أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - العلمانية حاجة لازمة للديمقراطية السورية















المزيد.....

العلمانية حاجة لازمة للديمقراطية السورية


لؤي حسين - سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 1350 - 2005 / 10 / 17 - 05:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ليس صحيحا، ولا صائبا، موقف أحزاب المعارضة "الديمقراطية" السورية وموقف مثقفيها المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين والمدافع عن توجهها الأخير. وخاطئ أيضا موقفهم من مثقفين غيرهم تمسكوا بعلمانية الدولة في مواجهة المشروع الإخواني حين استشعروا خطرا في موقف تلك الأحزاب ومثقفيها حيث اعتبر هؤلاء أن الإخوان قد تحولوا أو انتقلوا إلى الموقع الديمقراطي.
بيد أنه إذا كان تبديل القوى السياسية لمواقفها أو تكتيكاتها بقصد كسب سياسي أو سلطوي مبررا بالمعنى السياسي، فإن التخلي والابتعاد عن العقائدية ليس معناه الانتقال إلى البهلوانية السياسية الرافضة للمبادئ والمتنكرة للأهداف الإنسانية الأساسية. إذ لا بد لكل فاعل سياسي من الوفاء لبعض القناعات والمبادئ التي يعرّف نفسه بها ويتمايز بها عن غيره. فالديمقراطي ملزم بالوفاء والالتزام بحقوق الجميع بالتمثيل وبالتمثل السياسي وبمساواتهم القانونية. وهو مطالب، مثلا، بالتمسك بمساواة النساء الحقوقية بالرجال وألا يعتبر قضايا المرأة خارج الحقل السياسي، فيمكن إسقاطها من حساباته في سبيل الإطاحة بالنظام السوري. والأهم، ولكي يبقى "الديمقراطي" ديمقراطيا، عليه عدم المهادنة والمساومة أو التنازل عن عماد الفكرة الديمقراطية، أي أن الشعب هو صاحب الحق في التشريع وفي الحاكمية، ولا يكفيه حق السيادة فقط.
في المقابل لا يجوز للمثقف (أي مثقف) طي قناعاته أو وربها بذريعة الغاية السياسية. إذ من المفترض أن يكون سعي المثقف هو البحث عن حقيقة معرفية أو علمية، وليس بغاية الكسب السياسي. أما موقع المثقفين الديمقراطيين السوريين فإنه يتحدد بمعركتهم الراهنة والقادمة في مواجهة الاستبداد المستشري والمستفحل في النظام السياسي وفي البنى المجتمعية وفي الثقافة عموما وفي الثقافة السياسية تحديدا. غير أن مثقفي تلك الأحزاب مازالوا محكومين، على ما يبدو، بموقفهم الاعتراضي على السلطة الذي يحددهم ويعرّفهم، حالهم بذلك كحال أحزابهم التي لا تقوم بأي دور معارض مكتفية أو مأسورة بموقفها وموقعها المعترض على السلطة فحسب، لا يحيد عن هذا الوضع سوى جماعة الإخوان الذين يقومون بلعب دور معارضة فعلية.
في الطرف الآخر من انقسام المثقفين السوريين حيال الموقف من الإخوان، أو نقيضه الوقف من العلمانية، هناك من اعتبر، وأنا أحدهم، ضرورة "الكلام" و"الكتابة" دفاعا عن المكاسب العلمانية في سوريا. هذا لاعتقادهم أن المشروع الإخواني ليس غير محاولة جديدة من قِبل الاستبداد ليأتينا متلطيا بهيئة دينية، متنكرا لهيئته العسكرية القائمة بعد تفسخها وازدراء الجميع بها، بمن فيهم أصحابها وسادتها. ولم يكن تناولهم لموضوع العلمانية بحث في المطلق بل في الواقعية السياسية السورية.
فالعلمانية السورية، أو علمانية الدولة السورية ليست ترفا فكريا ولا حوارية في المقهى السياسي السوري إنما هي ضرورة للعملية الديمقراطية، بل يمكنني القول إنها عصب الديمقراطية المرتجاة في سوريا. فالديمقراطية السورية ليست آتية عن صراع اجتماعي أو أهلي أو طبقي صريح لا يمكن إنهاؤه إلا بتسوية مؤداها المساواة السياسية والحقوقية. إضافة لعدم وجود حامل اجتماعي واضح أو محدد للمشروع الديمقراطي. فالبنية المجتمعية السورية متخلفة، وكذلك الثقافة الديمقراطية والحقوقية. فالمجتمع السوري يقوم على كتل بشرية دينية وطائفية وقومية متعددة لم تنجز بعدُ فيما بينها تعاقدا اجتماعيا سوريا، مما يهوّن على العديد من زعمائها، بل ومثقفيها، طرح مشاريع اقتتالية أو انفصالية، خاصة مع مثول الحالة العراقية في شرق البلاد والحالة اللبنانية في غربها، اللتين تتعثران في إقامة نظام ديمقراطي، مما يدفع العموم للتسليم بأن قدرهم ماثل في التقاسم الطائفي أو الديني للسلطة، وهو أقصى ما يمكن لأهل الشرق تحقيقه على صعيد نظام الحكم.
وأما الديمقراطية التي نقول بها جميعنا فإننا نجترحها ونجتهد في تكوينها بشكل إرادي. في خطوة متقدمة جدا على البنية المجتمعية السورية، هادفين منها إنهاء كل بنى الاستبداد الظاهر والكامن في اجتماعنا وفي فهمنا. فاستبدادنا حاضر دوما ليتخذ أشكالا عديدة بسهولة وسلاسة: كالاستبداد الوطني أو الديني أو استبداد الأقلية وكذلك استبداد الأكثرية. فالخشية من هذا، ومن سواه، يجعل التمسك بالعلمانية هو ضامن لتحييد الدولة، قدر المستطاع، عن سيطرة أي أقلية أو أكثرية، بحجة أقليتها أو أكثريتها. فالإقرار على أن تكون الدولة على مسافة واحدة من كل سوري بغض النظر عن جنسه أو دينه أو قوميته أو اعتقاده هو الضامن الوحيد لإدامة الديمقراطية، ولعدم وقوعنا في تجربة ديمقراطية المرة الواحدة. لهذا نعتبر أن العلمانية ضرورة حاسمة، في حال التوافق عليها، لقطع الطريق على الاستبداد من إمكانية العودة إذا ما قيض لنا، وبنا، أن ننتهي من هيئته المسيطرة ذات مرة.
التمسك بعلمانية الدولة يأتي في إطار نشر ثقافة الديمقراطية، وتطنيشها أو المساومة عليها هو إعادة إنتاج للثقافة الاستبدادية. كذلك فإن التمسك بفصل الدين عن الدولة لهو أمر مختلف تماما عن إمكانية تحقيقه وعن طبيعة آليات وأزمنة تحققه. الحال في ذلك كحال الموقف من الديمقراطية أو حقوق الأفراد وحرياتهم هو موقف كامل وغير منقوص، مع أن مسار وآليات وأزمنة تحقق الديمقراطية شيء آخر، وفيه كلام آخر مرهون بموازين القوى وبأزمنة الصراع. لذلك فإن خشية العلمانيين من الدعوة إلى تديين الدولة أو أسلمتها، حسب الوثيقة الإخوانية، هي خشية تستوجب منهم إثارة النقاش والحوار مع "التشدد" بالتمسك بعلمانية الدولة.
فأن نطلب من الإخوان المسلمين في سوريا اعترافهم الصريح والموثق بمساواة كل المواطنين أمام القانون، وبمساواتهم بالحقوق في الدولة بغض النظر عن جنسهم أو دينهم أو قوميتهم أو اعتقادهم، في مقابل الاعتراف بهم بأنهم ديمقراطيون وليس في مقابل إلغاء القانون 49 اللاإنساني (الذي يبيح إعدام كل منتسب إلى جماعة الإخوان) أو في مقابل حقهم في العودة إلى البلاد بكامل حقوقهم كمواطنين، وليس شرطا للحوار معهم، فإن طلبا كهذا تعتبره بعض الأحزاب المعارضة وبعض مثقفيها طلبا تعجيزيا، لأن تحقيقه يجعل من الإخواني ليس إخوانيا. هذا صحيح، فعلى الإخواني ألا يبقى إخوانيا إن أراد أن يصير ديمقراطيا، بل وعليه أن يبدأ باستبدال اسم حزبه. فالفكر الديني السياسي هو خطر مباشر وحقيقي، وباستمرار، على حيادية الدولة (علمانيتها) وعلى حريات الأفراد وحقوقهم. وهذا يماثل قولنا للاستبدادي أن يتخلى عن مقولة الحزب الواحد القائد للدولة وللمجتمع إن أراد أن نعتبره ديمقراطيا، كذلك أيضا يواجَه الشيوعي بأن يتخلى عن ديكتاتورية البروليتاريا وطريق الثورة.
وإن يجد بعضنا أن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا حزب طائفي سني نابذ للطوائف والأديان الأخرى، سنجد من بين مثقفي تلك الأحزاب من يعتبر في هذا القول تراشقا بالطائفية. وعلى تقدير أن التراشق بالطائفية لا بد له أن يكون بين طرفين طائفيين، فقد نفهم من ذلك إشارة إلى أن المتمسكين بالعلمانية هم من أصول غير سنية (وهذا غير صحيح أبدا). بل نخشى أن يكون القصد من ذلك إشارة إلى أن مواقف هؤلاء (العلمانيين) ليست وفاء لقناعاتهم وإنما تمسكا بانتماءاتهم الطائفية، وهذا غير القول بأن دافعهم ناجم عن شعورهم بالضغط أو بالعزلة أو بالخوف من مستقبل غير آمن لهم، فهذا تفسير لا يقلل من مشروعية موقفهم. فطالما أن الطرف المطلوب منهم تأييده أو التحالف معه بوجه السلطة، أو بأقل تقدير سكوتهم عن لاعلمانيته أو دينيته، لا يقدم لهم ضمانات حقيقية بعدم الاعتداء على حقوقهم، وأولها وأهمها حقهم في عدم اختزالهم لمجرد أفراد في طائفة أو في دين، فهم يرفضون أن يكون ذلك أحد مكونات هويتهم الفردية والوطنية، أو في اعتبارهم ناقصي أهلية إن كانوا إناثا، أو في اعتبار آخرين مرتدين عن دينهم. لهذا لا يؤخذ على كل هؤلاء تمسكهم بالعلمانية وإثارة الحديث عنها الآن، أو أنه يأتي في إطار مواجهة المشروع الإخواني بأسلمة الدولة السورية، فهذا تجن على نواياهم ودوافعهم، وهو اجتزاء للحقيقة بقصد تقزيمها وتمسيخها.
هكذا هي المعارك دوما لا بد لها من طرف أو آخر ليبدأها، فهي لا تسقط من السماء ولا تنبت من شقوق الأرض. فحين يدعوا الإخوان لدولة إسلامية سيتطلب من المتضررين منها معارضتها أو الوقوف بوجهها وبوجههم، منخرطين في معركة ثقافية وسياسية وحقوقية. وإن أكثروا أو "تشددوا" في الحديث عن العلمانية فلن يجعلهم هذا منحازين للنظام أو للسلطة (كما ينظر إليهم بعض "ديمقراطيي" المعارضة)، فالجوانب العلمانية في الدولة السورية ليست نتاج النظام الحالي، بل ولطالما كان الإخوان يصارعون لإلغاء تلك المكاسب العلمانية قبل وجود هذه السلطة. كما أن هذا النظام هو أيضا ليس علمانيا (بخلاف ما تشيع عنه الجهات الإسلامية)، مع وجوب التمييز على أنه، على هذا المستوى، أكثر تقدما بما لا يقاس على الإخوان ومشروعهم، أقلّه على صعيد النصوص والأدبيات، فهو لا يطرح نفسه بشكل طائفي أو ممثلا لطائفة دينية كما حال الإخوان. ولا يكفي لتحليل الطائفية على الإخوان أن يطلب مثقفو المعارضة من "العلمانيين" إطلاق الحكم نفسه على النظام، فالموقف العلماني ليس في موقع الحَكم بين الإخوان والسلطة، إن قال قولا في هذا وجب عليه قوله في ذاك في نفس العبارة، وكأنه قاض بين أطفال متنازعين يُسقط التهمة عن طرف إذا كان الآخر متهما بها.
في معارك من هذا النوع لا تكون الأولية هي البحث عن البادئ أو تحديده بل المهم ضبط الفعل وتبيان ظروفه وأسباب نشأته. فمن غير المفيد إثبات إن كانت السلطة هي من بدأت تدمية الصراع مع الإخوان، أو أنها من أثار الشعور بالانتماء الطائفي (أو تحميلها سبب كل تخلفنا واستبدادنا)، فهذا لن يصلح ما أفسدته السلطة أو غيرها. وكذلك فإن إسقاط السلطة بحد ذاته لا يحل أزمة الوطنية السورية ولا يفك عنان التنمية ولا يبيح الحقوق. فإن كانت المشكلة في طائفية السلطة فلن يكون الخلاص باستبدالها بسلطة طائفية، وإن كانت المشكلة في استبدادها العسكري أو الوطني فالاستبداد الديني أو المدني حاله من حالها الاستبدادية. كما أن استبداد الأغلبية ليس أقل طغيانا من استبداد الأقلية، بل ربما أفظع لقدرته على تحقيق شرعية انتخابية، وإن كانت مكتسبة من تعداد طائفي.
لا يجوز لمثقف طي قناعته بفصل الدين عن الدولة السورية وعن السياسة السورية كون القادم لتبديل السلطة هو قوة لاعلمانية. وإلا لكان دافعه ثأري وانتقامي وليس الغاية منه إنهاء الاستبداد والنهوض بمجتمعنا وبلدنا، بل قد لا يتعدى الأمر عن كونه تعويضا نفسيا عن إحساس دفين بالفشل.



#لؤي_حسين_-_سوريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولكن، ماذا لو فشل المؤتمر؟
- في حال السلطة السورية وعجزها
- الانفصال السوري اللبناني
- نحن سوريون وهو أدونيس
- بيان
- على ماذا ستفاوض سوريا؟
- انتفاء الحاجة للاعتقال السياسي
- ثقافة الاستبداد الوطني
- مثقفون-سياسيون سوريون
- كبيرة التعذيب
- الإرهاب يدخل إلى سوريا
- ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - العلمانية حاجة لازمة للديمقراطية السورية