أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض محمد رياض - زوربا اليوناني















المزيد.....

زوربا اليوناني


رياض محمد رياض

الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


رواية تسرد رحلة اصطدام قطارين ، قطار الحياة و عنفوانها بقطار القناعة المقنع بمئات الحكم المتوارثة في الكتب . بطل مجهول الاسم لكنه معروف لنا جميعا لأنه في كل مكان يعيش الحياة من وراء حجاب يسمى الفضيلة أحيانا و أحيانا الحكمة لا يعرف عن الحياة سوى تجارب من قرأ لهم لم يخبر الحياة بذاته و لم يلوث قدميه بوحل التجربة ، يعيش على الضفاف يخاف خوض بحيرة الحياة كمن قرأ مئات الكتب عن مذاق ثدي الأنثى لكنه لم يتذوقه . هذا هو راوي رواية زوربا اليوناني ل نيكوس كازانتزاكس ، كاتب يقرأ و يألف الكتب يرى الحياة من خلف أغلفة الكتب لا يعلم عن الأنثى سوى أنها مكونة من أربعة حروف ألف مستقيمة في البداية و ألف لينة منثنية على نفسها في النهاية ترسم ردفا جميلا كثيرا ما تحدث عنه الأدباء. يحكي الراوي الذي يودع صاحبه الذاهب للقتال في بلاد القوقاز ، يصفه صاحبه بعثة الكتب و ينصحه بهجر الأوراق و المحابر و ورود ميادين الحياة الواقعية كما هو فاعل بذهابه للدفاع عن بني جنسه و قد فعلها الراوي قرر الابحار نحو جزيرة كريت حيث منجم فحم ينتظر من ينقبه و بينما هو في الحانة يحاول اتخاذ قراره إذ نقابل بطل الرواية الحقيقي و الذي اشتقت الرواية من اسمه اليكسس زوربا اليوناني الذي يحمل أداة عزفه معه أينما ذهب ، سانتوري يجري أصابعه على أوتاره فيعزف لحن الحياة يعزف الدماء التي تجري في الشرايين و الشهوة التي تجري في الدماء يرقص فيطرب الكون لإيقاعاته حركاته و سكناته هبوطه و طيرانه .
يقرر الراوي اصطحاب زوربا الباحث عن الكمال الى كريت حيث يصبح معاونه في إدارة منجم الفحم و خلال رحلتهما الى كريت منذ كانا على سطح السفينة في رحلة الذهاب و حتى اخر برقية يبعث بها الناظر الى راوينا يخبره بها نبأ وفاة زوربا كان الراوي مازال يتعلم من زوربا كيف يحيا الحياة كيف يناضل الموت كيف يموت واقفا أمام النافذة متشبثا بإطارها ناشبا أظافره في خشبها رافضا الاستسلام للموت للمرض للنوم الوقوع طعمة للسكون . على ظهر السفينة يكتشف الراوي اختفاء عقلة من أصبع السبابة في كف زوربا اليمنى و يحكي زوربا حكايته عن عمله صانع خزف و كيف كان يحب عمله و يبرع في صناعة التحف من الوحل صناعة الجمال من الطين كيف كان يشعر بألوهيته بينما ينفخ من روحه في صنعته فيهبها الوجود و الجمال و الحياة لكن و للأسف كان اصبعه دوما يخطيء فيدمر أثناء عمله جمال صنعته فما كان أمامه سوى بتر العقلة الأولى من أصبعه للحفاظ على كمال و جمال صنعته ، يسأله الراوي ألم تشعر بألم ؟ قال لما ألست انسانا أتألم بالطبع شعرت و توجعت و تألمت لكني ضحيت من أجل الجمال .
لزوربا فلسفته الخاصة بالحياة و هي عش و تنعم قدر استطاعتك طالما مازلت تستطيع ، لديه في كل قرية حل بها أنثى تنتظره من أقواله القوية المتناثرة على طول الرواية و عرضها " إذا ما نامت امرأة وحدها في ليل الشتاء تعاني برودته ، فإن الذنب ذنبنا نحن الرجال و سوف نحاسب عليه يوم الدينونه .. إذا كان الانسان يعود للدنيا بعد الموت فإن أكبر الظن أن أولئك الذين تخلفوا عن وظائفهم كرجال و نساء سوف يعودون الى الدنيا على هيئة بغال .. و من يدري لعل جميع البغال الموجودة في الدنيا حاليا هم رجال و نساء تخلوا عن واجباتهم الجنسية ألا تراهم يرفسون دائما ."
يقول زوربا ناصحا صديقه الراوي حاضا إياه على التقرب من أرملة كريت الحسناء المتشحة بالسواد المثيرة لغرائز كل رجال القرية و حسد كل نساءها التي تقطف ثمار البرتقال و تمضخ شعرها بعطره " إنك لا تزال في مقتبل العمر شاب قوي البأس تأكل جيدا و تشرب جيدا و تستنشق هواء نقيا و تختزن قوة هائلة فماذا تصنع بها ؟! إنك تنام وحدك كل ليلة و هذا ضار بمن كان مثلك فاذهب إليها الليلة و لا تضيع الوقت ، كل شيء في هذه الدنيا بسيط فلا تعقد الأمور .. الليلة يا صديقي هي ليلة عيد الميلاد فأسرع إليها قبل أن تغادر بيتها الى الكنيسة .. أراك لا تعير كلامي اهتمامك لكني أريدك أن تعلم أن الله كان يسره أن تذهب الى المرأة أكثر مما يسره ذهابك الى الكنيسة و لو قد فعل الله ما أنت فاعل لما ولد المسيح في هذه الليلة ."
" إن الانسان لآلة عجيبة تمدها بالطعام و الشراب فتخرج لك مرحا و فنا رقصا و طربا تمنحك حياة "
و حين أتته برقية من أخيه تخبره بأن ابنته لطخت شرفه مع عشيق مزق الرسالة و قال " هكذا النساء " ، وحين وردت البرقية الثانية ينبأه فيها ان شرفه قد نجا و تزوج العشيقان قال " هذا هو الحال .. ماذا تنتظر من المرأة غير أن تحمل من أول عابر سبيل ، و ماذا تنتظر من الرجل سوى أن يقع في الفخ و يتزوج منها ليصحح خطأه "
يناقش كزنتزاكس كاتب اليونان المبجل في هذه الرواية على لسان زوربا العديد من القضايا الفلسفية أهمها ارتكاب الجرائم من أجل نيل الحرية و هذا ما تم في ثورة كريت أثناء سعيها للاستقلال عن الأتراك ، يقول زوربا " لقد فعلت ما فعله كثيرون غيري من شباب اليونان فتركت بضاعتي و حملت السلاح و انضممت الى الثوار .. لعلك تتوقع أن أذكر لك عدد الأتراك الذين قتلتهم و عدد الآذان التي وضعتها في الكحول كما هي العادة في كريت و لكني لن أفعل ، أن ذلك يخجلني يا إلهي أي جنون هذا الذي يصيبنا .. و يدفعنا للانقضاض على أناس آخرين نحز أعناقهم و نجدع أنوفهم و نسأل الله أن يقف معنا طوال الوقت و يشد أذرنا ... لقد كنت شابا طائشا و متهورا و الشباب قلما يتوقف ليفكر و يسأل أين الصواب و أين الخطأ ، إن الانسان لكي يزن الأمور بميزانها الصحيح ينبغي أن يكون هادئا و ناضجا و الانسان لا يتم له ذلك الا بعد أن تتقدم به السن و يفقد كل أسنانه و حين لا تبقى في فمه سن واحدة يستطيع وقتها أن يقول للشباب ( كلا أيها الفتيان ليس خليقا بكم أن تعضوا ) .. الحق أن الانسان في شبابه حيوان مفترس يأكل لحوم الدجاج و الخراف و العجول و لكن لا يشبعه إلا أن يأكل لحم أخيه الإنسان .. "
في النهاية لا يسعني سوى شكر هذا العظيم زوربا و فكر العظيم الذي أنجبه كازانتزاكيس و دار الكاتب العربي للطباعة و النشر بالقاهرة التي أتاحت الرواية مطبوعة في نسخة رشيقة بعشرة مليمات في عدد ممتاز عام 1967 م ، و بالطبع الشكر العميق لأمير مترجمي روايات الجيب أستاذنا عمر عبد العزيز أمين جزاه الله عنا و عن قراءه خير الجزاء . و أخيرا من يدعى يوسف صفوت سعد الذي لا أعرفه و لا يعرفني لكن اسمه يزين أولى صفحات الكتاب و بالتأكيد اقتناه قبلي و شكر خاص لكل يد تداولت الكتاب حتى هترأته و وصلني .



#رياض_محمد_رياض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نورٌ و دماءْ و قبورٌ في السماءْ
- لقد حلمتُ بكِ للتوِ
- للموتِ وجهٌ يحملُ صورتي
- التفوه بالحقيقة
- عن التعددية الجنسية و السرد القصصي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض محمد رياض - زوربا اليوناني