أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - راجي سعد - لا يا اوروبا














المزيد.....

لا يا اوروبا


راجي سعد

الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 11:21
المحور: حقوق الانسان
    


لا يا أوروبا

إستفاق العالم على صورة جثة طفل تقاذفتها امواج البحر الى الضفة الشمالية من البحر الذي يتوسط اسيا وافريقيا واوروبا. كان اجداد هذا الطفل قد سبقوه الى هذه الشواطئ قبل حوالي الفي عام بقواربهم وسفنهم التي حملت معهم حِرَفِهم وحَرْفِهم. لقد حمل الكنعانيون الفينيقيون معهم كل ما توصلوا اليه من علوم وفنون وفلسفة وتمدن في اوغاريت وصيدا وصور وعكا وقرطاجة وجعلوا امواج هذا البحر تتقاذف الامل والخير والجمال لكل الشعوب التي تتوسطه.

ان اوروبا الني سماها اجداد هذا الطفل على اسم اميرة سورية فينيقية تدعى اروبا واهداها زينون الفينيقي فلسفته الرواقية واعطتها قرطاجة اول نظام ديمقراطي وارقى دساتير العالم كما قال سقراط، تنكر الجميل اليوم وتبعد احفاد اروبا وزينون عن شواطئها. هؤلاء الاحفاد ياتون اليوم باجسادهم العارية ومن دون الارجوان والمرجان فلا ترى اوروبا اي مجال لاستغلالهم والاستفادة منهم ومن ثم بصقهم فتركوا امواج البحر تتقاذفهم وتبصقهم.

ان هؤلاء الاطفال لن يظهروا على شواطئكم فجأة ويحرجون "انسانيتكم" لولا تركتم بلادهم تعيش على طبيعتها بسلام فتنتج وتبدع. لم يكن لاي سوري مشرقي ان يتشرد من وطنه لولا سياساتكم الحاقدة والمدمرة منذ اواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم. بعد ان كبلنا وقمعنا وجهّلنا المملوكي والعثماني لقرون وغطى على جهله باسم الدين، وجدتمونا لقمة سائغة في فمكم فهُجر مئات الالوف بسبب حربكم الاولى وحصاركم وشرد وقتل ملايين الفلسطينيين وغيرهم بسبب وعد بلفوركم بكيان ليهود الخزر في فلسطين وها هي النكبات والمجازر والتشريد تستمر بسبب سايكس- بيكوكم القديمة لتاسيس هذا الكيان والجديدة لضمان استمراره. ها انتم اليوم تغزون بلاد النهرين وتفتتونها وتُغذون وتمولون وتخلقون البيئات الحاضنة للتطرف والتطرف المضاد في بلاد الشام لكي تدمر هذه الامة نفسها بنفسها نهائيا ويهجر أبنائها الى قوارب الموت في المتوسط.

يا اوروبا ان احفاد حمورابي وابن رشد لا يُعاملون بهذا الشكل. ان كنتم انسانيون كما تدعون فكفوا شركم عنا وكفاكم تدمير لبلادنا. لا تستغلوا قوتكم "الاميركية" اليوم وترسلوا سايكس وبيكو آخرين لكي يشرذمنا مرة اخرى ولا تدعموا الكيان العنصري في فلسطيننا لكي يغذي ويوزع عنصريات مماثلة حوله ولا تدعموا بالوكالة منظمات الظلام التكفيرية لكي تدمرنا من الداخل. عندما بشرناكم بالمسيحية وبعدها اتيناكم بالاسلام الشامي في اسبانيا لم نفرضه على احد ولم نفتت اسبانيا بل خلقنا بيئة واحدة متنوعة تعانقت فيها كل الاديان السماوية وفحت منها رائحة الياسمين الدمشقي. كفاكم كذب على شعوبكم واسمعوا صوت الضمير لمدير متحف اللوفر اندريه بارو الذي قال ان "على كل انسان متمدن في العالم أن يقول أن لي وطنين : وطني الذي أعيش فيه , وسوريا". ربما سمع الآلاف منكم في النمسا باندريه بارو او قرأوا عن المهاجرين السوريين القدماء امثال القيصر الروماني فيليب العربي ابن حوران وعن جوليا دومنا ام القيصر الروماني كركلا من حمص فتظاهروا ليقولوا لا لسياسة اغلاق الابواب لاحفاد الملكة اروبا، وربما ايضا لو وعي هؤلاء سياساتكم ومؤامراتكم الصهيونية ضدنا لكانوا ثاروا على حقدكم وابتسامتكم المكشرة علينا. ان الفلسفة الرواقية الانسانية التي تدعون تبنيها تصرخ في وجهكم وتقول لكم كفى فكما احترمتم وصية صاحبها زينون بان يظل على هويته المشرقية الفينيقية، احترموا ارادة شعب زينون بان يبقى على هويته وعلى ارضه لعل الانسانية وانتم بالاخص تستفيد من ابداعهم مرة ثانية.

ان ذنب سوريا لتتحمل كل هذه الويلات انها اعطت من دون مقابل لناس لا يستحقون العطاء. نعدكم اننا تعلمنا الدرس ولن نتوجه الى سواحلكم لا بحرفنا ولا باجسادنا العارية. ان هذه الامة كم من تنين قتلت ولن تدمرها مؤامراتكم ومكركم، ومهما طال الزمن ستنهض من جديد وتبدع وتهدي. نذكركم ايضا ان العالم ليس اوروبا فقط (مع احترامنا للاسم) ورسالة المحبة والخير والانسانية من سوريا لن تموت.

راجي سعد



#راجي_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشهاد انطون سعاده: من نكبة فلسطين الى نكبة امة
- عشتارتي وأليسارتي وزنوبيتي
- ديمقراطيات المشرق: حصاد عنب أم حصرم
- سدود وأنابيب كردستان ... فواصل أم تواصل
- الهرولة الى تركيا ... بدون ماء


المزيد.....




- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - راجي سعد - لا يا اوروبا