أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الزروالي - نقاش وتساؤلات بصدد المشروع الاعلامي لأصحاب وجهة نظر - التحاق الشجعان بالقوى السياسية -















المزيد.....



نقاش وتساؤلات بصدد المشروع الاعلامي لأصحاب وجهة نظر - التحاق الشجعان بالقوى السياسية -


مصطفى الزروالي

الحوار المتمدن-العدد: 4891 - 2015 / 8 / 9 - 02:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتقال دعاة البديل الجذري على امتداد مسارهم من مبادرة سياسية الى اخرى جميعها بمضمون تحريفي دون ان تحظى باي تقييم ان لم نقل النقد والتي تعتبر احدى مرتكزات المناضل الماركسي اللينيني للتقدم في مساره النضالي لا يعكس الا محاولته استبدال كل مبادرة لم تلق التجاوب المأمول من طرفهم لدى المناضلين المستهدفين والذين رفضوا الانزياح عن خطهم الثوري المؤطر بالماركسية اللينينية قيد انملة بمبادرة اخرى تختلف في الشكل وتحافظ على نفس المضمون (التحاق الشجعان – مشروع الجريدة – ارضية البديل الجذري ) والذي يتجسد في ايجاد مدخل الى حضيرة القوى المرتدة والتحريفية وفي اطار فضح المضمون التحريفي لمبادراتهم نعيد نشر قراءة في "مشروع الجريدة"
نقاش وتساؤلات بصدد المشروع الاعلامي لأصحاب
وجهة نظر " التحاق الشجعان بالقوى السياسية "
مقدمة :
خلال فترة ليست بالقصيرة خاض البعض في نقاشات موسعة نسبيا حول اصدار جريدة شرعية – علنية – وقد شملت هذه النقاشات عددا من المناطق والمواقع بما فيها الجامعية ، والمأسوف عليه هو ان اصحاب المشروع على خلاف كل التجارب وضد كل منطق ، لم يصدروا اية ورقة تعرف بالمشروع وتؤطر اسبابه و اهدافه . لقد اكتفوا فقط بخوض النقاشات ، لا شيء غير ذلك ، في الوقت الذي تفقد فيه هذه النقاشات اي معنى في غياب اية ارضية واضحة تؤطرها.
لقد كان من المفروض تأطير هذه النقاشات في ارضيةِ/رؤية تطرح للجميع بدون خوف ولا مركب نقص . واما في حال تغييبها – كما يفعل رواد الجريدة – فلابد ان توضع هذه النقاشات موضع تساؤلات وتشكيك.
سنحاول من موقعنا ، عبر هذه المحاولة البسيطة ، طرح بعض التساؤلات بخصوص اصدار هذه الجريدة ، مساهمة منا في تصحيح مسار النقاشات الجارية وارجاعها الى سكتها الصحيحة ضدا على اشكال التبرير والتلفيق والكذب والتزوير ، وعليه سنعمد الى نقاش بعض المبررات (بعضها وليس كلها لكن الاساسية والرئيسية منها ) التي يلجأ اليها رواد الجريدة لتبرير مشروعهم . ومن خلالها سننتقل الى نقاش التجربة الاعلامية اللينينية التي يلجأ اليها بصفة خاصة اصحابنا في نقاشاتهم ثم مقارنتها – اي التجربة اللينينية – بمشروع اصحابنا والمبررات التي تغطيه – هذا إذا كان يصح الحديث اصلا عن "مقارنة" . واخيرا سنلجأ الى ورقة احراث المعنونة " التحاق الشجعان بالقوى السياسية" حتى نتبين طروحاتها للمسألة الاعلامية ، قبل ان نختم محاولتنا هذه برصد/تأطير آفاقي لهذا المشروع الاعلامي المطروح ومصيره المحتوم

كيف يقدم لنا دعاة الجريدة مشروعهم
1- في نقاش بعض مبررات المشروع
في غياب ارضية واضحة تأطيرية للجريدة : اي في غياب رؤية متكاملة للمسألة الاعلامية وطرح عملي واضح ، اي مجرى يمكن ان تأخذه النقاشات السائدة غير مجرى التبرير ؟ والا ما السر في عدم طرح مثل هذه الرؤية؟
فعلا ، ان دعاة الجريدة في غياب طرح رؤية متكاملة يجدون انفسهم مضطرين للّجوء الى التبرير ، محاولة منهم تأسيس "مشروعية" وهمية لجريدتهم مهما كان وبأية وسيلة ، هكذا تجدهم يلجؤون – عملا منهم على اخفاء رؤيتهم للمسالة – الى الحديث عن "الاستفادة من الثغرات القانونية" لقانون الصحافة "الجديد" الذي يخول لشخص واحد "امكانية" اصدار منبر اعلامي ، وهو ما يوفر امكانية تكريس "تجربة اعلامية متميزة" تستفيد او تحاول ان تستفيد – حسب زعم اصحابها – الى اقصى الحدود من هذه "الثغرات القانونية" والتي قد تعتبر فرصة لا تعوض ...الخ – فيا لها من حذاقة ونباهة يتميز بهما اصحاب الوجهة نظر - ولإخفاء الاطار التنظيمي للمسالة يتم اعطاء الجريدة طابعا "تطوعيا". هكذا يلجأ اصحابنا الى اغناء القاموس السياسي ب "غيرة "بعض المناضلين و"استعدادهم" للتضحية والاعتقال وتحمل جميع انواع "الاخطار" في سبيل تكريس هذه "التجربة" مع ان المشروع في عمقه سياسي / اي لا يخص افرادا بعينهم بقدر ما يخص رؤية سياسية قائمة ، ولإبراز الحاجة" العملية و"النضالية الملحة" لمثل هذه الجريدة تراهم يلجؤون الى الحديث عن عدد من التجارب الثورية الاعلامية ( منها على سبيل المثال ) التجارب الاعلامية الفلسطينية ومساهمتها في توجيه وتأطير الثورة الفلسطينية سياسيا وتنظيميا على امتداد سنوات طوال من تاريخ هذه الثورة ، ومنها كذالك تجربة مجلة "انفاس" العلنية والشرعية المحسوبة على الحركة الماركسية اللينينية المغربية خلال فترة السبعينات ، تلك التجربة التي ساهمت من موقعها على نشر الفكر الماركسي في بدايات طريقه الى المغرب ، وفي الدعاية لرؤى وتصورات الحركة بين ابناء الشعب المغربي ، فضلا عن الادوار الهامة التي لعبتها في "تجميع" مختلف المناضلين والمتعاطفين مع هذه التجربة ومن هذه التجارب كذلك بصفة خاصة التجربة الاعلامية اللينينية التي يوليها اصحابنا اهمية قصوى في نقاشاتهم تلك ....الخ. ومن تم "مقارنتها" – اي هذه التجارب ككل – تعسفا وتلفيقا بمشروعهم الاعلامي "المستقبلي" الذي لا نعرف من اصله وفصله شيئا في غياب رؤية تاطيرية له واضحة
هذه عينة من المبررات التي يلجأ اليها "دعاة الجريدة" في نقاشاتهم كما اسلفنا ، واننا نوردها ههنا ليس لمتابعتها او متابعة ما يقصده او ما لا يقصده اصحابها منها ، بل اساسا لكشف هذه المبررات في غياب سند يسندها ويدعمها ، لا يمكن التعاطي معها سوى بهذه الصفة وعلى هذا الاساس : اي بكونها مبررات ليس الا ، وفي احسن الاحوال اعتبارها مبررات في حاجة الى دليل نظري يثبتها : اي في حاجة الى رؤية واضحة تؤطرها .
خارج هذا لا يمكن الوثوق باي كلام غير موثق يلزم صاحبه او اصحابه ، مادام الامر مجرد كلام ، قد تلجا التحريفية سيرا على عادتها ومتى اشتد عليها الخناق ووجدت نفسها عاجزة عن الاقناع الى التبرؤ منه وتحت شتى المبررات (نقاش غير مسؤول ، لا يلزم الا صاحبه او انه اساء التعبير او لم يستطع توضيح الموقف .....الخ) ما دام لا يقوم على هذا الكلام دليل مما نطلب به هنا ز
ومع ذلك تعالوا نتبين "منطق" هذه المبررات اي تهافتها ولو في بضعة فقرات :
بداية ، نرى انه من الاخطاء السياسية الفادحة حديث مناضلين "جذريين "- ان كانوا فعلا كما يدعون – عن هكذا اشياء من فبيل "الثغرات القانونية في بلد يحكمه نظام لا يلتزم ابسط القوانين التي شرعها . قد نسلّم بهذه الخرافة لو كان الامر يتعلق بأحد البلدان ذات أنظمة ليبرالية بورجوازية تحتكم الى لعبة الديموقراطية بمفهومها البرجوازي أما في بلد تتعطل لغة القانون في أبسط الاصطدامات الطبقية لا يمكن اعتبار الثغرات القانونية الا ترجمة اخرى لمفهوم توسيع الهامش الديموقراطي الذي تبناه مرتدو منظمة 23مارس في بداية مشوارهم التراجعي ونسائل بالمناسبة اصحاب طرح "الثغرات القانونية" عن مدى احترام ابسط القوانين المشرعة من طرف برلمان البرجوازية ( الحد الادنى للأجر ، الحماية الاجتماعية ، ......)
ان ما يعتبره اصحاب الوجهة نظر "ثغرات قانونية" يعتبره مهندسو البرجوازية في التشريع مخططا محبوكا بدقة لتمييع الحياة السياسية وتمييع الصراع الطبقي وشرعنة اجراءات النظام في عملية لجمه للنضالات الشعبية ، بل حديثهم عن استثمار "الثغرات القانونية" هو اقرار ضمني باحترام النظام للقوانين الموضوعة من طرفه وهي لغة سياسية تمهد وتغطي للقبول والانتفال للعمل السياسي القانوني في حظيرة النظام دون المساس بوضع "الضيعة" أو آليات اشتغالها ، مادام الحديث عن استغلال الثغرات القانونية كحدود لمشروع سياسي هو الوجه الاخر للغة "احترام القانون " وهو اعتراف اصحاب "الوجهة نظر" ب"اللعبة الديموقراطية" انها بداية الرحلة الى مستنقع العمل الشرعي والقانوني
ان حديث اصحابنا عن استثمار "الثغرات القانونية" و"التطوع" و"الغيرة" في بناء مشروع اعلامي لا يمكن ادراجه الا ضمن مشروع سياسي يتجنب اصحابه الافصاح عنه بوضوح لا يعكس الا عجزهم عن الدفاع عنه وضعف قرائنهم وابتعادهم عن الماركسية اللينينية كنظرية محصنة للمناضلين الثوريين من الانحراف او الانجرار الى خندق الردة والخيانة ويكفي لنا ان نسائلهم عن مصير الجريدة التي اصدرها الاخ احرات حسن خلال فترة عمله بمدينة الشاون ، نسائلهم عن المناضلين الذين تم تجميعهم وعن الاختراقات التي حققوها من اخلال استغلال الثغرات القانونية ، الم تكن مولودا ميتا من الوهلة الاولى؟
ان مبررات دعاة الجريدة تغيب بشكل كلي منطق الصراع الطبقي من حيث محدداته ، قوانينه ، ومساره الموضوعي، فاذا كان الصراع الطبقي بما هو حرب حقيقية تجري بين الطبقات فان الحقيقة الاولى التي يجب التسلح بها هي انه لا يمكن خوض هذه الحرب وفي اي مستوى من مستوياتها دون الاسترشاد بنظرية واضعي اسس الصراع الطبقي انجلز، ماركس ولينين والتي تركز على تموقعنا في هذا الصراع ، فان البرنامج السياسي لحمة الجمع بين المناضلين واساس التزامهم وليس الخاصيات الفردية "الغيرة" والاستعداد للتضحية" التي لا تشكل الا تمظهرا لقوة البرنامج السياسي وحدة الصراع الطبقي
ان الحرب الطبقية تحكمها اولا واخيرا قوانين موضوعية لا تترك مجالا للحديث عن الفرد وتحل محله الجماعة ، فهل يجيبنا اصحاب الوجهة نظر عن الارضية السياسية التي تشكل مشتلا لغيرتهم وقدرتهم على التضحية
ان هذه الضبابية في طرح مشروعهم لا يبررها الا محاولة الاستقطاب على ارضية غير ارضيتهم فيشيرون الى " مجلة انفاس " دون ربط ذلك بالمشروع السياسي الذي انتجها واطرها باعتبارها كانت جزءا من كل ونفس الشيء في اشارتهم الى التجربة الفلسطينية متناسين ان مجلة الهدف وليدة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت موازية للبندقية التي لم تفارق اكتاف المناضلين المتواجدين بخنادق القتال اما عن تجربة لينين الاعلامية فكان عليهم الخجل من انتقائها بذلك الشكل دون وضعها ضمن مشرعه العام
كيف لأصحاب وجهة نظر هذه اقناع مناضلين بمشروعهم المفلس منذ البداية مرتكزين على مقولات من مثل "النيات الحسنة"(راجع وجهة نظر التحاق الشجعان )و"الثغرات القانونية" و"الغيرة" و....دون عرض مشروعهم السياسي بشكل متكامل
2 - بصدد التجربة الاعلامية اللينينية
تعتبر التجربة اللينينية الاعلامية عينة اخرى من المبررات التي تتقاذفها ألسن دعاة الجريدة ، وقد تعمدنا تناول هذه التجربة بالنقاش والتوضيح دون غيرها من التجارب الاخرى التي يثيرها اصحابنا بسبب تركيزهم بوجه خاص على هذه التجربة في نقاشاتهم، لذلك سنعمل بعد تناول الاطار العام لهذه التجربة كما طرحتها مقالة لينين "بم نبدأ؟" - وهي التجربة التي تكللت عمليا بصدور جريدة الايسكرا (الشرارة) – على مقارنتها – اي هذه التجربة – في الحدود الممكنة والمسموح بها – ان كان يصح الحديث اصلا عن مقارنة كما سنرى – بمبادرة انصار الجريدة لاستخلاص بعض الدروس والعبر اللازمة من ذلك ، و"العبرة لمن يعتبر"
تعتبرمقالة لينين "بم نبدأ؟" التي كتبها اواسط العام 1901 "الوثيقة البرنامجية الاساسية " لأجل الاشتراكية الديموقراطية الروسية آنذاك ، وقد تضمنت هذه المقالة الاجوبة على اهم القضايا التي كانت تعتمل وتطرح في صفوف المناضلين الروس وقتئذ ، من هذه القضايا : طابع التحريض السياسي ، ومضمونه الرئيسي العام ، المهام التنظيمية ، خطة بناء حزب ثوري لعامة روسيا من جميع الجوانب وفي وقت واحد
ولم يكن من الممكن الخوض في هذه القضايا في نظر لينين بدون الخطوة اللازمة الضرورية والاساسية : اي تأسيس جريدة سياسية لعامة روسيا ، الجريدة التي "يجب ان تكون نقطة الانطلاق للنشاط ، الخطوة العملية الاولى لإنشاء التنظيم المنشود ، واخيرا الخيط الاساسي الذي يمكننا بالتمسك به أن نطور هذا التنظيم ونعمقه ونوسعه باستمرار"(مقالة بما نبدأ)
هذا هو الاطار العام الذي طرح في سياقه لينين مهام اصدار جريدة سياسية وكما يتضح ذلك جليا ، لقد كانت خطة اصدار هذه الجريدة (الايسكرا) مشروطة بمهمات عملية سياسية وتنظيمية ملموسة ، يطرحها لينين – ولو في مقال صغير ومقتضب بنوع من الشمول والوضوح والدقة .
وعليه فالنظر لما يروج له انصار الجريدة عبر نقاشاتهم ، ترى كيف يحددون من موقعهم – على غرار ما يفعل لينين – ملامح الوضع السياسي بالبلاد ، والقضايا الاخرى ، والتي تتطلب حلولا عاجلة واجوبة دقيقة ، وما هي تبعا لذلك الخطة او الخطط التي يرسمونها للإسهام في الاجابة على هذه القضايا أيا كانت : ايديولوجية ، سياسية وتنظيمية ، واخيرا ما موقع اصدار جريدة ودورها من كل ذلك ؟؟ فان نحتج بالتجربة اللينينية ان نحتج بهذا الفهم تحديدا . فما موقع دعاة الجريدة من هذا الفهم ؟ّ؟ سنؤجل الجواب على هذا السؤال الى حين الانتهاء من تأطير التجربة اللينينة .
والان بعد ان ندعو الى اعادة قراءة هذه المقالة فراءة متفحصة ودقيقة ، هاكُم نماذج مما يقوله لينين : ان السؤال "ما العمل؟" يطرح في السنوات الاخيرة امام الاشتراكيين-الديموقراطيين الروس بقوة خاصة ، فليس المقصود اختيار السبيل (كما كان الحال اواخر العقد 9 واوائل العقد 10 – من القرن 19 - ) – بل المقصود ان نعرف اي خطوات عملية يتعين علينا ان نخطوها في السبيل المعروف وبأية طريقة على وجه الضبط ، وان المقصود هو منهج وخطة النشاط العملي.
ويقول : "من المضحك الاستشهاد باختلاف الاحوال وبتعاقب المراحل : فان العمل على انشاء التنظيم الكفاحي وعلى تحقيق التحريض السياسي امر الزامي في الظرف "الرمادي السلمي" ايا كان في مرحلة "هبوط المعنويات الثورية" ايا كانت، ناهيك عن ان هذا العمل ضروري بخاصة في هذا الظرف من وجه الدقة ، لأنه يفوت أوان انشاء التنظيم في اوقات الانفجارات والغليانات ، ينبغي للتنظيم ان يكون جاهزا لكي يقوم بنشاطه على الفور .."
ثم يضيف : "فليس المطلوب ان نوضح لأنفسنا أي تنظيم على وجه الضبط ينبغي لنا ولأي عمل على وجه الدقة وحسب ، بل المطلوب ايضا ان نرسم مشروعا معينا للتنظيم لكي يمكن الشروع في بنائه من جميع الجوانب."
ثم يستطرد قائلا : " اما الخطوة الأولى الى الامام في طريق الخلاص من هذا النقص ، في طريق تحويل بضع حركات محلية الى حركة واحدة لعامة روسيا ، فيجب ان يكون تأسيس جريدة لعامة روسيا " واذن فموقع هذه المقالة سواء من التراث اللينيني او من التراث الاشتراكي-الديموقراطي الروسي ككل ، ليس الخوض في امور مبدئية نظرية فكرية او سياسية محسومة سلفا او تكرارا "الحقائق الكبرى التي لا تقبل جدالا – كما يقول لينين – وهي صحيحة من الناحية المبدئية "(كراس لينين "ما العمل ص 166 ") بل يتحدد موقعها من هذا التراث ومن الثورة الروسية الصاعدة في الاجابة تحديدا على القضايا والمسائل العملية التي كانت لاتزال عالقة وغير محسوم فيها في صفوف المناضلين ووقتئذ ،على راسها مهمة بناء التنظيم الثوري على صعيد كل روسيا.
وبكلمة تقترح هذه المقالة "مشروعا" لبناء هذه المنظمة وتصورا متكاملا للوسائل التي تتيح وتسرع من امكانية "الشروع ببنائها من جميع الجهات". لذلك يتحدث لينين في هذه المقالة عن "خطة ومنهج للنشاط العملي" و يقترح لينين الاسراع بمباشرتها ميدانيا كمهام لا تقبل التأجيل.
وهذه الخطة التي يعرضها لينين هي على وجه الدقة : الخطة التي يضع على راسها مهمة اصدار "جريدة سياسية لعامة روسيا " جريدة يقترحها كما سنرى "داعية جماعية ومحرضا جماعيا ومنظما جماعيا "
واذا نحن اردنا التفصيل شيئا ما في المهمات التي اناطها لينين بهذه الجريدة التي كان يخطط لإصدارها حتى تنجزها ، وجدنا انه كان يريد منها :
أ‌. ان تكون جريدة خاصة للدعاية والتحريض السياسيين المبدئيين الشاملين والثوريين ، جريدة تكمل بالطبع اشكال الدعاية المبعثرة والشخصية للمناضلين وتسكبها في قالب منظم واحد .
ب‌. ان تكون جريدة لعامة روسيا على وجه الدقة ، وذلك حتى تمارس تأثيرها في توحيد فعل المناضلين المشتتين والغارقين في لجة العمل المحلي الصرف ، جريدة تتصدى بهذه الصفة لمهام توحيد المناضلين ونشاطاتهم ومجموع حلقاتهم وتنظيماتهم المحلية على كافة الاصعدة والمستويات في حركة واحدة لعامة روسيا
ت‌. ان تكون هذه الجريدة جريدة سياسية على وجه الضبط ، فبدون جريدة سياسية يستحيل الحديث عن حركة سياسية ، بدون جريدة سياسية يستحيل تنفيذ مهمة تلقيح الحركة الثورية ، فقط عبر جريدة سياسية يمكن ايقاظ الشغف الى التشهير والدعاية السياسيين المنظمين والدؤوبين ليس فقط بالنسبة للبروليتاريا ، بل بالنسبة لجميع فئات الشعب الواعية وذات المصلحة في الثورة.
ث‌. من هنا الطابع "السياسي الشعبي الحق" الذي ينبغي ان تأخذه هذه الجريدة بالضرورة . فهذه الجريدة لا يمكن ان تكون خاصة بالبروليتاريا وحدها وحسب ، بل جريدة تعمل البروليتاريا بواسطتها على التغلغل في صفوف جماهير البرجوازية الصغيرة مدنية وقروية حتى تجندهم بجانبها
ج‌. ومن هنا بشكل خاص الطابع التنظيمي لهذه الجريدة "كمنظم جماعي": " ام دور الجريدة – يقول لينين – لا يقتصر على مجرد نشر الافكار ، على مجرد التربية السياسية واجتذاب الحلفاء السياسيين ، ان الجريدة ليست فقط داعيا جماعيا ومحرضا جماعيا ، بل في الوقت نفسه منظم جماعي " . وللتدقيق اكثر ، يطرح لينين هذه الجريدة " كمنظم جماعي " " بوصفها العمل الوحيد المنتظم على نطاق روسيا كلها ، العمل الذي يلخص نتائج النشاط في شتى ميادينه ، ويدفع الناس بذلك الى مواصلة السير الى الامام دون كلل في جميع الطرق العديدة المفضية الى الثورة......"(ما العمل – ص 172)
ثم يقول لينين :" واذا ما تظافرت قوانا على اصدار جريدة عامة فان هذا العمل لن يهيء أمهر الدعاة وحسب ، بل ايضا ابرع المنظمين واوفر زعماء الحزب السياسي موهبة ، من يستطيعون عند الاقتضاء رفع شعار المعركة الفاضلة ويقود هذه المعركة بنجاح "، ويسترسل لينين في بيان دور هذه الجريدة "كمنظم جماعي"، انه سيكون في مقدور هذه الجريدة ، ان تنظم بشكل دائم عمل وفعل جميع المناضلين الحزبيين وجميع الحلقات والفرق والمنظمات الحزبية المحلية ، كما ستعلمهم جميعا تتبع الاحداث السياسية باهتمام وايضا على ابداع الاشكال الثورية المناسبة للتأثير في مجرى الاحداث والوقائع ، كما تجر هذه الجريدة موضوعيا الى خلق شبكة من العملاء والموزعين المحليين يكونوا على اتصال مباشر فيما بينهم ومع اللجان والفرق المحلية الاخرى ، فضلا عن ان هذه الشبكة من العملاء ستكون العمود الفقري للمنظمة وهيكلها ، منظمة تكون على ما يكفي من السعة والتنوع والمرونة والدقة بحيث تستطيع في جميع الظروف و"الانعطافات" والمفاجآت ان تقوم بعملها بشكل عادي وطبيعي......الخ.
هذا بعض ما يقوله لينين الذي يستشهد بفكره وتجربته "الاعلامية" اصحابنا دعاة الجريدة الشرعية العلنية ويتحاججون به في نقاشاتهم ، او قل للدقة في مزايداتهم ، لنر في امرهم اذن .

3-الطريقة اللينينية الجدلية وطريقة دعاة الجريدة التبريرية: على سبيل المقارنة

بداية ، وحتى لا يتهمنا البعض بالتسرع او بالقصور وعدم النضج، على عادة الوعاظ والمتفقهين ، نعلن مسبقا اننا بلجوئنا لهذه "المقارنة" التي يفرضها علينا دعاة الجريدة انفسهم ، امنا نعي اختلاف الظروف والملابسات بين مغرب الواخر القرن 20 وروسيا اواخر القرن19 واوائل القرن 20 ذاتيا وموضوعيا . وحتى لا يتهمنا البعض الاخر بالميكانيكية والإسقاطية ، نخبر الجميع على مرأى ومسمع الملأ جهارا اننا لا نأخذ هنا من التجربة اللينينية سوى جانبها العملي ، وبمعنى اخر ، اننا لا نأخذ من لينين سوى الطريقة او السبيل الذي سلكه في معالجة امور وقضايا الثورة الروسية قي بدايات طرقها . اننا لم نقصد سوى بيان كيف كان يتعاطى لينين مع هذه القضايا وكيف كان يعمل على الاجابة عليها وعلى اية ارضية و بأية طريقة ، دون تنطعنا الى ذكر الخصوصيات ( خصوصيات التجربة الروسية ) وحتى التفاصيل التي يمكن ان تفيدنا في هذه "المقارنة" بين التجربة الاعلامية اللينينية و"المبادرة" الاعلامية لأصحاب "وجهة نظر" بالنظر لما يؤطرها.
ولأخذ فكرة اولية عن هذه الطريقة ، عن هذا السبيل ، عن هذا المنهج اللينيني كما يتبدى من المقالة نفسها ، نلاحظ كيف يلجأ لينين الى تأطير واقع الثورة الروسية الموضوعي ، ومن ثم "نوعية" الاجابات التي كانت تقدمها مختلف التيارات في صفوف" الاشتراكية-الديموقراطية الروسية" على الواقع ذاك: (مثلا : تيار "الاقتصادية" من خلال برنامجها (CREDO)، تيار "الاختيارية اللامبدئية" ، وتيار "الارهابية" الذين يشير اليهم لينين في المقالة ، ثم ينتقل لينين بعد ذلك الى رصد الوضع الذاتي بشكل خاص لهذه الحركة معريا المهمات والقضايا الاستعجالية التي تطرح امامها ثم الاجابات التي ينبغي مباشرتها عمليا ، تبعا لقراءة لينين السياسية الدقيقة ، ثم بعد ذلك يطرح المسالة الاعلامية ، مسالة اصدار "جريدة لعامة روسيا" وموقعها من الاجابات العملية ومن تصريف ومباشرة هذه الاجابات في ترابطها بعضها ببعض.
ان لينين في هذه المقالة لا يتكلم عن الجريدة الا بعد ان يقطع كل هذه الاشواط ، وذلك حتى تأخذ المسالة الاعلامية موقعها الصحيح منها ومن الاجابات المطروحة سياسيا وتنظيميا ، ومن حيث الشكل ، نلاحظ كيف ان لينين لا يتكلم عن الجريدة في المقالة الا في شقها الاخير . وليس ذلك طبعا مجرد صدفة، اليس كذلك يا دعاة الجريدة؟
ان لينين الواضح والصريح ، لينين المبدئي ، لينين الرافض للتبرير واللغو والتزوير بدل ان يلجأ الى الحديث عن "الثغرات القانونية" وعن "التطوع" و"الغيرة" و"الاستعداد"...الخ بدل ان يلجأ الى انتاج اللغة كطاحونة قديمة لا تكف عن الجعجعة ، وبدل ان يلجأ الى التبرير بالحديث عن اية "تجربة اعلامية" كما يفعل دعاة الجريدة ( وفي مقدور لينين ان يتكلم عن مختلف التجارب الاعلامية الماركسية في اوروبا وغيرها) انما قصد – اي لينين – ضدا على كل ذلك وضدا على طرق ووسائل "اصحابنا" الى طرح تصور سياسي شامل ودقيق للمسالة الاعلامية ، دون ان يغيب ابعادها النظرية والتنظيمية ومن موقع الاجابة على قضايا الثورة الروسية الاساسية في تلك المرحلة ، على راسها توحيد الحركة الاشتراكية-الديموقراطية الروسية في حزب ثوري واحد منظم ومؤطر .
وكما يظهر من تناولنا للتجربة اللينينة ، فان السؤال الدقيق ( بم نبدأ ) الذي يضعه لينين عنوانا لمقالته ، هو على قدر كبير من الاهمية ، ليس فقط على المستوى السياسي العملي ، بل كذلك على المستوى النظري القكري ، ان السؤال "بم نبدأ؟" قبل ان يأخذ بعدا عمليا ، يكتسي طابعا نظريا واضحا ، حيث يفترض ويقتضي قبل الشروع في الفعل والممارسة ، قبل اعطاء الاجابات السياسية والتنظيمية الميدانية ، تقديم قراءة نظرية تؤسس لتلك الاجابات والممارسات وتشدها بالأدلة والبراهين القاطعة . لذلك ترى لينين يلجا قبل تقديم الاجابات واقتراحها الى قراءة واقع الحركة الثورية الذاتي وشروطها الموضوعية ، حيث تبعا لهذه القراءة يعمد الى تبين معاضل الثورة والقضايا الملحة المطروح حلها في ذلك الحين ، حتى يتسنى للثورة ان تمشي في طريقها الصحيح وان تخطو خطوات عملية الى الامام .
وعموما يكتسي السؤال "بم نبدأ؟" ابعادا نظرية فكرية سياسية تنظيمية غاية في الوضوح . وفي نظرنا ، لقد قصد لينين طرح هذا السؤال بالذات دون غيره من الاسئلة حتى يضعنا امام هذه الابعاد ككل ، حتى يكون ملزما بطرح رؤية تحيط بجميع هذه الابعاد من حيث الطرح والاجابة ، رؤية دقيقة متكاملة وشمولية نتبنها في المقالة . فان نتكلم عن رؤية يعني ان نتكلم عن طرح متكامل من كل الجهات والجوانب للمسالة والا كان الطرح ناقصا مبتورا وكانت الرؤية فضفاضة ناقصة وكانت الاهداف غامضة.
فاين دعاة الجريدة من هذا الفهم وهذه الطريقة في طرح المسالة الاعلامية ؟ اينهم من هذه الدقة المنهجية في وضع الاسئلة ومن هذه الصرامة العلمية قفي قياس الاوضاع السياسية والمهمات الثورية وطرح الاجوبة اللازمة عنها ؟ اينهم من هذه الفصاحة ومن هذا الوضوح في طرح القضايا والمهمات ؟ واخيرا ما وجه "الشبه" وما جدوى "المقارنة" بين تجربة راقية ومشروع "تجربة" كل المؤشرات تحكم على تهافتها ؟
ان هذه الطريقة اللينينة في طرح القضايا والمهمات والاسئلة ثم الجواب عليها ، هذا السبيل اللينين وحده دون اشكال التبرير والكذب والهروب الى الامام هو ما يمكن ان يشفع لانصار الجريدة في مشروعهم/مشروعاتهم ويجعلها قابلة للنقاش على ارضية واضحة .
بكلمة ، ان ما ينقص دعاة الجريدة على وجه الضبط هو تلك الرؤية السياسية والتنظيمية الدقيقة والشمولية للمسالة الاعلامية ، على غرار ما يفعل لينين . واذا كنا لا نقبل لأنفسنا لعب دور الوعاظ ، فذلك لن يمنعنا من القول انه كان حري بأصحابنا دعاة الجريدة ان كانوا يرغبون حقا في ايصال فكرة واضحة ولو واحدة ووحيدة ، ان يطرحوا لنا مثل هذه الرؤية على غرار المثال اللينيني، على غرار الطريقة والسبيل الينينين ، هم الذين لا يلون ولا يملون من التصريح ب"انتمائهم الى هذا الفكر – التجربة الليننين !!
فبدل ان يلجأ دعاة الجريدة الى تلك الاحاديث والمبررات الجوفاء والخرقاء ، كان عليهم ان يؤطروا مبادرتهم ضمن طرح ورؤية واضحتين .
وبالنسبة الينا ، تكمن اهمية الرؤية في انها على الاقل تساعد على اخذ "النوايا" مهما كانت مأخذ الجد . كما تكمن اهميتها كذلك في انها تقدم أساسا للنقاش يمكن المناضلين من تنوير طريقهم ومعرفة هذا الطريق نفسه : اي طريق اتخذوه مسارا لهم ومع من يسيرون ، كيف والى اين سيصلون . بمعنى ان الرؤية تقدم مجموع الاسس النظرية وليس فقط السياسية العملية والتنظيمية ، حيث في غياب هذه الأسس تفقد الممارسة السياسية اي معنى ، مما يحكم عليها موضوعيا بالسقوط اسيرة النزعة التجريبية والعفوية والفوضوية ، في وقت نجزم فيه ان هذه النزعات لا يمكن ان تقود سوى الى حتف اية حركة سياسية ، وفي احسن الاحوال تأخيرها لفترة من الزمن، وما يتبع ذلك من آثار التدمير والبلبلة والتراجع.. الخ
فهل في وسع دعاة الجريدة طرح رؤية شمولية ، متكاملة ودقيقة لمشروعهم الاعلامي/السياسي تحاكي المنظور اللينيني من حيث المنهج والطريقة ؟؟؟
كل ما حاولناه لحد الان ، هو بيان كيف أن مبررات انصار الجريدة تفتقد الى سند يسندها والى رؤية تحدد معالمها وعلى كافة المستويات ، كما حاولنا في المقابل ان نتبين معالم هذه الرؤية من خلال النموذج اللينيني الذي يستشهدون به قبل الاخرين . وبقي لنا ، من بين اشياء اخرى سنعمل على توضيحها ، ان نتيبن لماذا ينأى انصار الجريدة عن طرح رؤية تؤطر مشروع "جريدتهم" في زمن يقبلون فيه على اصدارها ، والاسباب التي تحول دون طرح مثل هذه الرؤية ، والاهداف التي تحكم هذا التغييب للرؤية ، ثم مرجعيات هذا التغييب السياسية والبرنامجية، وقبل ذلك لنبحث في الاشواط والمراحل التي قطعتها "فكرة الجريدة" من بداياتها الاولى حتى طرحها طرحا صريحا واضحا خلال العام 1996 . كيف كانت اشكال التعاطي عبر هذه المراحل مع المسالة الاعلامية ؟ وذلك حتى نأخذ فكرة ولو اولية عن هذا الذي يجري من حولنا.
وللإحاطة بهذه العناصر ليس من خيار لنا سوى العودة الى ورقة – احراث – "التحاق الشجعان" والتي شكلت بداية هذا المسار الانحداري الذي اختاروه سبيلا لهم .

4- قراءة في الطرح الاعلامي لورقة "التحاق الشجعان بالقوى السياسية"

سنحاول عبر هذه القراءة ان نتبين موقع "وجهة نظر" من طرح المسالة الاعلامية في سياقها العام وكيف تعاطت هذه "الوجهة نظر" مع المسالة الاعلامية ،مع مسالة اصدار جريدة
أ‌- على امتداد صفحات بكاملها ، لا يتطرق احراث في "وجهة نظره" للمسالة الاعلامية سوى في فقرة يتيمة هي اخر فقرات الورقة ، وباستثناء هذه الفقرة لا نجد اي حديث عن المسالة ، وان موقع هذه الفقرة اليتيمة من طروحات دعاة الجريدة ، من حيث سياقها العام ، هو على وجه التحديد ، التمهيد لطرح المسألة الاعلامية ، وكما يلاحظ القارئ معنا ، لا يعمل احراث عبر هذه الفقرة على طرح المسألة والتصريح بها علنا وبشكل واضح وصريح، بالأحرى ان يطرح رؤية شاملة ومتكاملة للمسألة الاعلامية.
فاذا كانت ورقة احراث ترجع على الاقل الى سنة 1994 ، وطرح "مشروع الجريدة" علنا يعود – بالنظر الى النقاشات التي خيضت بهذا الصدد – الى سنة 1996 ، فان ما يفسر عدم طرح مشروع الجريدة بشكل صريح وواضح هو الخوف من ردة الفعل للمناضلين واقبار المشروع قبل ان يرى النور، وبالتالي كان الخطوات الاولى هي محاولة ترويض المناضلين وتهيئهم سياسيا ونفسيا لتقبل المشروع في السياق الذي طرح فيه وبالمضمون الذي يحمله ، اعتبر المدة الفاصلة بين سنة 1994 – سنة اصدار وجهة نظر" التحاق الشجعان" – وسنة 1996 – سنة طرح "مشروع الجريدة" – كافية كما اعتقدوا لهذه المهمات : قياس درجة ردة فعل المناضلين تجاه هذه الوجهة نظر وترويضهم على قبولها ، اما وان خريطة القابلين والرافضين قد استقرت خلال هذه الفترة فلم يعد الامر يطرح اي اشكال في الاعلان عن مشروعهم الاعلامي . ولهذا لم يكن من مهمات "وجهة نظر" طرح المشروع الاعلامي على بساط النقاش بقدر ما كان من مهماتها التمهيد لطرحها ، كما سياتي ذلك لاحقا في خطوة عملية صريحة، وحتى نأخذ فكرة واضحة عن هذه الخلاصة ، لنعمل على بيان كيف تعاطت "وجهة نظر" مع المسألة الاعلامية شكلا ومضمونا .

ب – قلنا ان الفقرة الوحيدة واليتيمة التي يخصصها احراث للحديث عن المسالة الاعلامية هي الفقرة الاخيرة من ورقته ، التي يقول بصددها :
" ولكي يكون الصراع هادفا وفعالا لا مناص من بلورة "البنية التحتية" لخطاب متميز وذي مصداقية ، اي تحديد آليات فعل لتصريف هذا الخطاب تكون قادرة على هزم عناد الواقع ( اقصد الحقل المناسب ) وللتأثير فيه، والخطاب بدوره لن يكون ذي مصداقية اذا لم ينجح اصحابه في صياغة برنامج عمل مضبوط يشكل الاجابة التي تتطلع اليها اعين المقهورين ويكون البوصلة التي تقي من الانجراف وراء ردود الفعل او التيه في تضاريس الواقع والمغناطيس الذي يلف الطاقات والسواعد" (ص:7)
ماذا نجد في هذه الفقرة ؟ وكيف يتعاطى فيها احراث مع المسالة الاعلامية وبأية طريقة ؟ بداية وعلى امتداد اسطر هذه الفقرة ، لا نسمع حديثا مباشرا عن المسألة الاعلامية ، بل حديثا مرموزا عنها ، لا غير ، مثلا : حديثه عن "بلورة للبنية التحتية لخطاب متميز دي مصداقية" وعن "تحديد آليات لتصريف هذا الخطاب" وعموما ،فرغم ان الكلام لا يخرج عن نطاق المسألة الاعلامية فاحراث يفضل طريقة التلميح دون التصريح ، خاصة في حديثه عن "آليات الفعل" التي لا يمكن ان نفهم منها شيئا آخر غير مسالة الجريدة، فلماذا لا يقولها صراحة ؟؟
نفس الصياغة نجدها تقريبا متضمنة في "برنامج عمل" الذي يتكلم فيه احراث عن "خلق اشكال فعل" بالنسبة لبعض المعضلات التي يعتبرها "اساسية" منها "المعضلة الاعلامية"، دون ان يكلف نفسه عناء تحديد "اشكال الفعل" هذه ، خاصة وان الامر يتعلق "ببرنامج" يفترض فيه ان يكون دقيقا من حيث صياغته ، واضحا من حيث طروحاته ، فلماذا هذا الالتواء والغموض في طرح المسألة ؟ وماذا كان سيحصل لو ان صاحب او اصحاب "الوجهة نظر" طرحوا مبادرة الجريدة بشكل جريئ؟؟؟
كان سيحصل الشيء الكثير بكل تأكيد ، اقل ما كان يمكن توقعه في تلك الآونة هو ردة فعل حازمة من طرف المناضلين سواء اتجاه "وجهة نظر" او" مشروع الجريدة" ، اقل ما كان يمكن توقعه التعامل بحذر مع "وجهة نظر" او" مشروع الجريدة" هو التعامل بحذر وبالتالي الانتباه الى مضمونها السياسي التحريفي.
لهذه الاسباب وغيرها من التي اشرنا اليها سابقا ، فضل اصحاب "الوجهة نظر" طريقة غامضة وملتوية ،قابلة للتأويل تفاديا لردود الفعل المحتملة ، فان تطرح الجريدة في ذلك الوقت فكان حتما مصيرها الاقبار
ان الفكرة بكاملها لا يمكن تمييزها شكلا ومضمونا عن سائر الخطابات السائدة سياسيا واعلاميا ، ببساطة لانها هلامية في شكلها ومضمونها قد تصلح مادة لكل الخطابات السياسية الا الثورية ، وان مرت كل هذه السنين نسائل اصحاب المشروع ان امتلكوا الجرأة على الاجابة الواضحة والصريحة –بعد ان انكشف مسارهم التحريفي – ما يقصدونه ب"البنية التحتية" و"الآليات" و"الحقل المناسب" وعلاقة ذلك ب"صياغة برنامج عمل مضبوط" يجيب على انتظارات الطبقة العاملة وحلفائها الموضوعيين ؟؟؟
فاذا كان حديثهم بخصوص المسالة الاعلامية - كما هو الشأن بالنسبة لجميع القضايا المثارة في "الورقة" – يطوقه الغموض من كل جهة على عادتهم التي تخشى تسمية الاشياء بمسمياتها، فانه كان من المفروض على الاقل الوفاء الى افكارهم المدرجة ضمن الورقة ،ان الاكتفاء بالحديث عن ما هو تقني ومحاولة الابتعاد عن الخوض في الاسس النظرية والرؤية المؤطرة والموجهة للمشروع في ابعادها السياسية والتنظيمية هو انعكاس لمحاولتهم تجنب انتباه المناضلين الى انحرافهم نحو اليمين .
ونحن ان نسائلهم عن عدم جرأتهم في طرح افكارهم نجد الجواب في قراءتنا لمشروع "برنامجهم"

5- قراءة اولية في النقطة الاولى من "مشروع البرنامج"

تقول النقطة الاولى وفق صياغة اصحاب المشروع : "خلق اشكال فعل كخطوة ضرورية لوضع الاجابة اللازمة للمعضلات الاساسية الثلاث : ( المسالة التنظيمية ، المسالة المالية ، المسالة الاعلامية ) ....الخ"
بداية نرى ان اي حديث عن "الاسس المتينة للعلاقة الرفاقية" وعن "النقد والنقد الذاتي" و"المحاسبة" و"المجاملات" و"العلاقات التقليدية" و"الدراسات الميدانية" و"قراءة في تجارب الشعوب".. الخ دون وضعها ضمن رؤية سياسية واضحة وتنظيمية دقيقة يصبح لغوا في فهم كل من يبحث عن حقيقة الاشياء قابل للسير بأصحابه في كل الاتجاهات الا اتجاه انعتاق الطبقات المقهورة وبناء المجتمع الاشتراكي ، لقد كان على اصحاب "الوجهة نظر" ان يعرضوا رؤيتهم بدقة ووضوح ويوفروا علينا وعلى انفسهم هذه المجادلة ، وان يقدموا لنا رؤية وتصورا للمعضلات الاساسية : السياسية والتنظيمية والاعلامية والاجابات التي يرونها صائبة حيث يقتصرون على الدعوة الى 3خلق اشكال فعل كخطوة ضرورية لوضع الاجابات اللازمة للمعضلات الاساسية الثلاث" تلك .
هكذا ، وحسب تلك الدعوة ، ان اية اجابة لا يمكن ان "توضع" الا "بخلق اشكال فعل كخطوة ضرورية"، مثلا : ان الجواب على المعضلة الاعلامية لا يمكن ان "يوضع" سوى بإصدار الجريدة (كخطوة عملية) تماما كما هو الشان بالنسبة للمسالة التنظيمية مما يسقطهم في النزعة التجريبية ويبعدهم عن التأطير النظري السياسي لكل الخطوات المزمع القيام بها وبالتالي – حسب وجهة نظرهم – لا يمكن امتلاك رؤية حول الثورة – سبلها ، ادواتها وأفاقها – الا بعد القيام بها ، فاية علاقة لهذا بالماركسية اللينينة كعلم للثورة وبناء المجتمع الاشتراكي وماذا عسانا ان نقول عن ماركس وانجلز الذي وضع اسس المجتمع الشيوعي في ظل النظام الرأسمالي بسنوات قبل قيام اول ثورة اشتراكية ؟؟؟؟؟
ان الخطأ القاتل الذي يسقط فيه اصحاب "الوجهة نظر" هو تغييب النظرية والتضحية بها لصالح الممارسة وهم يفعلون ذلك عن قصد للابتعاد عن اي جدال يغوص في الاسس النظرية المؤسسة لمبادراتهم/ وجهة نظرهم حتى يستطيعون استقطاب مناضلين وجرهم الى مستنقع التحريفية الذي اصبح يأويهم .
ولهذا نطرح عليهم السؤال التالي : الا يمكن "خلق اشكال نظر" قبل "اشكال فعل" كخطوة اولى تشكل اسس صلبة لفعل مستقبلي يتوخى بناء الاداة الثورية الكفيلة بتأطير كل اشكال الفعل وفي مختلف المستويات .
لقد بدا للبعض مبادرة او مبادرات المجموعة وان تم الاعلان عنها بصيغة الفرد (حيث يتم التوقيع عليها باسم احراث حسن) مبادرات عملية شجاعة وان كل من عارضها فهو يهوى اللغو ويبرر تقاعسه الا انه بتمحصنا ولو قليلا في الواقع سنجد ان اصحاب المبادرة بعيدين كل البعد عن اي فعل ميداني قد يكسبهم حتى تلك التجربة العملية التي يعتبرونها اساسية في مبادرتهم وحين تواجد البعض لم يكن الا من موقع الحاقي وتزكية لمبادرات التحريفيين ، الاصلاحيين الجدد (حزب النهج )
تصوروا ان شخصا يموت ظمآ وليس له من حل الا بلوغ بئر تفصله عنه غابة يسكنها لصوص وقطاع طرق وحيوانات مفترسة دون معرفته بأماكن تواجدهم مما يجعله وهو يقطع الغابة دون دليل مسبق عن اماكن اختباء اللصوص وتواجد الحيوانات المفترسة مغامرة تنتهي بافتراسه من طرف هذه الاخيرة او قتله من طرف اللصوص وفي احسن الحالات الموت عطشا خلال بحثه عن سبل النفاذ الى البئر وضياعه بين شعاب الغابة. فالحاجة الى الماء هو الحاجة للثورة والتحرر ،واللصوص والحيوانات والمفترسة ترمز الى القوى المعادية للثورة(النظام والقوى السياسية الحليفة ) اما شعاب الغابة التي قد يضيع فيه اصحابنا فهي الانحرافات اليمينية التي لن تجرهم الا الى الهلاك ، اما الدليل والذي يشكل العنصر الاساسي من اجل بلوغه لهدفه فهو النظرية الغائب الاكبر في مبادرة اصحاب "الوجهة نظر" باعتبارها هي المرشد والدليل والموجه لاية مبادرة عملية والتخلي عنها يعني الضياع بين سراديب الممارسة ولنا في تأكيدنا على اهمية النظرية ما كتبه لينين في "ما العمل" مرتكزا. فما قال به احراث من "علاقات رفاقية متينة" و"النقد والنقد الذاتي" و"تجاوز العلاقات التقليدية" يفقد كل معناه ان لم يتأسس على النظرية الام لذلك – اي الماركسية اللينينة – وعموما فان الاجوبة التي يعتقدها اصحاب "الوجهة نظر" فإنها اجوبة مقلوبة بدل ان تلجأ الى النظرية وتحتمي بها ، تنقلب الى الممارسة وتترك اصحابها عرضة بحر التجريبية يصارعون امواجها وقد يكون خلاصهم في عودتهم الى الشط ناجين دون ان يستطيعوا العودة الى نقطة انطلاقهم .

7 – لماذا لا يطرح دعاة الجريدة رؤية متكاملة لمبادرتهم ؟؟

ان تغييب النظرية في مشروع اصحاب الوجهة نظر ليس جهلا بأهميتها لديهم ، وانما لإخفاء النظرية الحقيقية المؤطرة لمشروعهم والتي تجعلهم مصطفين الى جانب القوى التحريفية/الاصلاحية وخاصة وان الفئة المستهدفة للاستقطاب هم الطلبة القاعديين-البرنامج المرحلي- والذين لم يروا عن النظرية الماركسية اللينينية بديلا وقد حاولوا سلك نفس مسار حزب النهج في ترويض المناضلين خلال مسارهم التراجعي عن ما كانت تنشده الحركة الماركسية في بداية نشأتها فتحول النظام في قاموسهم السياسي "مخزنا" والقوى الاصلاحية "تقدمية" والنضال الثوري نضالا "ديموقراطيا جماهريا" والقوى الثورية "جدرية". ولذلك تجنب اصحاب الوجهة نظر الغوص في اي نقاش نظري حيث انهم يكتفون بإصدار الورقة/المبادرة ويتجنبون مجادلة الانتقادات الموجهة لها ، ولان التحريفية غير قادرة على الظهور بمظهرها الحقيقي وتحاول الاختباء وراء ما "تحرفه" فإنها تلجأ الى كل اساليب المكر والخداع .فتظهر متجذرة شكلا كما نلمس ذلك في طرحهم لتجربة الاعلام الفلسطيني خاصة منه المرتبط بالتجربة الفلسطينية او تجربة انفاس وكذلك تجربة لينين ، ولأن رؤيتهم الحقيقية لا تتماشى وتطلعات المناضلين فان طرحها بشكل واضح يؤدي لاندحارهم فان اختيارهم كان الضبابية في الموقف والتركيز على الممارسة

اخيرا لا يمكن السير في اتجاه الثورة دون النظرية الثورية /الماركسية الليننية نبراسنا ومقودنا الذي اخترناه فلنا درب الثورة ولكم شعاب التحريفية
مصطفى الزروالي
مناضل ماركسي لينيني
(طالب قاعدي- البرنامج المرحلي - سابقا)



#مصطفى_الزروالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقاش وتساؤلات بصدد المشروع الاعلامي لأصحاب وجهة نظر - التحاق ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى الزروالي - نقاش وتساؤلات بصدد المشروع الاعلامي لأصحاب وجهة نظر - التحاق الشجعان بالقوى السياسية -