أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - موسم الغزو البربري المفتوح















المزيد.....

موسم الغزو البربري المفتوح


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4846 - 2015 / 6 / 23 - 12:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يدقق بموضوعية ، بما يجري في السنوات الأخيرة ، في المشرق العربي ومحيطه ، يجد أن هناك مخططاً تجاوز ، مخطط ( مؤامرة سايكس ـ بيكو 1916) .. الإنكليزي الفرنسي .. باتجاهين متعارضين شكلاً ، إلاّ أنهما يلتقيان عند غاية استعمارية واحدة .
* الاتجاه الأول : تجزئة البلدان العربية المجزأة بفعل المؤامرة البريطانية الفرنسية ، وتجزئة بلدان عربية أخرى ، بنفس الأساليب الاستعمارية الوسخة .
* الاتجاه الثاني : وضع كل الكيانات المستحدثة سابقاً ، والتي ستحدث لاحقاً ، عبر الاقتتال العبثي ، الطائفي ، والديني ، والعرقي ، والصراع اللاعقلاني على السلطة ، تحت سيطرة القطبية الدولية الاستعمارية .
كما يجد أن الهجوم الإمبريالي البربري ، الذي جرى قبل مئة عام ، والهجوم الأكثر بربرية الذي يجري الآن ، على المشرق العربي ومحيطه ، هما متماثلان في الغايات ، لكنهما يختلفان بالوسائل ، وبتقاسم الأدوار ، وبعدد الدول المشاركة . الهجوم السابق اشتركت فيه بريطانيا وفرنسا فقط . والهجوم الحالي تشترك فيه عشرات الدول التي تضم " حلف الناتو " والملكيات العربية الرجعية وأتباعها المأجورين من الحكام العرب ، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .

قبل مئة عام ، بلغت الرأسمالية أعلى مراحلها ، وانتقلت إلى مرحلة البربرية " الاستعمار " . ونشأ عالم تتحكم به الدول الإمبراطورية ، والرأسمالية المتطورة ( بريطانيا ، فرنسا ، روسيا ، الدولة العثمانية ، النمسا والمجر ، ألمانيا ، هولندا ، بلجيكا ، الولايات المتحدة الأمريكية ) ، التي استباحت احتلال الدول المستضعفة في مختلف القارات ، وقد ذهب ضحية توحشها ولصوصيتها مئات الملايين من البشر .. قتلاً .. وإبادة .. وإفقاراً .. وإمراضاً .. وتشريداً . كل البلدان العربية من المغرب إلى العراق صارت محتلة .. وتحت سيطرة البربرية الإمبريالية التي أبادت وشردت الملايين من سكان هذه البلدان ، وأبرز مثال على ذلك الإبادة الفرنسية البربرية للشعب الجزائري ، التي ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون من الأبرياء .
وبسبب التفاوت في حجوم مساحات النفوذ ، وتفاوت العوائد والأرباح ، التي تستحوذ عليها كل دولة ، نهباً ولصوصية ، نشبت الحرب العالمية الأولى ( 1914 ـ 1918 ) لتقاسم العالم وثرواته ، حسب نسب القوى ، والقدرات العدوانية ، والمطامع ، بين فريقين استعماريين متكالبين ، للسيطرة على العالم . وكانت محصلة هذه الحرب ، سقوط الإمبراطوريات ( الروسية ، والألمانية ، والنمساوية المجرية ، والعثمانية ) .. وسقوط نحو مئة مليون ضحية بين قتيل وجريح ومشوه .. ودمار عمراني واقتصادي هائل . واستباحت فرنسا وبريطانيا المشرق العربي .. تطبيقاً لمؤامرة ( سايكس ـ بيكو ) .

ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية ( 1939 ـ 1945 ) بين فريقين استعماريين امتازا بعدد أكبر من الدول المشاركة في الحرب لإعادة اقتسام العالم ، وبوحشية وبربرية أكثر فظاعة ودماراً . حيث شمل التدمير عشرات البلدان في ثلاث قارات .. أوربا ، وآسيا .. وإفريقيا .. وفاق عدد الضحايا والمشوهين المئة مليون . واستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية السلاح النووي ضد الشعب الياباني لأول مرة في الحروب المعاصرة . وكانت محصلتها سقوط ( ألمانيا النازية ، وإيطاليا الفاشية ، واليابان الشوفينية ) . وتحول الاتحاد السوفياتي إلى قوة عظمى ، وأقام ( حلف وارسو ) مع بلدان أوربا الشرقية . وأقامت أمريكا مع شركائها الأوربيين وغيرهم ( حلف الأطلسي .. الناتو ) . وتحولت الصراعات بين الحلفين ( المعسكرين ) العدوين ، بسبب الردع النووي المتبادل ، إلى حرب باردة .
الملاحظ ميدانياً في الحربين العالميتين ، أن الحرب الأولى كانت محصورة في الجغرافيا الأوربية ، أما الحرب الثانية فقد شملت أوربا وآسيا وإفريقيا .

* * *

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، وعودة روسيا ودول أوربا الشرقية ، إلى أسلوب الإنتاج الرأسمالي ، وانتهت الحرب الباردة ، انتهت مرحلة انقسام العالم إلى معسكرين ، وانتهت الحرب الباردة . وانهار التوازن الدولي . صار العالم كله ، باستثناء كوريا الشمالية وكوبا ، معسكراً واحداً .. خاضعاً لأسلوب الإنتاج الرأسمالي ، ولاستغلاله العبودي الشامل . واستولت الدولة الأعظم الولايات المتحدة الأمريكية على القطبية الدولية العالمية . واتجهت حثيثاً لإلغاء الحدود الوطنية بين الدول . وفرض نظام " العولمة " نظاماً كونياً شاملاً.

بيد أن قانون التنافس ، والنمو المتفاوت ، والجري وراء الربح في النظام الرأسمالي ، فرض نفسه . فبعد أقل من عشرين عاماً ، على انتهاء الحرب الباردة في القرن العشرين ، ( 1990ـ 2010 ) ومحاولة عولمة السياسة والاقتصاد والقوى العسكرية الضاربة بزعامة أمريكا ، نهضت روسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا ، وتمردت دول يتزعمها اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية ، وبرزت دول تتمسك بقرارها المستقل ، مثل سوريا وإيران ، ما أدى إلى زعزعة مسار " العولمة " الأمريكية ، وكشف عجز أمريكا عن قولبة العالم ، وإخضاعه ، وفقاً لمعاييرها التعسفية الصارمة ، في تقسيم العمل ، وفائض القيمة ، ومستويات المعيشة ، وتكريس تمايز طبقي ظالم ثابت بقوة الهيمنة المركزية للاقتصاد ، وعجزها عن استخدام الحرب المباشرة ، لإقصاء الناهض المنافس ، كما جرى في القرن الماضي .

على خلفية كل هذه التراكمات في المتغيرات الدولية خلال المئة عام الماضية ، وخاصة في العشرين عام الأخيرة ، اتجهت الإمبريالية العالمية بقيادة أمريكا لجعل المشرق العربي ومحيطه ، ساحة للحرب العالمية " البديلة الأولى في القرن الواحد والعشرين ، لأسباب استراتيجية متميزة ثلاث وهي ( الطاقة بأنواعها .. والجغرافيا السياسية .. والمركز الإمبريالي الرئيس في المنطقة إسرائيل ) . وكان واضحاً أن هذا التوجه مرفقاً بقناعة أمريكية ، استناداً إلى أهمية الثلاثية المذكورة عالمياً ، أن من يستطيع أن يكسب هذه الحرب ، هو الذي سيحدد المتغيرات الدولية الجارية واللاحقة ، لصالح نفوذه ومصالحه .

ولهذه الغايات ، جرى تعبئة كل " رذالات " الإمبريالية البربرية ، ونبش حفر التاريخ النتنة لإحياء وحشد كل الهمجيات القبلية المذهبية المتخلفة المتوحشة ، ونقلها وطرحها كلها ، في المشرق العربي ومحيطه .. و’أ طلق موسم غزو بربري مفتوح ، في هذه المنطقة الحضارية الجميلة من العالم ، لحساب المخططات الإمبريالية العالمية ، وتكريسها ساحة حرب " بديلة " للحرب العالمية المباشرة بين الضواري الرأسماليين فوق أرض بلدانهم .
وهكذا صار كل ما في بلدان المشرق العربي ومحيطه .. من بشر عمران ومقدرات .. وتاريخ وجغرافيا .. وتراث حضاري عريق .. صار وقوداً للحرب العالمية البديلة .. ولإشباع الشبق الإرهابي المتوحش للدم والهدم .. وبخاصة في سوريا ، والعراق ، واليمن ، وليبيا ، ولبنان ، وفلسطين .

* * *

ومع مسار الحرب المتواصل والمتعدد ، تكوّن ما يشبه القوانين ، ضمن الإطار الوطني " المحلي " . وهي : أن القوى التي تستقيل من الانتماء الوطني ، وتلتحق بالعدو الأجنبي ، يسقط حقها بالتحدث باسم الوطن ، وتسقط وطنياً .. وإنسانياً .. وأخلاقياً .. وتتحمل مع الآخرين المنحرفين مسؤولية الدمار الذي يحدث والدماء التي تهدر .. وأن القوى التي لا تنخرط في الاصطفاف الوطني الشامل ، عندما يحق الدفاع عن الوطن ، لأسباب مضى عليها الزمن ، لا تستطيع الهرب من المسؤولية أيضاً .. وتتلاشى .. لأنها بخلت على الوطن ، ولم تقدم ما لديها من قدرات للحفاظ عليه . وأن الشعب الذي يسمح وقت حرب المصير ، أن تجرح وحدته وكرامته ، بالعصبيات المذهبية والأ قلوية .. ’يذل .. ويهدده الضياع . وأن الحرب " الداخلية " من أجل حسم خلافات سياسية واجتماعية ، إن جاز لها أن تقوم وطنياً ، التي يهيمن على قواها وقيادتها الأجنبي لصالحه ، تتجرد من مضامينها " المشروعة " وتتجرد من صفتها الوطنية . وأن التمسك بالكيان القطري ، عمداً ، بديلاً للدولة القومية ، يراوح وجوده تحت التهديد الدائم ، ويثير ضعفه مطامع الأجنبي .

لمواجهة موسم البربرية الإمبريالية والإرهاب الدولي المفتوح ، لابد من التمسك بالوطن ، ورفع منسوب الوطنية ، بوجه الإرهاب الدولي ، والتحريض على النزوح العشوائي ، والهجرة المغامرة في آفاق الغربة ، وبوجه العصبيات، والانقسامات . والاصطفاف في وحدة وطنية شاملة .

إن الطامعين بالسيطرة على الوطن وتمزيقه .. لنهبه واستلاب مقدراته .. يبحثون قبل العدوان ، وإبان الحرب عن نقاط ضعف الوطن .. لضمها إلى مكونات قوتهم .. لينتصروا بها في عدوانهم وحربهم على الوطن .

ولذا ، ينبغي عدم تمكين البرابرة المتوحشين ، من استغلال ضعف الوطن . وتحويل نقاط ضعفه .. بتجاوزها .. إلى نقاط قوة تضاف إلى مكونات قوة المقاومة للغزاة المعتدين .

لا وقت الآن للسجالات المكررة المملة ، التي تدور حول نفس الأفكار ، والطلبات المؤجلة موضوعياً .. لا وقت الآن للمؤتمرات المتوالية ، المتنقلة من بلد إلى بلد .. للتمتع بالوقت .. وبوسائل النقل والإقامات الفاخرة .. ولا وقت الآن للنجومية على شاشات التلفزيون وهندسة الجمل والتصريحات الاستعراضية .. قبل وبعد أخبار النسف والقتل والتدمير .

إن سوريا تتألم .. تنزف .. تكابد من محاولات تمزيقها .. ومن نزوح وهجرة أحبائها .. وأبنائها .. وفلذات أكبادها .. ومن نهب ثرواتها ، وآليات إنتاجها ، ومقومات اقتصادها .. وتدمير تراثها وفخرها الحضاري .. ومن العبث اللا مسؤول ، واللا أخلاقي .. لهويتها الوطنية والقومية .

إن سوريا تدق أبواب المستحيل .. وتتحدى أفظع وأبشع غزو إمبريالي إرهابي بربري .. وتبدع بجراحها .. وتضحياتها الفائقة في مواجهة هذا الغزو . لتبقى .. لتحتضن أطفالها .. وأشجارها .. وجدرانها .. ونسائها .. وحقول قمحها .. وغابات غارها وكروم الزيتون الثرية فيها . وزغاريد أعراسها .

إن سوريا تستحق .. الحياة .. والأمان .. والحرية .. والشمس الأنيقة الأبية .. وتستحق أن تنتصر .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارتدادات الحرب السورية
- ما ذنبنا .. ؟ ..
- الوحدة الوطنية .. أو الضياع
- المعارضة السورية إلى القاهرة .. ثم إلى أين ؟
- المعارضة في زمن الحرب
- مابين داعش والتحالف السعودي الأميركي
- عاصفة الحزم إلى الشام .. وبلاد الشام
- ياعمال العالم و يا أيتها الشعوب المفقرة اتحدوا
- مقدمات الانهيار .. ومقومات النهوض
- مذبحة اليمن مستمرة و بعدها إلى الشام
- السياسة والحرب والحلقة المفقودة
- الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل
- المملكة إذ تخوض حرب الامبراطورية
- أوراق معارضة ( 2 ) ولادة المعارضة
- أوراق معارضة ( 1) ولادة وطن
- يوم المرأة السورية وحق الحياة والحرية - إلى نائلة حشمة -
- حول خواتم الحريق السوري
- العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
- العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -
- سوريا .. ثوابت وآفاق


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - موسم الغزو البربري المفتوح