أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الجراح - السينما وذاكرة الزمن الجميل















المزيد.....

السينما وذاكرة الزمن الجميل


رائد الجراح

الحوار المتمدن-العدد: 4883 - 2015 / 7 / 31 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كانت السينما لها طقوسها الخاصة ولها أجوائها المتميزة , ودور العرض السينمائي في بغداد والموصل والبصرة التي فاق عددها عن اربعين دار سينما تكاد تشترك بنفس الأهتمام لأن المحافظتين السالفتي الذكر كان لها أهمية كبيرة بأعتبارهما من أكبر محافظات العراق بعد بغداد , فمدينة البصرة تعتبر من الموانيء الكبيرة والمهمة التي تطل على الخليج العربي من خلال شط العرب وكانت تستقبل السفن الكبيرة التي تدخل ميناء البصرة في شط العرب لتفريغ الحمولات التجارية وشحن حمولات أخرى الى شتى أنحاء العالم فكان السياح الأجانب والموظفين من طواقم السفن والبواخر الوافدة الى العراق يتجولون في شوارع البصرة بكل حرية فأصبحت مدينة البصرة من المدن التي كان لها تأثير ثقافي كبير على كل الوافدين من الأجانب فاصبحت الشوارع القريبة من شط العرب شوارع سياحية مليئة بالمطاعم والملاهي ودور السينما ولم تقتصر دور السينما على عرض الافلام السينمائية فحسب بل كانت تقام فيها الحفلات الغنائية في المناسبات العامة التي يحييها كبار المطربين العراقيين في اللأذاعة والتلفزيون آنذاك منهم الفنان داوود العاني والفنان فاروق هلال والفنان حسين السعدي والفنان جاسم الخياط وغيرهم , ولكن تبقى دور السينما هي المرفأ الكبير والمهم لعدد كبير من المثقفين في المجتمع فكانت من أهم دور السينما التي كان يرتديها البغداديون هي سينما غرناطة التي كنا نطلق عليها التسمية مجردة من كلمة سينما ونكتفي بكلمة غرناطة ( اليوم شباب لغرناطة على دور التسعة ونص ) وهكذا .
تأسست هذه السينما في أربعينيات القرن الماضي وكان اسمها سينما دار السلام تيمّنا بعاصمتنا بغداد التي نعَتها اهلنا ومحبوها بهذا الاسم ، وفي مطلع الستينات تغير اسمها فسميت سينما (ريو) وفي نهاية الستينيات أستقر مالكها الجديد على تسميتها غرناطة حباً بالأندلس وحضارته الزاهية العريقة وكأنها صورة بهيّة خلاّبة من صور غرناطة الأندلس
وقد عمل مالكوها على تأثيثها من أرقى الأثاث الايطالي والأميركي الفاخر لتكون في غاية التميّز عن بقية الصالات لكونها كانت مقصد العوائل العراقية العريقة ومهوى النخبة البغدادية المثقفة إضافة إلى تصميم بنائها وسعة مساحتها وأجنحتها ومقصوراتها الفارهة ذات الطراز الايطالي الملفت للنظر ، ولا ننسى التنظيم في عمليات الدخول والخروج واختيار المقاعد وفق الارقام في جميع اقسامها وكثرة الادلّاء الذين يشيرون الى مقعدك المخصص بكل يسرٍ وسهولة
ومازلت أتذكر باننا حين كنا نقرر ان نقصد تلك السينما في أحد ايام الأسبوع لم نكن نهتم كثيراً بما تحوي جيوبنا فكنا نكتفي بلفة ساندويج من أحدى عربات الباعة المتجولين الذين يقفون أمام دور السينما وكذلك لم نكن نهتم بأن نعرف ماذا تعرض هذه السينما من أفلام لأننا كنا نضع كل ثقتنا بها لأن المسؤلين عن اختيار الأفلام لعرضها كانوا يختارون دائماً أحدث ما انتجت السينما العالمية من افلام لعرضها مع الحرص الشديد على ان تكون هذه الأفلام تتناسب مع ذوق النخبة المثقفة من رواد هذه السينما , فَمَن مِن روادها لايذكر الفلم الشهير (مدافع نافارون ) الذي أنتج عام 1962 والتي مثلته الممثلة اليونانية الشهيرة ايرين باباس وكذلك فلم لاتعذب البط الذي مثلته نفس الممثلة والذي عرض في 1973 , ولاننسى أيضاً حركات ورقصات الممثل البارع انتوني كوين في فيلمه الشهير زوربا الذي عرض أيضاً في سينما غرناطة والصورة الخرافية التي ظهر بها الممثل البارع الراحل كيرك دوغلاص في فيلم الفأر . .
لقد تميزت دور السينما في بغداد بخصوصية إختيار الأفلام فمنها كانت متخصصة بعرض الأفلام الهندية مثل سينما السندباد التي يكون موقعها في بداية مدخل شارع السعدون من جهة اليمين , وكذلك سينما الخيام التي افتتحها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وحضر اول عرض فيها وكان الفلم الشهير (أم الهند) الذي مثلته ممثلة الهند الأولى في تلك الفترة نرجس مع نخبة من مشاهير السينما الهندية اذكر منهم راجندر كومار , كانت وقتها افضل دور العرض السينمائية في بغداد حتى اكمال تأسيس سينما النصر بعد ذلك من قبل شركة دور السينما.
وعلى الرغم من ان هذا الفيلم كان اطول فيلم في وقته حيث استغرق عرضه اكثر من ثلاث ساعات، ووقتها كانت السينما مكتظة بالمشاهدين وكان هذا الفيلم من الافلام الهندية الأولى الذي فتح الباب أمام السينما والأفلام الهندية للدخول إلى دور العرض السينمائية العراقية لا سيما إن قصة الفيلم تلامس الأفكار السياسية التي ظهرت بشدة بعد الأطاحة بالنظام الملكي
حيث انها تروي حال نموذج لأسرة من المجتمع الهندي في زمن الأقطاع الذي كان يسيطر على الأقتصاد المعيشي لمعظم الشرائح الفقيرة من ذلك المجتمع وخصوصاً الفلاحين وهذه الأسرة مكونة من أم وزوجها الذي هجرها بعد أن أصبح عاجزاً ومعاقاً لأصابته بحادث فأصبحت هذه الأم تواجه المصير الصعب وتكافح من أجل الحصول على لقمة أو قطعة رغيف تسد بها رمق أطفالها الصغار الذين يتضورون جوعاً وهكذا كانت تجري أحداث الفلم الذي برزت من خلاله شخصية الولد الشقي (برجو) الذي كان من المتمردين على الواقع والذي انتهى اندفاعه وثورته ضد النظام الاجتماعي الى قتله، وابنها الاخر الوديع الذي كان يؤمن باللاعنف كأساس لتحقيق الاهداف وكيف ان الاحوال تغيرت بعد استقلال الهند واصبحت هذه الام عنواناً للمرأة الهندية الصابرة المناضلة حتى انها تستدعى لافتتاح مشروع زراعي كبير بدلاً من رئيس الوزراء انذاك (جواهر لال نهرو ).
وحين تم افتتاح سينما النصر حيث بقيت رغم تقادم الزمن من أرقى سينمات بغداد على الأطلاق ,فقد شهدت هذه السينما حفلات لأشهر الفنانين العرب ففي عام 1965 وبالضبط في 11 من حزيران أقيمت حفلة كبيرة أحياها الفنان الكبير عبد الحليم حافظ وغنى فيها بعض الأغاني الوطنية التي كانت تثير الحماس آنذاك مثل يا أهلاً بالمعارك والمسؤلية وبعض الأغاني العاطفية مثل مغرور والحلوة وغيرها من الأغاني الرائعة ,
وسينما النصر هي الأخرى تعتبر من دور العرض التي اشتهرت بعرض الأفلام العربية فمازلت اتذكر جيداً حين عرض فلم معبودة الجماهير لأول مرة عام 1967 وكان ذلك في سينما النصر أيضاً ويحكى أن الأنتهاء من أنتاج هذا الفلم قد تأخر اكثر من اربع سنوات وكان ذلك بسبب النزيف الذي كان يحصل لعبد الحليم حيث كان يسافر إلى لندن ما بين فترة وأخرى وكان من أروع ما قدم العندليب من افلام , وتبعته افلام عدة استمرت حتى وقت متأخر من ثمانينيات القرن الماضي فمن اهم الأفلام أيضاً التي عرضت في السبعينيات وكانت بالأسود والأبيض بالرغم من ان سينما الألوان كانت قد تخطت تلك الفترة بزمن طويل ولكن فلم نحن لانزرع الشوك الذي من خلاله تعرف الجمهور لأول مرة على الممثل محمود ياسين كان قد عرض في نفس دار العرض تلك واتذكر حينها بأنني شاهدت الفلم ثم عدت ثانية بصحبة كل أفراد العائلة حيث تجمعنا ذلك اليوم للذهاب الى السينما لمشاهدة هذا الفلم الذي كان من الأفلام المهمة جداً وقد بقي عرضه لأكثر من ثمانية اسابيع في الوقت الذي كان من المتعارف عليه هو أن دور العرض لايستمر الفلم الذي يعرض من على شاشاتها اكثر من اسبوع واحد إلا ما ندر
وقد تم بعد ذلك إنشاء أكثر من دار سينما في بغداد وكان آخرها سينما بابل التي كانت تخضع للدولة آنذاك وقد بنيت بشكل رديء لا يتناسب مع الشكل العمراني الرائع لما سبقتها من دور العرض التي بنيت قبلها بسنين طويلة مثل سينما غرناطة وسينما الخيام فلم يكن أثاثها بالمستوى اللائق وكذلك حجمها قياساً مع دور العرض التي سبقتها وقد شهدت أردأ ما عرض من أفلام من خلال شاشتها التي كان من أشهرها الفلم العراقي السيئ الصيت القادسية الذي صرف النظام البعثي عليه بضعة ملايين من الدولارات حيث تورطت فيه الممثلة القديرة الراحلة سعاد حسني حين وقعت العقد آنذاك مع الممثل عزت العلايلي وأكملته مجبرة بسبب عدم قدرتها على التراجع لأن أنتاج الفيلم كان قد سخّر مبالغ مغرية بتوجيه من القيادة لأنتاج هذا الفيلم الذي فشل فشلاً ذريعاً وأعد من أسوا الأفلام التاريخية التي انتجت آنذاك .
وننعطف بكم أعزائي الى ثقافة الفن السابع من خلال دور العرض المكشوفة وتسمى بالسينما الصيفي التي كانت منتشرة آنذاك في أماكن عديدة من أحياء بغداد وأهمها سينما الفردوس الصيفي التي تقع بالقرب من سوق الصدرية وكذلك سينما روكسي الصيفي وسينما ليالي الصفا في الصالحية وسينما الرشيد وسينما رويال وروكسي والحمراء والبيضاء في الباب الشرقي التي هدمت وبني عليها محلات للملابس المستعملة (اللنكات) وبعض المطاعم الشعبية , ولم يبقى من تلك الدور السينمائية سوى واحدة فقط وهي الفردوس السالفة الذكر واستخدمت مخزن للأخشاب ,
وللسينما الصيفية في بغداد تاريخ وإحساس جميل حيث تجتمع بعض العوائل التي تقطن في المناطق الشعبية القريبة من تلك السينمات فيرتادونها في فصل الصيف الحار قبل غروب الشمس بقليل ليبدأ الجو بالبرودة المنعشة قليلاً فتأتي بعض العوائل ويجلبون معهم الأباريق المصنوعة من الألمنيوم (الكتليات) حيث يضعون فيها كمية من الثلج والماء ويصطحبوه الى السينما مع اطفالهم لمشاهدة عرض من الأفلام العربية القديمة لأسماعيل ياسين او غيرها من الأفلام , فقد كانت سعر التذكرة آنذاك لاتتجاوز الأربعين فلساً وكان معظم دور العرض لا تستوفي عن الأطفال وأحياناً تعمل تخفيضات حين يكون الفلم من الأفلام التي لا تجلب الكثير من المشاهدين فتكفي التذكرة الواحدة بدخول شخصين , أما الآن فصار الوضع بالنسبة لدور العرض هذه عبارة عن بنايات تنتشر حولها النفايات والمياء الآسنة والرائحة النتنة المنبعثة من طفح المجاري ولانملك غير أن نترحم على ذلك الزمن الجميل الذي سوف نحمل ذكرياته معنا الى نهاية العمر أطال الله بأعماركم , والحسرة تملأ قلوبنا على أيام مضت كانت لنا فيها من الذكريات التي تبقى جميلة بحلوها ومرها .



#رائد_الجراح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة الخراب والدمار
- كذبة دوران الأرض برغم أنف غاليلو
- التشريع الأسلامي يبيح الزنا للضرورة
- القباني بين الساهر وعبد الحليم
- المرأة ذلك الوعاء البائس
- من هم ومن انا
- لا تحلبوا البقرة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الجراح - السينما وذاكرة الزمن الجميل