أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - رؤية في مشروع الدستور العراقي الدائم















المزيد.....



رؤية في مشروع الدستور العراقي الدائم


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 1355 - 2005 / 10 / 22 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


* كان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش يتابع على " أحرّ من الجمر" إنجاز مشروع الدستور العراقي الدائم . ولم يمنعه إعصار كاترينا المروّع والكارثة الإنسانية التي حلت بعشرات الالاف من البشر ووفاة نحو 800 شخص وخسارة اكثر من 125 مليار دولار , واعترافه بتقصير السلطات الاتحادية وتحمله المسؤولية من تعويض ذلك بنوع من الارتياح الشديد للتقدم الذي يحرزه " العراقيون" على طريق الديمقراطية على حد تعبيره !
وظل الدستور بين شدٍ وجذب : أنجز … لم ينجز !, سلمت المسّودة .. لم تسلّم ! , حصل التوافق ... لم يحصل! مددّت المهلة اسبوعاً .. ليس هناك تمديد جديد ! وكانت هذه العناوين ضيفاً مستمراً يطلّ علينا من شاشات التلفاز ونشرات الأخبار وتعليقات كبريات الصحف العالمية والعربية والعراقية , ناهيكم عن كونه أصبح حديث القاصي والداني , سواءً كان مختصاً أو غير مختص , والكل أخذ يجادل ويصوغ نصوصاً قانونية ويقترح بدائل دستورية وهكذا ..
المسيرة الماراثونية لكتابة الدستور لم تنته , رغم تقديمها إلى الجمعية الوطنية , بل اعتبرت مقبولة ولكنها مفتوحة , أي قابلة للتعديل إضافة أو حذفاً في محاولة إلتفافية على إنتهاء المدة القانونية , وعدم تقدّم الجمعية الوطنية حتى الأول من آب ( أغسطس) بطلب تمديد مهلة كتابة الدستور , بما يعد تجاوزاً على قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية . ورغم أن الجمعية الوطنية قررت بعد الأول من آب (أغسطس) تمديد المدة إلى اسبوع واحد , إلا أن ذلك لم يرد له ذكر في قانون إدارة الدولة (1)
• الدستور بين المعجل والمؤجل
إن تدهور شعبية الرئيس بوش وتعاظم ضغط القوى المناهضة للحرب على العراق بما فيها من داخل الكونغرس , والمطالبة بسحب القوات الأمريكية منه خصوصاً بعد الخسائر البشرية والمادية الكبيرة, هي التي تجعل الرئيس بوش منشرحاً إلى هذا الحد رغم الجو المكهفر والكئيب أمريكياً وعراقياً .
فبعد إعصار كاترينا هددإعصار أوفيليا بضرب الشواطئ القريبة .. وعشية تقديم مسودة الدستور " المنشود" كان الموت المجاني والمجزرة الارهابية بإنتظار السكان المدنيين من زوار الأمام موسى الكاظم على جسر الأئئمة والتي وصل عدد ضحاياها إلى أكثر من 1000 قتيل وعدد أكبر من الجرحى والمصابين وأعقب ذلك مهاجمة القوات الحكومية المدعومة بقوات أمريكية مدينة تلعفر شمال العراق وقيامها بقصف المدينة وتمشيطها وإلحاق خسائر كبيرة بالمئات الذين أزهقت أرواحهم وبالآلالف الذين فروا إلى خارجها . وقالت جمعية الهلال الأحمر العراقية , التي نصبت عشرات الخيام للاجئين إن كارثة إنسانية تنتظر هؤلاء . كما قامت القوات الحكومية بقصف مدينة القائم قرب الحدود السورية ومدينتي هيت وحديثة غربي العراق ملحقة اضراراً جسيمة بالأرواح والأموال والممتلكات .
ليس المهم بالنسبة للبرنامج الأمريكي للرئيس بوش إنْ تمكّن الموت من آلاف البشر أو أستمرار انعدام الأمن أو نقص الخدمات الضرورية كالكهرباء والبانزين ونقص الماء الصالح للشرب في العديد من مناطق العراق وكذلك تفشي الفساد واستمرار ظاهرة البطالة والعوز على نحو مريع .. المهم بل الأكثر أهمية هو التقديرات الاستراتيجية الأمريكية التي وضعت أهدافاً وأجندة للوصول إليها وهي على التوالي : الإطاحة بصدام حسين واحتلال العراق , الذي تم في 9 نيسان (ابريل) 2003, رغم إتضاح زيف إدعاءات امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل أو علاقته بالارهاب الدولي وتحديداً مع مجموعة القاعدة واسامة بن لادن , وذهبت هباءً وحتى دون حياء تصريحات وإصرار وزير الدفاع رامسفيلد وخطاب وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (2002) وتقارير الـC1A وتأكيدات بوش التي لا يرقى إليها " الشك" ومعلومات توني بلير رئيس الوزراء البريطاني ومعها بعض تقارير فريق التفتيش من امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل وأن مبرر شن الحرب هو لإرغامه على الامتثال لإرادة "المجتمع الدولي " وعدم تهديد جيرانه والسلم والأمن الدوليين .
ثم جاءت خطوة تشكيل مجلس الحكم الانتقالي وفقاً لصيغة بول بريمر الأثنية الطائفية في 29 آب (أغسطس) 2003 وحكومة تمثل ظلاّ له بذات الطيف المذهبي – الأثني , وأعقب ذلك إعداد قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية في 8 آذار ( مارس )2004وتبعه تسليم " السيادة " للعراقيين في 30 جزيران (يونيو) وتشكيل حكومة مؤقتة ثانية . ولحق ذلك إجراء انتخابات في 30 كانون الأول ( يناير) 2005 وتشكيل حكومة انتقالية ثالثة , تلك التي عليها تهيئة مسودة دستور دائم لعرضه على الاستفتاء .
وعندما لم يكتمل قوام لجنة صياغة الدستور جاءت وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس لتشير إلى ضرورة" إشراك السنة "في لجنة صياغة الدستور . هذه الخطوات بالنسبة للولايات المتحدة تعتبر انجازاً لمشروعها " الديمقراطي " الذي بشرت به ليحل نعيمه ليس العراق حسب بل عموم دول المنطقة , مغطية على فشلها السياسي بعد نجاحها في احتلال العراق , من إدارة شؤونه خصوصاً في ظل ممانعة واحتجاج ومقاومة أخذت تتصاعد ورأي عام ناشط في إدانة سياسة الرئيس بوش وخسائر بشرية ومادية , مما أوقعها في ورطة حقيقية حسب التقارير الأمريكية ذاتها .
لقد تم اشراك 15 عضواً باعتبارهم ممثلين عن " السنّة" وبغض النظر عن تعبيرهم أو تمثيلهم فتلك مسألة أخرى فالسنة مثل الشيعة هم طائفة وليسوا كتلة سياسية ليستطيع أحد النطق بإسمهم أو إدعاء تمثيلهم , وهم موزعون على الكتل والتيارات والأحزاب السياسية العلمانية والإسلامية ,والغالبية الساحقة منهم مثل كل العراقيين غير مسيسيين, وفيهم عرب وهم الغالبية الساحقة وكرد وتركمان . الهدف من إشراك هؤلاء هو لإملاء فراغ المقاطعين أو الغائبين أو المغيبين.
ويقتضي الإجراء اللاحق بعد تسلّم الجمعية الوطنية مسودة الدستورطبقاً لقانون إدارة الدولة , عرضه على الشعب العراقي للموافقة عليه باستفتاء عام . وقد تم تحديد تاريخ إجراء الاستفتاء في 15 تشرين الأول ( اكتوبر) 2005. وعند الموافقة عليه تجري انتخابات لحكومة دائمة في موعد أقصاه 15 كانون الأول ( ديسمبر) 2005.
أما إذا لم ينجح الدستور بالاستفتاء أو رفضه ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات , فستُحَلْ الجمعية الوطنية وتجري انتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 كانون الأول ( ديسمبر) 2005(2).
ورغم أن الأمم المتحدة كانت قد اعتذرت ( تصريح لها من داخل العراق ) من طبع مسودة جديدة قيل أنها نسخه الائئتلاف " الشيعي " وأخرى كانت نسخه التحالف " الكردستاني " إلا أن الدكتور حسين الشهرستاني نائب رئيس الجمعية الوطنية كان قد صرح يوم 14 أيلول (سبتمبر) أن المسودة" الكاملة الموحدة " ستسلّم اليوم , لتقوم الأمم المتحدة طبع خمسة ملايين نسخه من مشروع الدستور الدائم بعد أن تأخر شهراً كاملاً .
هل انتهي الأشكال لمجرد تسليم المسّودة أم أنه مازال قائماً ؟ وهل انتهت مهمة اللجنة ؟ التي تم تشكيلها برئاسة الشيخ همام حمودي ( قيادي في المجلس الأعلى وكتلة الائئتلاف ) أضيف إليها 15 عضواً قيل أنهم ممثلوا السنة بعد زيارة كونداليزا رايس كما أشرنا , وذلك بعد زيارتها المفاجئة والسرية إلى بغداد , والتي ألتقت فيها رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري والسيد مسعود البارزاني ( رئيس اقليم كردستان لاحقاً ) وذلك في أواسط آيار ( مايو)2005. وقد سبق هذه الزيارة معلومات نقلتها صحيفة نيويورك تايمز قالت فيها :إن بعض " زعماء السنة" من الذين يرتبطون بعلاقات مع القوى المسلحة أبدوا استعدادهم للحوار مع واشنطن وإلقاء السلاح مقابل اشراكهم في العملية السياسية وفي كتابة الدستور الدائم (3) .
وكان الدكتور الجعفري أقرّ في كلمته بحضور رايس بوجود ضعف في مستوى التمثيل السني في اللجنة البرلمانية المكلفة بصوغ الدستور وقال : سنسعى إلى إيجاد بديل لمشاركتهم معتبراً ذلك ضريبة الديمقراطية .
التعجيل أو التأجيل في صياغة الدستور أخذ قسطاً وافراً من نقاشات وجدالات وسجالات وتهديدات واختلافات , حول العدد وطريقة التمثيل ومبدأ التوافق الذي اعتمد كآلية لعمل اللجنة الجديدة الموسعة لكتابة الدستور , ويعود سبب التأخير في تسليم مسّودة الدستور إلى اعتراضات جديدة من جانب فريق " السنة" حول العروبة وتشكيل الأقاليم ومسألة اجتثاث " البعث الصدامي " ومواضيع أخرى , وكذلك بسبب عدم توافق فريقي الائئتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني . لكنه في نهاية المطاف ظلت بعض القضايا عالقة أو غير محسومة أو ربما هناك تفسيرات مختلفة بشأنها ولكن المسودة اعتبرت مستوفية " الشروط" وتم تسليمها إلى الأمم المتحدة يوم 14 ايلول (سبتمبر) 2005 طبقاً لقرار مجلس الأمن 1546 في حزيران (يونيو) 2004.
• الدستور بين المباني والمعاني
أخيراً وصلنا إلى الطبعة الأخيرة من مسودة الدستور . وتألفت من 139 مادة , توزعت على ديباجة ( تستحق وحدها مناقشة مستفيضة ) و6 أبواب . تناول الباب الأول : المبادئ الأساسية, أما الباب الثاني فقد خصص للحقوق والحريات واختص الثالث والرابع بالسلطات الاتحادية واختصاصاتها وكرس الباب الخامس لسلطات الأقاليم , أما الباب السادس فقد بحث في الأحكام الختامية والانتقالية.
مسودة الدستور تناولت الكثير من التفاصيل غير الضرورية وغرقت أحياناً في جزئيات وفرعيات ليس مكانها الدستور وربما لا مبرر لذكرها , ناهيكم عن شروحات كان يمكن تنظيمها بقانون لاحقاً حسب الاختصاص . قد يعود ذلك إلى أن كل طرف أراد أن يضع بصماته على الدستور , فجاء هذا الأخير يحمل هذا الخليط من المفاهيم والأفكار المتعارضة دون وحدة موضوع أو اتفاق مضمون .وانعكس ذلك على لغة الكتابة , فجاءت في بعض الأحيان ضعيفة المبنى ومتناقضة المعنى , خصوصاً لجهة دلالاتها .
وقد لفتت الاستاذة انيدهيل Enid Hill من الجامعة الأمريكية في القاهرة في مداخلة مهمة لها في جامعة شرق لندن يوم 1-2 أيلول (سبتمبر) 2005 إلى الصياغة المُحَكمة للقانون المدني العراقي التي كتبها البروفسور عبد الرزاق السنهوري في محاولة لمزاوجة بعـض الأحكام الاسلاميــة بالقوانين الغربية العصرية وكأول تجربة عربية قانونية حداثية (4)
قد يعود الأمر كذلك إلى ضغط عامل الوقت وسعة اللجنة وتعدد مشارب أعضائها وعوامل الجذب والشد , ناهيكم عن الضغوط الأمريكية المباشرة وغير المباشرة على بعض الأعضاء وما كان يقرره قانون إدارة الدولة والقرار الصادر عن مجلس الأمن 1546من جدول زمني . ولعل تأخر تشكيل الحكومة العراقية الانتقالية لنحو90 يوماً كان عاملاً أخر مضافاً إلى تأخر تشكيل لجنة صياغة الدستور ولعل قضية أخرى مهمة هي صعوبة التوافق بين القوى الموتلفة والمتحالفة ( الأخوة الأعداء) وبين القوى المختلفة . ورغم تسليم مسودة الدستور فقد بقيت بعض القضايا العقدية عالقة أو محل اختلاف حيث جرى ترحيلها إلى ما بعد قيام جمعية وطنية دائمة ( أي لدورة انتخابية أو أكثر كاملة ) مثل قضية الأقاليم ( غير أقليم كردستان ) وقضية كركوك وتوزيع الثروة والمياه وقضايا أخرى . وحتى القضايا التي تم الاتفاق عليها فإن لكل فريق تفسيراته ولعله ينظر إليها من زاويته مما سيثير إشكـالات لاحقاً خصوصاً في ظـل الاحتقان الطائفي والتـوتر والأثني (5).
إن مشروع الدستور بقراءة قانونية وسياسية سريعة خصوصاً لمراقبين فإنها تكشف سوءاته وحسناته خصوصاً وأنه اخذ يثير الكثير من القلق والمخاوف لا سيما في المحيط العربي والاسلامي الذي بدأ يتلمس : خطر الحرب الأهلية التي يمكن أن تمتد إليه أو تقسيم قد ينعكس عليه ويشمل دول المنطقة التي يمكن أن تقسم إلى كانتونات ومناطقيات وطوائف , أو أن يتجه العراق وجهة أخرى فيدير ظهره للعالم العربي , ولعل ماورد حول" عروبة العراق" في الدستور هو الذي دفع تيارات رسمية وشعبية لتحسسّ من مثل هذا التوجه .
ولكن هذه هي الصورة الكاملة للدستور ؟ فهناك وجه أخر مهم علينا أن نمعن النظر فيه فرغم تلك المخاطر والمخاوف فمشروع الدستور حمل بين طياته مواداً ونصوصاً بالغة الرقي والتقدم قياساً بالدساتير العراقية السابقة وبالدساتير العربية سواءً ما يتعلق بقضايا الحريات وعدم سن نص يتعارض مع مبادئ الديمقراطية(م2أولاً- الفقرة-ب وج) أو بما يعزز اللامركزية ويمنع تغوّل السلطة التنفيذية على بقية السلطات خصوصاً وقد عانت ا لتجربة العراقية من مركزية صارمة شديدة جعلت العراق بحاجة إلى لا مركزية إدارية موسعة وتأكيد أن السيادة للقانون والشعب مصدرالسلطات وشرعيتها (المادة 5) وتداولية السلطة سلمياً (م-6) واخضاع القوات المسلحة لسلطة مدنية وحظر تشكيل مليشيات عسكرية (م-9) وتأكيد مبادئ المساواة وعدم التمييز لأي سبب كان (م14) وحق كل فرد في الحياة والأمن والحرية (م15) والخصوصية الشخصية (م17) وحق كل من ولد من أب عراقي أو أم عراقية أن يكون عراقياً وحظر اسقاط الجنسية عن العراقي بالولادة (م18) كما أكدّ على استقلال القضاء (م-19) وكفالة الحريات وتحريم التعذيب وحرية الصحافة والاجتماع وتأسيس الجمعيات وحرية الاتصالات والمراسلات (م35-38) وحرية الفكر والضمير والعبادة (م40) وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني (م43) وحرية التنقل والسفر والسكن (م42) .
أن هذه النصوص بغض النظر عن الالغام الكثيرة والقنابل غير الموقوتة التي احتواها مشروع الدستور تعتبر من الناحية القانونية والدستورية أفضل من جميع النصوص الواردة في الدساتير العراقية السابقة من حيث احترامها لحقوق الإنسان وتحديد نسبة للمرأة 25% (الربع) في الجميعة الوطنية وهذه هي التي دعت رئيس الجمهورية جلال الطالباني لاعتبار هذا الدستور هو أفضل دستور في الشرق الأوسط .
لكن الدستور في الوقت نفسه حمل الكثير من المواد والبنود المحافظة ذات البعد التقليدي التي تتجه صوب " تديين" المجتمع أو أسلمة العراق , وربما تطييفه بما يثير التباساً كبيراً حول علاقة الدين بالدولة وكذلك الدور المراد إناطته بتحديد أحكام الإسلام , وذلك من خلال عموميات حول مكانة المرجعيات كما ورد في الديباجة .
ولعل الأخطر من ذلك إذا ما تسلل أصحاب الاتجاهات الدينية إلى المحكمة الدستورية العليا التي من اختصاصها البت في دستورية القوانين فإن ذلك سيكون أقرب إلى "هيئة تشخيص مصلحة النظام "الايرانية .
وإذا كانت القوى الإسلامية الشيعية لم تنجح في اعطاء دور للمرجعية (إرشادي) كما كان مقترحاً فربما يمكنها أن تحصل على مثل هذا المقام للعب دور" ولاية الفقية " بما سيقيّد من الديمقراطية التي يراد منحها بيد ليتم تقييدها باليد الأخرى . ولعل هذا الأمر قد يفتح الباب على مصراعيه بحجة الأغلبية لحكم استبداد ديني مذهبي في غالبية المناطق العربية في العراق وخصوصاً العاصمة , باستثناء اقليم كردستان الذي يحكمه التوازن الكردي للحزبين والذي يصعب اختراقه , فمقابل اكثار الحديث عن الديمقراطية تنمو ثقافة الاستئثار مجدداً وإن كانت بصيغة جديدة .
جدير بالذكر ونحن عرضنا بعض الايجابيات أن نناقش الألغام الكثيرة والقنابل غير الموقوتة التي احتواها مشروع الدستور الدائم , بما يشكل خطراً على وحدة العراق وهويته ومستقبله . ولعل بعض المبادئ الايجابية قد ضاعت دلالاتها خصوصاًوأن قسماً منها يعود إلى التناقض بين الرغبة في دستور مدني وبين الرغبة التي تستبطن اتجاهاً ونصوصاً دينية أو توحي بذلك وكتبت بطريقة إنشائية غير قانونية أحياناً .
وإذ كان الدستور أبو القوانين و المسطرة التي تقاس بها دستورية القوانين باعتباره القاعدة العليا في الدولة ولقواعده صفة علوية وسمّواً على بقية القوانين , فكيف الحال ونحن إزاء صياغات من هذا النوع ؟
الدستور هو الذي يحدد طبيعة الدولة وهويتها وشكل نظامها السياسي وعلاقة الحكام بالمحكومين والحقوق والحريات والواجبات والصلاحيات للسلطات المختلفة .(6)
اعتقد أن النقاش داخل وخارج لجنة صياغة الدستور كان يتجه في ثلاث اتجاهات :
الأول : يريد تغيير معادلة الدولة العراقية التي مضى على تاسيسها أكثر من 80 عاماً , ويسعى بمعاونة المحتل أو بدونه عبر كتل جماهيرية هائلة تذكر بعصر المداخن لفرض الرأي وترجيح الحلول لتغيير شكل وهوية الدولة وطبيعة نظامها السياسي وصلاحيات سطاتها .
وإذا كان ثمة مشروعية لإعادة النظر ببعض الأسس الخاطئة للدولة العراقية , باتجاه إبرام عقد اجتماعي – سياسي جديد , يستجيب للتطورات الحاصلة في المجتمع والحراك السياسي والاجتماعي , إلا أن " مسألة تطييف " و"أثننة " المجتمع العراقي وفقاً لمحاصصات وتقسيمات وصفقات هي استحقاقات لتعاون مع المحتل ولانتخابات ناقصة أخذت تثير قلقاً مشروعاً لدى أوساط عراقية وعربية واسعة .
الثاني : يسعى لابقاء القديم على قدمه ويريد أن يحول دون أي تغيير من شأنه يعيد النظر في العقد الاجتماعي السياسي ولعل هذا الاتجاه هو من خارج دائرة الحوارات المشاركة في العملية السياسيةويعود قسم منه إلى النظام السابق وبعض القوى المتشددة .
الثالث :هو من خارج وداخل الحوار الرسمي وهو يريد إعادة النظر ولكن بعيداً عن الاحتلال وليس بطريقة انقلابيه ووفقاً لصيغ جاهزة يراد فرضها بالقوة , بحيث تعطي امتيازاً إلى فئة متسيّدة ومتنفذة ويمكنها التحكم بالأقلية التي يمكن اعتبارها مضطهدة أو مهمشة بحكم الاحتقان الطائفي الذي خلَفه الاحتلال وغذّاه .
قسم من هؤلاء شاركوا في الحوارات الرسمية وحاولوا أن يقدموا بعض وجهات النظر التي قد تلتقي بالاتجاه الهادف إلى التغيير ومنع تغّول السلطة المركزية الصارمة على بقية السلطات فضلاً من انعكاس ذلك على المواطن.
ولأن العراقيين لم يصوغوا دستورهم في الماضي فإن معركة الدستور تبدو شرسة وشديدة خصوصاً في ظل الاستقطاب الطائفي . النقاشات والحوارات بدت ساخنة لتعويض فترة الغياب السابقة من ممارسة حق مفقود في جهة وهذا أمر مفهوم وربما مسألة " مشروعة " ومن جهة ثانية السعي للحصول على امتيازات أو تنحية أو اقصاء هذه الفئة أو تلك وبالتالي التحكّم بمسار الدستور والعملية السياسية ككل .
الدستور الأول " القانون الأساسي" صدر عام 1925 وقد وضعت مسوّدته الأولى وزارة المستعمرات البريطانية وبعد تأسيس الدولة العراقية في 23/8/1921 باستقدام الملك فيصل الأول وتنصيبه ملكاً على العراق وفقاً لصيغة بيرسي كوكس – مس بيل- النقيب التي فرضت الانتداب على العراق ويجعل بريطانيا الدولة المنتدبة وفقاً لقرار مجلس عصبة الأمم في سان ريمو(7) .
أما الدساتير الجمهورية المؤقتة الخمسة عام 1958و1963و1964و1968و1970(8) فكلها صدرت بمعزل عن الشعب ولم تتم مناقشتها من قبله بل كانت هيئات مصغرة تصوغها وتصدرها هيئات تنفيذية غالباً ما يطلق عليها اسم مجلس " قيادة الثورة" الذي يعطي لنفسه حق النطق باسم الشعب باعتباره قائد الثورة وصاحب مشروع التغيير الاجتماعي .
الدستور المؤقت السادس والذي أطلق عليه " قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية " الذي صدر عن مجلس الحكم الانتقالي في 8 آذار ( مارس) 2004 لم يشذّ عن هذه القاعدة , وصدر وفقاً لصيغة بول بريمر الأثنية – الطائفية .(9)
وكان قانون إدارة الدولة بروفة أولية للدستور الدائم أو تمهيداً له , خصوصاً وأنه استثار الفاعليات والأنشطة الثقافية والحقوقية والسياسية والدينية والاجتماعية رفضاً أو تحفظاً أو تأييداً وانعكس ذلك على البلدان العربية والعديد من التيارات القكرية ومؤسسات المجتمع المدني العربي والاقليمي والدولي وانشغلت به الفضائيات ووسائل الإعلام العربية والدولية المتنوعة .
• الديباجة : العسير واليسير!
إن حيثيات الدستور وبخاصة ديباجته أحتوت على لغة انشائية وخطاب أقرب إلى البيان السياسي الذي استعرض أحداثاً كثيرة وقد عبّر توازن القوى داخل الجمعية الوطنية وما رتّبه الاستحقاق الانتخابي عن هذا التوازن القلق في الصياغة والمعاني كما احتوى على لغة تفريقية بدلاً من أن تكون لغة توحيدية جامعة تحدد درجة تطور المجتمع والملامح الاساسية للدولة وهويتها وشكل نظامها السياسي والاجتماعي والحقوق والحريات إذ لم يكن من مبرر تدوين أحداث الماضي في الدستور , كما أنه ليس مكاناً لاستعراض لتلك الأحداث المأساوية.
الدستور استحقاق تاريخي وتتويج لتوافق المجتمع على عقد اجتماعي سياسي جديد وليس استحقاقاً انتخابياً , وكان ينبغي عليه التأكيد على الهوية الجامعة وليس الهوية المفرّقة أو الخاصة.
لقد عبرّ المشروع عن مصالح وتوجهات الأطراف الفائزة في برلمان انتقالي وفي ظل انتخابات رغم قانونيتها إلا أنه شابها الكثير من نقص الشرعية وغياب وتغييب قوى وأطراف ناهيكم عن تدخلات المحتل وفرضه قوى تقبل التعاون معه .
وإذا أراد الدستور أن يذكر أو يذكرّ بأحداث مأساوية لكنه لم يذكر الاحتلال وتجاهل الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي حالياً في ظل الاحتلال وجرائمه ولم يحدد موقفه من انهائه أو وضع جدول زمني لاستعادة السيادة والاستقلال كاملين بجلاء القوات الأجنبية , فتلك أمور جديرة بالحديث بدلاًعن مآسي الماضي .
وكما يقال فإن المكتوب يُقرأ من عنوانه . ولعل القارئ المتفحص بالديباجة سيتوصل إلى استنتاجات سريعة تزيدها القراءة الكاملة لمواد الدستور .
فلنتابع ما تضمنته الديباجة فبعد" بسم الله الرحمن الرحيم" : يبدأ بالسرد :نحن أبناء وادي الرافدين " موطن الأنبياء" " ومثوى الأئمة الأطهار " وروّاد الحضارة " وصنّاع الكتابة " ومهد الترقيم " ," على أرضنا سنّ أول قانون " و" في وطننا خطّ أعرق عهد عادل لسياسة الأوطان " و"فوق ترابنا صلّى الصحابة والأولياء" و" نظّر الفلاسفة والعلماء"و" أبدع الأدباء والشعراء " ثم يقول وعرفاناً منّا بحق الله علينا ... ليقرر بعد ذلك استجابة لدعوات قياداتنا الدينية والوطنية
واصرار مراجعنا العظام
وزعمائنا
ومصلحينا
واصدقائنا ومحبينّا .
ثم يتحول إلى الى الفعل الانتخابي – السياسي : زحفنا لأول مرّة ... ليتحدث عن انتخابات 30 كانون الثاني ( يناير) 2005 ويبدأ بتعداد :
- مستذكرين المآسي ومواجع القمع الطائفي
- ومستلهمين فجائع شهداء العراق ( شيعة وسنة , عرباً وكرداً , وتركماناً ...)
- ومستوحين ظلامة استباحة المدن المقدسة والجنوب في الانتفاضة الشعبانية .
- ومكتوين بشجن المقابر الجماعية والأهوار والدجيل وغيرها.
- ومستنطقين عذابات القمع القومي في حلبجة وبرزان والانفال والكرد الفيليين .
- ومستلهمين مأسي التركمان في بشروكما .
وأهالي المنطقة الغربية ( كأنه لا صفة لهم ) حيث تم تصفية القيادات والرموز والشيوخ وتشريد الكفاءات وتجفيف المنابع الفكرية ( وكأن ذلك لم يحصل لعموم العراق ) ثم يتناول المراة وحقوقها والشيخ وهمومه والطفل وشؤونه ( وكأنه يقرأ دُعاء كُميل)
اللغة المفخمة التمجيدية هي التي طبعت الديباجة , لكنها في الوقت نفسه كانت تستثير الضغائن بما لايشجع على الوحدة الوطنية التي كان ينبغي التركيز عليها في هذه الظروف بالذات .
لعل كاتب هذه الديباجة نسي أنه أمام دولة عراقية عريقة مضى على تأسيسها أكثر من 80 سنة , دولة ذات طابع مدني ودواوينية ومراتبية وبيروقراطية متواصلة ومستمرة رغم محاولات القطع . إن الدولة تختلف عن "الحسينية" وهذه الأخيرة مكان ديني للصلاة أوالتعبّد أو لإستذكار واستلهام المثل والقيم النبيلة التي ضحى من أجلها الحسين , وبالطبع فلا يمكن أن تتحول" الحسينية" إلى دولة , كما لا يمكن أن تحل لغة الحسينية باعتبارها بديلاً عن لغة الدولة .
كان يمكن القول : نحن شعب العراق الناهض تواً من كبوته والمتطلع بثقة إلى مستقبله من خلال نظام جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي ...( كما ورد في النص) ... أما الأقسام الأخرى فلا علاقة لها بصياغة الدستور .
واستذكر هنا مشروع الدستور الدائم الذي تم نشره عشية غزو الكويت 30 تموز ( يوليو ) 1990 فقد خصص 69 مادة من مواده179 لصلاحيات رئيس الجمهورية وذكر اسمه في المقدمة خمس مرات وجاء على اسم البعث والبعثيين 11مرّة في المقدمة ومثل هذه الأمور غير مألوفة في الفقه الدستوري , كما هو "دستورنا" الحالي الذي لا أجد أي مبرر عند حديثه عن مواجع القمع الطائفي (المقصود التمييز في قوانين الجنسية لعام 1924 و1963 وقرارات مجلس قيادات الثورة للعام 1980 وما بعدها حيث تم تهجير نحو نصف مليون مواطن عراقي ) . كما لا أجد أي مبرر عند الحديث عن القمع القومي والمقصود الشوفيني للحكام المستبدين ولا علاقة للقومية أو العروبة بذلك , ولهذا كيف يمكن تصنيف 300ألف كردي من حرس الحدود من فرسان صلاح الدين وعلاقتهم بالاضطهاد الذي تعرض له الأكراد . (10)
ثم ما هذا الحديث عن استجابة "لقياداتنا الدينية " وإصرار "مراجعنا العظام" وزعمائنا ومصلحينا ولا أريد ان أقول أن هذا تعميم , فمن هم ومن يمثلون وكيف يمكن تصنيفهم؟ وقسم منهم لم يشاركوا بل عارضوا واحتجوا على العملية السياسية ككل خصوصاً بوجود المحتل .
وعن "الشهداء" أين أضع في التصنيف الوارد : شيعة , وسنّة , عرباً وكرداً وتركماناً على سبيل المثال شخصيات من نوع : فهد ( مؤسس الحزب الشيوعي ) ورفيقيه حسين الشبيبي وزكي بسيم (الذين أعدموا عام 1949 ) وكذلك سلام عادل ( حسين أحمد الرضي) وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبد الرحيم شريف وتوفيق منير وعايدة ياسين وصفاء الحافظ وصباح الدرة ؟ أين اضعهم ولا أدري إن كان ممثلا الحزب الشيوعي الرفيقان حميد مجيد موسى ومفيد الجزائري قد وافقا على هذه الصيغة أو تحفظا عليها أو احتجّا , فالأمر عبارة عن نزع الهوية أو تنصل عنها وكأنها "مجذومة" .. وكذلك بالنسبة للقوميين والبعثيين والوطنيين الأخرين أين نضع ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري وعبد الوهاب الشواف وعبد الكريم قاسم وفؤاد الركابي وعبد الكريم مصطفى نصرت وعبد الخالق السامرائي وأخرين .
إن الديباجة التي تحدثت عن عراق دون نعرة طائفية ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولا تمييز ولا اقصاء , فهذه مسألة مهمة ولكن زاوية النظر إليها مختلفة , ولايمكن للثأر أو الكيدية أو الانتقام أو الاجتثاث أو الحديث عن مواجع القمع الطائفي أو شجن المقابر الجماعية والانتفاضة الشعبانية وعذابات القمع القومي أن تكرّس في الدستور , فهذا الحديث لا يمت بصلة إلى الوحدة الوطنية التي كان ينبغي الإعلاء من شانها ووضع الضوابط لعدم العودة للدولة المركزية الصارمة او إعادة انتاج الدكتاتورية . ولن يتم ذلك دون وحدة وطنية سليمة ومساواة كاملة ومواطنة تامة دون تمييز أو إثارة للضغائن والحساسيات , مع أن المرتكبين يمكن مساءلتهم عن طريق القضاء والقول الفصل للقانون ولكن المهم السعي لإطفاء الحرائق وامتصاص النقمة وإشاعة أجواء التسامح والشعور العالي بالمسؤولية .
إن النصوص الواردة في الديباجة لا تعكس هذه الروحية , بل أنها تشجع على استمرار الاحتراب والانتقام خصوصاً وأنها تحمل في طياتها أساسات للاستئصال والإقصاء والعزل الذي عانى منه جميع الأطراف السياسية خصوصاً منذ ثورة 14 تموز 1958ولحد اليوم .
*الإسلام وموقع الدين من الدولة
حددت المسوّدة الاسلام دين الدولة ومصدر أساس للتشريع في المادة الثانية فقالت في الفقرة الأولى :" الاسلام دين الدولة الرسمي " رغم أن الدولة لا دين لها , بل هي محايدة وأن الإسلام هو دين الأغلبية الساحقة من المسلمين الذين تعتبر نسبتهم نحو 95%وهو مصدر أساسي للتشريع .وهذا أمر مفهوم فغالبية العراقيين الساحقة من المسلمين والإسلام هو دينهم ويشكل مصدراً أساسياً , إضافة إلى مصادر أساسية أخرى للتشريع .ثم ورد نص أخر ( الفقرة-أ ) من المادة الثانية : أولاً يقول :" لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام" .
أما الفقرتان التاليتان المتعلقتان بالديمقراطية والحريات حيث نصت الفقرة ب " لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية " وج " لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور" . وهكذا يحصل التوازن والتوفيق بين اتجاهين متعارضين : الاتجاه الديني والاتجاه المدني . لكن الفقرة ثانياً تاتي لتقول : يضمن هذا الدستور " الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي ..." وكأنه مرّة أخرى ياتي ليؤكد الهوية الغالبة مع ضمان " كامل الحقوق الدينية .. للمسيحين والايزيدين والصائبة المندائيين"
إن هذه النصوص تعكس ارتباكاً حقيقياً في الصياغة , ناهيكم عن الفهم المشترك والثقة بين الأطراف . فعلى سبيل المثال كيف السبيل للتخلص من أصابع المفسرّين والمؤولين خصوصاً في ظل اختلاف الفقه والمجتهدين والاجتهاد تاريخياً .
ألم يكن كافياً القول أن الإسلام دين الدولة ( خصوصاً وأنها فقرة واردة في النصوص الدستورية السابقة ) أو دين الغالبية الساحقة للشعب العراقي لكي تعطيه المنزلة العلوية وبالتالي سيكون أمراً مفهوماً مراعاة ذلك عند صياغة أي قانون أو تشريع .ثم ماذا لو حصل اختلاف حالياً بين نص دستوري يفسره الإسلاميون بشيء وبين الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق والحريات العامة يمكن تفسيره بشيْ أخر, فلمن ستكون الغلبة خصوصاً بين المصادر الأساسية التي يعتبر الإسلام واحداً منها ؟
هذه أسئلة ستواجه المشرّع والمفسر والقاضي ورجل السياسة عند حدوث اختلافات وهي حادثة بالفعل وبلا أدنى شك إزاء الكثير من القضايا مثل حقوق المراة ومساواتها ودورها والموقف من التقدم الاجتماعي ومبدأ عدم التمييز وحقوق المواطنة المتساوية في الدولة العصرية , وماله علاقة بين الدين والسياسة او الدين والدولة , وكذلك العلاقة بالحرية الشخصية وحق التعبير والاعتقاد وغير ذلك .
إن هذه الأمور ستكون مثار نقاش فقهي وفي الواقع العملي خصوصاً بربط ذلك بالمبدأين الأساسيين المشار إليهما وهما المساواة والمواطنة باعتبارهما ركنا الدولة الدستورية , إضافة إلى استقلال القضاء وفصل السلطات , ناهيكم عن قضية الحداثة والتطور .
ولعل من الأمور الخطيرة التي سيكون لها انعكاسات سلبية ليس على أوضاع الحاضر بل على أوضاع المستقبل تلك التي ذهبت إليها المادة 41 التي نصت على أن : أتباع كل دين أو مذهب أحرارا في :
أ?- ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية .
ب?- إدارة الاوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية ..
ألا كان بالإمكان الاكتفاء بحرية العقيدة وحق ممارسة الشعائر ؟ وذلك بتوسيع المادة الثانية (ثانياً ) لتشمل ذلك شريطة عدم الإخلال بالنظام العام أو طبقاً للقانون كما يرد في نصوص عديدة , ولعل تحت هذا النص هناك الكثير من الاستبطان للروح المذهبية بدلاً من الجامع الوطني .
أما عن إدارة الاوقاف فبعد ان كانت الأوقاف وزارة واحدة , أصبح هناك إطارين أحدهما للشيعة والأخر للسنة , وذلك في محاولة لتكريس التمايز الطائفي والمذهبي وفقاً لصيغة بريمر ومحاصصاته , بل ترسيخه وبدلاً من التأكيد على رعاية الدولة للشؤون والمؤسسات الدينية مع تأكيد حرية العقيدة وحق ممارسة الشعائر وفقاً للضوابط أعلاه فإن هذا النص يزيد بل ويعمّق القسمة الطائفية على نحو غير مبرر ويضعف بالتالي من مبدأ المواطنة والانتماء إلى الوطن.
أن المبالغة في رد الفعل إزاء التمييزات الطائفية سيقود إلى تكريس الطائفية وتقسيم المجتمع وبخاصة المسلمين وفقاً لمصالح القوى الطائفية والمتحكمين بشؤونها وهكذا ستتحول الطائفية السياسية المرفوضة والمدانة إلى طوائفية مجتمعية يراد أن ينضوي تحتها الجميع , وهي حسب عالم الاجتماع العراقي الكبير علي الوردي : أنها طائفية بلا دين لأن المتدّين الصحيح والمسلم المؤمن ليس طائفياً ولا يقبل بالطائفية معياراًُ للتقييم . ولعل الفقرة ثانياً من المادة نفسها كان يمكن تطويرها " ثانياً تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها " وكان يمكن توسيعها بإضافة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
إن محاولة إدخال بعض النصوص التعويضية عن نصوص أكثر صراحة كانت الكتلة الإئتلافية الشيعية تميل إليها من قبل " الحق الألهي " والدور "الإرشادي" للمراجع العظام بما يعطيهم مكانة أقرب إلى ولاية الفقية أو لجنة تشخيص مصلحة النظام تبعاً للجمهوررية الإسلامية في إيران وهو الخوف الذي سيترتب عليه الكثير من القضايا لو استطاعت كتلة الائئتلاف الشيعي الحصول على المقاعد الأساسية في المحكمة الدستورية العليا .
• العروبة المستباحة
النقاش حول العروبة المنبوذة أو المستباحة كان الهدف من تعويم هوية العراق , وذلك بربط العروبة بالنظام السابق وأخذها بجريرة صدام حسين وإذا كان البعض قد أصّر على هوية العراق الإسلامية , لكنه تهاون أو استجاب وربما ساهم في تعويم هوية العراق العربية .
إذا كانت غالبية سكان العراق مسلمون وهويتهم إسلامية , فإن غالبية سكان العراق , ناهيكم عن تاريخه وتكوينه الثقافي عربي أيضاً , حيث يؤلف العرب نحو 80% من المجتمع العراقي , وهم الذين طبعوا هويته التاريخية والمعاصرة , وكانوا أساس بناء دولته الحديثة منذ 23 آب ( أغسطس ) 1921.
لقد جرت محاولات مستميتة لترحيل النص الخاص بالعروبة باقتباس من قانون إدارة الدولة , الذي اعتبر " الشعب العربي في العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية " . ولعل هذا النص آثار جدلاً واسعاً وصل إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وإلى الأمين العام للمؤتمر الإسلامي عبد الرحمن العطية .
فقد انتقد موسى الصيغة المقترحة بشدّة مما دعا لجنة صياغة الدستور وبعد ضغوط كثيرة داخلية وعربية إلى إعادة النظر بالنص . وصرح السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية أن التعديل الذي تم بالاتفاق مع عمرو موسى سيتضمن أن " العراق عضو مؤسس وفاعل في جامعة الدول العربية ويلتزم ميثاقها "
ومع أن هذا النص يرتب التزامات قانونية وسياسية , إلاّ أن النص الخاص باعتبار العراق جزء من الأمة العربية له وقع وجداني اعتاد عليه العراقيون واصبح صفة ملازمة للدساتير العراقية , وليس فيه أدنى إلحاق ضرر أو أذى بأية جهة أو تكوين .
ويبدو أن الأطراف الأخرى التي رفضت صيغة انتماء العراق للأمة العربية كانت قد وجدتها فرصة , لكن الرفض أو الموافقة لا يلغي هوية العراق , الاّ أنه سيترك انعكاساته ودلالاته السلبية على نهج التفتيت والتشظي والافتئات على حقوق الأغلبية الساحقة ناهيكم على العلاقات التاريخية العربية – الكردية .
وإذا كان من حق الكردي أن يعتز بقوميته ويدافع عن حقوق شعبه ضد الاستلاب والتغوّل وهضم الحقوق والحفاظ عل الهوية وكلها حقوق عادلة ومشروعة , فإن العربي هو الأخر ينبغي عليه الاعتزاز بقوميته ذات البعد الإنساني وحقها كأغلبية ساحقة وكذلك واجبها في احترام حقوق الأقلية , دون تفريط بهوية العراق ككل أو الانتقاص منها (11)
العروبة التي أريد الاقتصاص منها أو تصفية الحساب معها أو نبذها وازدرائها ليس المقصود بها الايديولوجيا , التي تحوّلت إلى نوع من العقائدية النفسية , مثلها مثل العقائد الشمولية الأخرى إسلامية او ماركسية. أما العروبة كانتماء وجداني , فتلك تعني الهوية واللغة والتاريخ والشعور المشترك وغير ذلك .
لم يكن القصد من تعويم العروبة هو الاعتراف بمبادئ المساواة وحق القوميات والأقليات كافة في التمتع بالحقوق المتساوية والمواطنة الكاملة وكذلك حقهم في الانبعاث القومي وتطوير تراثهم وثقافاتهم وتقاليدهم وضمان حقوقهم الدينية والثقافية والإدارية كاملة , فهذا أمر تقرّه العروبة الإنسانية التي تحترم سائر التكوينات على خلاف الاتجاهات الشوفينية الاستعلائية أو ضيق الأفق والتعصب والانغلاق القومي .
إن الاعتراف بحقوق القوميات الأخرى خصوصاً الكرد أمر يقتضيه الإيمان بحقوق الإنسان وبمبادئ الدولة العصرية فقد نص دستور عام 1958 على "شراكتهم مع العرب في الوطن العراقي" وذهب دستورعام 1970 على اعتبارهم إحدى القوميتين الرئيسيتين وأصبح لهم كيان قانوني وسياسي وإداري منذ قانون الحكم الذاتي عام 1974 أي مجلسين تشريعي وتنفيذي ولعلهم تمتعوا بشيء من الاستقلال الفعلي منذ العام 1991 بعد سحب الحكومة العراقية إدراتها من المنطقة الكردية ولغاية عام 2003 , ولكن ذلك شيء وقبول تعويم عروبة العراق شيء أخر .
لو كان هناك توازن داخل الجمعية الوطنية لكان يمكن القول : العراق جزء من الأمة العربية ( رغم أن هذه صياغة بلا التزامات قانونية) , فالأمة تعني وجود مجموعة بشرية متجانسة تمتاز بهوية ثقافية ولغة وتاريخ , في حين أن للدولة مفهوم اجتماعي – سياسي وهي تقوم على أربعة أركان هي : الشعب ( الكتلة البشرية ) والأرض ( الأقليم ) بحدوده الجغرافية وسلطة حكومية تبسط سلطانها على سكان الأقليم وسيادة .
ولذلك فإن تأكيد الانتماء العروبي بما فيه من نزوع وجداني وعاطفي وانتمائي , وربطه ببعد قانوني وسياسي من خلال الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية واتفاقاتها .
وكذلك العلاقة مع البلدان العربية دولاً وشعوباً , أمرٌ بالغ الأهمية لأنه يشكل عمقاً للعراق وهويته وشعبه بكل مكوناتها فعرب العراق أو في البلدان العربية الأخرى يشكلون العلاقة التاريخية الأكثر قرباً مع الشعب الكردي ويمكن باحترام حقوقه العادلة والمشروعة من تعزيزها وتعميقها وليس العكس , مثلما يمكن القول أن أكراد العراق هم جزء من الشعب الكردي والأمة الكردية المجزأة ويحق لهم مثل العرب السعي لتحقيق طموحهم في تقرير المصير وإقامة وحدتهم . من هنا ياتي التمسك بالعروبة ليس باعتباره نزوعاً عاطفياً حسب بل باعتباره هوية وانتماء يراد طمسه أو تعويمه أو استباحته .
ولو لم يكن الأمر مقصوداً ومستهدفاً لما دام النقاش كل هذه الأشهر وكأن عروبة العراق محط مساومة أو صفقات لهذا الفريق الانتخابي أو القائمة الانتخابية أو تلك , ولتمّ عبور هذه النقطة دون حساسيات , لكن صياغة المادة بتلك الطريقة المشوّهة إنما يعكس على نحو واضح محاولة جعل العراق بلا هوية وتعويم صفته القومية الغالبة . ويراد تحويل الجميع إلى أقليات , فلا أحد يتحدث باسم الاغلبية , بل أن صفتهم جاءت مواربة أحياناً , وذلك عندما يراد النص على اسم الشيعة والسنّة , والأكراد فيقال ومن باب المجاملة العرب أيضاً .
إن وجود قومية ثانية هي الكردية وأقليات قومية أخرى كالتركمان والكلدوأشورين لايمنع من تحديد هوية العراق وذلك ليس افتئاتاً على أحد او تغولاً على حقوقه التي ينبغي تأمينها واحترامها كاملة , فليس ذلك منحةً أو هبةً أو هديةً من أحد , بل هو إقرار بواقع الحال مثلما هو وجود أديان أخرى إلى جانب الإسلام مثل المسيحية واليزيدية والصائبة التي نصّ عليها الدستور, لا يمنع من الأقرار بالهوية الإسلامية فمثلاً إيران هي بلاد فارس رغم أن الفرس ليسوا أكثرية فهناك الكرد والبلوش والتركستانيين والأذريين وغيرهم وتركيا " تركية " بلاد الاناضول مع وجود أقليات كبرى مثل الكرد والأرمن والعرب وغيرهم , ومثلما هو الأمر في العراق يستوجب حلاً ديمقراطياً إنسانياً وفقاً للمبدأ القانوني الدولي وإعلان حقوق الأقليات لعام 1992م وبالانسجام مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان , وذلك بتحديد علاقتها مع شقيقها الشعب العربي أو الايـراني أو التركي أو غيرها (12)
وإذا كان صحيحاً ان العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب , لكن ذلك لايمنع من القول ان " اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق " فهل في هذا الأمر افتئات على حقوق الأقليات الأخرى كالتركمان والسريان والأرمن الذين ضمن لهم الدستور حق تعليم ابنائهم في المؤسسات التعليمية الحكومية وفق الضوابط التربوية( وإن كانت غامضة ) أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة (م-4)
إن موضوع اللغة أمر مهم للإقرار بمبدأ المساواة رغم أنني اعتقد ان ثمة صعوبات عملية خارج نطاق مبادئ المساواة سواء في الجمعية الوطنية أو مجلس الوزراء أو المحاكم أو المؤتمرات الرسمية أو الوثائق الرسمية أو المراسلات ...الخ من استخدام اللغة الكردية ,مع ان المادة الرابعة (ثالثاً ) نصّت على ما يلي " ستستعمل المؤسسات والأجهزة في أقليم كردستان اللغتين" ولم تلزم هذه المادة استخدام اللغتين في المناطق الأخرى من العراق وأعطت للتركمان والسريان حق استخدام لغتيهما ( باعتبارهما لغة رسمية ) في الوحدات التي يشكلون فيها كثافة سكانية .
• العزل السياسي والاجتثاث
نصّت المادة السابعة أولاً على حظر كل كيان أو نهج يتبنّى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي ( كنت أتمنى أن تقول الطائفية ) أو يحرض أو يمهدّ أو يمّجد أو يرّوج أو يبرر له , ولكنها أضافت دون مبرر اسم " البعث الصدامي " الذي لا تعتبره ضمن " التعددية السياسية" لقد أصدر بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق قانوناً عند تسلّم مهماته تحت اسم " اجتثاث البعث " وبموجب هذا القانون تم تشكيل هيئة عليا تناوب عليها بعض الأسماء وانتهت لتكون تحت إدارة جواد المالكي عضو المكتب السياسي في حزب الدعوة وعضو الجمعية الوطنية .
بتقديري أن مسألة العزل السياسي كانت قد عانت منها جميع القوى السياسية ولعل حزب الدعوة الاسلامي كان حرّم بقانون ذا أثر رجعي في 31 آذار ( مارس) 1980 قضى بإعدام كل من ينتسب إليه أو يروج لأفكاره أو يتستر على أعضائه . إن الفكر لا يواجه إلاّ بالفكر والحجة تقارع بالحجة والرأي يجابه بالرأي. وإذا كان هناك مرتكبون أومتهمون بارتكاب جرائم فإن مكان الفصل بشأنهم هو سوح المحاكم ومنصّات القضاء وليس قوانين العزل والاجتثاث التي تأخذ الأخضر بسعر اليابس كما يقال , علماً بأن هناك شرائح بعثية مختلفة وبعضها من هو مؤمن بأفكار البعث وكان معارضاً للنظام السابق سواء من داخل الحزب أو من خارجه فيما بعد , فلماذا يغلق الباب بوجه هؤلاء ويؤخذون بجريرة غيرهم.
• القوات المسلّحة
ذهبت المادة التاسعة للقول " تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الامنية من مكوّنات الشعب العراقي , تراعى توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء" . إن هذا النص يستبطن خضوع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لاعتبارات التقاسم والمحاصصة الآثنية – الطائفية , في حين كان ينبغي ان تكون القوات المسلحة فوق أي اصطفاف حزبي أو فئوي او طائفي أو أثني , اعتماداً على معايير الوطنية والكفاءة والخبرة وليس لأية اعتبارات أخرى .
إن اخضاع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للقسمة والمحاصصة المكتوبة أو الشفوية , بالتصريح أو التلميح سيعرضها للانقسام وتعدد الولاءات , وهذا يضعف من مبدأ الولاء الذي ينبغي أن يكون أولاً وأخيراً للوطن . أن هذه مسألة بالغة الحساسية والأهمية إذ أن وجود قوات مسلحة وأجهزة أمنية بولاء واحد سيسهم في تعزيز الوحدة الوطنية ويقطع الطريق على استخدامها أو استخدام اجزاء منها لاغراض خاصة غير مهمتها الأساسية في الدفاع عن الوطن ( القوات المسلحة) وحماية أمن المواطن وحفظ النظام العام (الاجهزة الامنية ) الشيء الايجابي في فقرة القوات المسلحة هو اخضاعها إلى قيادة السلطة المدنية (الفقرةأ) وكذلك النص الايجابي الأخر فهو حظر المليشيات العسكرية خارج إطار القوات المسلحة (الفقرة ب) وهذه مسألة مهمة وتجنب القوات المسلحة أية انحيازات سياسية .
• الأحوال الشخصية
نص مشروع الدستور الدائم في المادة 39 على ان العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم او معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون . ولعل نصاً من هذا القبيل يعدّ عودة إلى الخلف بما يخص قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 الذي يشكل أساساً يوحّد العراقيين بغض النظر عن مذاهبهم ويعطي للمرأة حقها ناهيكم عن كونه يبعد رجال الدين من التدخل في قضايا الزواج والطلاق والأرث خصوصاً بعض تفسيراتهم وتأويلاتهم .
وكان مجلس الحكم الانتقالي قد عرض في احدى جلساته إلغاء قانون الاحوال الشخصية لعام 1959 الذي كان أحد اسباب اسقاط الزعيم عبد الكريم قاسم , ولكن الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر رفض التصديق على القرار137الصادر عن مجلس الحكم الانتقالي وقام بإعادته إليه لدراسته مرّة أخرى وصوت المجلس في المرّة الثانية لإلغاء القرار 137.
إن توحيد الإجراءات الخاصة بالأحول الشخصية وبخاصة عبر المحاكم بشكل متساوٍ وبنصوص موحدة يمنع التأثير أو التداخل غير القانوني الذي تفترضه هذه المادة بجعل العراقيين عرضة لقوانين وأنظمة تحدّ من حرية المراة وفي حقوقها ومساواتها مع الرجل.
• الفيدراليات وسلطات الأقاليم
ذهبت المادة 113 إلى إقرار النظام الاتحادي وقالت : أنه يتكوّن من : العاصمة والأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدرارات المحلية , لكن المادة 114 حددت اقليم كردستان وسلطاته القائمة باعتباره اقليمياً اتحادياً علماً بانه في كردستان حالياً إدارتان ( وتم توحيد برلمان اقليم كردستان مؤخراً )ولكن حتى الآن ورغم انتخاب رئيس الاقليم فإن امتدادات الإدارتين قائمة .
ثم ذهبت المادة 115 إلى تقرير أن مجلس النواب يسّن في مدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ أول جلسة له قانوناً , يحدد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم بالأغلبية البسيطة . وذهبت المادة 116 لإعطاء الحق لكل محافظة أو أكثر تكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه يقوم بإحدى طريقتين :
1- طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .
2- طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .
واعطت المادة 117 الحق لكل اقليم بوضع دستور له يحدد هيكل سلطات الاقليم وصلاحياته وآليات ممارسة تلك الصلاحيات على أن لا تتعارض مع هذا الدستور .
أما المادة 118 فقد أعطت لسلطات الأقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وحق تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم في حالة وجود تناقض او تعارض بينه وبين قانون الاقليم .
وجاء في الفقرة رابعاً من هذه المادة إعطاء الحق لسلطات الأقاليم في تأسيس مكاتب للاقليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والانمائية . وفي خامساً إعطاء الحق لسلطة الاقليم : إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للاقليم كالشرطة والأمن وحرس الاقليم .
إن موضوع الأقاليم أثار وسيثير اشكالات كبرى . فإذا كان المقصود بالأقليم حصراً اقليم كردستان فإنه واقع قانوني وسياسي وقومي وأداري منذ فترة ليست بالقصيرة , فقد ذهب بيان 11 آذار 1970 لإقرار الحكم الذاتي وصدر في العام 1974 قانوناً للحكم الذاتي وأنشئ مجلسان تشريعي وتنفيذي استمرا حتى العام 1991 ومنذ أواخر العام 1991 تعيش كردستان استقلالاً شبه تام عن السلطة المركزية التي سحبت قواتها وإدارتها وماليتها من الاقليم وقامت الجبهة الكردستانية في حينها بإملاء هذا الفراغ وأجريت انتخابات عام 1992 ورغم القتال الكردي – الكردي 1994-1998 الذي راح ضحيته أكثر من 3000 (ثلاثة آلاف) قتيل وخسائر كبيرة في الاموال والممتلكات وهدر سافر لحقوق الإنسان , فإن التجربة رغم تعثراتها بوجود برلمانيين وسلطتين تنفيذيتين (حكومتين) فإنها سارت خطوات إلى الأمام منذ العام 1998 ولغاية 2003.
النظام الفيدرالي من الأنظمة المتطورة في العالم ومطبق بصورة ناجحة عززت الديمقراطية في أكثر من 20 بلداً , لكن هذا شيء واختصاصات الأقاليم شيء أخر وإذا كانت كردستان إقليماً قائماً بذاته فإن سيل لعاب بعض المغامرين والمتطرفين خصوصاً بالترويج لفيدراليات في الوسط والجنوب يستهدف إستغلال الاوضاع السائدة العصيبة ووجود الاحتلال وغياب الأمن ونقص الخدمات,للحصول على مكاسب وامتيازات حتى وإن أدّت إلى التفتيت أو التجزئة .
الذين يدعون لإقامة أقاليم في جنوب ووسط العراق لم يقدموا لنا وثيقة رسمية محددة وواضحة لاعلان تبنيهم لهذا القرار , وكل ما لدينا هو مجموعة نتف من تصريحات متناثرة . قال البعض بوجود روابط خاصة بين سكانه وانهم يشكلون كتلة متجانسة بشرياً واجتماعياً والمقصود هنا " النسيج الطائفي " ولكن أليس هناك نسيج ربما أشد وأقوى وهو النسيج العربي أو الاسلامي أو الوطني أو اللغوي أوالتاريخي أوالمصير المشترك بين هذه المناطق ومناطق أخرى من العراق.
أما التعرض للظلم كما يبرر البعض على مدى 14 قرناً (المقصود الشيعة) وأن هذه فرصة تاريخية لا ينبغي اضاعتها فالفيدرالية ليست لدرء المظالم , بل هي نظام إداري على درجة من الرقي يأتي لحاجات اقتصادية واجتماعية وسياسية لتنظيم المجتمع .أما الحقوق والحريات فهي من اختصاص الدستور ( 13 )
• المشروع الاقتصادي
ظل المشروع الاقتصادي قاصراً خصوصاً وأن الميل نحو الخصخصة وتعويم سلطات الدولة الاتحادية واضحاً وقد نصّت المادة 109 على أن النفط والغاز هو ملك الشعب , وهو نص صحيح , لكنها ذهبت في المادة التي تليها 110 إلى اعتبار الحكومة الاتحادية تقوم بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية (القائمة) بالتعاون مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة , وذلك بما يوحي أن المادة 109 تنطبق على الحقول المستثمرة واقعياً وفعلياً وليس مستقبلاً ولعل الأمر سيتخذ شكلاً أخر عند استثمار الاحتياطي أو اكتشاف حقول جديدة واستثمارها .
كان على المشرّع أن لا يكتفي بالنفط والغاز بل يضيف إليها المناجم والثروة المعدنية ويضع كذلك المرافق العامة والمؤسسات ذات النفع العام فضلاً عن التخطيط الاقتصادي والاجتماعي وخطط التنمية العامة والتجارة الخارجية والعلاقة بالمؤسسات الاقتصادية العربية والسعي لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي بيد السلطة الاتحادية , مثلما هي الميزانية العامة والبنك المركزي ونظام النقد والكمارك والضرائب والأملاك العامة .
• ملاحظات ختامية
الملاحظة الأولى – أن مشروع الدستور الدائم جاء أقرب إلى الانقطاع عن الدساتير العراقية السابقة في حين يقتضي التراكم والتواصل للدولة العراقية , أن يأتي إضافة وتنقيحاً وتجديداً وتغييراً بما يتناسب وطبيعة المرحلة الجديدة وعلى أساس التوافق الوطني وليس استناداً إلى استحقاقات انتخابية .
الملاحظة الثانية – أن مشروع الدستور هو نتاج التوازنات لمرحلة ما بعد الاحتلال , ولكنه يقرّ بالتغييرات الدستورية والقانونية البنيوية التي أجراها المحتل والتشكيلات التي استندت إليه . ولعل هذه الإجراءات تعتبر باطلة ولاغية وغير شرعية لأنها تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 .
الملاحظة الثالثة- أن مشروع الدستور من خلال عدد من المواقع حاول تديين واسلمة الدستور بل تطييفه وعلى العكس من ذلك حاول تعويم عروبة العراق وحتى عندما اضطر بحكم الضغوط والتوازنات لوضع نص يقول أن العراق عضو مؤسس وفاعل لجامعة الدول العربية , فإن هذا النص جاء غير كاف في ظل إلتباسات كثيرة ناهيكم عن تصاعد الاحتقان والتوتر الطائفي والأثني ونزعات إزدراء ونبذ العروبة , ولهذا لم تكن فكرة المواطنة مبرّزة على نحو واضح بل كانت ضعيفة واحياناً مشوشة من خلال نصوص دستورية تتحدث عن مواجع القمع الطائفي والشعائر الحسينية والمراجع العظام وغيرها .
الملاحظة الرابعة – أن مشروع الدستور جنح بعيداً في موضوع الفيدراليات ولعل ذلك كان صفقة سياسية للقائمتين " الشيعية " "والكردية " بحيث أعطى صلاحيات واسعة للاقليم , مقابل تشكيل أقاليم في جنوب ووسط العراق , حتى وإن كانت من محافظة واحدة وربما دون مبرر كاف وبأغلبية بسيطة , وإن تم تأجيل ذلك إلى وقت لاحق بسبب الاعتراضات وبهدف امرار مسوّدة الدستور , فإن المعركة الحقيقية بشأن هذه القضية والقضايا الأخرى لم تبدأ بعد .
ولعل اسقاط الدستور في الاستفتاء العام برفض ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات سيعيد الكرة مجدداً إلى الملعب السياسي وهذا الأمر يحتاج إلى تحالفات واستقطابات جديدة , خصوصاً لما سيترتب عليه من إجراء انتخابات جديدة , وربما بقانون انتخابي جديد .
الغريب في الفيدراليات المقترحة , أنها تشكل نواتات للانقسام فيما إذا رغبت بذلك , بل للتشظي والتفتيت , فعلى سبيل المثال لا يوجد نظام فيدرالي واحد حسب معرفتي المتواضعة , يقرّ بوجود اقسام في السفارات والممثليات الدبلوماسية تهتم بشؤون الأقاليم والمحافظـات وهـي عبـارة عن سفارات مصغّرة داخل السفارات التي تحمل اسم العراق. (14)
ان دستوراً مثل هذا المقترح لا يحقق الحد الأدنى من الوحدة الوطنية , خصوصاً بتقديمه الاعتبارات الطائفية والأثنية على حساب مبادئ المساواة والمواطنة ركنا الدولة العصرية الدستورية .
المصادر والهوامش

1- تنص المادة 61 من قانون إدارة الدولة الفقرة (و) للمرحلة الانتقالية على ما يأتي:
(( عند الضرورة يجوز لرئيس الجمعية الوطنية وبموافقتها بأغلبية أصوات الأعضاء أن يؤكد لمجلس الرئاسة في مدة أقصاها 1 آب (أغسطس) 2005 أن هناك حاجة لوقت إضافي لإكمال كتابة الدستور ويقوم مجلس الرئاسة عندئذ بتمديد المدة لكتابة مسودة الدستور لستة أشهر فقط ولا يجوز تمديد هذه المدة مرة أخرى)) وذهبت الفقرة (ز) للقول اذا لم تستكمل الجمعية الوطنية كتابة مسودة الدستورالدائم بحلول15 آب( أغسطس) ولم تطلب تمديد المدة عندئذ يطبق نص المادة 61 .
وهذا الأمر لم يحصل و لذلك كان يقتضي الإجراء القانوني حل الجمعية الوطنية وإجراء إنتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 كانون الأول (ديسمبر) 2005 وعلى الجمعية الوطنية الجديدة والحكومة الجديدة المنبثقة عنها توّلي مهماتها في موعد أقصاه 31 كانون الأول (ديسمبر) 2005 والإستمرار في العمل وفقاً (لقانون إدارة الدولة) وإعداد صيغة دستور دائم جديد خلال مدة لا تتجاوز سنة واحدة تقوم بإنجازها الجمعية الوطنية الجديدة. (راجع نص المادة 61 بفقراتها (أ,ب,ج,د,هـ, إضافة إلى و ،( و) ز,)
إنظر قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية, موقع الانترنت التابع لمجلس الحكمالانتقالي .
2- قارن نص المادة 61, المصدر السابق.
3- تزامن مع موعد تسليم المذكرة وقوع11 "إنفجار في بغداد والكاظمية، راح ضحيته نحو 132 قتيلاً من المدنيين و 530 جريحاً وقيل أنه اليوم الأكثر سخونة بعد إنفجار سوق الحلة الذي راح ضحيته أكثر من 100 قتيل و مئات الجرحى.
إنظر: صحيفة الحياة 15 ايلول (سبتمبر) 2005
اللافت أن حدّة العمليات العسكرية تفاقمت منذ تشكيل الحكومة العراقية الجديدة (الثالثة) حتى أن الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور ليث كبه قال أنه: منذ تشكيل الحكومة الجديدة (مدة نحو أسبوعين فقط ) جرى تفجير أكثر من 70 سيارة مفخخة راح ضحيتها نحو 400 عراقي وأصيب مئات.
إن العمليات العسكرية التي طالت خلال الأشهر الأخيرة ضحايا مدنيين وأبرياء وهم الوقود الأساسي للتفجيرات والمفخخات والأحزمة الناسفة, فإنها في الوقت نفسه الحقت خسائر بالقوات الأمريكية بشرياً ومادياً، لدرجة أن واشنطن، وهي تبرر اسباب إقدامها على فتح نار "صديقة" على المسئول الأمني الإيطالي الذي رافق الصحافية الإيطالية إلى مطار بغداد والتي أطلق سراحها بعد اختطافها لأسابيع عدة قالت " أن أكثر من 3000 (ثلاثة ألف) عملية عسكرية حصلت في بغداد لوحدها خلال الأشهر الخمسة الأخيرة (أي بمعدل 20 عملية عسكرية في اليوم).
انظر: الحياة، 23/5/2005
4- نص مداخلة Enid Hill هو :
the Ireqi civil code was the first of the Sanhuri Modern Arab codes.
وقد شارك الباحث في هذا المؤتمر الذي اقامت university of East London (UEL)
بمداخلة بعنوان: Iraqi Constitution from occupation to occupation.
5- قارن: الحبوبي، أحمد قول في مشروع الدستور العراقي، صحيفة الحياة، 13 أيلول (سبتمبر) 2005م
6- الدستور بضم الراء يعني مجموعة القواعد" السنن" أو القوانين التي تتعلق بتنظيم ممارسة السلطة في الدولة.
إنظر: الشاوي، منذر، (الدكتور) – القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية، ط 1، بغداد، 1966. ويذكر العالم العراقي الكبير الدكتور مصطفى جواد في " المعجم المستدرك" أن كلمة "الدستور" هي فارسية الأصل وهي كلمة "معرّبة" وتعني " الوزير الكبير" الذي يرجع إليه في الأمور وأصله "الدفتر" الذي يجع قوانين الملك وضوابطه. أما الدكتور يحي الجمل فيقول" الدستور بصفة عامة هو القانون الأساسي في أي دولة يعبر عن إرداتها وينظم علاقات السلطات ببعضها وعلاقتها بالمواطنين الذين ينظم حقوقهم وواجباتهم ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى ان مصطلح الدستور مأخوذ من كلمة Constitutio اللاتينية التي تعني "تأسيس" وبهذا المعنى استخدمها فلاسفة الأغريق والرومان وكانوا يقصدون بالدساتير تنظيم البناء السياسي للمجتمع السائد، ثم تطور هذا حتى أخذ معناه الاصطلاحي...
إنظر: الجمل، يحي (الدكتور) – الندوة الدستورية المنعقدة في لندن يوم 13-14 كانون الثاني (يناير) 1992
قارن: كذلك يوم، 2 شعبان، عبد الحسين- العراق: الدستور من الإخلال إلى الإحتلال, دار المحروسة , القاهرة ,2004ص9-32.
7- قارن: خطاب، رجاء حسين حسني – العراق بين 1921 – 1927 دار الحرية للطباعة، بغداد، 1976، ص 221.
إنظر كذلك – آل فرعون، فريق المزهر – الحقائق الناصعة في الثورة العراقية لسنة 1920 ونتائجها، ط 1، مطبعة النجاح، بغداد، 1952، ص 53
قارن: الحسني، عبد الرزاق – العراق في ظل المعاهدات، مطبعة دار الكتب، بيروت، 1975، ص 3-4 كذلك الحسين عبد الرزاق- تاريخ الوزارات العراقية، 10 أجزاء، ج1، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد, 1988 .
8- إنظر: الشاوي، منذر(الدكتور)– القانون الدستوري، بغداد, جزءان، 1970، ص 22
و 30 وما بعدها.
كذلك قارن: شعبان، عبد الحسين – العراق: الدستور والدولة : من الإحتلال إلى الاحتلال، مصدر سابق, ص 57 – 60 ثم ص 70 وما بعدها. وإذا أردنا العودة إلى التطور الدستوري في العراق فإن المرحلة الأولى كانت قد بدأت خلال الحكم العثماني بعد التطبيقات الدستورية الغربية المحدودة التي تبعت قيام الحركة الدستورية 1908 في تركيا, والحركة المشروطة في ايران عام 1906.
9- إنظر: قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، موقع الانترنت التابع لمجلس الحكم الانتقالي. قارن: شعبان، عبد الحسين، المصدر السابق ص 171-198.
10- أنظر مشروع الدستور الدائم لجمهورية العراق المنشور في 30 تموز (يونيو) 1990، صحيفة القادسية (العراقية) بغداد، 30 تموز (يوليو)
11- كان السيد جلال الطالباني قد انتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمر موسى قائلا: أن لجامعة الدول العربية مواقف سرية وأخرى علنية من الأوضاع في العراق معبراً عن أسفه لتصريحات مسؤوليها بخصوص الدستور جدير بالذكر أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي السيدعبد الرحمن العطية قد أبدى عدم إرتياحه لمسودة الدستور داعياً إلى المحافظة على هوية العراق العربية الإسلامية
إنظر: صحيفة الحياة 6 ايلول (سبتمبر) 2005.
12- أنظر: شعبان، عبد الحسين – الإحتلال وتوابعه في ضوء القانون الدولي، مجلة المستقبل العربي، بيروت، عدد تشرين الثاني (نوفمبر) 2003.
13- الجميل، ماجد مكي – دعوة الحكيم للأقليم الشيعي وطريق منع تقسيم العراق، صحيفة القدس العربي، 19 آب (أغسطس) 2005
14- الفقرة الأخيرة مستلهمة في مشروع دستور جمهورية العراق الذي اعدّه مركز دراسات الوحدة العربية من قبل لجنة خبراء وناقشته نخبه عراقية ضمت ما يزيد عن 100 شخصية عراقية تعبر عن الأطياف والاتجاهات السياسية والفكرية والثقافية كما ورد في استهلال مشروع الدستور، بيروت، ندوة مركز دراسات الوحدة العربية 25-28 تموز (يوليو) 2005 ونشر النص في مجلة المستقبل العربي، عدد أيلول (سبتمبر) 2005.
قارن كذلك : الدستور العراقي الدائم , طبعة 4 أيلول ( سبتمبر) 2005.
وقد أجريت تعديلات عليه فيما يتعلق بكون العراق عضو مؤسس وفعّال في جامعة الدول العربية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هو فعل إكراه أم فعل ارادة ؟
- الفيدراليات العراقية بين التأطير والتشطير
- تقرير متخصص يسلط أضواء جديدة علي الوضع الانساني (2-2) أكثر م ...
- العقوبات أسهمت في تفاقم انتهاك حقوق الانسان


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - رؤية في مشروع الدستور العراقي الدائم