أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف جزراوي - خلودُ الحياةِ أم خلودُ ما بعد الموت؟














المزيد.....

خلودُ الحياةِ أم خلودُ ما بعد الموت؟


يوسف جزراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 20:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


خلودُ الحياةِ أم خلودُ ما بعد الموت؟
إرتبط مفهومُ الخلودِ بالموتِ، فهما متلازمان، فالخلودُ -حسَب الكثيرين- هو حياةٌ ما بعد الموت. لكنني هنا أودّ تسليطَ الضوءِ على الخلودِ الحياتي المُكتَسَب من حجْمِ أعمالِ المرءِ ونوعيةِ رسالتِه على هذهِ الأرضِ.
والبونُ شاسعٌ بين خلودِ الحياةِ وخلودِ ما بعد الموت في العالم الاخر. أودُّ هنا التأكيدَ على خلودِ ما قبلَ الموتِ(خلود الإنسان في الحياة من خلالِ أعمالِه). لقد مجّدَ إنسانُ كلكامشَ الحياةَ كقيمةٍ كُبرى، وحرَصَ كلَّ الحِرص لئلّا يفقدَها البتة، سيّما بعد أن شاهدَ بأمّ عينيه كيف صرَع الموتُ إنكيدو وغلبه.
وقد يتساءلُ سائلٌ: ما الذي نعنيه بخلودِ الحياة؟
فأُجيب: الخلود في اللغةِ عمومًا، من فعلِ(خَلُد)(دام). وإنسانُ كلكامش اعتقَدَ في مرحلةٍ ما من حياتهِ، إنّه وجُـِدَ لكي يدومَ ويخلُدَ، لذا أهتمَّ أولاً بالبحثِ عن نبتةِ الخلود، فهي سرُّ الدوامِ والبقاءِ له، لكنه يهتم أخيرًا بخلود الذّكر الحسَن والعمل الإنسانيّ.
إنَّ ملحمةَ كلكامش تحصرُ الخلودَ على الآلهةِ كامتياز خاصٍ بها، إذ إنَّ الخلودَ حصرًا على الآلهةِ؛ بينما البشرُ فانون لا محالةَ. ونقرأُ في الملحمةِ ما يؤكد حقيقةَ ما ذكرناه:
"...حينما خَلقَت الآلهةُ العِظامُ البشرَ
قدّرت الموتَ على البشريةِ
واستأثرتْ هي بالحياة" .
كما تصف لنا الملحمةُ أنَّ إنسانَ كلكامش ضعيفٌ إزاء الموتِ، يرفضُ مصيرَ البشرية (أنْ يصيرَ تُرابًا)، وأنْ يضطجعَ فلا يقومُ، ولا يرتضي أنْ تستأثرَ الآلهةُ وحدُها بالحياةِ والخلودِ لنفسِها، لذا يبذل جَهدَه في مقاومةِ الشرِّ بشجاعةٍ وبسالةٍ، وشعارهُ كان:" الموتُ في النِزالِ خيرٌ من الموتِ في الفِراشِ!". لكنّه يُغير شعارَه ذاك ولو بعد حين، حيث يُناضل أبدًا، ولا يهدأُ إلّا في الكشفِ عن لغزِ الحياةِ وسِرِّ الخلود. فاكتشفَ عن وعيٍ ودرايةٍ أنَّ لغزَ الحياةِ قائمٌ في الإنجازاتِ التي يُحقّقها المرءُ في حياتهِ، وهذا ما يضمن له تحقيقَ خلودٍ حياتيّ من خلالِ الأثر الطيّب.
الخلودُ في الحياةِ يعني أنْ يكونَ للإنسانِ عملٌ وأثرٌ يجعلانه في (ذّكرٍ) دائم ممّا يُتيح له حضورًا مُستمرًا. ورغم أنَّ الحياةَ لا تنفي الموتَ، لكنّها تمنح للإنسان الخلودَ في الحياةِ متى عَرف المرءُ كيف يحققُ ذاتَه كقيمةٍ حياتيةٍ كبرى في أعمالٍ جليلة ومخلدة.
وأبوح لكم بسرٍّ: تستهويني جدًا عبارةُ:"الذّكرُ الطيّب"،"الأثرُ الحسَن". ففي هذه العبارات معانٍ مُلاِزمةٌ لمفهومِ الخلودِ الحياتي. فهي تشيعُ طُمأنينةً لدى الإنسان وتمنحُه قيمةً على الصعيدِ الإجتماعي بشكلٍ عام والحياتي بنحوٍ خاص.
وهلّا تتفقون معي: أنَّ الذّكرَ الحسَن يأتي من الوجودِ(الحضور) في الحياةِ.
ولنلاحظْ معًا كيف أنَّ الملحمةَ أستبدلَتْ نبتة الخلود إلى نبتة العودة للشبابِ ومن ثم إلى ما هو أسمى في تأمُّلي الشخصي وأعظمُ وهو (أَثَرُ الإنسان وأعمالُه)، إذ أدركَ كلكامشُ هذه الحقيقةَ (الإستبدال) مُتأخّرًا؛ فسعى للعملِ على استيعابِها وشَرَع في التكوينِ الذاتي وتجسيد تلك الحقيقة بكلّ قواه.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. الحارث عبد الحميد
- على صورة الخلود خلق الله الإنسان ( تأمُّلات في ملحمة كلكامش)
- نضج إنساني يتنكر بزي الأزمات والمُشكلات
- سياحة ثقافية في فيينا وأمستردام
- بطن متخم ......... وفكر جائع !!


المزيد.....




- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف جزراوي - خلودُ الحياةِ أم خلودُ ما بعد الموت؟