حركة الأوب آرت - الفن البَصَري

تحسين الناشئ

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 04:14
المحور: الادب والفن
    

تُعتبر حركة الأوب آرت Optical Art (الفن البَصَري) او فن خداع البصر او تشويش البصر ، احدى حركات الفن المعاصر المهمة والتي نشأت في اوربا خلال النصف الثاني من القرن العشرين ، اذ حملت تلك الحركة بين جوانبها الكثير من ملامح هذا العصر الفكرية والتكنلوجية والجمالية ، كما تضمنت العناصر التي تميل الى ابراز العلاقة الوثيقة والمتواصلة بين العمل الفني والمشاهد ، والبحث عن الاثر الذي يتركه المنجز الفني في عقل وشعور المتلقي ، ومتابعة طبيعة الاستجابة البصرية للشكل المرسوم .
فهذا النوع من الأعمال الفنية يؤدي الى حالة شد وانقياد بصري سار وممتع لدى المشاهد ، يقوده بالنتيجة الى تأمل الشكل المرسوم تأملا واعيا ومن ثم استقراء مغزاه والتمتع بقيمه الجمالية .

ان التسمية (الفن البصري) بحد ذاتها تشير الى الدور الرئيس الذي تؤديه حاسة البصر (كحاسة تلقي مباشر) في ادراك صور الاشكال والتكوينات المرسومة التي تخلو معظمها من المضامين الداخلية او المعلنة . والتسمية تعني ايضا ان المنجز الفني المتحقق بفعل هذا الاسلوب من الرسم انما يخاطب البصر قبل كل شئ بمعزل عن المشاعر والاحساسات الداخلية والافكار والمعارف السابقة ، اي انه يهدف الى استفزاز البصر ايجابيا مانحا المتلقي لذة بصرية قد تتطور بدوام فترة المشاهدة .

لقد اكد جماعة الفن البصري على دور وشكل العلاقة بين الشكل المرسوم وعين المشاهد ، وهي علاقة حتمية وضرورية في هذا النمط من الفن بالذات ، وذلك لأن العين هنا لاتقوم بدور الابصار فحسب ، بل وفي عملية تنسيق وترتيب الخطوط والعناصر الاخرى ترتيبا ايحائيا مفترضا مؤلفا منها مجموعة اشكال متداخلة مع بعضها لترتبط معا وتتكامل كهيئة منتظمة البناء داخل وحدة الابصار .
واهمية العين هنا تبرز من خلال نقل الاحساسات البصرية الفيزيولوجية للحركة الايهامية الناتجة عن تداخل الاشكال المرسومة مع بعضها . من جهة اخرى حاول فنانو هذه الحركة من خلال تجاربهم العديدة والمستمرة ، البحث عن علاقة ثابتة يمكن بواسطتها الربط بين عناصر ثلاثة هي (الشكل والحركة والزمن) فهذه العناصر الثلاثة هي الدعامة التي يستند عليها هذا الفن .

والملاحظ في اعمال الآوب آرت ان اغلب الاشكال المتحققة (المرسومة) بواسطة هذا النوع من الفن هي اشكال غير تشخيصية ، اي انها اشكال حرة ، مع اتخاذها الطابع الهندسي والميل الى تداخل عناصر العمل الواحد مع بعضها . اما اللون والعلاقات اللونية فأهميتها هنا مما تثيره في عين المشاهد من ايهام وتشويش وايحاءات متعددة . فالتشوه الأيحائي وحركة الشكل المرسوم وتشويش البصر وخداع الرؤية يمكن اعتبارها اهم مزايا ومقاصد هذا الفن .

بعد منتصف القرن العشرين راح الفن البصري يتطور بسرعة كبيرة لاسيما بعد ادخال تقنيات الحاسوب الحديثة في عملية اخراج وتنفيذ هذا النوع من الرسوم وبشتى تعقيداتها . والرسوم البصرية غالبا ماتكون مبرمجة ومعلومة النتائج مسبقا ، فعملية ترتيب الوحدات (عناصر التصميم) لتأليف الشكل المطلوب لابد ان تكون محتكمة لنظام رياضي هندسي متوازن لايحتمل الافتراضات ولايتقبل الاحتمالات الا في بعض النواحي الاختبارية والتجريبية او تلك التي تقررها النتائج النهائية المحسوبة فتضعها موضع العنصر المضاف غير القصدي .

يمكن تقسيم هذا النوع من الرسوم الى ثلاثة انماط وفقا لخصائص الخطوط المكونة لها ، فهنالك مجموعة تشتمل على عناصر خطية شعاعية التركيب واخرى تجمعها الاشكال التي تحدوها التغييرات في العناصر المتضادة ، ومجموعة تمييزها ظاهرة النقاط المتراكبة التي تنطلق احيانا من نقطة مركزية الى اتجاهات عديدة يصعب على عين المشاهد تتبعها فتؤدي الى تشويش البصر والى حركة افتراضية للشكل المرسوم .

يعد فيكتور فازاريللي (1997- 1908 ) الفنان الهنكاري الاصل الذي امضى شطرا كبيرا من حياته في باريس ، الاب الشرعي لهذه الحركة الفنية ، فلقد بلغ هذا الفن على يديه غاية نموه وتطوره ، اذ انكب فازاريللي سنوات عديدة من حياته الفنية وهو يعمل من اجل وضع نظريات ومبادئ واسس هذا الفن الجديد الذي راح ينتشر بين اوساط الرسامين والمصممين والمهتمين بكل ماهو جديد وغير تقليدي في مجال الفن .

#تحسين_الناشئ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات