هكذا يتكلّم السياسي الجزائري !

نصرالدين نواري

الحوار المتمدن-العدد: 4891 - 2015 / 8 / 9 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لتحليل البُنية اللغوية التي تتحكم في صناعة الخطاب السياسي في الجزائر، وجب القول بدءا أنّ اللغة الفرنسية، ولعوامل تاريخية كثيرة، اكتسبت "شرعيتها" وأضفت "قداستها" على المخيال السياسي والاجتماعي والثقافي باعتبارها لغة "الحاكم" و"الزعيم" و"المثقف"، لذا نجد أنّ السياسي الجزائري راهن ويراهن في تأثيث ذاته الألسنية على تلك اللغة كأداة هيمنة وسيطرة وكـ"غنيمة حرب" لديها باعٌ طويل في إدارة وتسيير شؤون الحكم.
وإذْ هو يراهن على اللغة الفرنسية ويُجيد التكلّم بها؛ يجد السياسي الجزائري صعوبة كبيرة في تبليغ رسائله للجماهير باللغة التي يفهمونها جيدا، فيُنتج بذلك لغة "هجينة/هشّة" تكون خليطا بين الفرنسية والعاميّة والعربية الفصحى، فيتلعثم لسانه وتتشتت أفكاره، ليسقط أخيرا في شباك المتربّصين المتصيّدين لزلاّت اللسان، فيحوّلونه فورا من "مُهيمن" يُسيطر على صنع القرار، إلى "خاضع" تسهل عملية "فَسبَكته" وبالتالي تسويقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي كرمز وطني للضحك والتنكيت والسخرية.
إنّ ذلك السياسي؛ يلجأ إلى استعمال تلك اللغة "الهجينة/الهشّة" كمحاولة منه لتطبيع علاقات قد تكون متشنّجة مع الجماهير بهدف استرضائها واستمالتها وتعبئتها في صفوفه، وإذ هو يفعل ذلك، فهو يقوم بعملية رتقٍ ثقافي واجتماعي "غير معلنة" يريد من خلالها التأكيد بأنّ "نفوذه وتمركزه" لم ولن ينسيه أصوله الاجتماعية، واللغوية والثقافية.
كما قد يكون استعمال تلك اللغة؛ ثقافةً كلامية "مُمَأسَسَة" توارثها هؤلاء السياسيون؛ تزعم وتعتقد أنّ تلك الجماهير تُحبّ تلك اللغة وتفهمها بشكل جيد وتتفاعل معها بالتصفيق والتهليل والترحيب...لذا، يقول هؤلاء السياسيون: "إنّه من العبث إنتاج منظومة لغوية وكلامية بديلة، مادامت الجماهير تفهم رسائلنا على أكمل وجه".
كما يُقدّم البعض، قراءة مغايرة، مفادها أنّ ذلك السياسي يعمد عن قصد إلى تعويم الكلام وإنزاله إلى المستوى "الشعبوي"؛ لخلق حالة "تنكيت وطنية"، وبالتالي إدخال الجماهير في دوّامة من السخرية والضحك للتنفيس عليها؛ لتكون تلك اللغة بمثابة مُسكّنات وأدوية ذات فعّالية كبيرة في تهدئة أيّ وضع اجتماعي قد يتجه نحو التأزيم، أو ربما لتمرير أجندات سياسية واقتصادية وثقافية في غفلة من الجميع.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات