أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عادل كوننار - الإنسان بين حب البقاء و الرغبة في التميز














المزيد.....

الإنسان بين حب البقاء و الرغبة في التميز


عادل كوننار

الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 17:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في صراعه من أجل البقاء، خاض جدنا الأكبر الإنسان البدائي، حربا ضروسا مع الطبيعة، و مع كائنات حيوانية عدة من ذئاب و أسود و ثعابين و غيرها، و باستخدامه لعقله ابتكر أسلحة مكنته من التغلب عليها، حتى وصل على زماننا، لحد وضعها في أقفاص و التفرج عليها في يوم نزهة، و حيث أن الانسان لم يوقف ابتكاره للأسلحة و تطويرها، فلم يجد بدا من توجيهها إلى عدو جديد، لم يكن هذا العدو سوى الانسان نفسه، ليتم التحول من حرب بين الانسان و الحيوان إلى حرب بين الانسان و الانسان.

و لئن كانت الحرب في الأساس، و حرب الإنسان مع الحيوان، هي صراع من أجل البقاء، عبر انتزاع مورد رزق عنوة من طرف آخر فإن نظرة بسيطة للعالم اليوم و لموارده الطبيعية تنسف هذا التعريف برمته و تعطي الانطباع على أن هذا العالم هو حتما مصاب بالجنون، و دليل ذلك أن المتحاربين في كل مكان(أفرادا و جماعات) يبذلون جهدا كبيرا لانتزاع الرزق من أفواه بعضهم البعض، في حين أن الرزق كاف لملء كل اﻷ-;---;--فواه و العقل يقول أن جهد المعركة لا يبدل إلا إذ تعدر انتزاع الرزق دونه.

بيد أن من خصائص الإنسان، أنه لا يحيا بالمأكل و المشرب فقط، فما إن يسد حاجته منهما حتى يفسح المجال لنوازع أخرى تتملكه، و أهمها الرغبة في التميز، و التي تشكل سلاحا ذو حدين، أي أنها نقمة و نعمة في نفس الآن، هي نقمة من حيث إلحاقها ضررا و هلاكا بالغير، و نعمة من حيث تحقيقها مكاسبا في سلم التقدم البشري، ربما ما كانت لتتحقق لولا هذه النوازع و الهواجس الطامعة في التميز على الآخر.

لكن في ظل الصعود الغير منقطع لهذا الصراع، و في خضم هذا التسابق البشري المحموم و ما وصله العالم إبانه، من أهوال حاقت بالإنسان في مناطق عدة من ربوعه، يأتي السؤال الذي قل ما يجد هذا الإنسان المنشغل بحروبه وقتا لطرحه، و هو : إلى متى يستمر هذا التطاحن؟ و أية قيمة تبقى للحياة حين تسرق في غفلة منا تحت تأثير هذا الهوس اللامتناهي؟

ربما كان العالم ينتظر صورة بقوة صورة الطفل الغريق إيلان، كي تستفز في سكان المعمورة أجمع انتماءهم لفصيلة البشر، و تسائل ضمائرهم في عمق عن الحدود بين الرغبة في التميز و بين مراعاة حقوق الآخر كإنسان مثلنا في العيش الكريم، حتى لا تصطدم هذه الحقوق بطموحاتنا.

و لئن وقف الكل مذهولا أمام قساوة الصورة، و لئن أثارت الصورة الكثير من مشاعر الحزن بل و حتى الغضب، فإن كلا تعاطى مع الصورة في النهاية من خلال منظوره الخاص، في تكريس بائس لتعنت الإنسان، ليتفرق دم إيلان بين القبائل، بين بشار و السعودية و إيران و أمريكا و روسيا، بل و هنالك حتى من حمل المسؤولية إلى الله، و كأن الله لابد و أن يكون سوبرمانا لكي يثبت وجوده، بين كل تلك القبائل ضاع إيلان و ضاعت معه إنسانيتنا الملقاة نحو مجهول، ينذر بالأسوء في ظل انبعاث أفق قاتم لبشر، كلما بلغت حضارتهم و رقيهم التكنولوجي مدى أكبر، كلما أنفقوا مع هذا الرقي ضريبة أكبر من حسهم الإنساني النبيل.



#عادل_كوننار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع و المثال، أية علاقة؟
- رمضان بين العادة و العبادة


المزيد.....




- أميرة أبو المجد: كتب الطفل العربية تنقصها مفاهيم الحرية والد ...
- زيلينسكي يعلن عقد قمة للقادة الأوروبيين في كييف
- -مُنصف بعد ظلم سنين للملاك-.. نجيب ساويرس يعلق على تعديلات ق ...
- مصر.. القبض على متهم جديد في حادث انفجار خط الغاز بأكتوبر
- البيت الأبيض يأمل بأن تتفق روسيا وأوكرانيا على وقف إطلاق الن ...
- لقطة -مقززة-.. سيدة تهاجم مرشح ترامب السابق لمنصب المدعي الف ...
- الولايات المتحدة.. إطلاق سراح طالبة تركية احتجزتها إدارة اله ...
- منشور للسفارة الأمريكية في اليمن يثير التكهنات ويخلق جدلا وا ...
- البنتاغون يأمر بسحب كتب محددة من مكتباته
- -لوفتهانزا- الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عادل كوننار - الإنسان بين حب البقاء و الرغبة في التميز