أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - هرمز كوهاري - الديمقراطية والاصلاح السياسي في الوطن العربي















المزيد.....



الديمقراطية والاصلاح السياسي في الوطن العربي


هرمز كوهاري

الحوار المتمدن-العدد: 1348 - 2005 / 10 / 15 - 03:56
المحور: ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
    


مقدمة
برأي لا يمكن أن نعتبر العالم العربي وحدة سياسية واحدة متشابهة في
التكوين السكاني ، والتطور الفكري والسياسي وحتى الاقتصادي ، ولا تحكمه
أنظمة سياسية واحدة ، ولا ذات خلفية متجانسة ، إنما يشتركون بتسمية واحدة وهي
دول العالم العربي ، فماذا يجمع المجتمع السعودي بالمجتمع اللبناني ؟ والعراقي
باليمني ؟ والسوداني بالسوري ؟ والموريتاني بالمصري أو الجزائري أو التونسي
وبالتالي لا يمكن أن نضع لجميعها حلولا واحدة متشابهة ،
فالدولة اللبنانية منذ نشأتها ، نشأت على أساس النظام الديمقراطي ، بغض النظر
تحكم بها الكوته الطائفية ، ولكن هناك رئيس جمهورية يُنتخب بصورة دورية
أصولية ، وبرلمان وحرية تضاهي حريتها في الدول الاوربية ، بينما النظام
السعودي ، ليس أو لايعتبر دولة بالمعنى الصحيح للدولة الحالية ، وإنما عائلة واحدة
تعتبر الدولة ملكا صرفا لها، ولها " خاقاني " بملكيتها ، والمرأة عندها لاتمثل جزأ من
الشعب ، ولهم ثقافة واحدة هي الثقافة الدينية هي المسيطرة بل أن العائلة المالكة تحكم بإسم الدين ، وإن لم يكن حكامها من الملالي بل لهم ثقافة أوروبية وأمريكية معظم حكامها تخرجوا من المعاهد الامريكية ولكن يطبقون على الشعب السعودي الشريعة الاسلامية ، وليس مثل إيران رجال دين يحكون كساسة أو يتحكون بساسة . كما ولهم
ثقافة إستهلاكية لكل جديد وغريب وغالي على غيرهم ، تنتجه المصانع الامريكية
والاوروبية واليابانية وغيرها، إنه مجتمعا إستهلاكيا أكثر من غيره ، بل أكثر سوق
إستهلاكية في العالم لمنتوجات الغير .
وكذلك الدول أو الدويلات الخليج العربي كالكويت والبحرين والقطر ، فبالرغم أنها أعضاء في الامم المتحدة ، فكانت مشيخات ثم توسعت مع المحافظة على سلطة الشيخ المؤسس عن طريق أولاده الكثر وأبناء عشيرته وإعتبار الدولة ملك صرف مسجل (بالطابو)!!هذا عدا تمتع قسم منها بنظام برلماني متقدم وحضور دولي واضح ومؤثر ،
أما في العراق فمنذ تأسيس الدولة كانت على أسس علمانية وأن القانون الاساسي
كان دستورا مدنية ولم يبنى على الشريعة الاسلامية ، وإن كان هناك قانوني للعقوبات
القانون المدني البغدادي وقانون للعشائر ، وكان هذا تركيزا للعشائرية وليس لسلطة الدين ، لما كان للعشائر من نفوذ آنذاك ، ومنذ بداية الثلاثينيات من القرن الماضي أي
بعد مرور حوالي عقد واحد من تشكيل الدولة ، أسست الاحزاب العلمانية واليسارية
كجماعة الاهالي الذي تحول الى الحزب الوطني الديمقراطي وكذلك الحزب الشيوعي
وطبعا الاخير كان سريا وبقي كذلك حتى ثورة 14/تموز/ 1958 المجيدة ، وفي الاربعينيات أسست أحزابا أخرى كحزب الاحرار وحزب الشعب وحزب الاستقلال
بالاضافة الى الى النقابات والجمعيات والاتحادات ورابطة المرأة العراقية ، والاحزاب
الكردية ، ولم يظهر حزب ديني بل كان بعض رجال الدين المتحررين يعملون ضمن
الاحزاب وليس بالعكس كما نرى الان ، أي رجال الدين يتعكزون على الساسة والان
نرى أن السياسيين يتعكزون على الدين في بناء مستقبلهم السياسي !! وكان الشيخ الجليل عبد الكريم الماشطة ، وهو رجل ديني وقور، رئيساً لحركة السلم في العراق
تلك الحركة التي ضمّت من العامل الكادح حتى التاجر الثري الميسور! .
وبقى العراق مجتمعا مدنيا فكانت تنتشر محلات اللهو والشرب في العاصمة وبعض المدن الكبيرة كالموصل والبصرة وفي الشمال وبقي المبغى الى سنة 1954 تحت إشراف الحكومة ، وأعني تحميه الشرطة على بابه الرسمي وتزوره اللجان الطبية لمعالجة أي أمراض جنسية قد تصيب المومس ،.وبقى السفور في العاصمة والمدن الكبيرة يضاهي السفور في أوروبا الى نهاية ربما الثمانيات في الشارع والكليات
والدوائر والمستشفيات . وكذلك في سورية ومصر وبدرجات متفاوتة .
أما في مصر فكانت الحركات الاسلامية تملأ الساحة منذ العشرينات وأسست حركة
الاخوان المسلمين ومنها توسعت وإنتشرت ، ويبدو من كلام المصري أنه أكثر
الشعوب يردد " ده من ربنا وده من ربنا " في كل كلام ونقاش بمناسبة وبدون مناسبة من الفنانة و الراقصة ! الى الرجل المتدين ! علما بأنها قامت حركات وأحزاب علمانية
كبيرة وعريقة كحركة سعد زغلول ثم حزب الوفد الى أن ألغيت جميع الاحزاب من قبل عبد الناصر بحجة توحيد الامة لتحقيق العزّة والكرامة!! وجماعات شيوعية متفرقة
لم يكن لها ثقل في الوضع السياسي .
أما في العراق فلم تقم أحزاب دينية ، إلا جماعات متفرقة لم يكن لها تأثير يذكر على الساحة السياسية ولا الاجتماعية .

السوآل الاول :
-----------
يظهر مما تقدم أننا لايمكن أن نتعامل مع جميع الدول العربية بمعيار واحد
لاقامة نوع من النظام الديمقراطي ، فلكل بلد ظروفه الذاتية والموضوعية ، له ظروفه
الداخلية والظروف الخارجية ، لكل بلد له بلاد مجاورة تختلف في توجهاتها ومطامعها
تجاه تلك الدولة عن غيرها ، وكل دولة تختلف أهميتها بالنسبة للدول المجاورة ، وحتى
لتأثيرها بالوضع العالمي العام ، فالعراق مثلا تحيط به جيران يطمعون بالسيطرة عليه
أو جذبه اليهم أو بثرواته ومياهه وأراضيه ، إعتمادا الى الوضع السكاني والتاريخي
والديني ، وإختلال التوازن في منطقة الشرق الاوسط وربما العالم ، فلا يمكن مقارنته
بموريتانيا ولا حتى بتونس أو حتى المغرب .
وأبسط مثال حصول الشعب الكردي على حقوقه بإقامة حكما ذاتيا خاصا به أو
حتى إنفصالا عن القسم العربي ، بالرغم من أنها قضية داخلية بحتة ، لكونه دولة
مستقلة بكل معنى الكلمة ، إلا أن ذلك قد تعتبرها كل من تركيا وإيران وسورية
تهديدا لأمنها ، دون وجه حق .ثم إيران تعتبر نفسها حامية لشيعة العراق ، ولها مصالح
بل أطماع في السيطرة على النجف وكربلاء بإعتبارها حامية للعتبات المقدسة الشيعية
وهكذا الجارة سورية وبقية الدول العربية لهم أطماع مستخدمين الشعار البالي المتهري
شعار العروبة والسنة . ولا كما حدث إنفصال بين التشيك والسلافيين ، حدث بكل هدوء دون تدخل لا الجيران ولا غير الجيران ، اللذان كانا يشكلان دولة واحدة ،تشيكوسلوفاكيا ، كما يحدث في العراق لمجرد مطالبة الاكراد بحقهم الطبيعي في الحكم الذاتي أو حتى انفصال .
فالسياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة ، والسياسة دائما تكون في خدمة الاقتصاد وليس بالعكس .
وهنا نأتي الى الدور الامريكي في إقامة النظام الديمقراطي في العراق ، وبرأي لو
عرفت الولايات المتحدة أنها تخسر أكثر مما تربح ، كانت تراجعت عن مشروعها بطريقة تكتيكية. ومن حسن حظ الشعب العراقي ، أن مصلحته إتفقت مع أهداف الولايات المتحدة الامريكية بالتحرر من دكتاتورية البعث .
أي انها تأخذ الموازنات الدولية بنظر الاعتبار ، إن أمريكا لم تريد ضرب عصفورين بحجر بل مجموعة عصافير بحجر واحد ! ولكن الواقع غير الطموح !.
إن السيادة الوطنية لم تعد سدا منيعا يحمي الدولة أو يعطي للدولة حرية لتفعل داخل هذا السياج أي السيادة الوطنية ، ما يحلو لها ، بل أصبح هناك شبه حكومة عالمية تراقب كل من يخالف للقانون الدولي أو يضر بمصالح الغير أو حتى مصالح ذلك الشعب !
وقال الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان " أن السيادة الوطنية لم تعد سدا منيعا تحمي
الدكتاتوريين من المراقبة والمحاسبة "

الخلاصة :
ما أريد قوله هنا ، أنه ليس هناك جوابا ً واحداً لكل الدول العربية ، في جدوى
ممارسة الضغط عليهم ، سواء كان هذا الضغط سياسيا أم إقتصاديا أم عسكريا
من الناحية الداخلية أو الخارجية ، فمثلا لايسمح الوضع الداخلي في السعودية
أو مصر أو الجزائر التدخل العسكري ، كما حدث في العراق وقد يحدث بسوريا
ولكن بطريقة تختلف كليا عن طريقة العراق ، كذلك بالنسبة الى الولايات المتحدة
الامريكية وحليفاتها ، تأخذ بنظر الاعتبار مدى الجدوى الامنية والاقتصادية
لبلدانهم وليس للبلد المحتل ، كما يسيمه البعض والتحرير البعض الآخر، أو الواقع
فيه التدخل .
وأعتقد أننا أخطأنا ،وأنا أكثرهم ، عندما كنا نقيس العراق بمقياس ، لكل من
ألمانيا وإيطاليا واليابان ، عندما أسقط النظام النازي والفاشي والعسكري في كل من الدول المذكورة ، دون أن نأخذ في الحسبان ظروف تلك الدول قبل الدكتاتوريات التي أسقطت ، الداخلية والخارجية ، ففي كلها كان الدين مفصولا عن الدولة وهتلر جاء بإنتخابات أصولية ، والثقافة تختلف ، ودول الجوار سارعت الى مساندة الوضع الجديد
سياسيا واقتصاديا ، وقدموا لها كل المساعدات الممكنة ، وكان لكل منها قاعدة صناعية
قوية ومتطورة وأيدي عاملة واعية، إضافة الى طريقة استسلام جيوشها حيث استسلمت
كل قطعات الجيوش مع كافة أسلحتها ومعداتها ، كل ذلك جرى مضادا ومعاكسا لما
كان أو جرى في العراق بعد سقوط دكتاتورية البعث . حتما النتائج تكون مختلفة ومتباينة ، فعندنا الدين متغلغل حتى النخاع! والعصبية القبلية والعادات البالية والتقاليد الاسرية ، اضافة أننا محاطين بدول طامعة ذات شراها لاتوصف !!! . الارهاب الديني
التكفيري لم ولن يوجد في ألمانيا وبقية الدول الاوربية ، وقد ظهر أخيرا عند دخول الجاليات الاسلامية ، وليس هذا معناه كل المسلمين ، بل هناك مسلمين أكثر ديمقراطيين من مؤسسي الديمقراطية ..ولكن المقصود الاسلاميين المتطرفين الحاقدين
مشبعين بكره بالناس وطمعا بالجنة!! وليس حبا بالدين والدين منهم براء .

السوآل الثاني :
------------
أولا لست متأكدا من المقصود بالسوآل ، ومع هذا فأذا ما توفرت فسحة من الديمقراطية ،على قوى اليسار الديمقراطي إستغلالها للاستفادة منها ، وتعمل على توسيعها ، وتبني مطالبها على إكمال برامج الديمقراطية ، وتطالب الجهات التي تعلن عن الديمقراطية ولا تنفذها ، تطالبها أن توفِ بوعدها ، وتحاول بهذا كسب الجماهير بتثقيفها بأنها هي أي ، قوى اليسار الديمقراطي، هي وحدها يمكنها أن تطبق الديمقراطية
الحقيقية بإعتبارها صاحبة المصلحة الحقيقية في النظام الديمقراطي .
ليس المهم ، أن يؤسس أو يكون لليسار الديمقراطي وجود أحزاب مكشوفة
من المؤيدين ، وإنما بإمكانه أن يؤسس جمعيات ونقابات وإتحادات ذات توجه ديمقراطي ، ثم يقيم من خلالها ندوات ثقافية ولقاءات وإجتماعات وصحف ومجلات
ونشر الوعي الديمقراطي ، وتفسير مغزى وفائدة الديمقراطية للجماهير الذين لا زالوا
غير مدركين أهمية النظام الديمقراطي للشعب.
توعية الشعب أن الديمقراطية ليست في حرية الكلام فقط ، بل في الضغط على
السلطات المسؤولة بالاستجابة الى مطالب الجماهير ، بتنظيم مسيرات ومظاهرات
سلمية وإضرابات ، إن كل هذه النشاطات والفعاليات يظمنها النظام الديمقراطي
فكل نظام يدعي الديمقراطية عليه أن يسمح ويلتفت الى مطالب الجماهير ،.
بإمكان قوى اليسار أن ترشح من المؤمنين حقاً بالديمقراطية الى البرلمان وتشجيع
الجماهير بالتصويت لصالحهم ، لانهم هم الوحيدين القادرين على طرح مطالب الجماهير دون تردد ودون أي مساومة أو مجاملة على حساب حقوق الجماهير .
وإفهام الجماهير أن الديمقراطية هي في إيجاد حياة كريمة ، أي بتوفير كافة متطلبات
الحياة ، كالسكن اللائق بالانسان المتور والاكل والشرب والكهرباء والسير قدما وفق التطور اليومي في الدول المتطورة بما فيها وسائل الطرق والمواصلات ... الخ.
ويبدو أن الشق الثاني من السوآل ، هو – إقامة دولة العدالة الاجتماعية
والمساوات والرفاه [ في ظل الواقع الذي يحدثه الذي يحدثه صراع الانظمة الحاكمة ]
مع [ دعوات الاصلاح والتغيير، الخارجية !]؟
خير نموذج لهذه الحالة ، ما حدث في الاونة الاخيرة ، أولا في لبنان وثانيا في مصر .
ففي لبنان تمكنت قوى المعارضة تركيز مطلبها على كشف الحقائق ، في قضية
الاغتيالات وربطها بالتواجد السوري غير المرغوب فيه والذي تحول الى إحتلال وإستغلال ، وتمكنت هذه القوى من إستنهاض الدول الصديقة الى لبنان مثل فرنسا
وإدخال القضية بطابع الارهاب مما فسح المجال أمام أمريكا ومن ثم الى هيئة الامم المتحدة أي مجلس الامن الذي هو سلطة دولية لا يمكن تجاوزها ،فإنسحبت سورية
مما أدى الى تحرر لبنان من سيطرتها وكان احتلالا فعليا وتدخلا في شؤونها الداخلية والخارجية ، كما هو معروف ،مما هيئة ظروفا موآتية للعمل على تغيير النظام السوري
الدكتاتوري عاجلا أو آجلا ،وقد تبدأ حركات إصلاحية خجولة إن بقي البعث في الحكم
أما إذا أزويح من السلطة فعندئذ يبدأ فصل جديد ، يقيّم ويدرس في حينه .
وفي مصر تمكنت قوى الديمقراطية ، تحريك الجماهير الشعبية عن طريق
الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني بإتجاه تحريك الجمود السياسي في مسألة
إنتخابات الرئاسة ، وإن لم تتمكن من إنجاح مرشحها إلا أن إلانتخابات بدأت
كالمهزلة وقيل أن المشتركين بالتصويت بحدود خمسة وعشرين الى الثلاثين
بالمئة!! ولو كان غير رئيس أو غير دولة ، فلا قبل على نفسه أن يحكم بما يعادل
عشرين بالمئة !!، وعلى كل فقد تحرك الجمود وأصبح للجماهير جرأة المعارضة
وتنظيم المسيرات ثم التغيير السياسي آجلا أم عاجلا .
في السعودية هناك تحرك ، طبعاً لايمكن أن نسميها بإتجاه الديمقراطية ،
بالتخفيف على الضغط الواقع على المرأة ، والضغط على الائمة والتخفيف من
خطبهم التحريضية على كره الغير والتكفير وتشيع الارهاب .... إلخ

السوآل الثالث :
طبعاً بوجود النظام الديمقراطي ، يمكن إحداث تغيرات جوهرية وجذرية
في بنية التخلف الاجتماعي والثقافي والسياسي ، الى غير ذلك من التغيرات في
بنية الثقافة المتركزة في المجتمع المتخلف ، لأن من أسباب التخلف هو سيطرة
الدين أو بالاحرى رجال الدين على العقليات ، بتحريم أ و بتجريم كل فكر حر
يسعى الى إرشاد الجماهير الى مفاصل التطور والتقدم ، ويساعد على صراع الافكار
وإختيارها الراي الاصح والاسلم ، إن رجال الدين يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة
في حياة الناس . بدلالة إن الديمقراطيات الغربية لم تبدأ إلا بعد فصل الدين عن الدولة . فلايمكن أن نتصور حكومة ديمقراطية بإشراف رجال الدين أي دين من الاديان إن كان الدين إسلامياً أو مسيحيا أو يهوديا أو بوذياً .
مع العلم أن الدين الاسلامي أكثر تدخلا في الحياة الخاصة للناس كالمأكل والملبس والحرام والحلال ، وخاصة تجاه المرأة ،ذلك يراجع الى البيئة التي ظهر فيها الاسلام ، فقد ظهر ونشأ في بيئة بدوية صحراية قاسية متخلفة تعيش على الغزوات وتقدس البطولات وتبرر قتل أكثر عدد ممكن من الناس بدافع الانتقام والكسب المادي ، بينما نشأت الديانة المسيحية ، في ظل الامبراطورية الرومانية ، التي كانت دولة بكل معنى الكلمة لها قوانيها ونظامها ، فلم تجد الديانة المسيحية مجالا للتدخل في الحياة الخاصة للناس ، كالمأكل والملبس ، ولا كان بإمكانها الدعوة الى الجهاد بالقتل والغزوات ، لان الدولة الرومانية كانت مسؤولة عن ذلك وكان لها محاكمها الخاصة بها ، فأوصى السيد المسيح أتباعه بالتبشير فقط والسلام والتسامح وليس بالجهاد .
في بداية الخمسينيات من القرن الماضي هدد بعضهم العلامة مربي الجيل آنذاك
د. علي الوردي ، عند نشره أبحاثه الجريئة وفضحه كثير من الشعوذة والضحك على
الذقون على البسطاء من المؤمنين ، مستخدمين الدين في ذلك لأقناعهم ، وأذكر صدر كتيب من رجل الدين الخالصي - على ما أذكر – عنوانه ( السيف البتّار للكفار
الذين يقولون المطر من البخار !!!! ) ومنهم معالجة مرضى الامراض النفسية
المساكين ، بالضرب المبرح بحجة إخراج الجن منه حيث قد إحتواهم الجن الشرير!!
وكلنا يتذكر الاعتداء الاثم الذي وقع على الكاتب الواعي الذي أتحف المكتبة العربية والعالمية بقصصه الهادفة ذات مغزى عميق - نجيب محفوظ – ثم الاعتداء الاثم بإغتيال العلامة – د. فرج فودا – لمجرد محاججتهم ، أي مناقشة السلفيين التكفيرين بالوقائع والاثباتات التاريخية التي لا تقبل الخطأ والتأويل ، كل هذا لعدم وجود
نظام ديمقراطي توقف هذه النماذج عند حدهم ولتثقف الجماهير بثقافة حديثة بعيدة
عن ثقافة العصور التي سبقتنا بعشرات القرون . في عمان قرأت منشورا يوزع
في الشارع ، يعلن عن بشرى سارة! بإفتتاح عيادة مرضية تعالج المرضى بالقرآن
الكريم ، وفي التلفزيون أصر أحد رجال الدين أنه عالج ويعالج مرضى السرطان
بالايات الكريمة نافيا بل مستنكرا طريقة الاساتذة الاطباء المشاركين في الندوة بعلاج بعض الامراض ومنها السرطان والجنون ، أي الامراض النفسية .
ودخلت مكتبة إسمها المكتبة العلمية ، أبحث عن كتاب علمي ، فلم أجد وسألت صاحب المكتبة بأني لم أجد كتابا علميا ، فإستغرب من سوآلي وارشدني الى كتب دينية بحتة ، قلت هذه كتب دينية ! زاد إستغرابه وقال : عجيب أمرك ! اليس الدين علم ما بعده
علم ! كل هذا ونحن في مطلع القرن الواحد والعشرين !!
إضافة الى قضايا الدين فهناك التعصب العشائري ، الذي يقف حجر عثرة تجاه
كل مظاهر الثقافة وخاصة بالنسبة الى المرأة جنبا الى جنب مع رجال الدين ، إن تثقيف المرأة بمعنى تثقيف الام وبالتالي تربية صحيحة للطفولة التي هي عماد المستقبل . وقد عانينا نحن العراقيين من جرائم الحكام الذين تربوا في طفولتهم تربية سيئة ، ناقصة
في حضن عوائل فاسدة متخلفة ، دون ثقافة مدرسية واعية وفي مقدمتهم شيخ العصابة صدّام التكريتي وإخوته وأفراد عائلته وعصابته مثل المتخلف المستهتر
طه الجزراوي وعلي الكيمياوي وحسين كامل ووطبان ... وبقية الجوقة ! .
إن الديمقراطية ترشد الناس من خلال حرية التي يضمنها هذا النظام ، الى حقوقهم
وأن لكل فرد نساءا أو رجالا تنتهي حقوقه أو حريته عندما تبدأ حقوق أو حرية الغير
وأن ليس من حقه إحتكار الحقيقة ، وفرض رأيه على الناس ، إنها أولى دروس الديمقراطية ، ليس قولا فقط ، كما تحفظ الاناشيد بل تطبيقا ، بشرط أن يطبقها المسؤولون ، ومن الدروس الاولى للديمقراطية أن ليس هناك شخصا كائن من كان
فوق القانون أو النظام ، إن الديمقراطية التي يلتزم بها المسؤولون ، يكونون قدوة
حسنة للشعب ، لا أن يكونوا في كلامهم ديمقراطيين وفي أعمالهم وتصرفاتهم رجعيين
ونرى في دول الديمقراطيات الغربية كيف يهنيء الخاصر في الانتخابات زميله
أو منافسه الفائز ، ثم بعد ذلك يضع خدماته تحت تصرف الدولة عند الطلب ، فكثيرا ما
نقرأ أن رئيس الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي يكلف أحد
الرؤساء السابقين من غير حزبه للقيام بمهمة وطنية ، ويؤديها بطيب خاطر مازال يخدم القضية الوطنية ، واليوم أي يوم ( 6/ إكتوبر/2005 ) كان مقال الكاتب الامريكي المشهور ( توماس فريدمان ) المنشورة ترجمته في صحيفة - الشرق الاوسط ، " أن العراقيين والايرانيين لا يستعبون عندما يرون إمراة ضابطة
مسؤؤولة عن قطعة بحرية وتصدر أوامر الى ضباط من مختلف الرتب ، كما لم يستوعبوا أن بين الجنود الامريكيين جنود من السود والمسلمين و اليهود وملحدين
الى جانب الجنود المسيحيين والبيض، كلهم يحاربون بتفان وإخلاص لهدف واحد ، هو إنجاح المهمة التي أتوا من أجلها " ويضيف " إذا ما تمكنا تثقيف هؤلاء بهذه الثقافة وإزالة التعصب .
نكون قد حققنا نجاحين ، القضاء على الارهاب ونشر ثقافة التعاون مع الغير
في سبيل خدمة القضية .الديمقراطية...." .
إن شعوب هذه المنطقة تعلمت من منطق - ساعد أخاك ظالماً أو مظلوماً – تعلمت
التعصب وعدم التسامح ولم تعد تفرق بين ما يطلبه الدين وما يطلبه الواجب والانسانية
وحب الغير والتسامح ، إن الديمقراطية كفيلة - برأي – أن تقضي على هذا التعصب والامراض الاجتماعية ، هذا إذا أحسن أستعمالها ، وقد نحتاج جيلا أو أكثر ، لتجذر العادات والتقاليد والتعصب الديني والقومي والطائفي وحتى المنطقي ، وكما يقول
الممثل قاسم الملاك " ينراد لها بخت !! "
إضافة أن الديمقراطية تمتاز بالشفافية وحريقة كشف الحقائق الامر الذي يسد الطريق
أمام مستغلي قوت الشعب وكشف كل مسيء كالنهب والسلب من أموال الدولة أي أموال الشعب وتقديم المسيئ للعدالة مهما كان مركزه الاجتماعي والسياسي ، بإعتبار أنه ليس
في النظام الديمقراطي شخص فوق القانون والنظام ، مهما كانت درجته في الدولة من رئيس الجمهورية حتى الحراس .

السوآل الرابع :
" كيف يمكن التعامل مع التيارات الاسلامية التي يمكنها أن تصل الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع . "
يقول لينين : خير موجه ومعلم هو التاريخ ، التاريخ المادي ، طبعاً تاريخ نضال
الشعوب وحركة الجماهير عبر التاريخ ، لا تاريخ وقصص السلاطين والملوك والامراء ، مثل بطولات عنتر بن شداد وإن زيد الهلالي !! وعليه لابد لنا من الرجوع قليلا الى التاريخ السياسي في العراق بشيء من الايجاز لنتمكن من فهم ما جرى ويجري الان على الساحة السياسية العراقية .
لو رجعنا الى التاريخ السياسي العراقي منذ نشأت الدولة العراقية حتى نهاية
الخمسينيات من القرن الماضي ، أو حتي نهاية فترة ثورة 14/ تموز المجيدة ، لم
يكن لرجال الدين تأثير واضح ومؤثر على الساحة السياسية ، في العهد الملكي كانت
اللبرالية البرجوازية كصغار الموظفين والكسبة والمثقفين والعمال والطلبة ، منذ
نشأت الدولة قامت إنتفاضات عشائرية ، إما بسبب منعها من حمل السلاح أو رفضها
إعطاءها جنودا لخدمة العلم ، إضافة الى إنتفاضات الفلاحين في القرى والارياف ،
ضد الاقطاع والسركالية كفلاحي –أزيرجاوي – في الفرات الاوسط ، وغيرهم في الشمال ضد الاغوات ، وكان المحرك الخفي الحزب الشيوعي ، الذي تغلغل بين الجماهير الشعبية الكادحة من مختلف الفئات ، العمال والفلاحين والطلبة والنساء ،
أما الاحزاب البرجوازية كالحزب الوطني الديمقراطي بقيادة الشخصية الوطنية المرموقة كامل الجدرجي وحزب الاحرار بقيادة سعد صالح الشخصية الوطنية ، كان عملها يقتصرعلى الصحافة وتقديم المذكرات الى السلطات والى البلاط ، وقد لعبت ، جريدة الاهالي دورا مشرفا في توعية الرأي العام العراقي ، إضافة الى، نشر الادبيات الوطنية واليسارية ومذكرات إحتجاجات العمال والفلاحين والطلبة والنساء ، والكسبة وصغار التجار .
وكان للاستاذ كامل الجادرجي صوتا مسموعا من كل الاطراف ، في سنة 1952
أصدر بيانا بإعلان الاضراب العالم ليوم واحد لكافة أفراد الشعب ، إحتجاجا لعقد معاهدة للنفط مع الشركات المستغلة بصورة مجحفة ونفذ الاضراب!، و شكلت مجموعة من المحامين الديمقراطيين واليساريين لجنة الدفاع عن السياسيين بلغ عدد المنضمين الى هذه الجنة بحدود خمسين محاميا ويدخلو ن المرافعات مجانا دون أي مقابل ودون سابق معرفة ، فقط لكونهم وطنيون أوشيوعيون .
في هذه الفترة كان التيار القومي ضعيفا ، وقد إنتكس بفشل حركة رشيد عالي الكيلاني ، ودخول العراق ضمن جبهة الحلفاء ضد النازية التي هي حركة موغلة
بالتعصب القومي ، وكان حزب الاستقلال الذي كان يمثل التيار القومي الخجول ، الى أن ظهرت القضية الفلسطينية فإتخذها شعارا يحاور ويناور وأصبحت كقميص عثمان !
ثم ظهرت الحركات القومية بمجيئي عبد الناصر وطرحه مشروع الوحدة العربية
بقوة ، مزايداً على البعثيين المشبوهين في إتصالاتهم وإرتباطاتهم وأهدافهم ، أما عبد الناصر فكانت شعاراته تمثل أطماعه في السيطرة على الدول العربية وإستغلالها ،
بدلالة كل من رفع شعار القومية خارج إشرافه حاربه بكل قوته ودسائسه ، كموآمرة الشواف ، وعدائه مع البعث الذي كان أيضا يرفع شعار الوحدة العربية كذباً وخداعاً.
بعد ضرب القوى الوطنية بقسوة وعنف ، والتركيز على القواعد ، حتى أفرغوا
القيادة من أهميتها ، فأصبحت قسم منها لا تمثل إلا نفسها ، والقيادة الحقيقية خرجت
وإبتعدت عن الجماهير ، عدا عن طريق الاذاعات الخارجية والاتصالات السرية ،
فأصاب الجماهير نوع من الاحباط وكأن بقيت " الرعية " دون راعي أو موجه ،
ومن جيل الخمسينيات من القرن ، وأقصد مواليد الخمسينيات ، فلم يلاقوا غير القهر والاحباط بسبب الحروب ، وعند الاحباط يتجه البسطاء من الجماهير الى الغيبات،
بإعتقادهم هو المنقذ الوحيد للازمات المستعصية ،بعد اليأس من قوى الديمقراطية
واليسارية ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الثانية هي الاحتماء بالدين وإعلان المعارضة بإسم الدين الامر الذي قد يتردد بعض الحكام بالتعرض لهم على أساس هو التعرض للدين ، وبدأ نشاط رجال الدين ، والعامل الحاسم هو الانقلاب الديني المتطرف في
إيران وكان له تأثير قوي في صفوف البسطاء والاميين ونتيجة الاحباط ، وعدد كبير من الشيعة الذين طردوا من العراق بحجة – التبعية – شكلوا قاعدة معارضة دينية
قوية مدعومة بالمال والسلاح والعقيدة الدينية ، وأراد صدام المزايدة عليهم بسلاح
الدين –وهو عدو الدين والانسانية – بإدعائه بقيادة - الحملة الايمانية -!!! مما شجع
كثيرا من غير المتعصبين في الدين يتظاهرون به حتى في المناطق السنية ،فبدأ دور المتصيدين في الماء العكر ، بفرض الحجاب على النساء وطالبات الجامعة ، وتحريم
السينما والتلفزيون والتصوير ومنع كافة أنواع المشروبات ، التي تتفق مع أهداف
السيد الرئيس وقائد الضرورة !! كذباً ونفاقاً حتى إختفت مظاهر التطور الاجتماعي االذي كان سائدا في العراق منذ الثلاثنيات والاربعينات من القرن الماضي .
إن المهمة المطروحة أمام القوى الديمقراطية واليسارية ، هي التوجه الى الجماهير
لتوعيتها ، بما يضمن لها النظام الديقراطي من الحقوق والحريات والعيش الكريم
وكل طريق غير طريق الديمقراطية فهو نفاق والضحك على الذقون ، كل فرد تكسبه
القوى الديمقراطية واليسارية تضعف من نفوذ رجال الدين ، ومن ثم تضيف قوى الديمقراطية صوتا إضافيا الى رصيدها ، الى أن أن نصل الى تفريغ قيادة الاحزاب
الاسلامية الى الافلاس من جماهيريتها ، - برأي - لايجدي التصدي لقيادتهم ، لان
الان كسب المعركة هي بكسب أكبر عدد من الاصوات ، ومهما كان نوع الصوت
فصوت عامل بسيط وكادح أو إمرأة بسيطة ساذجة يعادل صوت زعيم حزب أو
رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء سواء بسواء !! بشرط أن تكون حملة كسب
الجماهير بسيطة ومؤثرة ، أي تمس الحياة اليومية وخاصة المعيشية والحقوق
الاساسية للجماهير من جهة ومن جهة ثانية وبرأي لاتقل أهمية عن الاولى وهي
أن يكونوا القادة مثال وقدوى ونموذجا لتطبيق الديمقراطية ، لا أن يتعالى على
الجماهير بل يلتزم بالمبادئ التي يبشر بها ويطبقها على نفسه قبل أن يطلب من
الجماهير تطبيقها . إن تعالي القادة على القواعد يولد رد فعل عنيف لديهم ، ويفقد
ثقتهم التي هي أساس القيادة الصالحة ، فليس من الممكن أن يقود أحد مجموعة
لم يكن موضع ثقة تلك الجماعة وهكذا . إنها الطريقة الوحيدة ل" تبويش " أي
سحب البساط من تحت أقدام رجال الدين وبالتالي خسارتهم في لعبة الصناديق .

السوال الخامس :
" كلما تم الحديث عن إحداث الاصلاح السياسي في العالم العربي ، فإن الانظمة الحالكمة تسارع لطرح خصوصية كل مجتمع . أو انها تطرح الاصلاح السياسي التدريجي . هل ان الحديث عن الخصوصية والاصلاح السياسي التدريجي يمتلك أرضيةواقعية "

برأ ي ، يجب أن ننطلق بالقول أن الخصوصية التي يتبجحون بها تنطلق من ثلاث:
دينية ، قومية ،أي القومية العربية ذات الرسالة الخالدة !! والعزة والكرامة! والتقاليد البالية كالتعصب العشائري والاسري والمناطقي .
ولنأخذ التعصب الديني ، ونؤكد الى أين أوصلهم هذا التعصب ، ولنأخذ نموذج من
حكومة الملالي في إيران ، بدأت بالتخبط منذ البداية ، ولم يكن لديهم ما يقدمونه للشعب
الايراني غير الكبت على الحريات وإضطهاد الاقليات الدينية وحتى القومية ، بحجة
توحيدها تحت رأية الاسلام ، ثم تصدير " الثورة " الى البلدان الاخرى ، مما أدخلهم في حرب ثمانية سنوات ، تلك الحرب لم تكن مع العراق فقط ، بل كان العراق المنفذ
المطيع لها ، سانده فيها كافة الدول العربية أي الاسلامية بالمال والسلاح والتحريض
وكافة الدول الاوروبية و أمريكا وحتى الاتحاد السوفيتي ، كل يدفع النار عنه مع
إلقاء شبابنا بتلك النار ! بتبرع من صدام ليقال له أو ليلقب فيما بعد ب– حامي البوابة الشرقية - وبطل العروبة بدون منازع وبطل السلم والحرب !!
تلك كانت الانظمة الدينية !وصدام كان يمثل الانظمة القومية المتطرفة .
القاعدة العامة – كل نظام – مبني على التعصب والتطرف ، الديني أو القومي
أو الطائفي لابد أن يؤول الى نظام دكتاتوري ، شاء أم أبى عاجلا أو آجلا ، ثم
يسعى الى التوسع وإشعال الحروب الداخلية أو الخارجية ، ليحّرك حالة الجمود
واليأس التي تصيب الشعب دون الالتفات الى النتائج حتى إذا عرف مسبقا أنها
خاسرة بل أشبه بمقامرة !! ولا يهم ذلك النظام بإفتداء الوطن وأرضه وشعبه في سبيل بقاءه ، كما تنازل صدام حيث تنازل بالساحل الشرقي لنهر مهم جدا شط العرب- الذي هو منذ العراق، تنازل لشاه إيران في سبيل قمع الثورة الكردية ، لم يجرأحتى الاحتلال
العثماني ومن بعده الاستعمار الانكليزي ثم العهد الملكي الذي كنا نطلق عليه الحكومة
العميلة ! وعهد صدام حكومة وطنية ! و حتى أواخر السبعينيات من القرن الماضي
وكان يدعي بالشهامة والخصوصية العربية الاصيلة ،
بالرغم أن عبد الناصر لم يكن بدرجة صدام من التطرف والاستهتار ، إلا أن مشروعه بالعزة والكرامة العربية !! التي هي من الخصوصيات العربية !، كان له
أطماع في السيطرة على الدول العربية للمحافظة على الامة العربية وخصوصيتها
ذلك المشروع الذي خدعوا به كثيرا من الشباب غير الواعين أو المندفعين وراء المصالح الذاتية الضيقة ، وعليه فإننا يمكننا أن نركّز بأن كافة المشاريع الوحدوية
كانت تهدف الى سيطرة دولة عربية على أخرى بطريقة بالموآمرات والانقلابات
بواسطة نفر من الضباط المغامرين طمعا بالمناصب ، ومن أول من14/ تموز ، هذا العربي المتدين ! عبد السلام عارف ، أخذ يصرخ في ساحة التحرير ، لا بطرس ولا بولص بعد اليوم !! ولا سيارات ولا ثلاجات بعد اليوم ،ثم في إنقلابه في تشرين 1963 كان يقول لا شيعي ولا شيوعي ولا شروكي !!
هل يمكن أن يتصور عاقل ، أن يتطور هذا المجنون ، ويقوم بإصلاحات على النظام؟ .
أي إصلاحات قام بها صدام أو البعث منذ مجيئهم سنة 1963 أي خلال أربعين سنة ؟
بل قاموا بالتخريبات ، كان العهد الملكي بالرغم من رجعيته ، بل قياسا الى زمن البعث
كان ديمقراطيا علمانية لا يتعصب لطائفة أو قومية ، فكان – نوري الدين محمود الذي
كُلف من البلاط للسيطرة على الوضع في العراق بعد إنتفاضة 1952 ثم حاكما عسكريا ، كان ضابطاً كرديا دون أن يوّلد أي نوع من الحساسية ، وآخر رئيس وزراء العهد الملكي عند قيام ثورة /تموز /1958 كان كرديا وهو أحمد مختار بابان ، دون أن يكون أي إحتجاج أوحساسية قوميا أوطائفيا .وكان أقوى وزير في سنة 1954 سنة الفيضان
سعيد قزاز الذي أنقذ بغداد من الغرق بقراره الجريئ بكسر سدة سامراء ، كان كرديا ،
وبعد إنتفاضة 1948 عين الشيخ رجل الدين الشيعي محمد الصدر رئيسا للوزراء ،
ومرات أصبح العلامة محمد رضا الشبيبي وزيرا للمعارف وكان مرجعا شيعيا ، لم يلاحظ اية حساسية أو أي إعتراض من جهة، لم يكن الفرز على أساس القومية أو الدين
أو الطائفة ، وكان أول وزير مالية في أول حكومة عراقية بعد تتويج الملك فيصل الاول
يهوديا ، وهو –حسقيال ساسون – ومنعت حكومة نوري ، الطبيب الخبير في طب
الامراض النفسية والعقلية - جاك عبود -، منعته من السفر لحاجة البلد اليه ولافتقار العراق الى طبيب بمستواه في الخبرة وكان له مستشفى خاص الى أوائل الخمسينيات
لان الحكومة العلمانية تنظر الى حاجة البلد دون الالتفات الى القضايا القومية والدينية والطائفية ، وهذه الاخيرة هي أساس تفتت الوحدة الوطنية .
هذا أكبر برهان ودليل بأن العلمانية والديمقراطية لا تسبب حساسيات بين أطياف
الشعب ، بعكس الحكومات القومية والدينية ، فهي أساس التفرقة والتشتت .
إن الاصلاحات التي يروجون لها هي لانقاذ كراسيهم وعروشهم وكروشهم ، هي فقط لابقاءهم في الحكم أطول مدة ممكنة ثم نقل السلطة الى أولادهم وأحفادهم !.
إن العربية الاصيلة ! يريدونها لصالحهم لا لصالح جماهير هذه القومية المظلومة.
هكذا تعاون بعض الضباط المغامرين مع العناصر الفاشلة في حياتها العملية وذات التوجه الفاشي وهم مراهقي البعث للاطاعة بحكومة وطنية مخلصة نزيهة
حيث كان عبد الكريم قاسم أنزه وأزهد حاكم عربي و مسلم في كل تاريخ العروبة
وفي كل المنطقة على مدى القرون . ولكن هؤلاء الطامعين في الحكم والسلب
والنهب لم يرق لهم ذلك ولا لعبد الناصر ، بداعي أنه شعوبي وليس عربيا !!
عجيب أمور غريب قضية ! دعاة الخصوصية يفرون أو يلجأون قبل غيرهم
الى البلدان التي لايريدون خصوصيتها تأتيهم ، بينما تلك الخصوصيات تحميهم من
بطش حكام خصوصياتهم !! ويصرخون من هناك بإستنكار ! دخول تلك الخصوصية الى بلدانهم ! الحكام وأثرياء السعوديين يعيشون حياة ترف في اوروبا وأمريكا ويحرمون شعبهم وخاصة نساءهم من الحرية دفاعا عن تلك الخصوصية !!
أما رجال الدين فيذهبون الى بلدان " الكفار " يهربون من بلدان " المؤمنين"
وخميني وغيره لم يجدوا مأوى في بلدان " المؤمنين " وذوي الخصوصيات الدينية الاصيلة بل آواه وقدموا له الطعام والشراب والامان في بلدان " الكفار " !! البلدان التي يعيشون بخصوصيتها و يتمتعون بها الملالي ويحرّمونها أو يمنعونها على شعوبهم كافة و أكثرية شيوخ الخليج العربي يتناولون ما لذ وطاب من أنواع الخمور خفية
بشهادة جلاّسهم ، ويمنعون حتى غير المسلمين من تناولها في بلدانهم تمسكا
بالخصوصية الدينية والشريعة !!
الخصوصية الدينية يمكن أن يتأكدوا منها إذا قرأوا قرأءة محايدة لتاريخ الخلفاء
وخاصة حياة هرون الرشيد والوليد واليزيد ، كانت حياة بذخ وعربدة وخمور وجواري وغلمان ، حتى قال الشاعر " .... اليوم خمر .. وغدا أمر ..." والسياف بباب الخليفة مستعدا لضرب عنق من يأمر به الخليفة لمجرد مخالفته لأ مر الخليفة المُطاع دائما وأبدا ومهما كان الامر ، لانه كان يحكم بتفويض من الله !!.
عشرات المئات وربما الالاف يهربون الى البلدان ذات الخصوصيات التي يدّعون الحكام أنهم يحمون اولئك الهاربين من الخصوصيات التي قد يجازفون بحياتهم للفوز بها!!!
لماذا تتفق خصوصياتنا مع أحدث ما تنتجه تلك الخصوصيات من تكنولوجيا ونتمتع بها ولا تتفق مع الافكار التي أنتجت تلك التكنولوجية ، إنه الضحك غلى الذقون والاستخفاف بعقول بسطاء الشعب والمغفلين .
لقد فات الاوان وإنكشفت اللعبة وطلعت الشمس على الحرامية !! فإطمئنوا ، كما قيل لايمكنهم أن يخدعوا الشعب لكل المدة ، مشروعهم لابد فاشل ، ولابد أن تنتصر العلمانية والديمقراطية اليسارية عاجلا أو آجلا ، إنه طوفان الحضارة والتطور ، فلا يمكن للأحد أن يوقفه ، ولكن كل ذلك بجهود المخلصين وبالتضحيات ، وليس بالتمنيات والطوبائيات . ولنكن متفائلين بمستقبل مشرق وإزدهار وسلم وديمقراطية .
ووطن حر وشعب مرفه سعيد !! وحياة كريمة لعراق جديد .



#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور .. المحتوى ....والتطبيق !
- الدستور
- متى كان أبو هذه السنانير شمّاعا!!؟؟
- لنستعد للانتخابات القادمة : الاستفتاء في الهواء الطلق ..!! أ ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي / علي عبد الواحد محمد
- -الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع / منصور حكمت
- الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي - هرمز كوهاري - الديمقراطية والاصلاح السياسي في الوطن العربي