عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 22:15
المحور:
الادب والفن
قلتُ للوطن الكبير :
كم أنتَ مزدحِمٌ بالعُقولِ المُتطرّفةِ ، والعقولِ الهجينةِ ، كم أنتَ مسوَّرٌ بالقلوبِ الموحشةِ ، بتُّ أراكَ كالحقولِ التي هجرتها سنابلُ القمحِ والشّمسُ ، واستوطنتها أعشابٌ غريبةٌ سامّةٌ ، تجذّرت بأرضكَ تجذُّرَ الشجرِ العتيق.
كم أنت مريضٌ أيُّها الوطنُ ؛ فقد نخرت أطرافَك رياحُ الفتنِ والخيانات ، فما عادَ الجنوبُ جنوباً ، ولا عادَ الشّمالُ شمالاً ، غادركَ نورُ الله ، وأعرضَ عنكَ المطر ؛ فلا صيفكَ صيفٌ ، ولا شتاؤكَ شتاءٌ ، فقد تغيّرَ لونُ الرّبيعِ فصارَ بلونِ الدّمِ ولونِ النّفطِ .
كم أنت مليءٌ بالأسرارِ الملعونةِ التي لا تقتلُ إلا حاملها ، ولا تلد ُ إلّا الجراح .
كم أنتَ ضعيفٌ يا وطني كمثلِ سكّانِ القُبور ، أو كمثلِ امرأةٍ بلا جدار ، تتكالبُ عليها الذّئاب من كلِّ الجّهات ؛ لتزرع في أحشائها نُطَف القذارة ، بل سمومَ الحضارة ، فيأتي نسلُها مُشوّهاً كتاريخِ العرب.
أيُّها الوطنُ الموبوءُ بالمالِ والخُمور ِ ونساءِ الليلِ وساسة الفسادِ وقطّاعِ النّسلِ وسارقي التّاريخِ وصرخاتِ الجياعِ وبيوتِ العزاءِ ، إلى متى ستظلُّ تحصدُ ما زرعتهُ الخيانات في أرضكَ المُقدّسةِ ؟ هل كُتبت عليكَ لعنة التّتار ؟ لقد تأخّرَ آذانُ الفجرِ عن موعدهِ ، فمن يُفجّرُ في صحارى الظّلام الماء ؟
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟