أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رائد الجراح - صه صه , القناعة كنز لايفنى















المزيد.....

صه صه , القناعة كنز لايفنى


رائد الجراح

الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 15:40
المحور: كتابات ساخرة
    


هذا المثل نسمعه كثيراً ونقرأه أحياناً مكتوباً على احد الجدران , لا اعرف له مصدراً دقيقاً , من قاله ؟ من اين اتى ؟, واختلفت الآراء في معناه , وقد أثار هذا المثل جدلاً واسعاً بين الناس فمنهم من قال عنه انه حديث قدسي لأحد الأنبياء وقال آخر بل هو كلام لأحد اولياء الله الصالحين , وقيل في معناه الكثير من الآراء , لكن جميع ماقيل عن هذا المثل يشير الى أنه يدعوا الى الصبر على الحال المزري والمتردي الذي يصيب الأنسان وقد آمن كثير من الناس بأن قدرهم هو نصيبهم في الحياة من الله وعليهم القبول به والشكر والرضا ,
روي أن أرملة كانت تعيش مع طفلها الصغير ذو الأربعة اعوام في غرفة متواضعة فوق سطح احد البنايات وكانت هذه الأم تعمل فقط لتكسب قوت يومها ولم يكن لديها المال لتحسن من وضعها المعيشي فهذه الغرفة مكونة من اربعة جدران وباب خشبية وليس فيها سقف يحميها من المطر شتاءاً سوى بضعة خرق على جريد موزع على جدران سقف تلك الغرفة البائسة ,
ومرت سنتين منذ أن سكنت الأم وطفلها هذه الغرفة ولم تهطل على المدينة سوى بضعة زخّات قليلة من المطر ولكن في أحدى ليلي الشتاء المظلمة كانت هي وابنها نائمين فتجمعت سحب سوداء داكنة ثم هبت عاصفة ماطرة وطار كل ماكان على السقف من جريد وخرق بالية وإنهال المطر بغزارة شديدة فما كان من الأم سوى مواجهة هذا الموقف الصعب لحماية ابنها فخلعت باب الغرفة من مكانه بصعوبة ووضعت طرفه على احد جدران الغرفة والطرف الآخر على الأرض واحتضنت ابنها وجلست تحت الباب فنظر اليها ابنها الصغير وكانت قطرات من الماء تسقط من شعرها المبتل على جسد الطفل وهي تتمتم ببعض الكلمات التي لايفهمها فقال لها , وابتسامة حزينة ترتسم على وجهه البري
يجب أن نحمد الله يا أمي لأن لدينا باب يحمينا من المطر , ولكن يا أمي كيف سيكون حال بعض الناس الذين لا يملكون باباً ؟ ماذا سيكون حالهم ؟ أكيد انهم سيمرضون,
.
إنها قصة مؤلمة تثير الشفقة لكنني لا اراها سوى قصة بائسة من مجموعة قصص كانت من إختراع الأدب البرجوازي الرأسمالي الأمبريالي ومعروف عن الأمبريالية انها تشكل أعلى مراحل الرأسمالية وهي التي تبني أسس الطبقات المعدمة في العالم تحت ظل أنظمة قمعية تحميها وتحمي ممتلكاتها وبالتالي تلتزم الخطاب الديني الذي يدعوا إلى الصبر والتروي لأن الله يحب الفقراء وقد اعد لهم الجنة وقد صدق الكثير من الفقراء هذه الأكذوبة التي نسجتها الطبقة الغنية ورسختها في عقول الفقراء للغرض السالف الذكر لأقناع الطبقة الفقيرة على أن تصبر بما هي عليه وان لا تثير في نفوسهم تساؤلات تقودهم إلى الهدف الذي يجعلهم يثورون على واقعهم الفاسد وبالتالي يشكلون خطراً يؤدي إلى حدوث ثورات عارمة .
على الأقل هذا رأي الذين يؤمنون بالفكر الأشتراكي,
ما على الأرض من نعم وثروات تكفي وتزيد عن حاجة سكانها حتى لو إزدادت نفوسها أضعافاً مضاعفة عن ما هي عليه , فالخير في الأرض كثير ولا ينضب بسهولة .
وهذا ما يعتقده المتفائلون الذين يحثون الناس ليثوروا على أنظمة بلدانهم ليجنوا من الخير الوافر المكنوز في اوطانهم ,

بيل غيتس مالك شركة مايكروسوفت هو أحد أشهر أغنياء العالم بل يعتبر أغنى رجل في العالم جمع ثروته بتعبه ولم يأخذ من ميراث جده الذي تركه للعائلة دولاراً واحداً , بيل غيتس صنع ملياره الأول عندما بلغ الواحد والثلاثين من عمره واستمر يطور شركته وعمله وقد حصل على الترتيب الأول بين أغنياء العالم عام 1995 - 2007 وبلغت ثروته ثمانون مليار دولار أمريكي ,
ولكي يعي بعض الأشخاص حجم هذا المبلغ عليه أن يعرف بأن بعض الدول لم يصل ميزانيتها الى ربع هذا المبلغ
توصل بعض الخبراء الأقتصاديين في العالم الى أن بيل غيتس عندما يكون في عمله ورأى على الأرض ورقة نقدية بقيمة 100 دولار وأراد أن يتوقف لأخذها سيخسر أكثر من الف دولار , وهذه الدراسة حسبت على أساس علمي رياضي بناء على الأرباح التي يجنيها حسب الوقت مقسماً على الدقائق والثواني ,
قال بيل غيتس كلمته المشهورة التي سجلت ظمن تصريحات المشاهير التاريخية على انها حكمة من شخصية مشهورة من أهم الشخصيات في العالم
(ليس ذنبك أن تولد فقيراً ولكن ذنبك أن تعيش فقيراً ) نعم أنها جملة ثقيلة الوزن تستحق الوقوف عندها لنتأملها قليلاً فأنا حين قرأتها لأول مرة تذكرت الجملة التي تقول ( القناعة كنز لايفنى ) وصدمت حين أكتشفت الفرق الشاسع بين الجملتين ,
فالأولى تثير في النفس العزيمة والأصرار على المضي في العمل والسعي الدؤوب من أجل تحقيق الرغبة الأساسية وهي النجاح في الحياة وليس مجرد جمع المال . والثانية كنت تكلمت عنها في بداية المقال وعن مدى تاثيرها السلبي ,
بيل غيتس هذا الرجل الغني المشهور في حقيقته غني غير مترف بمعنى الترف الذي يتخيله البعض , فالرجل الخليجي حين تصل ثروته الى مليار دولار ستتغير حياته 180 درجة واول مقتنياته يجب أن تكون يختً على البحر مع طاقم من الحسناوات وفريق خدمة متكامل ,
بينما بيل كيتس عندما شعر بأن ثروته هذه أصبحت عبئاً ثقيلاً عليه فكر في التخلص منها من خلال دعوة أشهر ستة أغنياء في العالم ألى اجتماع سري في أحد الفنادق الأمريكية الفخمة وطرح عليهم خلال الأجتماع فكرة التبرع باكبر نسبة من اموالهم لصالح المشاريع الأنسانية واهمها هو القضاء على أمراض الأيدز والسرطان ,
قال بيل غيتس في مقابلة تلفزيونية قبل أكثر من سنتين أنه لايرد على الهاتف النقال لأنه لايمتلك هاتف نقال وقال أيضاً أن ابنه الصغير لم يسمح له بشراء هاتف نقال إلا بعد أن أصبح عمره ثلاثة عشر عاماً .
بيل غيتس عندما تبرع بمعظم امواله للمشاريع الخيرية أراد أن يقول للعالم بأن النجاح ليس بجمع المال وانما هو ان تخرج من هذا العالم وأن تكون قدمت شيئاً مفيداً للبشرية .
بيل غيتس يهودي من أب وام يهوديان ربياه على أن يكون أنساناً منتجاً صادقاً في عمله جاداً في تفكيره فقال عنه أحد أصدقائه عندما كان بيل في الثالثة عشر من عمره كان يحب المشاركة في النشاطات المدرسية والمخيمات وكان يقول لهم لو أردت أن أصنع شيئاً حتماً سأصنعه بأرادتي لو قررت ذلك
ومن حسن الصدف أنا وبيل غيتس من نفس المواليد فهو ولد في أكتوبر 1955 وأنا ولدت في مايو 1955 أي أنني أكبره خمس أشهر فقط ويفترض أن أكون أكثر منه ثراءاً لو قسنا حجم الثروة على أساس السن ولكن الفارق بيني وبينه مختلف تماما , فهو عندما بلغ الواحد والثلاثين عاماً من عمره حقق المليار الأول .
وأنا عندما بلغت الواحد والثلاثين من عمري كنت أفكر بالهروب من الجيش في قادسية صدام المجيدة لأعمل في السر لأعيل عائلتي التي كاد أن يودي بها العوَّز والقحط الى الهلاك , تلك الحرب الشرسة التي ما أن انتهت بعد ان حصدت مليون إنسان , إجتمع الطرفان على مائدة للتفاوض لتطبيع العلاقات بينهما , فالأول الذي بدأها نسي بان خيرة شباب شعبه قد سالت دمائهم وراحوا ضحية سياسته الرعناء , والطرف الثاني يعمل بالخفاء مستغلاً غباء الطرف الأول ليطيح به في أقرب فرصة ,
ما علينا ,,, لا نريد أن نقلب المواجع ودعونا مع أخونا العصامي بيل غيتس ,

بيل غيتس يستعمل حاسوبه الشخصي كما نستعمله نحن ويتعرض في كثير من الأحيان الى التجسس عندما ينسل بين ملفاته باتش ويحاول هو أن يعيش نفس ضروف المستخدم العادي الذي يتعامل مع برنامج ويندوز , من خلال شراء أحد منتجات شركته من الأسواق ليتعرف على مناطق الضعف والخروقات التي يمكن أن تحصل وليس كما يتصور البعض بأن له جهاز خاصاً ذو مواصفات خارقة لايمكن ان يمتلكه عامة الناس ,
فهو رجل عادي جداً كان يمضي وقته في العمل حين يكون مقيداً بعقد مع أحد , فكانت وجبته المفضلة هي البيتزا والكولا ليبقى يقضاً لأنهاء عمله لأنه كان يعمل ليلاً ويدرس نهاراً .
بيل غيتس يملك نفس المعدة التي يملكها أي إنسان بل يمكن أن تكون معدة البعض أحسن بكثير من معدته ,
لم يجمع أمواله من دماء الناس كما يفعل الكثيرون في هذا الزمن بل جمعه مثل مافعل الكثير من العظماء الذي خدموا البشرية سواء بما قدموا من إنتاجات مادية او أنتاج معنوي كما يفعل الكثير من الفنانين , وقد حضرتني شخصية عربية ظريفة وانا أكتب هذا المقال هو الفنان عادل أمام حين سأله مقدم أحد البرامج التلفزيونية في إحدى اللقاءات فقال له هل صحيح انك تركب سيارة فخمة نوع مرسيدس ؟
فأجاب الفنان عادل إمام: نعم هذا صحيح فهي من فلوس الشعب المصري والشعب العربي الذي دفعها ليقطع تذاكر السينما أو المسرح ليشاهد عادل إمام ولم أسرقها من الناس كما يفعل البعض, .
تصادفك أحياناً صديقي القاريء مواقف تقف عندها وتصمت لأن الكلام يعجز أمامها على أن ينطق بكلمة واحدة , ولكن هذا الصمت يحمل الكثير من المعاني التي يعجز اللسان عن وصفها , وقد تصادفنا مواقف أخرى نجد أنفسنا أمامها ننهار وتترقرق الدموع في أعيننا , لقد أصبحنا في الزمن الذي انتصرت فيه كل القيم المتدنية الوضيعة على المثل العليا الرفيعة , ففي عام 2003 عندما دخلت جيوش الأحتلال الى بلادنا لم نكن نتخيلها سوى محاولة للقضاء على نظام جاثم على صدورنا منذ خمسة وثلاثين عاماً وحسب , وكنا ننتظر بارقة أمل جديدة ليعود الخير من جديد ويعم على أرضنا المعطاء وننتظر رجال شرفاء يتولون أمرنا وأمر وطننا الجريح الذي عانى طويلاً حاملين معهم جذوة الأمل المشرقة , لكننا فوجئنا بشلة من الخونة واللصوص والقتلة دخلوا على ظهر الدبابات الأمريكية يملأ قلوبهم الحقد والغل وماهي سوى بضعة أشهر حتى وجدنا شوارع العاصمة بغداد مليئة بشتى المليشيات التي لا نعرف لها أصلاً ولا فصلاً تعيث بالأرض فساداً ومنذ ذلك الحين وحتى بعد أن رحل الأحتلال الغاشم لم يمر يوم واحد على العراقيين دون أن يسمعوا دوي تفجير هنا وقتل هناك ومن خلال كل هذا أقول للسيد بيل غيتس كلامك على راسي ولكن تعال عيش في العراق وقول (ليس ذنبك أن تولد فقيراً ولكن ذنبك أن تعيش فقيراً )



#رائد_الجراح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موازين الشرف بين سماسرة بغداد القديمة وحكام اليوم
- قطرات من بحر الأمثال البغدادية العريقة
- السينما وذاكرة الزمن الجميل
- من ذاكرة الخراب والدمار
- كذبة دوران الأرض برغم أنف غاليلو
- التشريع الأسلامي يبيح الزنا للضرورة
- القباني بين الساهر وعبد الحليم
- المرأة ذلك الوعاء البائس
- من هم ومن انا
- لا تحلبوا البقرة


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رائد الجراح - صه صه , القناعة كنز لايفنى