أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - ربع قرن على غياب غائب















المزيد.....

ربع قرن على غياب غائب


كاظم الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 02:22
المحور: الادب والفن
    


ربع قرن، خمسة وعشرون عاما مرت على اخر يوم من حياة/ رواية غائب طعمة فرمان الواقعية.. يوم 18 من شهر آب/ أغسطس عام 1990 غاب غائب في غربته في موسكو التي عاش فيها آخر سنوات عمره وكتب فيها كل الروايات التي نصبته واحدا من رواد الرواية العراقية والعربية الفنية الحديثة.
ولد الكاتب في بغداد عام 1927 في حي شعبي، وفيه عاش سنواته الأولى التي ظلت منقوشة في ذاكرته، مع ما أحدثته مناخات الحرب العالمية الثانية والحياة السياسية العراقية في تكوين شخصيته الإبداعية والسياسية، والتي نقل أجواءها في استرجاعاته وحنينه الى مرابعه الاولى وحبه للتراث والتاريخ في معظم رواياته. وترك العراق إلى القاهرة وهو ابن عشرين عاما لاستكمال دراسته اللغة الإنجليزية، ليبدأ منها رحلة الغربة والهجرة، وهناك التقى بأعلام الثقافة والأدب وعاش حياة القاهرة الثقافية وابهر في مجالسها، وقبل عودته إلى العراق للعمل في الصحافة والكتابة لرفض تعينه في مؤسسات الحكومة، نشر عددا من القصص القصيرة والمقالات الادبية، عبرت عن تطوره الادبي والفكري، وعكست قدراته وإمكانات بروزه الفني والثقافي. وهو القائل انه من الجيل الذي فتح عينيه والحرب العالمية قائمة بكل ما تحمله من مدلولات، النضال ضد الفاشية والتطلع إلى جلاء الجيوش من بلاده، والاستفادة من الانفتاح العام وفتح نوافذ ثقافية على كل الاتجاهات للنهل منها والاقتناع بالواقعية منهجا وأسلوبا. وبعد مشاركته في عدد من المؤتمرات الثقافية اصدر كتابه السياسي الأول: الحكم الأسود في العراق، فأسقطت عنه جنسيته العراقية، وتوجه إلى الصين، عاد منها بعد ثورة 14 تموز/يوليو 1958 وحين ضاقت به مدينته بغداد هاجر إلى موسكو ليمضي ما تبقى له من العمر ويبدع فيها كل تلك الروايات التي خلدت اسمه ووضعته في مكانته الرائدة.‏
اصدر غائب عام 1954 مجموعته الأولى بعنوان: حصيد الرحى، وتلتها عام 1959 مجموعته الثانية مولود آخر ، وتتالت بعدها رواياته المعروفة: النخلة والجيران، خمسة أصوات، المخاض، القربان، ظلال على النافذة، آلام السيد معروف، المرتجى والمؤجل، المركب. كما ترجم نحو ثلاثين كتابا معظمها قصص وروايات ومقالات للعديد من أعمال رواد وكتاب عظام في الأدب الروسي وغيره إلى العربية.‏
عكس غائب في رواياته المجتمع العراقي في مراحل سياسية مهمة في تاريخه، منذ الأربعينات من القرن الماضي، راسما لوحة بانورامية لواقع الطبقات الكادحة في ظروف الاحتلال البريطاني قبل الثورة، ومن ثم الصراعات السياسية بين أحزابها فيما بعد اندلاعها، متعمقا في شخصياتها وأزمنتها ومكانها وظلالها وآلامها وغربتها ومعاناتها وصراعاتها من اجل حياة كريمة وخلاص من القيود والأغلال والاغتراب. حين حولت النخلة والجيران إلى المسرح الفني الحديث في بغداد أصبحت اكثر شعبية وشهرة لاسيما شخصياتها الشعبية التي باتت تتردد أسماؤها على السن الناس وتتناقل حواراتها وتعليقاتها في الشارع العام. مبينا فيها قدرته الفنية والروائية في التعبير عن أبطالها وسرد حياتهم الاجتماعية التي تعكس واقع المجتمع العراقي في تلك الفترة، إلى درجة أصبحت مثار اهتمام واسع بين النقاد والقراء والمشاهدين رغم أنها عن مرحلة زمنية سابقة وظرف تاريخي آخر. قدم غائب فيها صدقا فنيا وجهدا واضحا في بنائها ولغتها وانساقها الفنية. ومثلها انكب الروائي في كتابة الروايات الأخرى بدرجات متوازية معها في السرد والبناء والإبداع.‏
عبّر غائب عن المنفى، في كلمته إلى المؤتمر الذي عقد في تشرين اول/ اكتوبر 1988 في يوغسلافيا تحت عنوان الأدب والمنفى: "ان للمنفى تاريخا طويلا في العراق يعرفه المثقفون العراقيون، ومع تقدم الزمن، وشيوع المفاهيم الديمقراطية، وارتفاع أصوات متزايدة لاحترام حقوق الإنسان صارت اعداد متزايدة على النقيض من روح العصر تجد نفسها مضطرة لمغادرة وطنها، واللجوء إلى أي بلد يؤمن الإقامة لها، حتى شرق المثقفون العراقيون المنفيون وغربوا وهم المعروفون بتعلقهم بأرض وطنهم. والآن لا يكاد يوجد بلد في العالم لا يضم أعدادا منهم..".
وبحرارة غائب وبصيرته الإبداعية، وهو من أوائل الروائيين المعاصرين المنفيين، وفي تلك الفترة المبكرة نسبيا لاحظ حياة المنفى الحقيقية لأعداد المثقفين العراقيين في المنافي البعيدة عن وطنهم وشعبهم وكتابهم ولغتهم وأحاسيسهم الإبداعية، وتلمس من تجربة طويلة صعوبات المنفى، "حيث تنقطع الصلة بينهم وبين قرائهم ويجدون أنفسهم في أحبولة الاسترخاء، والكسل، ويضطرون إلى ممارسة أعمال بعيدة جدا عن ممارستهم الأصلية، وهي الكتابة والإبداع، والتواصل مع الجمهور الذي تربّوا بين ظهرانيه". ويتساءل بألم المبدع الكبير: ما أتعس الكاتب الموهوب، حين يترك القلم جانبا، ويرتضي بما يؤمن لقيمة الخبز؟.. ويرد عليه بحرقة: ذلك هو المنفى المزدوج، المنفى السجن/ مسخ النفس، الانطفاء.
ورغم ان الروائي غائب رسم أحزانه في ورقته المتماهية مع موضوع الندوة إلا انه وضع الحقائق المرة عن حالة المنفى القسرية، وحتى الاختيارية للمبدع. وزادها ألما وحزناً انه أرخ للحالة الثقافية الراهنة ولم يستطع تدوينها، حيث مات ودفن في المنفى، ولم يتواصل مع أشقائه في المهنة الصعبة، مهنة الكتابة والحرف المنشور والمقروء، ولم يعرف ان زملاءه المجايلين له إبداعيا قد ساروا على دربه الذي ارتسمه وعانى منه، مثل فؤاد التكرلي أو عبد الرحمن الربيعي أو محمود سعيد، وان أجيالا جديدة ممن خطو خطواته الفنية تمرنوا كذلك في السير على نهج آلامه ومحنته في الغربة.
اهتمت أوساط ثقافية ومؤسسات أكاديمية بعد وفاته في إعادة البحث والكتابة عنه (اغلبها خارج وطنه)، حيث صدرت دراسات أكاديمية عنه للنقاد والباحثين خالد المصري، وزهير شليبة وفاطمة عيسى وعلي إبراهيم وأسامة غانم، وميساء نبيل، ومقالات ومقابلات عنه ومعه لأحمد النعمان. وهناك عدد من الدراسات التي مازالت مخطوطة او انتهت منافشتها اكاديميا قريبا.. كما كتب عنه ابرز الكتاب والنقاد العرب في مناسبات الاحتفاء به وتذكره. مثلما قال عنه غسان كنفاني بانه من احسن من يمسكون القلم، ويضيف له دارسه، ليس من حيث الشكل وحسب، بل من حيث الصيغ الفنية (السرد، الحوار، البناء الدرامي). ومع كل ذلك فان غائب يستحق الاهتمام اكثر بإبداعه وتعريف الأجيال الجديدة من الكتاب والروائيين بدوره ومساهماته الثقافية.‏



#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في صراع سليم اسماعيل
- غضب العراقيين
- هذا ما يكشف المسكوت عنه
- الاحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان العربية والشعب العربي ...
- انا وعمر الشريف والنصيرات
- قراءة في نصف قرن من تاريخ وطن
- ستراتيجية احتلال جديد للعراق
- ثابت حبيب العاني وصفحات من السيرة الذاتية
- صدمة الانتخابات في المملكة المتحدة
- في الذكرى المئوية لمذبحة الارمن
- ما بعد صلاح الدين!
- من يوميات نصير
- قولي لهم أماه.. ان يتذكروا
- عراق ما بعد 2003
- تقرير لجنة تشيلكوت
- قلق بان
- سرطان اوباما
- اليوم بتنا هنا والصبح في بغداد
- الاحزاب الشيوعية في العالم العربي : ثوابت ومتغيرات
- الاخوان المسلمون من البديل الى النزيل


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الموسوي - ربع قرن على غياب غائب