ , لكنّ سوء أفعالهم ينذرهم بالشرِّ المصدَّر من عندهم , والذي سيعود إلى مصدره دون أدنى شكٍّ , ليكمل دورته الطبيعيّة, هذا الخوف الذي يخنقهم هو ناتج عن تصديرهم أوامر قتلٍ جماعيّ و جرائم يندى لها الجبين .
وعدالة محكمة التاريخ منتهى العدالة , يغدو فيها متَّهَم الأمسِ ( وهنا هو الكرديّ الذي لا ذنب له سوى كرديّته ) قاضيَ وحاكمَ اليوم ليحاكم دون أيّ تشفٍّ – وإن كان هذا حقّه - طاغيةَ الأمسِ الذي كان قد نصّب نفسه عن شحٍّ إلهاً معبوداً لمستزلمين باحثين عن استزلام للأصنام .
بعد كلّ الدفاع المستميت من قبل الجزيرة لم يبقَ إلاّ أن تحوِّر ( لملهمِها / مجرمِها ) الذي فاقت أسماؤه التُعسى أسماءَ ربِّه الحسنى , والذي بات يصوِّر نفسه أو يُصوَّر له بأنّه ربُّ الأرباب , تلك الرائعة العراقيّة لناظم الغزالي : حادي العيس .
فتغنّي له شابكة عشرها على رأسها , تحنّ له وتشكي , وتئنّ له وتبكي وتقول له منغّمة مولولة :
(( يا حادي العيس عرّج كي تودّعنا .. يا حادي العيس في ترحالك الأجل ))
وحاديهم لا يسمع ولا يرى إناختهم بباب الكوبونات , والفرار عسير , عسير.
لا يودّعهم , فلا يعتبرون , ولن يعتبروا ..
وحقّاً كما ينغّمون ويحنّون ويشكون ويئنّون ويبكون ويقولون مولولين , فإنّ في ترحاله أجلهم . مع أجلِ الطغاة , يجيء أجل السماسرة الباقين على وعدهم بأن يظلّوا أوفياء لمن يُقبضهم , فليؤجّلوا إن كان بإمكانهم أن يؤجّلوا ما يعجِّل الله فيه ..
ولنكتب معاً هذه القضيّة الكلّيّة التالية , حكمة التاريخ , أو حكمة اليوم : إنّ كلَّ صدّاميٍّ هدّاميٌّ .



#هيثم_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((قراءة في مذكَّرات الدكتور نبيه رشيدات (( أوراق ليست شخصيّة
- قرية - دارِى - رهين الظلمين
- وأيضاً نزار ...
- (( التركيد المُمَنْهج ))


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هيثم حسين - الحدائيّات العربانيّة