أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد فخري - البعد الإنساني لحدوثة الحرية في رواية سراب بري














المزيد.....

البعد الإنساني لحدوثة الحرية في رواية سراب بري


أسعد فخري

الحوار المتمدن-العدد: 4902 - 2015 / 8 / 20 - 08:04
المحور: الادب والفن
    


تبدو رواية "سراب بري" لعبد الرحمن مطر في مطالع أناشيدها السردية، حكاية تغرق في الألم، والخوف، وترصد عن كثب مداليل البعد الإنساني لحدوثة الحرية وأثمان التحصل عليها عبر محاولاتها الدؤوبة لمواجهة النسيان من خلال الاشتغال على تذكر أهوال السجن، وتفاصيل يومياته بعناية حاذقة تلفت إلى العديد من المسائل والإشكاليات التي تُعنى بماهية العلاقة المركبة بين السيرية، وفن الرواية كجنس أدبي له مكانته في المقروئية الراهنة.
في مدخل الفصل الأول من الرواية، تحتل صورة الثورة السورية مكانتها داخل الهول والموت على أشدهما، صورة بالغة الألم، وهي ترسم مشهد الطائرات الحربية لحظة إلقاء حممها في الغوطة الشرقية على البشر والحجر، مشهد يحث الخطى نحو إدراك الهاوية، ويرسم صورة العدوان، ومفاصل الموت فيه. إنها اللحظة السردية التي اتسعت فيها الرؤية وتجاوزت حدود الزنزانة الانفرادية وحكايات تفاصيل يوميات سجون طرابلس الليبية ودمشق، بحق استطاع الروائي عبد الرحمن مطر التعبير عن الموت بوصف آلامه ومراثيه دون أن يغفل عن استكمال حدوثة السجن والاعتقال ولقاء من كانوا معه في زنازين النظام السوري، ومعتقلاته.
في المفصل الثاني من الفصل الأول يُدخلنا الروائي إلى لعبة مواجهة النسيان بتذكر يوميات اعتقاله في ليبيا من أحد الشوارع بطريقة لا تخلو من الاشتغال البوليسي في تفاصيلها، وأحداثها، حيث يُقتاد إلى مكان غامض يكتشف عامر عبد الله بطل الرواية أنه مركز للاستخبارات يتم التحقيق معه وفق جملة من الاتهامات التي بنيت بحذاقة ودربة بدءاً من سفرياته المتكررة خارج البلد مروراً بما يكتبه في مقالاته وبحوثة عن حقوق الإنسان، والحريات السياسية، والحريات العامة.
يحال عامر إلى المحكمة الاستثنائية، ويحكم عليه بالسجن المؤبد بعد أن يلاقي الكثير من العذابات، والإهانة، والألم، والخوف داخل زنازين جهاز الاستخبارات .
في السجن تبدأ تفاصيل مواجهة النسيان حيث ندرك أن عامر عبد الله أحيكت حوله العديد من القصص التي لم يكن يعلم بها، وأن الرجل كان مجرد صحافي، وباحث في الشأن السياسي دون خلفية حزبية أو ايدولوجية، لكن التهم الجاهزة والمركبة وفق معادلة الحاجة الأمنية عادة ما تكون لبوساً موضوعياً يتحقق فيها الاتهام ليغدو اعترافاً صريحاً ووافياً للزج بالمعتقل في غياهب السجون ولربما الإعدام إن تطلب الأمر.
إن التفاصيل الممتدة داخل متون السرد الروائي في "سراب بري" اشتغلت على التنويعات، والتحولات التي ساهمت في تغيير منظور الرؤية واتساع مشهديتها مما غيب عنها رتابة الإيقاع، وتكرار المشاهد، وذلك كان أحد أهم الأسباب التي ساهمت في نمو حالة من التذكر الحاذق في مواجهة نسيان تدوين الألم والخوف اللذين كانا أحد أهم المفارقات ضمن لعبة التداعي السردي الذي حرص الروائي على أن يكون بارعاً في تفاصيلاتها، ووقائها.
لكن إشكالية "روينة السيرة" في رواية "سراب بري" لم تستطع تجاوز مفهومة كتابة السيرة روائياً إلى درجة أن الروائي انكفأ على تدوين الوقائع "تسجيلياً" داخل السجن شاغلاً الحيز الكبير من السرود بتفاصيل لم تتجاوز في حضورها حدود التعريف بالمكان وأدق تفاصيله ويومياته في الوقت الذي لم يلتفت فيه الروائي إلى إمكانية حقيقية كان النص الروائي يمتلك تأثيثاتها الأولية من خلال ترابط أدوات القمع دخل الدكتاتوريات العربية، فهو لو أحدث نوع من التداخل بين المفاصل السردية بين ما كان يجري في سوريا من حراك وما كان على أشده في ليبيا لكان الأمر اختلف تماما عم تحصلنا عليه من خلال المعاني الكبرى لسرود سراب بري، إذ ستكون المحصلة مقاربة صارخة للتقاليد العمياء دخل الأنظمة العسكرية وتفاصيل القتل فيها.
لكن وعلى الرغم من ذلك تبقى رواية سراب بري من الأعمال التي تستحق الانضمام إلى عائلة رواية السجن في المشهد الروائي العربي الذي فاض بميراث كبير، وهائل من الأعمال التي تسجل ذاكرة الألم والخوف والقلق وتغيب الحريات .
_______________
كاتب سوري




#أسعد_فخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد الإنساني لحدوثة الحرية في رواية سراب بري


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد فخري - البعد الإنساني لحدوثة الحرية في رواية سراب بري