أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن يوسف عبد العزيز - العمدة مات














المزيد.....

العمدة مات


حسن يوسف عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


الليل في قريتنا يشبه الموت والمنازل تشبه القبور لا شيء يكسر هذا السكون المميت سوى أصوات نقيق الضفادع واصطدام الرياح بالأشجار ونعيق البوم وتسبيحات الكراوين الليلية ، لكن في هذه الليلة وعلى غير العادة وكأنه اتفاق مسبق صمتت كل هذي الأشياء لا شيء سوف رائحة الخوف تملأ المكان .
دوى صوت صرخة من بعيد كان الصوت غير واضح لكنه بدا يقترب من المنازل رويدا لتصطدم الكلمات في أذان كل النائمين كانت الكلمات تتدافع خلف بعضها دون قطع وكأنها جمله واحده متصلة .
"العمدة مات" نظر الناس من خلف الشبابيك المتكسرة ومن فوق أسطح المنازل وهم في حالة ذهول فرك الجميع أعينهم ربما كان يحلمون، لكن الصرخات ظللت تتكرر ويتردد صداها في كل بيوت القرية .
"العمدة مات" كان كشبح ينطلق في الشارع تسبقه أقدامه يجرى بسرعة غريبة وكأن نارا تلاحقه. لم يشك احد في صاحب الصيحة أو الصرخة إنه "عويس" فصوته مميز وكل أهل القرية يعرفون صوته الانثوى الرفيع الحاد كانت صرخاته تشبه صرخات امرأة جاءها الطلق في جوف الليل وليس حولها احد
"العمدة مات" كيف يموت العمدة أبى قد حكى لي عندما كنت صغيرا أن العمدة لا يموت وانه موجود قبل وجود قريتنا نفسها قال لي انه ولد فوجد العمدة يحكم البلد وان والده وجده ولدا وكان العمدة أيضا يحكم قريتنا.
لو كان أحدا غير عويس هو الذي صرخ بهاتين الكلمتين لكان الوضع مختلفا لكن عويس هو الوسيط بين العمدة وأهل البلد هو الذي يجمع الجباية في نهاية كل محصول .هو الوحيد الذي رأى العمدة وجها لوجه فلم يكن أحدا في القرية قد رأى العمدة لكن أوصافه المهيبة التي عرفوها من خلال عويس تحتل ذاكرتهم دائما .أتذكر أنني مره سالت مدرس الفصل عن هذا الموضوع فاخبرني أن العمدة لو ظهر للناس سيفقد هيبته التي تتملك من قلوب وعقول الناس .
مر الليل ثقيلا. لم ينم احد في القرية .انتظر الجميع بزوغ شمس الصباح ليتيقنوا من الخبر .جاء الصباح، وبدأ الجميع يتوافدون على مسجد القرية كان شيخ الجامع قد امسك بالميكرفون واخذ يخطب في الناس.
"العمدة لم يموت ،ولن يموت .عويس كذاب ومنافق وكافر وكل من يصدقه هو كافر مثله .عويس ابن زانية" انطلقت الشتائم من فم الشيخ كالطوفان كان التساؤل الذي يدور في ادمغه الجالسين هو لماذا يفعل عويس هذا وجاء الرد سريعا من الشيخ أن العمدة قد ضبط عويس مع إحدى الخادمات في الدوار وانه اكتشف انه حبل الفتاه المسكينة فقرر طرده.
لم يكن تفسير الشيخ عليان هو التفسير الوحيد لطرد عويس فالحاج احمد صاحب وابور الطحين له تفسير أخر وهو أن العمدة قد ضبط عويس يسرق جوالات الغلال من الشونة الخلفية للدوار .
بين ليله وضحاها أصبح عويس الذي كانت تنحني له كل الرؤوس لتقبل يديه الشريفتان والذي كان يعتبره الجميع بركه القرية مجرم وزاني وسارق و..............
الكل فاجأه الخبر وأصابه بحاله من الذهول إلا هو ربما لان الناس كان يعتبرونه معتوه أو مصاب بمس من الشياطين فحين اخبروا "علوبة" الجالس دائما أمام شجرة الكافور على الترعة ينقش خطوط غريبة بعصاه على الأرض أن العمدة مات رد دون أن ينظر إليهم "وإيه يعنى ماهو ميت بيحكم أموات ".
بلدنا تلوك الإشاعات تأكلها وتشربها كالطعام والماء يقول شيخ الغفر انه رأى عويس والأرض تنشق به وتبلعه، وهو يصرخ بعلو صوته "الحقنى يا عمده اغفرلى يا عمده" أما نعيم النجار أكد انه خرج بالليل للبحث عن حماره فوجد النار تشتعل في عويس وهو يصرخ نفس الصرخات "الحقنى يا عمدة سامحني يا عمدة"
سارت الأيام متشابهة مرة أخرى ولم يعد احد يذكر عويس أو صرخته التي أطلقها في سكون الليل. عاد الناس لأعمالهم وعادت قريتنا لموتها وسكونها وكأن شيئا لم يكن.



#حسن_يوسف_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احمرار، وزرقة، وأصابع
- انا تلك القحبة
- فاطمة
- ذكرياتى(الجوع)
- ذكرياتى (تحطم اليوتوبيا)
- كنت محرضا
- خروج المرأه للفضاء بدون محرم حرام
- يهوذا لم يمت
- بلاد القهر والكبت
- فى عالمنا الشرقى
- قتلو جميله
- اذا اردت ان تكتب
- مذكرات طفله خلف النقاب
- اعلن كفرى
- انتظرتك
- ملحمة الحرب والحب
- كنت احبك
- هولاء
- الشيزوقيراطيه هى الحل
- همهمات طفوليه


المزيد.....




- رئيس الوزراء الإسباني يتهم -يوروفيجن- بـ-ازدواجية المعايير- ...
- بنزرت ترتدي عباءة التاريخ.. الفينيقيون يعودون من البحر
- نيكول كيدمان محبطة من ندرة المخرجات السينمائيات
- الأميرة للا حسناء تفتتح الدورة الـ28 لمهرجان فاس للموسيقى ال ...
- مهرجان كان: موجة الذكاء الاصطناعي في السينما -لا يمكن إيقافه ...
- عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب ...
- عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
- فريق بايدن استعان بخبرات سينمائية لإخفاء زلاته.. وسبيلبرغ شا ...
- معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
- منح المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف وسام جوقة الشرف الفرنسي ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن يوسف عبد العزيز - العمدة مات